لافروف وكيري .. من «الكيميائي» إلى جنيف

12-09-2013

لافروف وكيري .. من «الكيميائي» إلى جنيف

يباشر الوزيران سيرغي لافروف وجون كيري اختبار تفاعلهما الكيميائي وجهاً لوجه اليوم. اللقاء بين الوزيرين الروسي والاميركي، يأتي بعد أيام على نجاح موسكو في وقف اندفاعة التهديدات الاميركية ضد سوريا، في تفاهم أرساه الرئيسان فلاديمير بوتين وباراك اوباما في سان بطرسبرغ، وراحت تفاصيله وتداعياته تظهر تباعاً، من واشنطن وموسكو وطهران والعواصم الاوروبية، والأهم من جانب دمشق. دبابة للجيش السوري وسط معلولا امس (ا ف ب)
سيجلس الرجلان في جنيف اليوم، وقد تمتد لقاءاتهما حتى يوم السبت، لترجمة «تفاهم بوتين ـــ اوباما» في تسوية مكتوبة خطياً، تمثل مخرجاً «لائقاً» لكل الأطراف، من دون ان تُعرَف أثمانها حتى الآن.
مبدئياً، يغادر اوباما خيار الحرب مثلما عبر عن ذلك في الخطاب الذي وجّهه الى الاميركيين فجر امس، حين دعا اعضاء الكونغرس الى تأجيل التصويت على التفويض بالحرب الذي ظل يطالب به على مدى أسبوعين، وذلك من أجل منح الوقت اللازم لدراسة المبادرة الروسية ومعرفة جوانبها التفصيلية، بما في ذلك جداولها الزمنية، مع الحرص على الإعلان أن خيار «الضربة» العسكرية، سيظل على الطاولة، في حال تعثرت «الصفقة الكيميائية» الاولية التي أبرمها مع بوتين.
وبعدما اوصدت موسكو الباب امام خيار «الفصل السابع» الذي لوح به الغربيون ما ان اعلن وزير الخارجية السوري وليد المعلم قبول دمشق الضمانات الروسية والتوقيع على معاهدة حظر الاسلحة الكيميائية، كان لا بد من موقف روسي اضافي للجم الشهية الغربية التي تصاعدت اعتقاداً أن اللحظة سانحة لانتزاع تنازلات كبيرة واضافية من جانب الحليفين الروسي والسوري، فكان تصريح بوتين المفاجئ قبل يومين عندما أعلن أنه يتحتم ان «يتخلى الجانب الاميركي وجميع من يدعمونه عن اللجوء الى القوة» ضد النظام السوري، حيث إنه «من الصعب إجبار سوريا او بلد آخر على ان ينزع سلاحه في شكل أحادي الجانب، اذا كان ثمة عمل عسكري قيد التحضير ضد هذا البلد».
لهذا سيجلس لافروف، المتباهي بنجاح ديبلوماسية بلاده في منع الحرب، وكيري المسوّق لفكرة نجاح بلاده في ضغوطها السياسية والعسكرية على دمشق، وجهاً لوجه، وبحضور خبراء عسكريين، لتحويل فرصتهما السانحة، الى لحظة التقاء سياسي قد لا يكون الالتقاء الكيميائي عنوانه الأوحد، وقد يتوسع حتماً ليشمل جوانب متداخلة ومتعددة للأزمة السورية التي باتت على ما يبدو، لحظة التقاء ايضاً، لهواجس متعددة مرتبطة بمصالح روسيا والولايات المتحدة في المنطقة بملفاتها المتشعبة.
ولهذا ايضاً، سيراقب كثيرون ما اذا كانت الاجتماعات المطولة لكل من لافروف وكيري، ستمهد الطريق امام العمل الديبلوماسي الذي توارى خلال الاسابيع الاخيرة امام الرهان الاميركي، المدعوم من بعض العرب وتركيا، والمتمثل بالسعي الى تغيير «الوضع الميداني» لمصلحة جماعات المعارضة المسلحة، قبل دعوة الاطراف السورية، الى مؤتمر «جنيف 2».
والى جانب الخبراء العسكريين الذين سيشاركون في لقاءات لافروف وكيري، وهي مشاركة تعني الدخول في تفاصيل تقنية دقيقة متعلقة بكيفية ترتيب المخرج للترسانة الكيميائية السورية، وضماناته الروسية التفصيلية، فإن المبعوث الدولي والعربي الأخضر الإبراهيمي، سينضمّ الى هذه اللقاءات، ما يشير الى ان جانباً من النقاشات على الاقل، سيتناول المخارج السياسية للأزمة السورية.
ونقلت وكالة «ايتار تاس» الروسية عن مصدر ديبلوماسي روسي قوله «لقد سلمنا الأميركيين خطة لوضع الأسلحة الكيميائية السورية تحت إشراف دولي، ونتوقع أن نناقشها في جنيف». لكن المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية جين بيساكي قالت إن موسكو لم تسلم حتى الآن سوى «أفكار» وليس «ملفاً كبيراً»، مضيفة انه لا تزال هناك «نقاط للعمل عليها». وأوضحت ان الهدف من اللقاء بين كيري ولافروف، وكذلك من تبادل الآراء بين الخبراء العسكريين، هو دراسة تفصيلية للأفكار التي قدمها الروس و«تقييم ما إذا كانت تتوافق» مع المطالب الأميركية حول التخلص من الترسانة الكيميائية.
وكان كيري قال، في نقاش عبر الانترنت نظمته «غوغل»، إن لدى لافروف «أفكاراً مهمة حول الوسائل التي يمكننا بموجبها التوصل إلى ذلك»، مضيفاً «إذا تمكّنا فعلاً من توفير أمن كل الأسلحة الكيميائية السورية عبر هذه الوسيلة، فإنها بوضوح الوسيلة المفضلة وسيشكل ذلك خطوة حقيقية».
وكشف مسؤول رفيع المستوى في الادارة الاميركية، لوكالة «فرانس برس»، أن مسألة ضمان أمن الأسلحة الكيميائية السورية كانت موضع بحث مع الروس منذ أشهر. وقال إن «الإعلان الذي اصدره الروس كان نتيجة اشهر من الاجتماعات والمحادثات بين الرئيسين اوباما و(فلاديمير) بوتين، وبين كيري ولافروف، حول الدور الذي يمكن ان تلعبه روسيا لضمان أمن هذه الاسلحة الكيميائية».
وقال مصدر ديبلوماسي في مجلس الأمن ، بعد مشاورات بين اعضاء الدول الخمس الدائمة العضوية فيه، إن نص مشروع القرار الفرنسي «بقي على الطاولة لكنه قد يتطور مع المفاوضات التي ستستمر في الأيام المقبلة». وأضاف انه «لم يتم العمل على النص بل تم تداول أفكار حول طريقة التنفيذ»، لافتا إلى أن أعضاء المجلس ينتظرون ما ستؤول إليه المفاوضات بين كيري ولافروف.
وقال مصدر ديبلوماسي عربي في الأمم المتحدة، إن مشروع القرار «يتجاهل التوازنات داخل مجلس الأمن وليس منطقياً التوقع أن تقبل به روسيا».
من جهته، يقول مصدر ديبلوماسي في مجلس الأمن إن المباحثات ستتواصل مع بعثة روسيا لمناقشة مشروع القرار الفرنسي. أما ما تمّ تداوله حول بيان رئاسي غير ملزم، تقترحه روسيا، قال المصدر إن بعثات الدول الدائمة العضوية في المجلس، لم تطلع عليه.
وفي مواجهة رفض موسكو مشروع قرار في مجلس الأمن يشمل احتمال اللجوء إلى القوة ضد دمشق، أبقى الرئيسان الأميركي باراك اوباما والفرنسي فرنسوا هولاند على تهديدهما بالعودة إلى استهداف سوريا إذا كان هناك نوع من المماطلة. وأعلنت الرئاسة الفرنسية، إثر اجتماع لمجلس الدفاع، أن فرنسا ستظل «معبأة لمعاقبة استخدام أسلحة كيميائية من جانب النظام السوري وردعه عن تكرار ذلك»، لكن هولاند أكد عزمه على «استطلاع كل السبل في مجلس الأمن الدولي للسماح في أسرع وقت بمراقبة فعلية يمكن التحقق منها للأسلحة الكيميائية الموجودة في سوريا».
وتدور هذه التصريحات في فلك ما أعلنه أوباما، في خطاب إلى الأميركيين، لجهة اعتباره أن الاقتراح الروسي بوضع الأسلحة الكيميائية السورية تحت رقابة دولية يشكل مؤشراً «مشجعاً». وقال إن «هذه المبادرة يمكنها أن تسمح بوضع حد لتهديد الأسلحة الكيميائية من دون اللجوء إلى القوة، خصوصاً لأن روسيا هي احد أقوى حلفاء الأسد»، مع إقراره بأن الوقت «لا يزال مبكراً جداً» لتحديد ما إذا كانت هذه الخطة ستنجح.
وأعلن أوباما انه «طلب من الكونغرس عدم التصويت فوراً على احتمال استخدام القوة في الوقت الذي تجري فيه متابعة هذه المساعي الديبلوماسية... لكنني أمرت قواتنا المسلحة بالحفاظ على وضعها الحالي لإبقاء الضغط على الأسد». وكرر أن «الضربة ستكون محدودة».

المصدر: السفير+ وكالات

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...