هل تنجح الحملة الدولية في إخراج سورية من منظمة اليونيسكو
الجمل: تقول المعلومات الجارية بأن ملف الحدث الاحتجاجي السياسي السوري سوف يصبح موضوعاً لمواجهة نوعية جيدة، وفي هذا الخصوص تحدثت التسريبات بأن خصوم سوريا الدوليين والإقليميين قد بدؤوا نوعاً جديداً من التحركات لجهة استهداف عضوية دمشق في المنظمات الدولية والإقليمية: فما هي حقيقة التحركات النوعية الجديدة الجارية، وإلى أي مدى سوف تؤدي هذه التحركات إلى استخدام الملف السوري في إشعال مواجهات دبلوماسية دولية وإقليمية؟
* التحركات الدبلوماسية الدولية والإقليمية الجديدة: توصيف المعلومات الجارية
شهد شهر تشرين الثاني (نوفمبر) 2011 الماضي، قيام الهيئة التنفيذية لمنظمة الأمم المتحدة للثقافة والعلوم والتربية (اليونيسكو) باختيار سوريا لعضوية لجنة اليونيسكو المعنية بشؤون النظر في قضايا حقوق الإنسان، وتمت عملية الاختيار بشكل عادي روتيني على أساس اعتبارات أن سوريا هي العضو رقم 58 في هيئة اليونيسكو التنفيذية، ولكن، وبعد ذلك بفترة قصيرة، بدأت تظهر التحركات الدبلوماسية الإقليمية والدولية المعادية لدمشق، وفي هذا الخصوص نشير إلى الآتي:
• ظهور بعض الأصوات التي ارتفعت لجهة مطالبة اليونيسكو بإدانة سوريا.
• بروز بعض الأطراف الدولية والإقليمية لجهة المطالبة بطرد سوريا من عضوية لجنة اليونيسكو المعنية بحقوق الإنسان.
• تشكيل مجموعة ضمت 55 برلمانياً وجماعة دينية وناشطين في منظمات حقوق الإنسان قامت بتقديم طلب للدول الأعضاء في هيئة اليونيسكو التنفيذية لجهة المطالبة بإلغاء قرار عضوية سوريا في لجنة اليونيسكو المعنية بحقوق الإنسان.
• قيام ياسمين هاينبيكر السفيرة الكندية في اليونيسكو بتقديم خطاب تم التوقيع عليه بواسطة 13 دولة عضو في هيئة اليونيسكو التنفيذية لجهة المطالبة بإلغاء عضوية سوريا في اللجنة المعنية بحقوق الإنسان، وتقول التسريبات بأن خطاب السفيرة ياسمين قد تم تسليمه في يوم 14 كانون الأول (ديسمبر) 2011 الماضي لرئيس هيئة اليونيسكو التنفيذية.
هذا، وتقول المعلومات والتسريبات بأن نطاق حملة استهداف سوريا داخل اليونيسكو قد تزايد بحيث وصل العدد إلى 25 دولة (قطر، الكويت، الإمارات، جيبوتي، شيلي، كوريا الجنوبية، اليابان، أمريكا، فرنسا، بريطانيا، ألمانيا، إيطاليا، النمسا، كندا، إسبانيا، البرتغال، إضافة إلى تسعة دول أخرى)، وإضافة لذلك من المتوقع أن يشهد انعقاد جولة اجتماع اليونيسكو القادم خلال الفترة من 27 شباط (فبراير) إلى 10 آذار (مارس) 2012 القادم نقاشاً ساخناً بسبب وضعية عضوية سوريا في لجنة اليونيسكو المعنية بحقوق الإنسان، وفي هذا الخصوص تقول التسريبات بأن مصدر الخلافات سوف يتمثل في الآتي:
• لا توجد سابقة تؤيد إصدار قرار بإلغاء عضوية الدول في لجنة اليونيسكو.
• النظام الأساسي لليونيسكو لا يتضمن أي بند يشير إلى أي ترتيبات إجرائية أو تنفيذية لجهة التعامل مع عضوية الدول في اللجنة.
وتأسيساً على ذلك، من المتوقع أن يضغط خصوم سوريا الدوليين والإقليميين باتجاه أن يتم اتخاذ القرار، وبعدها يتم ترك الأمر للجنة التنفيذية لليونيسكو بحيث تقرر بحسب ما تراه صحيحاً، وفي هذا الخصوص تشير التسريبات إلى أن هناك احتمالات كبيرة بأن يتم إعطاء مقعد سوريا، إذا صدر القرار، إلى إحدى الدول الشرق أوسطية المعادية لدمشق، وذات العلاقات والروابط الوثيقة بمحور واشنطن ـ تل أبيب.
* ماذا تخفي كواليس الصراع الدبلوماسي حول سوريا؟
على أساس الاعتبارات والتقاليد الدبلوماسية المتعارف عليها، فإن المسرح الدبلوماسي الدولي هو مجال مفتوح لكافة الأطراف الدولية الحكومية وغير الحكومية لجهة القيام بالمساعي الهادفة لتعظيم المنافع وتقليل المخاطر، ولكن، وعلى خلفية الأوضاع الدولية غير المتوازنة الجارية حالياً، فقد أصبحت هذه المساعي تهدف حصراً لجهة تعظيم المخاطر بغية استهداف الآخر، وفي هذا الجانب تجدر الإشارة إلى أن التوقعات الأكثر احتمالاً تشير إلى أن ملف الحدث الاحتجاجي السوري المحدود الحجم داخلياً، سوف يصبح غير محدود الحجم خارجياً، وحالياً من الواضح أن حملة استهداف سوريا أصبحت أكثر تعدداً وتنوعاً لجهة الأدوات المستخدمة والتي منها على سبيل المثال لا الحصر:
• الأدوات الدبلوماسية: وتركز على استهداف المنشآت الدبلوماسية الخارجية، وقد بدأت بقيام المجلس الانتقالي الليبي الحاكم باستهداف البعثة الدبلوماسية السورية.
• الأدوات الاقتصادية: وتركز على استخدام العقوبات الاقتصادية والتجارية التي بدأت بواسطة خصوم سوريا الأوروبيين والأمريكيين وبعض الأطراف العربية والشرق أوسطية.
• الأدوات العسكرية: ولم تظهر بشكل واضح حتى الآن، ولكن من المتوقع أن يسعى خصوم سوريا لجهة استخدامها متى ما توفرت الفرص السانحة لذلك.
• الأدوات المخابراتية: تنخرط حالياً أجهزة المخابرات الأمريكية والفرنسية والبريطانية والتركية والإيطالية والسعودية والقطرية والأردنية وغيرها لجهة القيام بالتعاون في جمع وتبادل المعلومات حول الملف السوري.
• الأدوات الإعلامية: تنخرط العديد من القنوات الفضائية العربية والأوروبية الغربية والأمريكية وغيرها لجهة القيام بعمليات التسويق الدعائي وممارسة العنف الإعلامي الرمزي السلبي ضد سوريا.
• الأدوات العلمية: تنخرط العديد من مراكز الدراسات السياسية والاستراتيجية الأمريكية والأوروبية الغربية (باستثناء مركز الدراسات العربية لأن العرب لم يعرفوا هذا النوع من الوسائل) لجهة القيام بإعداد الدراسات والأوراق البحثية السياسية الاستراتيجية التي تسعى لجهة معالجة كيفية التغلب على الصعوبات المتعلقة باستهداف سوريا.
تأسيساً على ما سبق، تقول التوقعات، بأنه حتى لو انتهت ظاهرة الحدث الاحتجاجي السياسي السوري على المستوى الداخلي، فإن ظاهرة الاستهداف الخارجي سوف تستمر وتتزايد طالما أن دمشق سوف تظل أكثر تمسكاً بدعم محور المقاومة، والتمسك بملف الحقوق العربية العادلة المشروعة، وإضافة لذلك فقد حملت التقارير الإسرائيلية الصادرة صباح اليوم معلومات تقول بأن رئيس الأركان الإسرائيلي السابق غابي أشكينازي قد أعلن صراحة بأنه من الأفضل للإسرائيليين العمل من أجل الدفع باتجاه إطالة أمر أزمة الملف السوري.. ونفس الشيء أشار إليه الجنرال عاموس يالدين رئيس المخابرات العسكرية الإسرائيلية السابق في محاضرته التي قدمها في معهد دراسات الأمن القومي التابع لجامعة تل أبيب عندما قال بضرورة أن تعمل إسرائيل من أجل استمرارية شرارة الحدث الاحتجاجي السوري.. وتعزيز فعاليات الضغوط الخارجية على دمشق، ونلاحظ هنا أن المطلوب إسرائيلياً هو استدامة الاضطرابات والضغوط.. وليس إنهاءها لصالح أحد الأطراف.. وذلك لأن الاستمرار والاستدامة يفيدان لجهة أن المطلوب هو إضعاف القدرات السورية..
الجمل ـ قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد