هل بايعت «طالبان» الباكستانية «داعش»؟

07-10-2014

هل بايعت «طالبان» الباكستانية «داعش»؟

أثار البيانان الصادران في باكستان لمناسبة عيد الأضحى، ضجة إعلامية، حيث وقعت وكالات عالمية ووسائل إعلام عربية، على ما يبدو في التباس شديد في فهمهما، إذ لا صحة لإعلان حركة «طالبان باكستان» ولاءها لتنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» ـ «داعش». كما أن عدم صحة البيعة أو الولاء لا يعني عدم وجود علاقات دعم بين «طالبان باكستان» وبين «الدولة الإسلامية» حيث سبق الكشف عن وجود مقاتلين من «طالبان باكستان» في صفوف «داعش» منذ أواخر العام الماضي.جنود من الجيش السوري يعاينون موقعاً كان يختبئ فيه مسلحون في حماه أمس الأول (رويترز)
وصدر في باكستان لمناسبة عيد الأضحى بيانان، الأول تسجيل صوتي لزعيم «جماعة الأحرار ـ طالبان باكستان»، والثاني بيان مكتوب للملا فضل الله زعيم حركة «طالبان باكستان»، وليس في هذين البيانين أي عبارة تشير من قريب أو بعيد إلى مبايعة أحدهما أو كلاهما لزعيم «داعش» أبي بكر البغدادي، علماً أن «جماعة الأحرار» بقيادة قاسم خراساني انشقت عن «حركة طالبان باكستان» في شهر آب الماضي لتكون ثاني جماعة تعلن انشقاقها عن الحركة بعد انشقاق «طالبان باكستان ـ محسود» قبلها بحوالي شهرين.
وبالنسبة إلى التسجيل الصوتي الصادر عن «جماعة الأحرار» كان واضحاً أن الغاية منه هي عرض قيادة الجماعة نفسها وسيطاً لحل الخلاف بين «جبهة النصرة» و«داعش» وليس الإعلان عن بيعة أو ولاء، حيث قال حرفياً وباللغة العربية «نحن كجماعة من المجاهدين نعرض عليكم الصلح، ولو تريدون الصلح فسيصلح الله بينكم.. نحن مستعدون لصلحكم وتحكيم شرع الله وسنة رسوله بينكم وجاهزون لنرسل لكم وفود الصلح من باكستان إلى العراق والشام».
وتأتي هذه المبادرة للوساطة بين الطرفين بعد أيام من فشل مبادرة شيوخ التيار السلفي الجهادي وعدم رد أي فصيل عليها لا بالسلب ولا بالإيجاب، الأمر الذي وأدها في مهدها رغم تمديد القائمين على المبادرة، وعلى رأسهم الشيخ الأردني أبو محمد المقدسي، مهلة الرد عليها عشرة أيام إضافية بعدما كانت تنتهي في يوم عرفة السبت الماضي.
أما البيان الصادر عن الملا فضل الله زعيم «طالبان باكستان» فهو الذي التبس على وكالات الأنباء ووقعت بخطأ في فهمه أو ترجمته، حيث تناقلته على أنه إعلان من الحركة لولائها ومبايعتها لتنظيم «الدولة الإسلامية» مؤكدة استعدادها لدعمه بالمقاتلين، بينما ليس في البيان ما يوحي أنه يتضمن مثل هذه المعاني أو أنه جاء في سياق الانحياز إلى طرف ضد طرف.
البيان صدر روتينياً عن أمير «طالبان باكستان» لتوجيه تهنئة إلى المسلمين لمناسبة عيد الأضحى وتجديد بعض المواقف التي تركزت على القضية الباكستانية والتي استغرقت معظم البيان المكون من حوالي ألف كلمة بينما اكتفي بالتطرق إلى الوضع في سوريا والعراق في خاتمته التي لا تتعدى 95 كلمة فقط، لكنها كانت كافية كي تتناقلها وكالات الأنباء على نطاق واسع مدّعية أنها تتضمن انقلاباً في موقف الحركة من تنظيم «الدولة الإسلامية».
وجاء في البيان «أيها الإخوة المجاهدون في العراق والشام... أنتم إخوتنا في الله، نفتخر بفتوحاتكم المباركة ضد الأعداء، وإننا معكم في اليسر والعسر، ونوصيكم بالصبر والاستقامة في هذه الأيام الشاقة»، وقد يكون الخطاب الموجه إلى «مجاهدي الشام والعراق» هو السبب الرئيسي للوقوع في الالتباس، إذ ربما ترجمه البعض أو فهم أن المقصود منه هو «الدولة الإسلامية في العراق أو الشام» ولكن العبارات اللاحقة كانت حاسمة في عدم صحة هذا الفهم، خصوصاً لجهة إشارة البيان إلى الخلافات الموجودة بين «الجهاديين»، وضرورة التوحد في مواجهة «التحالف» العالمي، فضلاً عن إشارته إلى تجنب الغلو والتكفير والتي فيها نصيحة مباشرة لتنظيم «داعش» المتهم بممارسة الغلو والتكفير، حيث قال: «وحدوا صفوفكم ولاسيما اليوم إذ اتحد عدوكم ضدكم، وانسوا الخلافات التي وقعت بينكم، وقاوموا الاتحاد العالمي الكفري».
وتابع «إن الأمة المسلمة تتوقع من المجاهدين في العراق والشام أكثر مما يقومون به، وكل من أنكر الطاغوت وقاتل في الله فهو أخونا المسلم، ينبغي أن يكرم ويبجّل؛ لذا يجب عليكم أن تحتاطوا في مسائل القتل والتكفير». ثم ختم بالقول «إننا معكم في هذه الظروف الشاقة ونساعدكم ما استطعنا إن شاء الله»، وهي العبارة التي فهم البعض منها أنها تعبير عن استعداد الحركة إرسال مقاتلين إلى سوريا للقتال في صفوف «داعش».
ولكن عدم صحة ما تناقلته وكالات الأنباء حول بيعة «طالبان باكستان» لـ«داعش» لا يعني عدم وجود علاقات دعم متبادلة بين الطرفين، بل إن هذا الدعم قديم ويعود إلى العام الماضي. حيث كشفنا في تقرير بتاريخ 3/12/2013 عن مقتل «الجهادي» عدنان خان واسمه الحقيقي ثقلين سوات باكستاني الجنسية وهو من أعضاء «طالبان باكستان» وقتل في «غزوة الفتح» التي أعلنها آنذاك تنظيم «داعش» في حي الشيخ سعيد في حلب.
وأشارت نقلاً عن تغريدات الإعلامي في الحركة أبو مصعب الباكستاني، إلى أن «البغدادي بعث، في أيار الماضي (2013)، رسالة إلى زعيم «طالبان باكستان» الراحل الملا محسود اقترح عليه فيها الانضمام إلى ما أسماه «الجهاد العالمي» في الشام، لأن «الهدف مشترك بينهما وهو محاربة طواغيت الكفر وإقامة الخلافة الإسلامية»، وأن «حكيم الله محسود لبّى طلب البغدادي، وأصدر أوامره إلى جميع الكتائب في المقاطعات القبلية السبع لتجنيد المقاتلين إلى الشام». وأنه «بالفعل وصلت الدفعة الأولى من هؤلاء المقاتلين، والتي قدر عددها بحوالي 150 عنصراً، من دون أن ترد معلومات مؤكدة عن وصول دفعات جديدة، ولكن بقيت حالات الالتحاق الفردية مستمرة». وفي نفس السياق تقارير إعلامية أخرى قد أشارت في منتصف العام الماضي إلى أن «طالبان باكستان» أقامت مقراً لها في سوريا بهدف «تقييم متطلبات الجهاد» وأن «12 خبيراً في الحروب ذهبوا من باكستان إلى سوريا».

عبد الله سليمان علي

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...