مركز أبحاث بريطاني: سوريا تزداد نفوذاً وثقة بالنفس

23-07-2007

مركز أبحاث بريطاني: سوريا تزداد نفوذاً وثقة بالنفس

بعد نهج غربي، وأميركي خاصة، دأب أعواماً على اتهام ومعاداة النظام السوري، سواء في تغذية «الارهاب» في العراق وفلسطين المحتلة، أو في إثارة الفوضى في لبنان، يبدو أن الغرب بدأ يعيد النظر في هذا النهج، في وقت يتعاظم فيه النفوذ والثقة بالنفس السوريان. إنها، باختصار، خلاصة «ورقة» صدرت مؤخراً عن مركز دراسات «شاتهام هاوس» البريطاني، بعنوان «البحث السوري عن صفقة سياسية».
وتدرس الورقة المؤلفة من 12 صفحة، الأحداث المحيطة بسوريا منذ تبني مجلس الامن القرار رقم ,1559 في أيلول العام ,2004 وتتحرى آثار السياسات المختلفة، المعتمدة والمحتملة، حيال النظام السوري، وردود فعله عليها، لكي تخلص إلى الاستنتاجات التالية:
ـ لم يعد النظام السوري يشعر بالضعف، وفيما تتعزز احتمالات نجاته، تزداد ثقته بنفسه ظهوراً للعيان.
ـ لقد كانت تكتيكات خصوم سوريا في معظم الاوقات غير منتجة، وكانت تمنح النظام السوري نفوذاً متزايداً. لم تتمكن محاولة عزل سوريا من إضعاف نظامها، فيما عززت الضغوط الخارجية من موقفها الداخلي. في موازاة ذلك، ازداد موقفها الإقليمي قوة بسبب فشل السياسات الأميركية في العراق ولبنان.
ـ إن القيادة السورية تراهن الآن على تطورات معينة، ستستمر في رفع ثقتها بنفسها في كل المنطقة وميدان المواجهة مع السياسة الغربية.
ـ لا جدوى من شن سياسة عداء ضد النظام السوري. يجب الاعتراف بمصالح سوريا القومية من أجل تحقيق التقدم.
ـ سوريا لن «تذعن» لمطالب الولايات المتحدة لمجرد أن تصبح «حليفاً معتدلاً» آخر. لا يبحث النظام السوري عن الشعبية، بل عن الاعتراف به. إنه يسعى إلى صفقة لا إلى علاقة غرامية.
واستندت هذه الاستنتاجات إلى تحليل طويل للأوضاع والسياسات المعتمدة في ومع سوريا، ولبنان، والعراق، وفلسطين، وإيران. واعتبرت الورقة أنه بعد أربعة أعوام من احتلال العراق، وعامين من الانسحاب من لبنان، فإن الاتهامات الموجهة إلى سوريا، والتي تتلخص بتغذية الارهاب في العراق؛ منح الملاذ للبعثيين والفصائل الفلسطينية «المتطرفة»؛ إثارة الفوضى في لبنان؛ وعدم الجدية في عملية السلام مع إسرائيل، هذه الاتهامات بدأت تعيد النظر في واقعها، ويحاول مطلقوها انتهاج سياسات مختلفة.
واستندت الورقة إلى مؤشرات سريعة على هذا الاعتقاد، مثل «الترحيب الحار» الذي استقبل به الملك السعودي عبد الله الرئيس بشار الاسد في قمة الرياض في آذار الماضي؛ وأيضاً «كسر الجليد» في اجتماع وزيرة الخارجية الاميركية كوندليسا رايس بنظيرها السوري وليد المعلم، بعد شهرين من الاحتفاء السعودي، وغير ذلك...
أما مرحلة «الحضيض» التي بلغها النظام السوري في عزله، فكانت حين اضطر الاسد، بعد إنذارات أميركية بأنه «غير مرحب» به في نيويورك، لإلغاء رحلة إلى الجمعية العامة للامم المتحدة، في أيلول العام .2005
وتناولت الورقة ظروف القرار ,1559 وملابساته السورية واللبنانية، مروراَ باغتيال الحريري و«ثورة الارز» والانسحاب السوري، مشيرة إلى ان الكثير من محاولات النظام السوري الدفع بـ«براءته» من الاغتيالات اللبنانية بقيت «غير مقنعة». أضافت أنه، مع اقتراب الاستحقاق الرئاسي اللبناني، «يبدو أن النظام السوري يشعر بثقة كافية في أن حلفاءه ستكون لهم، مجدداً، اليد العليا، أو على الأقل بعض التأثير في تشكيل مستقبل الحكومات اللبنانية، بمعزل عن حصيلة المحكمة الدولية».
وعلى صعيد السلام مع إسرائيل، لفتت الدراسة البريطانية إلى أن «مصافحة بشار الاسد التلقائية مع الرئيس الاسرائيلي موشيه كاتساف، في جنازة البابا يوحنا بولس الثاني، في نيسان العام ,2005 تدل على تلهف النظام لفتح صفحة جديدة»، مضيفة أن «الخطة الكبيرة التالية تكمن في اتفاقية سلام تعيد مرتفعات الجولان» المحتلة.
وأما عن «هوس الفصل بين سوريا وإيران»، فهو «غير قابل للتطبيق طالما أن حدودهما ليست مضمونة على الجبهات الاخرى». أضافت الورقة «طالما أن سوريا وإيران تشعران بأنهما تمتلكان النفوذ عبر استغلال الوضع في لبنان وفي العراق، فستستمران في فعل ذلك. وأكثر من ذلك، تدرك هاتان الدولتان أن نفوذهما يصبح أقوى حين تكونان متحدتين».
يراهن النظام السوري، وفق دراسة «شاتهام هاوس»، على عدد من الاحداث والتغيرات، مع ثقته بأنه «لا يحتاج لاتخاذ أي حركة معينة في هذا الوقت، من أجل الاستمرار في تقوية مركزه». وتتلخص هذه التغيرات في التالي:
ـ تغير الأنظمة في بلدان تعارض التأثير السوري، بما في ذلك لبنان، حيث يؤمل انتخاب رئيس جديد في تشرين الثاني المقبل، يقوم بإضافة ثقل إلى المعارضة المؤيدة لسوريا.
ـ بدء مشاكل تشكيل المحكمة الدولية حول اغتيال الحريري، وسط آمال بأن مفتش الامم المتحدة سيرج برامرتز سيعجز عن إضافة الكثير للمعلومات المتوفرة حالياً حول اغتيال الحريري، ما سيؤدي إلى فقدان فريق التحقيق لزخمه، أو حتى استقالته من أجل التعامل مع جهات صغرى، وبالتالي تجنب مواجهة سوريا مع الامم المتحدة.
ـ عودة النفوذ السوري الكبير في الشؤون العربية، على الاقل كقوة مقابلة للنفوذ السعودي والمصري الصديق للولايات المتحدة، والإقرار بهذا النفوذ في القمة العربية المزمعة في دمشق في آذار العام .2008
ـ اليأس الاميركي من التحرر من العراق، وحاجتها إلى مساعدة سوريا للقيام بذلك.
ـ التأثير السوري على إيران وعلى المشاكل المتزايدة المتعلقة بالاسلام السياسي المتعصب.
ـ الحاجة إلى إجماع بين مختلف الفصائل الفلسطينية، والحصول على تعاون من حركة «حماس».
ـ الدعم الشعبي المستمر لثبات النظام السوري، على صعيدي الداخل و«الشارع العربي».
وتبعاً لمعظم هذه المتغيرات، يعتقد النظام السوري، برأي الورقة البريطانية، أنه من الافضل له اتباع «سلوك سلبي».
واعتبرت الدراسة أن «المزاعم حول ضعف النظام (السوري) في مواجهة العزل الدولي، أو حول موقفها المتداعي دولياً، هي في غالبيتها لا تستند إلى دليل، وغير مجدية. ذلك أن النظام السوري، في الواقع، هو حالياً أكثر قابلية للصمود من أي وقت آخر، وخاصة بعد الفشل (الاميركي) في العراق ولبنان».

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...