مثل جميع المناطق السورية.. ادلب غنية بأثارها فقيرة بالاهتمام

06-03-2007

مثل جميع المناطق السورية.. ادلب غنية بأثارها فقيرة بالاهتمام

تشكل محافظة ادلب بما تضم من كنوز أثرية تعود لمختلف العصور منطقة جذب سياحي مهمة يمكن أن تساهم مساهمة فعالة في الاقتصاد الوطني إن خطط لتطوير السياحة فيها تخطيطاً عصرياً يأخذ في اعتباره مستلزمات السياحة.

فالموقع التاريخي والمتميز لادلب والحضارات التي عاشت على أرضها جعلها منطقة مؤهلة للسياحة الأثرية والدينية والعلاجية حيث تضم المحافظة مئات المواقع الأثرية المنتشرة في كل مناطق المحافظة، من أهمها مملكة ايبلا التاريخية الغنية عن الوصف التي كان اكتشافها برقمها المسمارية الحدث الأهم في القرن العشرين، مملكة ايبلا تلك الحاضرة التي يحتضنها تل مرديخ الذي يقع جنوب شرقي مدينة ادلب وعلى بعد /26/ كم منها وهو أكبر تل أثري في سورية مساحته 56 هكتاراً وقد اعتبر أهم المكتشفات الأثرية في القرن العشرين حيث اكتشف فيه 16000 رقيم بدءا من الألف الرابع قبل الميلاد حتى بلغت أوج ازدهارها كأهم حاضرة سياسية وحضارية بين عامي /200 ـ 2000/ ق.م فكانت سيدة التجارة بين الشرق والغرب كشفت الدراسات والتنقيبات في الموقع عن بقايا قصر ملكي وسوق ومكتبة عامرة بالرقم الطينية. 
 إضافة الى ذلك هناك الكثير من الحضارات المتعاقبة عليها منذ الألف الثالث قبل الميلاد ابلانية وآرامية وآشورية وحثية ورومانية وبيزنطية وحتى العصور الإسلامية المختلفة تلك الحقبة التي تميزت بوجود عدد كبير من المدن الحاضرة في الذاكرة المنتشرة في مختلف مناطق المحافظة والتي يتجاوز عددها 500 موقع مابين المدينة المحفوظة بكاملها وتلك التي لاتحتوي سوى على أطلال محدودة تدل على تاريخها إضافة لعدد من القلاع التي لاتزال بحالة جيدة ها هو تل آفس يعود للألف الرابع قبل الميلاد. ‏

الدكتور عاطف النداف محافظ ادلب أكد خلال الاجتماع الذي عقد مؤخراً بأعضاء اللجنة السياحية المركزية على ضرورة العمل على إجراء الصيانة اللازمة لبوابات المواقع الأثرية مشيراً الى أهمية تأهيل هذه المواقع استعدادا لاستقبال رواد الآثار في الموسم السياحي واستعرض المحافظ عددا من الأمور التي تهم قطاع السياحة والآثار في المحافظة وسبل تطوير هذا القطاع الهام والحيوي من خلال استقطاب المستثمرين في المواقع الأثرية غير المستغلة. ‏

وبين أن ادلب تحوي كنوزا أثرية وسياحية خارج أسوار المدن الأثرية لابد من إعطائها الأهمية اللازمة التي يمكن استغلالها وطرحها للاستثمار داعيا المستثمرين لزيارة محافظة ادلب ولأي راغب بالاستثمار فيها. ‏

ولفت إلى أن صيانة وإعادة تأهيل هذه المواقع سيلعب دورا كبيرا في تنمية المجتمع المحلي ويشكل عامل جذب للسائح بالخروج من أسوار المدينة الأثرية ويؤدي الى تفاعل أبناء المجتمع المحلي مع السياحة وتعظيم منتجهم الأمر الذي يعود عليهم بالفائدة وخلق فرص عمل جديدة. ‏

وشدد السيد المحافظ على أهمية الدور الذي يقوم به القطاع الخاص جنباً الى جنب مع القطاع العام فيما يخص القطاع السياحي وترويجه، وتعظيم المنتج المحلي الذي يعكس تراث المحافظة الإنساني والحضاري. ‏

وأضاف أن من واجبنا أن نعظم إنتاجنا السياحي، وان نقدم للسائح مايدل على عمق حضارة هذه المحافظة عبر الحضارات المتعاقبة عليها، لافتاً إلى أهمية تطوير المنتج المحلي بما يتناسب وواقع هذه الحركة النشطة التي تشهدها المحافظة. ‏

ولمحافظة ادلب خصوصيتها في المجال السياحي مستمدة من نظافة بيئتها وهوائها العليل وتعدد مصايفها التي استقطبت زوارها من جميع محافظات سورية وفي مقدمتها جبل الأربعين في اريحا الذي يطل منه المصطاف على بساتين الزيتون والكرز من علو يقارب الألف متر ومصايف جسر الشغور والغسانية والقنية واليعقوبية وحمامات الشيخ عيسى للمياه المعدنية ودركوش ومصايف سلقين وحارم وسراقب ومعرة النعمان. ‏

وعلى مسافة قصيرة من المعرة في دير شرقي يتوضع ضريح الخليفة العادل عمر بن عبد العزيز وفيها استراحة أبي عبيدة الجراح في حارم وكذلك تتميز بعراقة الصناعات التقليدية كصناعة الزجاج والفخار والحصر ولباسها التقليدي الفلكلوري التراثي في سراقب وبنش وحارم وسلقين. 
 الى جانب هذا الكم الهائل من المواقع الأثرية والسياحية فإن دائرة الآثار العامة بادلب تقوم حسب ماذكر لنا السيد نقولا كباد مدير آثار ادلب بالتعاون مع بعثات أجنبية سنوياً بأعمال الحفريات والتنقيب كما تقوم بصيانة وترميم هذه المواقع للحفاظ عليها وفق طابعها التاريخي. ‏

ويصطدم القطاع السياحي بادلب ببعض المعوقات كما هو ظاهر للعيان من أبرزها عدم استغلال هذه المواقع استغلالاً يساعد على تنشيط الحركة السياحية وعدم ترويجها خاصة السياحة العلاجية إضافة الى عدم وجود رأس المال الكافي لاستغلال هذه المواقع بالشكل المناسب، وعدم وجود مكتب سياحي في المواقع الأثرية ليقدم خدمات سياحية لزوارالمنطقة، وعدم التنسيق مع مكاتب السياحة وشركات النقل والأدلاء السياحيين من أجل إدراج الاستراحات السياحية ضمن برنامج المجموعات السياحية المتنقلة من وإلى ادلب، كما أن مستوى دخل الفرد المتدني لايسمح للمواطن بدفع تكاليف السياحة الداخلية، إضافة إلى عدم وجود وعي سياحي عند المواطن غير الآبه بالسياحة الأثرية والتاريخية بالإضافة الى ضعف الترويج والتسويق السياحي. ‏

ومن أبرز الحلول المقترحة لتطوير السياحة في المحافظة حسب ماأشار المهندس ماهر خلوف معاون مدير الخدمات الفنية بادلب تنمية البنية التحتية وتطوير التسويق السياحي في المحافظة وربط السكان المحليين بخطط التطوير من خلال إقامة مشاريع سياحية صغيرة وإنخراط الشباب في صناعة السياحة ذات المردود المادي والثقافي من خلال تفعيل دور جهازي التربية والتعليم والإعلام لتغير المفهوم السائد لدى غالبية أفراد المجتمع، والتعاون بين القطاعين العام والخاص لوضع الخطط والبرامج الملائمة لتسويق ادلب سياحياً على المستويين الاقليمي والعالمي وتشجيع الاستثمار في مجال السياحة وزيادة الاعفاءات الجمركية والضريبية، واقامة دورات بمراكز التدريب المهني تهتم بالخدمات السياحية، ضرورة اقامة شواهد سياحية داخل المحافظة لجعل المنطقة مكان مبيت وإقامة وليس محطة مرور، واقامة معارض دائمة ومستمرة في المواقع الأثرية لاستقطاب عدد كبير من السياح، واعداد برنامج للصوت والضوء في منطقة الآثار، إضافة الى وضع إرشادات وشواخص تعريفية تكون بلغة السائح للتعريف بالأماكن الأثرية في ادلب. ‏

الى جانب هذا قال مستثمرون في مجال السياحة في ادلب إن السياحة من القطاعات التي تسهم بشكل ملحوظ ومتزايد في توليد الناتج المحلي الإجمالي في سورية مضيفين أن القطاع يستحوذ على مايقرب من 10% من الناتج المحلي الاجمالي، مشددين على ضرورة الاهتمام بصناعة السياحة في ضوء التحديات الهيكلية والتنافسية التي يواجهها كل من قطاع الزراعة وقطاع الصناعة في سورية، موضحين إن قطاع السياحة يمكن أن يعتبر الأكثر جاهزية في المدى القصير والمتوسط للمساهمة في الوصول الى معدلات النمو المأمولة، وخلق فرص عمل وزيادة موارد البلاد من العملات الأجنبية. ‏

وقالوا ان هنالك ثغرة كبيرة في أسلوب تسويق محافظة ادلب سياحيا عن طريق المكاتب المحلية والتي تهدف الى زيادة أرباحها وتستقدم مجموعات سياحية وتحددها بزيارة متحف ادلب الوطني علما أن في ادلب أكثر من 600 موقع أثري. مبينين ان ادلب تتمتع بميزة نسبية بحكم الموقع الاستراتيجي، والآثار التاريخية، والأماكن الدينية، إضافة الى امكانية استغلال السياحة العلاجية، والتعليمية، والترفيهية. ‏

وقالوا إن تسويق جميع الأماكن الأثرية يساهم في إطالة إقامة السائح مشيرين الى ضرورة زيادة تحسين وصيانة المرافق الصحية في مواقع مختلفة من محافظة ادلب مع ضرورة معاملة السياح معاملة لائقة وعدم استغلالهم، وطالبوا وزارة السياحة والآثار الاشراف على الفنادق الموجودة في ادلب وضرورة توفير كل متطلبات السائح ومراقبة البرامج السياحية التي تقدم عن طريق المكاتب المحلية بالتنسيق مع المكاتب في الخارج من قبل الوزارة. كذلك الى ضرورة وضع خيارات استراتيجية للسياحة وتحديد نوعية السياحة التي نهدف الى تطويرها مؤكدين على ضرورة المحافظة على الميزة النسبية لسورية كون الأسواق المجاورة لنا هي أسواق تنافسية في الأساس. ‏

ويقول عماد المصري/ موظف: ان إطالة إقامة السائح في مدينة ادلب تأتي من خلال العمل الدؤوب على تحسين البنية التحتية والطرق والمياه والكهرباء والهاتف واعداد دليل سياحي ولوحات إرشادية للمواقع الأثرية المختلفة، كما يجب العمل على تفعيل دور هيئة تنشيط السياحة المحلية الموجودة في كل محافظة. ‏

وأكد زاهر العمر على ضرورة تعظيم الفائدة الكلية من السياحة، وذلك بتوعية جمهور المعنيين بالسياحة، وإبراز دورها وفائدتها للاقتصاد إضافة للترويج السياحي من خلال التعاون الوثيق بين وزارة السياحة والقطاع الخاص من ناحية وسفاراتنا في دول العالم من ناحية أخرى ،مطالبا بضرورة تنويع المنتج السياحي، بحيث لا تتحول السياحة في سورية وادلب منها الى مجرد سياحة نهارية وتبقى مستويات الأشغال في الفنادق دائماً دون المستوى المناسب مؤكداً على ضرورة عدم التركيز فقط على البعد الأثري والتراثي وانما العمل على تطوير السياحة الثقافية والعلاجية والتعليمية. ‏

وطالب عدد من المهتمين في السياحة العمل على ايجاد ثقافة سياحية ووعي سياحي في المجتمع السوري بشكل عام، وفي مجتمع الأماكن السياحية بشكل خاص، من خلال عقد دورات التأهيل والتدريب السياحي وغيرها من وسائل تهتم بالحفاظ على الأماكن السياحية، وبدفع مستوى أهميتها لدى أفراد المجتمع. ‏

وبينوا المعوقات التي تواجه السياحة في ادلب والمتمثلة بمشكلات تشريعية التي باتت بحاجة الى اعادة نظر وتطوير، اضافة الى الحاجة لترويج ادلب سياحيا ليس فقط من خلال مكاتب تسويق وترويج الأسواق السياحية الرئيسية بالتنسيق مع السورية للطيران وإدخال التأهيل أو التدريب السياحي الى الجامعات والكليات المختلفة، فالحاجة ماسة الى قوى عاملة ماهرة ومدربة في هذا المجال اضافة الى ضرورة التخطيط طويل الأجل لتنمية الطاقة الاستيعابية في الفنادق كون الطاقة الحالية دون المطلوب. ‏

ويبدي السيد ميمون فجر مدير السياحة بادلب تفاؤلاً مصحوباً بحذر واضح حيال امكانية انجاز مشاريع تنموية سياحية من خلال ماهو معلن ضمن استراتيجية تطوير السياحة في محافظة ادلب، رغم الاعلان الرسمي عن بدء العمل ببرنامج الاستراتيجية وخططها. ‏

ولايخفي مواطنو المدينة وجوارها خشيتهم من تحول الفكرة الى مجرد مشاريع جزئية محصورة في نطاق ضيق قد لايخدم المدينة أو لا يحقق الحد الأدنى من أهداف معلنة، ويبرر الكثيرون تشككهم بما آلت إليه فكرة تطوير ادلب ذهبت الفكرة الى غير رجعة.. فيما يشير مختصون من الفئة الأكثر تفاؤلاً الى جدية البرامج المطروحة ضمن مشروع الاستراتيجية السياحية لادلب كونها تستند الى مشاركة قطاعات المجتمع المحلي ورغباتهم. ‏

وتهدف استراتيجية تطوير السياحة في محافظة ادلب الى استغلال الموارد الطبيعية والتاريخية والثقافية الزاخرة في المنطقة والاستثمار بحسن الضيافة الذي يتمتع به سكانها وصولاً الى خدمة سكان المحافظة وتعزيز اقتصاد السياحة فيها، اضافة الى جملة أهداف أخرى، من بينها تحسين جودة المنتجات السياحية والعمل على تنويعها وتطوير الموارد البشرية وبناء شراكة حقيقية بين مؤسسات القطاع العام وهيئات وأفراد المجتمعات المحلية، بما يكفل تطوير ادلب كمقصد سياحي رئيسي في سورية وتطوير اقتصاد سياحي مستدام فيها. ‏

وتشير تفصيلات وخطط الاستراتيجية أن بناء برامج تطوير المدينة استند في الأساس على تطوير النموذج التنموي لمحافظة ادلب وتحويل المنطقة إلى مركز جذب سياحي حيوي يفيد صناعة السياحة في سورية بشكل عام وفي ادلب على وجه الخصوص.. ومن شأن الخطط والبرامج الموضوعة في حال تنفيذها، أن تثري تجربة السائح وتطيل فترة اقامته في ادلب ما يؤدي بالضرورة الى زيادة معدلات انفاقه وضمان استفادة المجتمع المحلي اقتصادياً.. ومن المؤمل أن يتحقق، من خلال تطبيق برامج الاستراتيجية، مردود مالي سياحي سنوي في ادلب يقدر بملايين الليرات وتوفير المئات من فرص العمل في قطاع السياحة في ادلب ومناطق اخرى وانشاء مؤسسات سياحية جديدة تهدف الى تسويق ادلب سياحياً. ‏

الى هذا تحظى ادلب ومناطقها بمشهد تاريخي ومواقع جذب سياحي زاخرة، ماجعلها مؤهلة وعلى الدوام لاستقطاب حركة سياحية نشطة في مختلف أنواع السياحة التي تتوافر فيها وبشكل لامثيل له في كثير من مناطق تاريخية وسياحية مشابهة. ‏

فالمنطقة السياحية واسعة ومتنوعة، فهي تمتد من باب الهوى في المنطقة الشمالية لادلب الى خان شيخون في الجنوب، وتقع في وسط هذه المكونات مدينة ادلب ومنطقتها السياحية التي تشكل جزءاً من الأرض التي تضم العديد من المواقع الأثرية والسياحية، كما تحظى بمجموعة من الموارد المتنوعة الجاذبة للسياح الثقافيين ومحبي المغامرة والرياضة، اضافة الى مواطن جذب سياحي عديدة أخرى أهمها حمامات الشيخ عيسى العلاجية ،بانوراما سهل الروج، ووسط محافظة ادلب التاريخي المكون من مجموعة من المباني التراثية، وكذلك كنيسة قلب لوزة وغيرها من عوامل الجذب المتصلة بصناعة الفسيفساء والنسيج التاريخي كما هو الحال في متحف معرة النعمان. ‏

وتقتضي خطة المشروع، تحسين كثير من المظاهر الخدمية وتوفير المرافق العامة وتنظيم حركة المرور والسير في المدينة واعادة استثمار المباني التراثية وترميمها وتأسيس أسواق ومتاجر مختصة بالحرف والصناعات اليدوية التقليدية، اضافة الى ترميم الطرق الأثرية وتحسين مداخل المدينة وتجميلها. ‏

علام العبد

المصدر: تشرين

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...