نتنياهو يوجّه إلى سوريا «رسـالـة مـزدوجـة»
رغم القرار الإسرائيلي بالإكثار من الحديث عن السلام، في ظل الاقتناع المتزايد بانسداد أفق التسوية فإن صحيفة «إسرائيل اليوم» المقربة من رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو قالت إن الأخير، في لقائه مع الرئيس الفرنسي نيكولاي ساركوزي، وجّه رسالة مزدوجة: واحدة تدعو سوريا لاستئناف المفاوضات، والثانية تهدد سوريا من مغبة الاستمرار في تسليح حزب الله. وقد انبرى ديوان رئاسة الحكومة الإسرائيلية، يوم أمس، لنفي أن تكون رسالة نتنياهو السلمية لسوريا انطوت على أي استعداد للعودة إلى حدود العام 1967.
وأشارت «إسرائيل اليوم» إلى أن نتنياهو بعث برسالة تهديدية لسوريا عبر الفرنسيين مفادها أنه «اذا ما ضبطنا سوريا مرة اخرى تنقل السلاح لحزب الله، فسوف نرد». وكتبت أن نتنياهو استغل اللقاء مع الرئيس الفرنسي كي ينقل رسالة تهديد للسوريين، في اعقاب الامساك بسفينة الصواريخ التي عثر فيها على حد قول نتنياهو، «مكتشفات تثبت» دورهم في تسليح حزب الله.
في المقابل، دعا نتنياهو السوريين الى الشروع معه في مفاوضات سلمية قائلاً: «نحن نكرر موقفنا المعروف في أن وجهتنا نحو السلام من دون شروط مسبقة. الشعب في اسرائيل مستعد للسلام». وبحسب مصدر سياسي كبير، فقد اختيرت فرنسا كمكان مناسب لنقل رسالة التهديد للاسد كون باريس «لاعبا مركزيا في الشرق الاوسط، لها مواقع سيطرة في لبنان وفي سوريا، الامر الذي يسهّل عليها نقل مثل هذه الرسائل». اضافة الى ذلك، من المتوقع لساركوزي أن يسافر الاسبوع المقبل الى العربية السعودية والى مصر.
وأوضحت «إسرائيل اليوم» أن اسرائيل قلقة من التطورات السياسية في لبنان بعدما انضم حزب الله مؤخرا الى الحكومة في بيروت. وتخشى تل أبيب من ان يكون التداخل بين صعود قوة حزب الله والشرعية السلطوية التي يحظى بها، سيجعل لبنان بأسره مخزن سلاح هائل ويعظم تعاونه مع دول «محور الشر».
وكانت الصحف الإسرائيلية قد ركزت على أن الموضوع الأساس في مباحثات نتنياهو مع الرئيس الفرنسي كان المشروع النووي الإيراني. وقالت إن كل ما يتعلق بسوريا تمحور حول تصريحات نتنياهو باستعداده للتفاوض مع سوريا فورا ومن دون شروط مسبقة. وأكد معلقون إسرائيليون أن تصريحات نتنياهو هذه خلت تقريبا من أي شيء عملي أو جديد.
غير أن مراسلين إسرائليين شددوا على أن هذه التصريحات تنطوي على إشارة لسوريا خصوصا قبيل لقاء الرئيس السوري بشار الأسد مع الرئيس ساركوزي.
وكان وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك قد أعلن أن من الواجب «عدم الاستخفاف بالشارات التي تصل مؤخرا من دمشق حول استعداد سوريا للسلام. فالمخاطر من حولنا معروفة جيدا - إيران، حزب الله وحماس - ولكن السبيل الوحيد لمنعهم من رفع الرأس ومصارعتهم بكل الشدة يكمن في التمسك بفرصة التوصل إلى تسوية».
من جهتها، أشارت «هآرتس» إلى أن لقاء نتنياهو مع الرئيس الأميركي باراك اوباما، في البيت الابيض هذا الاسبوع كان في معظمه ثنائيا وتكرس أساسا للموضوع الفلسطيني. وكتب المراسل السياسي ألوف بن، أن نتنياهو طلب الجلوس مع اوباما على انفراد، في نهاية يوم العمل و «من دون جاكيتات»، في محاولة لخلق جو من الثقة والحوار. وخرج راضيا جدا على حد قول مساعديه. وروى بان الاجواء تذكره بلقائه الاول مع اوباما، قبل اكثر من سنتين. اوباما كان في حينه سيناتورا يتنافس في الانتخابات التمهيدية في الحزب الديموقراطي. فيما كان نتنياهو رئيس المعارضة في اسرائيل، وقد التقيا في غرفة جانبية في المطار في واشنطن.
في اللقاء الحالي، سعى نتنياهو الى اقناع اوباما بانه يريد ادارة مفاوضات جدية مع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس بهدف تحقيق اتفاق سلام. وحسب اقواله، محظور «الشطب المسبق» لعباس. «السادات أيضا شطبوه مسبقا»، قال نتنياهو لاوباما. «عباس في نهاية ولايته، وهو يفكر بما يمكن أن يخلفه لشعبه».
وطلب نتنياهو من اوباما ان يقنع عباس بالشروع في الاتصالات معه. وأبدى تفهما للازمة السياسية التي علق فيها عباس قبل بضعة اسابيع، حول تقرير غولدستون ـ عندما تنازلت السلطة تحت ضغط اسرائيلي وأميركي عن طرح الموضوع للبحث في الامم المتحدة وبعد ذلك تراجعت ـ ولكن برأيه وضع عباس تحسن منذ ذلك الحين. وقال نتنياهو إنّ «على الزعماء ان يقوموا بالامر السليم، وينبغي أن نرى اذا كان عباس زعيما كهذا».
وحذر نتنياهو في كلامه مع أوباما من أن «غياب مسيرة سياسية سيكون فتاكا بالنسبة للفلسطينيين وبالنسبة لنا ايضا، إذ هكذا ستتعزز حماس وهذا سيكون انتصارا لايران». وقال نتنياهو لاوباما ان تسوية مستقبلية مع الفلسطينيين ستكون مطالبة بان تقدم جوابا على تهديد ادخال وسائل قتالية متطورة الى الاراضي الفلسطينية. «فلا يحتمل أن تبقى اسرائيل مع ورقة وتتلقى المزيد من تهريب السلاح. يجب خلق ترتيبات امنية تعمل ادخال السلاح عبر الحدود».
حلمي موسى
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد