ما هو مدلول زيارة رئيس الوزراء البريطاني لإسرائيل
الجمل: في زحمة الأحداث الإقليمية والدولية تطرقت الصحف الإسرائيلية والبريطانية ضمن عناوينها الثانوية الخافتة إلى خبر زيارة رئيس الوزراء البريطاني غوردون براون إلى إسرائيل.
* التسريبات الإسرائيلية حول الزيارة:
تقول التسريبات الإسرائيلية بأن غوردون براون قد وصل إلى إسرائيل في أول زيارة له بعد توليه منصب رئيس الوزراء البريطاني وأشارت التسريبات إلى أن براون قبيل مجيئه إلى إسرائيل قد زار العراق حيث التقى بنوري المالكي.
* جدول أعمال الزيارة: سيقوم غوردون بروان بإنجاز جدول الأعمال الآتي:
- زيارة إياد فاشيم وهو النصب التذكاري الذي أقامته إسرائيل تخليداً لذكرى الهولوكوست.
- عقد لقاء مع الرئيس شيمون بيريز.
- عقد لقاء مع رئيس الوزراء إيهود أولمرت.
- مخاطبة مؤتمر رجال الأعمال الإسرائيلي – البريطاني.
- زيارة مدينة بيت لحم الفلسطينية.
- عقد لقاء مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس.
- مخاطبة الكنيست الإسرائيلي.
وتقول المعلومات بأن براون سيعلن تقديم معونة للسلطة الفلسطينية تبلغ 60 مليون يورو، هذا وتحدث الناطق الرسمي باسم براون قائلاً بأن رئيس الوزراء البريطاني سيسعى من خلال زيارته إلى إسرائيل للقيام بالآتي:
• مناقشة سبل المضي قدماً في عملية السلام من خلال لقائه مع عباس وأولمرت.
• التركيز على إعادة التعمير والتنمية الاقتصادية.
وأشارت المعلومات إلى أن الولايات المتحدة وبريطانيا قد سبق أن قامتا برعاية مؤتمر الاستثمار الذي تم عقده بمدينة بيت لحم في شهر حزيران الماضي الذي التزم فيه المستثمرون بضخ مبلغ 1.4 مليار دولار ضمن قطاع دوائر الأعمال الفلسطيني وأكدت التقارير بأن غوردون براون ما زال يراهن على تقوية الاقتصاد الفلسطيني باعتباره يمثل حجر الزاوية في سياسة حكومته إزاء المنطقة ويقول براون بأن الموقف الأمني والسياسي في الأراضي الفلسطينية سيتحسن إذا تم تحسين الاقتصاد الفلسطيني.
* الأبعاد غير المعلنة في زيارة براون:
التسريبات غير المعلنة حول زيارة غوردون براون تشير إلى الآتي:
• ارتباط الزيارة بملف البرنامج النووي الإيراني وقد لاحظ المراقبون تصريح رون بروسور سفير إسرائيل في بريطانيا والذي قال فيه بأن بريطانيا ستلعب دوراً رئيسياً في عملية رد الفعل العالمي إزاء الطموحات النووية الإيرانية.
• أشارت بعض التسريبات إلى أن براون سيعقد اجتماعات غير معلنة مع:
- إيهود باراك وزير الدفاع الإسرائيلي.
- تسيبي ليفني وزيرة الخارجية الإسرائيلية.
- بنيامين نتينياهو زعيم حزب الليكود الإسرائيلي المعارض.
• مارك ريجيف الناطق الرسمي باسم رئيس الوزراء قال بأن براون سيتطرق في لقاءاته مع الإسرائيليين إلى:
- خطر التهديد الإيراني.
- المحادثات السورية – الإسرائيلية.
• التفاهم حول ترتيبات قيام المجلس الثقافي البريطاني بتنفيذ برنامج أكاديمي بريطاني – إسرائيلي يهدف إلى تبادل البحوث والزيارات.
• سوف لن يلتقي براون بمحمود عباس فقط وإنما سيعقد اجتماعاً مع سلام فياض وبعض كبار الشخصيات الفلسطينية الموجودة في القدس الشرقية.
* مسلسل الزيارات الأوروبية المتماثلة: حدود السيناريو:
تمثل زيارة براون مجرد حدث دبلوماسي جزئي يأتي ويندرج ضمن الزيارات المتبادلة ولكن على أساس الاعتبارات الكلية فإن للزيارة مدلول أكبر من حجمها الظاهري، وذلك لجهة كونها:
• جاءت بعد زيارة ميركل الألمانية وساركوزي الفرنسي.
• سارت على نفس نهج الزيارات السابقة وعلى وجه الخصوص في الجانب المعلن المتعلق بأداء أول رئيس وزراء بريطاني يخاطب الكنيست وهو الدور ذاته الذي سبق أن لعبه كل من ميركل وساركوزي، وفي الجانب غير المعلن كذلك والمتعلق باللقاءات مع وزير الدفاع الإسرائيلي.
تماثل جدول أعمال زيارات ميركل وساركوزي وبراون هو تماثل يحمل في طياته دلالة تماثل الموقف إزاء القضايا الأمنية – العسكرية والسياسية الإسرائيلية.
* هل تسعى إسرائيل لخلق توازن وقوى جديد؟
نجح الإسرائيليون في الإمساك جيداً بلوحة مفاتيح صناعة واتخاذ قرار السياسة الخارجية الأمريكية الشرق أوسطية، وقد حاول الإسرائيليون مراراً وتكراراً الإمساك بلوحات مفاتيح صناعة القرار في السياسة الخارجية الأوربية الشرق أوسطية ولكنهم كانوا يواجهون الإحباط بسبب:
• عدم انسجام المواقف الأوروبية مع المواقف الأمريكية المتعلقة بالشرق الأوسط.
• تزايد النزعة الاستقلالية الأوروبية.
• تزايد وعي الرأي العام الأوروبي بحقيقة الموقف الإسرائيلي في الشرق الأوسط.
ولكن بعد صعود حلفاء إسرائيل وأصدقاءها إلى مواقع صنع واتخاذ القرار في العواصم الأوروبية الثلاثة: باريس – لندن – برلين، فإن الدبلوماسية الإسرائيلية تحاول الآن استغلال الفرصة السانحة أمامها، قبل أن تزول وتتبدد أحلامها على صناديق الاقتراع في الجولات الانتخابية والقادمة والتي يرجح أن تسفر عن احتمالات الانهيار السياسي لقوى يمين الوسط الأوروبية تماماً على غرار ما حدث مع عائلة "الأحزاب الديمقراطية المسيحية" التي سيطرت على السياسة الأوروبية ردحاً من الزمن. وتشير التحليلات إلى أن مخطط الدبلوماسية الإسرائيلية الحالي يهدف إلى:
• توحيد القوى الأوروبية ضد إيران بما يؤدي إلى إعطاء زخم أكبر لجهة حسم المواجهة مع إيران.
• إدخال إسرائيل ضمن دائرة حماية المجال الحيوي للأمن الأوروبي.
• الحصول على ضوء أخضر أوروبي لجهة قيام إسرائيل بدور أكبر في منطقة القوقاز وبحر قزوين.
• التوافق حول حسم الملف التركي المضطرب وعلى وجه الخصوص إعادة التوجيه الاستراتيجي لمستقبل تركيا التي يصر الإسرائيليون على ضرورة إحباط أي محاولة تركية للاندماج ضمن البيئة الشرق متوسطية.
• التفاهم حول قيام إسرائيل بدور أكبر في العراق ولما كانت إسرائيل تستخدم الوجود الأمريكي كغطاء لوجودها في العراق فإن المطلوب من الأطراف الأوروبية توفير الغطاء اللازم لوجود إسرائيل أكبر بغطاء أوروبي في العراق.
تفاهم غوردون براون – إسرائيل هو امتداد لتفاهم ميركل – إسرائيل وساركوزي – إسرائيل وذلك لأنه يكمل "المثلث" الذي ستعتمد عليه إسرائيل في عملية إعادة بناء التوجيه الاستراتيجي للاتحاد الأوروبي بما يؤدي إلى دفع المفوضية الأوروبية باتجاه:
• اعتماد علاقات خاصة على خط بروكسل – تل أبيب تتماثل وتنسجم مع سيناريو علاقات خط واشنطن – تل أبيب.
• اعتماد سياسات أوروبية جديدة تهدف إلى إعادة إنتاج نفس سيناريو السياسة الخارجية الأمريكية الشرق أوسطية وذلك بما يؤدي إلى دفع الاتحاد الأوروبي إلى:
- الاعتماد النهائي لسياسة ضمان أمن إسرائيل.
- الانفتاح الوحيد الجانب على الشرق الأوسط بالاعتماد على المنظور الإسرائيلي لخيار وحيد.
- اعتماد استراتيجية جديدة متكاملة لمكافحة الإرهاب تمهيداً لتصعيد المواجهات الدبلوماسية المتوقعة ضد الدول المتوسطية المعارضة لإسرائيل.
عموماً، استطاعت إسرائيل النفاذ عبر قناة علاقات عبر الأطلنطي والآن تحاول النفاذ من قناة عبر المتوسط فهل ستنجح في الجمع بين القناتين وصولاً إلى دفع البلدان الأوروبية لانتهاج سياسات شرق أوسطية تتطابق مع السياسات الشرق أوسطية الأمريكية؟ وكيف ستتغلب إسرائيل على معضلة الرأي العام الأوروبي ومواقفه غير الداعمة لإسرائيل؟ وبهذا الخصوص تجدر الإشارة إلى أن إسرائيل تعاني من مقاطعة أكاديمية واسعة من جانب الأكاديميين البريطانيين وما هو واضح أن مشروع قيام المجلس الثقافي البريطاني بتبنى عملية تبادل البحوث هو محاولة لكسر حالة العزلة والحصار الأكاديمي الذي فرضه أساتذة الجامعات البريطانيون على إسرائيل وعلى ما يبدو فإن استخدام المجلس الثقافي البريطاني هو مجرد "تجربة" تهدف إلى اختبار قدرة الوسائل المؤسسة في التغلب على الرأي العام الأوروبي وكسر إرادته.
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد