معركة الباب: أهميتها وأبعادها
الجمل ـ آكدوغان أوزكان ـ ترجمها عن التركية محمد سلطان: عادةً لا تخرج الكتابات والمقالات خارج الإطار العسكري عند الحديث عن الحرب في سوريا في الإعلام التركي، حتى تلك صاحبة النظرة الحيادية.. أجرى الجيش الحر بدعم من القوات المسلحة التركية المرحلة الأولى من عملية درع الفرات وهي مرحلة جرابلس (24 آب). ثم المرحلة الثانية الراعي (4 أيلول). وهناك حديث عن أنه من المحتمل أن تكون منطقة الباب هي المرحلة الثالثة من هذه العملية. كذلك الحديث عن هذا الموضوع يبقى عادةً ضمن نفس الإطار التقليدي في الإعلام التركي.
لا يتم التطرق على الأهداف الاقتصادية والسياسية لمنطقة الباب، ولا لأهميتها ضمن إطار هذه الأهداف. رغم أنه دون تحليل هذه النواحي لا يمكننا فهم ديناميكيات عملية محتملة على منطقة الباب وعلى الرقة، ولا حتى يمكننا فهم أهميتهما ضمن الأزمة السورية.
منطقة الباب كما هو باسمها تحمل دلالة على أنها مدخل. وسأحاول بهذا المقال معرفة هذا المدخل وإلقاء الضوء على أهميته الإستراتيجية بالنسبة للقوى المتنازعة. ولكن في البداية سأحاول لملمة وتجميع الكتابات "الناقصة" في الإعلام التركي عن النظرة العامة حول الموضوع.
الباب بالنسبة لداعش: مهم؛ الباب لا يشبه منبج التي استمات فيها 73 يوماً في كانون الثاني 2014. يحمل الباب أهمية إثنية أكثر من منبج. فتركيبته الأثنية عبارة عن فئة عربية إسلامية متجانسة أكثر من التركيبة في منبج. يعتبر الباب من أهم قلاع داعش في سوريا. فهو يؤمن الاتصال والتواصل بين المناطق التي تقع تحت سيطرة التنظيم في حلب وبين ولايتي الرقة ودير الزور. إضافةً إلى أنه يوجد ثلاثة معسكرات تدريب لداعش بالقرب من الباب. كما يعتبر الباب الذي يقع على بعد 35 كم جنوب شرق دابق هو الداعم اللوجستي الأهم لدابق التي يؤمن بها الدواعش على أنها ستكون أرض "المعركة المقدسة الأخيرة"، قبل يوم القيامة، بينهم وبين الجيش الصليبي.
الباب بالنسبة للأكراد: مهم؛ لأنهم يريدون من خلاله تأمين جسر بين منطقة الإقليم الذي أسسته القوى الكردية في منطقة شرق الفرات وبين الإقليم الآخر في عفرين انطلاقاً من كوباني. اذا استطاعت قوى الـYPG الجناح المسلح لحزب الاتحاد الديمقراطي من السيطرة على منطقة الباب، تكون فتحت أول باب في وجه عفرين.
الباب بالنسبة للجيش الحر: مهم؛ لأنه يجب على الجيش الحر التخلص من جميع القوى الأخرى الموجودة في منطقة الباب لسهولة التحرك بأمان في الشريط جنوب الحدود التركية التي تم طرد الدواعش منها في 4 أيلول. لذلك ستكون المناطق المجاورة للباب والتي تقع تحت سيطرة الجيش الحر معرضة للخطر في حال بقاء الباب تحت سيطرة تنظيم داعش. كما يعتبر الباب بغاية الأهمية بالنسبة للجيش الحر لقطع الطريق أمام اتحاد الإقليمين الكرديين شرق وغرب الباب.
الباب بالنسبة للجيش السوري: مهم؛ لأنه في حال تحرير الباب من تنظيم داعش، سيفتح المجال للجيش السوري بمؤازرة الطيران الروسي التوجه إلى شمال شرق البلاد ووضع الطبقة تحت ضغط الضربات الجوية والبرية. كما أن وجود الباب بيد الجيش السوري سيكون بمثابة المسمار في الحائط الكردي الصلب. وبذلك سيكون السد المنيع في وجه تكوين نفوذ كردي متين في منطقة الشمال السوري.
بطبيعة الحال تحليلا كهذا ضمن إطار القوى المتحاربة غير كافٍ. استراتيجياً، يبدو الباب وكأنه نقطة انعطاف حساسة لدى القوى الأساسية والقوى الوكيلة المتحاربة. رغم أنه يحمل أهمية كبيرة ضمن الإطار السياسي والاقتصادي بالنسبة لجميع الأطراف.
الباب بالنسبة للأطراف الدولية؛ مهم لأنه يراد له أن يكون الباب الأخير للمسار (دير الزور – الرقة - الباب) الذي سيوصل خط الغاز القطري إلى تركيا، والتي ستكون آخر دولة إسلامية، قبل أن يتم توزيعه إلى الاتحاد الأوربي. يراد لهذا المشروع القديم أن يلبي حاجة أوربا من الغاز القطري بشكل دائم ودون انقطاع. كما يراد لهذا الخط أن يصبغ بطابع طائفي ليكون "خط غاز سني".
هنا يتضح لنا معالم الحرب السورية وأهمية الباب بعض الشيء. ولكن يجب أن نعود إلى الوراء قليلاً.
قبل كل شيء؛ الحرب في سوريا ليست كما يعتقد الناس بأنها تمرد المعارضة السورية ومصافحتها للقوى العالمية في وجه نظام دكتاتوري لا يريد إجراء الإصلاحات الديمقراطية في بلاده. وليست كما صورتها المعارضة بأنها "حرب قوى الخير ضد نظام الشر". أساساً لم يعد يهتم أحد بكلمة "شرير" أو "قوى الشر". لأنه واضح بأن هذه الحرب القذرة كغيرها من حروب الشرق الأوسط يكون الداعم والراعي الرسمي لها هي شركات النفط والغاز ومجتمعات مصانع الأسلحة.
ربما الأسباب تعود إلى الماضي البعيد، ولكن أبرز تطور جعلنا نقترب من الحرب هو رفض الشام عام 2009 لعرض قدمه لها مجلس التعاون الخليجي. رفضت الحكومة السورية آنذاك ذلك العرض الذي كان ينص على استخراج الغاز الطبيعي من حقول الغاز في الخليج العربي من قبل شركات النفط القطرية ونقله إلى تركيا عبر خط (السعودية – الأردن – سوريا) وصولاً إلى تركيا لتصديره إلى الدول الأوربية.
هذا المشروع كان في غاية الأهمية بالنسبة لأميركا وأوربا. لأنه في حال بقاء روسيا المزود الأكبر للغاز الطبيعي لأوربا يدل على استمرار الإدمان الأوربي على روسيا وعدم انكسار موسكو أمام الضغوطات الأوربية. وهذا كان من أهم الأسباب الذي جعل التوازنات في الأزمة الأوكرانية تصب لصالح روسيا. لم تكن واشنطن راضية عن هذا الأمر الذي ربما مع الزمن سيؤدي إلى تلاشي المحور الأوروبي كحليف قوي لأميركا. إذا ما وقف أمام هذا الأمر سيكون قد ضرب عصفورين بحجر واحد. لذلك كان هدفا من أهداف أميركا وأوربا من لعبة الطاقة هذه هو إضعاف النفوذ الإيراني في المنطقة، لأنها تحتوي على احتياطات ضخمة في مجال الطاقة، ولكنها في الوقت نفسه لم ترض بأي شكل من الأشكال السير حسب الأجندات الغربية ومجلس التعاون الخليجي.
لم تقتصر الصدمة الأميركية والغربية على الرفض السوري لمشروع أنبوب الغاز. بعد فترة قصيرة حصل أمر مروع بالنسبة لأميركا. أو بالأحرى، وافقت سوريا على مشروع آخر أزعج الدول الأوربية وأميركا. في عام 2010 بات ينتشر خبر خلف الكواليس عن اقتراب سوريا من الموافقة على العرض العكسي لطهران حليفها الأهم في المنطقة. بحسب اللقاءات أن المشروع كان يهدف إلى استخراج الغاز من الخليج الفارسي ونقله عبر خط غاز (إيران – العراق – سوريا – لبنان) البالغ 5600 كيلومتر ومن ثم تصديره إلى الدول الأوربية. وكانت اللقاءات على وشك الاتفاق. كان هذا المشروع بمثابة "خط غاز شيعي". يصل الخليج العربي بالبحر الأبيض المتوسط. هذا المشروع كان في غاية الأهمية بالنسبة لسوريا لأنها ستأخذ نفساً عميقاً من خلاله بعد المشاكل التي حدثت بعد الجفاف الذي ضرب البلاد بسبب تغيرات المناخ. وكان هذا الخط سيكون بمثابة الخطوة الأولى لتصدر سوريا لزعامة المنطقة والشرق الأوسط بأكمله.
جاء الموقف السوري بمثابة ضربة لتركيا ولدول الخليج العربي وعلى رأسهم قطر والسعودية. كما انتهت اللقاءات الإيرانية مع "شركة بترول تركيا TPAO" لاستخراج الغاز من حقول الخليج الجنوبية دون التوصل لاتفاق.
إذا وقعت كل من إيران والعراق وسوريا هذه الاتفاقية، كانت ستنقلب الموازين في الساحة الدولية لمصلحة إيران. وكانت ستخترق إيران من خلال هذه الاتفاقية الحصار الاقتصادي الذي فرضه عليها الغرب منذ سنوات. وبذلك ستزيد قوة إلى قوتها في المنطقة، وستجد المصدر القوي لزيادة قوتها النووية بما يشكل تهديد جدي لإسرائيل.
إن حقول الغاز البحرية في جنوب إيران يتم تقاسمها مع قطر. وبالنسبة لإحصائيات وكالة الطاقة الدولية IEA أن إيران تستخرج من هذا الحقل حوالي 14 تريليون م3 من الغاز الطبيعي، وهذا يشكل تقريباً حوالي 40 بالمائة من الاحتياطي الإيراني العام من الغاز. إذا تم تصدير هذا الكم الهائل من الغاز إلى أوروبا عن طريق الخط الذي اقترحته إيران، هذا سيؤدي إلى أن يصبح النظام العراقي المركزي مقربا من إيران أكثر مما هو عليه. وستصبح سوريا لاعباً أساسياً بعد دخولها الساحة في الشوط الثاني إلى جانب روسيا والصين في مباراة الطاقة بين هذا المحور ومحور الغرب.
بناءً على تطورات هذا المشروع قامت سوريا بتطوير إستراتيجية "البحار الأربعة" بعيدة المدى والذي سينقذها من الفقر الذي تعيش فيه وسيحملها إلى مكانة مرموقة في المنطقة لتتزعمها فيما بعد. ويهدف المشروع إلى إنشاء شبكة من الطاقة متصلة فيما بينها في المنطقة التي تقع بين البحر الأبيض المتوسط والبحر الأسود والخليج العربي وبحر قزوين.
ولكن إن كنتم ستتحدون أميركا والناتو والخليج العربي في هذه المنطقة، هذا يعني أنكم ستحضرون نفسكم على ما سيصيبكم. وهذا ما حصل مع سوريا بعد أشهر قليلة من إعلانها عن إستراتيجية "البحار الأربعة". حيث اندلعت الأحداث فيها في بداية عام 2011.
بالمناسبة؛ حصل المنتظر وأعلنت إيران عام 2011 عن توقيعها مع سوريا والعراق اتفاقية استخراج ونقل الغاز الطبيعي. وكان المشروع سيضخ الغاز إلى أوربا أكثر بنسبة 30 بالمائة من خط "نابوكو" الذي سيمر من أذربيجان وتركيا.
أساساً لو تستطع أميركا إسقاط النظام في إيران كانت ستحل المشكلة من جذورها. طبعاً لحصول ذلك يجب في البداية إشعال الفتنة في سوريا بصفتها أهم حليف استراتيجي لها في المنطقة وتدميرها وتقسيمها. وإذا سقطت سوريا ستسقط لبنان معها. وهذا يؤدي إلى سجن إيران ضمن جغرافيتها وعزلها عن العالم الخارجي. أليس هذا ما كانت تقصده واشنطن في الحرب العالمية على الإرهاب (Global war on terror)؟
بعد مدة من اندلاع الأحداث في سوريا، تحولت الأرض السورية إلى ساحة خصبة لصراع القوى العالمية فيها. بدأت العناصر الإرهابية المدعومة خارجياً والمسيرة من الخارج بالسيطرة على المناطق السكنية.
طبعاً بعد مدة قصيرة من بدء الأحداث بدأت الصورة تتضح لدينا. كانت التحركات العسكرية تظهر لنا أنها تسهدف المجموعات المسلحة، التي سوقت لنا على أنها مجموعات معارضة، إلى الوقوف أمام مشروع خط غاز (إيران العراق سوريا). وبالتالي سيشكلون حاجزاً أمام محور شيعي طاغي على المنطقة. وإن كانت سوريا درعاً متيناً في وجه مشروع خليجي لنقل الغاز إلى تركيا بعد مروره بقطر والسعودية والأردن. لذلك كان الهدف اقتطاع منطقة "سنية" من سوريا لاستخدامها في نقل الغاز من الأردن إلى تركيا. والوصول إلى هذه الغاية لم يكن صعباً، على الورق، بالنسبة لأقزام الخليج وحلفائهم. في النتيجة كان السنة في سوريا يشكلون 73 بالمائة من الشعب السوري. وبكل بساطة؛ كانت ستتعاون كلاً من بلدان قطر والسعودية وتركيا مدعومين من السنة في العراق لتسليم السلطة في سوريا إلى "الإخوان المسلمين". وإن فشلت الخطة، كانت على الأقل ستقسم البلاد وستقام دولة سنية محكومة بالشريعة لاستخدامها لنقل الغاز إلى تركيا. وكل هذا بسبب تضرر قطر والسعودية وتركيا من المشروع الذي وقعته سوريا مع إيران والعراق. ومن ثم ستفقد إيران هيبتها في المنطقة.
ولكن بعد حرب الخليج تغيرت نظرة الرأي العام الأميركي نحو المنطقة، وعلمت أميركا بدورها أن عامل "السنة" لن ينفع بمشروعها. لذلك حاولت استخدام ورقة الأكراد لتوسيع مناطق نفوذهم امتداداً إلى البحر الأبيض المتوسط، ومن جهة أخرى ستحاول أميركا الضغط على إيران وشراء قيادتها عن طريق سوريا بعد تعبها من الحصار الاقتصادي المفروض عليها منذ مدة طويلة.
بالنهاية قام الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن؛ أميركا روسيا الصين بريطانيا فرنسا بالإضافة إلى ألمانيا بعقد اتفاقية مع إيران في تموز العام الماضي والتي تنص على إنهاء الحصار الاقتصادي المفروض عليها. كان هدف الغرب هو صعود قوة إيرانية منافسة لروسيا في المنطقة. وتفرض الاتفاقية على إيران تقليل استطاعتها من تخصيب اليورانيوم إلى 65 بالمائة وبذلك تضمن أميركا تأخر إيران 15 سنة في حصولها على سلاح نووي.
وبالنسبة للمكاسب الأميركية في الحرب السورية... باعتراف زعيم حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي "صالح مسلم" أنه اعتباراً من شهر تموز الماضي أقامت أميركا في روج آفا 3 قواعد عسكرية وواحدة منها في حقل الرميلان في الحسكة.
نشر في شهر أيار من العام الماضي تقرير لوكالة استخبارات الدفاع الأميركية المجهز منذ تاريخ 2012. ولفت انتباهي ما كتب في الصفحة 291 من التقرير فيما يخص المنطقة والحرب في سوريا: «هناك احتمال لقيام الغرب وبلدان الخليج وتركيا التي تدعم المعارضة المعتدلة في سوريا لإقامة إمارة سلفية، معلنة أو لم يعلن عنها بعد، في منطقة الشمال السوري (دير الزور والحسكة). وكانت هذه رغبة الدول التي تدعم المعارضات المختلفة في سوريا لتجريدها بصفتها الامتداد الاستراتيجي للتوسع االشيعي».
أي أن هذا التقرير منذ أربع سنوات يرينا كيف سيترعرع وينمو كلاً من تنظيم القاعدة وتنظيم داعش بدعم من الدول المذكورة. وكيف بنت أميركا كل إستراتيجيتها على هذا التقرير، ورأت الفرصة سانحة للتحرك في شمال شرق البلاد في الحسكة ودير الزور وانتزاعهما من حكم الدولة السورية انطلاقاً من محاولة الدولة الاعتماد على مناطق غرب البلاد في هذه الحرب.
هنا في البداية سمح لداعش بالسيطرة على تلك المناطق. ومن ثم دعموا الأكراد وأثاروهم ضد داعش. كانت قوات الحماية الكردية على وشك تحرير الحسكة من آخر داعشي ولم تبق مسافة تفصلهم عن الحدود التركية سوى 80 كم، وبذلك كانت العلاقة بين إقليمي الجزيرة وكوباني ستزداد قوة. بقي خط (دير الزور، الرقة، الباب) هو الأمل الوحيد للتوجه شمالاً.
ولكن لا تكفي قوة داعش ولا قوة أميركا في دير الزور. حيث رأت الشام الخطر المحدق وقامت في شهر أيلول من العام الماضي بدعوة حليفها الاستراتيجي موسكو للمشاركة في هذه الحرب. وفي النتيجة كان الجيش السوري هو القوة العسكرية التي استطاعت تحرير المطار والمناطق العسكرية في دير الزور من داعش بدعم من الطيران الروسي. بالرغم من أنه كان الهدف بقاء تلك المناطق تحت سيطرة داعش لطردهم منها فيما بعد حلفاء أميركا ووكلائها في الأرض في الزمان المناسب للسيطرة عليها. ولكن فشل ذلك بعد التحرك المبكر للروس والسوريين.
رأت أميركا بأن الأمور تزداد سوءاً في حلب والتطورات تصب لمصلحة الجيش السوري. كذلك كانت هناك استماتة من قبل الجيش السوري لتحرير دير الزور من داعش. فسارعت القوات الأميركية وقامت بقصف وحدات الجيش السوري "بالخطأ" لساعات طويلة. وبذلك أمنت الفرصة لداعش لإعادة التجمع من جديد بعد تضعضعه أمام ضربات الجيش السوري.
مازال يوجد أمل بأن يكون هناك خط (الباب الرقة دير الزور). من خلال ما عرضناه نستطيع فهم أهمية الباب بالنسبة للأطراف المتحاربة. وإذا أردنا تلخيص ما أوردناه أعلاه نستطيع القول بأن الباب مهم لأنه الأمل الوحيد، ولو جزئياً، لإقامة "هلال سني" في وجه "الهلال الشيعي" متمثلا بأنبوب غاز من قطر مستخرجاً من خليج فارس إلى تركيا مروراً بالسعودية والأردن ودويلة سنية في سوريا ستتشكل معالمها نتيجة الحرب.
طبعاً حالياً الباب مقفول في وجه هذا المشروع. لا نعرف حتى الآن من سيقوم بفتح هذا القفل. ولكن من المحتمل أن ذلك سيتضح بعد انتهاء اللقاءات الأميركية الروسية. وأريد التنويه هنا إلى أنه لن يسمح لتركيا بفتح هذا الباب بصفتها لاعبا صغيرا في هذه اللعبة الكبيرة. ولا يجوز علينا الاعتقاد بأن الأكراد هم العائق الوحيد أمام تركيا لفتح هذا الباب. من المستحيل أن تقوم أنقرة بوضع عينها على جغرافيا لن يسمح بها الروس. لا تنظروا إلى الصياح والصراخ الذي يدلي به رئيسنا في هذا الموضوع.
وبالنظر من الناحية السياسة والاقتصادية نرى أنه يصعب على روسيا السماح لأنقرة بأخذ المبادرة في معركة الباب، وخصوصاً بعد التحول الجذري في السياسة التركية اتجاه روسيا والتي كانت تهدف لانتزاع حصة لها في المعادلة السورية. وهذا الوضع جعل أنقرة تغمز بعينها لواشنطن لإشراكها ضمن عملية محتملة على الرقة. ولكن بدورها واشنطن لم تكن ترغب "بتبديل حصانها". وأبدت رأيها بذلك بكل وضوح. وللمحافظة على ماء الوجه، صرحت أنقرة بأنها لن تشارك في عملية ستكون قوات الحماية الكردية موجودة فيها.
لذلك لم يبق أمامها سوى فكرة محاولة الهجوم على الأقاليم شرق الفرات. ولكن فشلت فكرتهم بعد قيام أميركا برفع الأعلام الأميركية في تلك المناطق.
في حال اندثار آمال الباب بالنسبة لتركيا، هل نستطيع القول أن دور تركيا في الساحة السورية قد انتهى؟ أي أن الدور التركي اقتصر على تنظيف المنطقة الممتدة من جرابلس إلى اعزاز بطول 98 كم وبعمق 15-20 كم من تنظيم داعش؟
بالطبع هنالك أدوار أخرى موكلة لتركيا من دون التوسع أكثر في المنطقة العازلة. ستتضح هذه الأدوار فيما بعد.
تنويه: الجمل ينشر خريطة سورية كما وردت في النص التركي مع التحفظ على اقتطاع لواء اسكندرون السليب في الخرائط المذكورة
( موقع: T24).
الجمل
إضافة تعليق جديد