واشنطن تمتنع عن مطالبة إسرائيل بوقف المشروع الاستيطاني

11-03-2010

واشنطن تمتنع عن مطالبة إسرائيل بوقف المشروع الاستيطاني

أحجمت الولايات المتحدة عن مطالبة إسرائيل بوقف نشاطاتها الاستيطانية في القدس الشرقية والضفة الغربية، متجاهلة بذلك الدعوات العربية لوقف قرارات الإستيطان الأخيرة، واكتفت بالسعي إلى احتواء تداعيات قرار إسرائيل بناء 1600 وحدة سكنية جديدة في القدس، على المفاوضات غير المباشرة التي اقترحتها واشنطن وتعمل لعقدها، حيث جدد نائب الرئيس الأميركي جو بايدن، أمس، إدانته لهذه الخطوة على مسمع الرئيس الفلسطيني محمود عباس، من دون ان يدعو الجانب الاسرائيلي الى التراجع عنها، فيما ذكرت مصادر فلسطينية أنّ المبعوث الأميركي الخاص إلى الشرق الأوسط جورج ميتشل اتصل بعباس في محاولة لـ«إنقاذ المفاوضات»، بعد تلويح دول عربية بسحب التفويض الذي منحته لجنة المتابعة العربية للسلطة الفلسطينية لاستئناف المفاوضات مع إسرائيل. /عباس خلال استقباله بايدن في رام الله أمس
وقال بايدن، عقب لقائه عباس في رام الله، أنه «يتعين على الطرفين (الفلسطيني والإسرائيلي) تهيئة مناخ يدعم المفاوضات ولا يعقّدها»، مكرراً أنّ «القرار الذي اتخذته الحكومة الإسرائيلية أمس (الأول) بالمضي قدما بخطط بناء وحدات سكنية جديدة في القدس الشرقية يقوّض الثقة التي نحتاجها الآن من أجل بدء مفاوضات مثمرة».
وذكر بايدن أنّ الإدارة الأميركية «ملتزمة بشكل كامل بإقامة دولة فلسطينية مستقلة وقابلة للحياة ومتواصلة (جغرافياً)». وأضاف: «على الجميع أن يعلم أنّ لا خيار آخر قابلا للتطبيق سوى خيار الدولتين، الذي يجب أن يكون جزءاً لا يتجزأ من أي خطة سلام شاملة»، معتبراً أنّ «ذلك لا يصب في مصلحة الفلسطينيين والإسرائيليين فحسب، وإنما في مصلحة الولايات المتحدة أيضاً».
ورأى بايدن أنّ «الخلافات بين الإسرائيليين والفلسطينيين يمكن حلها فقط من خلال المفاوضات»، مشيراً إلى أنّ «المفاوضات غير المباشرة التي أطلقناها يجب ان تقود إلى مفاوضات مباشرة للتوصل إلى اتفاق حول قضايا الوضع الدائم، التي تشمل الحدود والأمن واللاجئين والقدس».

من جهته، حذر عباس من أنّ القرارات الإسرائيلية الأخيرة تشكل «نسفاً للثقة، وضربة قاسمة للجهد الذي بذل خلال الأشهر الماضية لإطلاق المفاوضات غير المباشرة». وأضاف: «لقد اتخذ قرار بالموافقة على هذه المفاوضات بصعوبة بالغة في لجنة المتابعة العربية والهيئات القيادية الفلسطينية تأييداً لرغبتنا في دعم الجهود الأميركية، لكن الممارسات الاستيطانية الإسرائيلية، وخاصة في القدس تهدد هذه المفاوضات... لذلك فإنّ عليهم أن يتوقفوا»، موضحاً أنه «تم إبلاغ نائب الرئيس الأميركي بهذا الموقف».
وشدد على أنّ «الوقت قد حان لصناعة السلام على أساس حل الدولتين، دولة إسرائيل تعيش بأمن وسلام إلى جانب فلسطين على حدود الرابع من حزيران 1967 وعاصمتها القدس الشرقية»، داعياً إسرائيل إلى «عدم إضاعة فرصة السلام والكف عن الاستمرار بالبناء الاستيطاني، والكف عن فرض الحقائق على الأرض، وإعطاء جهود إدارة الرئيس (باراك) أوباما، والسيناتو جورج ميتشل الفرصة المناسبة للنجاح».
إلى ذلك، نقلت وكالة «فرانس برس» عن مسؤول فلسطيني قوله إنّ ميتشل أجرى مساء أمس الأول اتصالا هاتفيا بعباس «لإنقاذ المفاوضات»، فيما أشار أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ياسر عبد ربه إلى أن دولا عربية أبلغت الإدارة الأميركية بأن قرار لجنة المتابعة العربية بشأن المفاوضات غير المباشرة لم يعد قائما.
وفي القاهرة، عقدت لجنة متابعة مبادرة السلام العربية اجتماعا طارئا، مساء أمس في مقر الجامعة العربية على مستوى المندوبين الدائمين برئاسة مندوب دولة قطر السفير صالح عبد الله البوعينين، بناء على طلب السلطة الفلسطينية. وحذرت اللجنة من أن استمرار الحكومة الإسرائيلية في سياسة الاستيطان ستجهض كل محاولات السلام، وستحكم بالفشل المسبق على الجهود الأميركية الرامية إلى استئناف المفاوضات.
وشددت اللجنة على ضرورة التوصل إلى آليات جديدة لتفعيل مبادرة السلام العربية، والتحرك على نحو أكثر فاعلية تجاه المجتمع الدولي لتوضيح خطورة استمرار النهج الإسرائيلي في التلاعب بعملية السلام، واستمرار فرض الأمر الواقع على الأراضي الفلسطينية.
وكان رئيس الوزراء القطري الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني اعتبر، خلال مؤتمر صحافي مع الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى في الدوحة، أنّ القرار الإسرائيلي يأتي «بمثابة رد على القرار الايجابي للجنة الوزارية العربية لمتابعة مبادرة السلام العربية». وأضاف أنه «منذ البداية كان لدينا شك في جدية إسرائيل في عملية السلام... لكن المجموعة العربية أرادت ان تعطي فرصة للوسيط الأميركي الذي رأت أنه متحمس للقيام بالعملية، وهو الذي طلب ان نعطيه فرصة».
وأضاف الشيخ حمد أنه «على هذا الأساس وافقنا على بداية المباحثات رغم اقتناعنا التام أن هذه العملية ليست ذات جدوى بسبب الممارسات الاسرائيلية المستمرة»، مشيرًا الى»أن السنوات العشرين الماضية اعطتنا خبرة طويلة في ارتفاع الامال وهبوطها». وشدد على أنه «سيكون هناك رد عربي واضح ان لم يقم الوسيط الأميركي وتقوم اسرائيل بمراجعة الموقف».
من جهته، قال موسى إنّ «ما بدر من إسرائيل شكل إهانة موجهة لكل العرب»، فيما أعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية أنّ القاهرة «تجري اتصالات عاجلة مع المسؤولين في الجانب الأميركي لإحاطتهم برفض مصر القاطع لهذه الخطوات الإسرائيلية، بغض النظر عن الطرف الإسرائيلي الذي سمح باتخاذها».
وأصدرت وزارة الخارجية المغربية بيانا نددت فيه بـ«هذا المشروع الاستيطاني الذي يتعارض مطلقا مع الشرعية الدولية»، ورأت فيه «محاولة مرفوضة لاستبعاد ملف القدس المصيري عن مفاوضات الحل النهائي»، فيما أعرب وزير الإعلام الأردني نبيل الشريف عن «رفض الأردن لهذا القرار الاستفزازي».
واعتبرت الحكومة الألمانية أنّ هذا القرار «غير مقبول في ظل الإعلان مؤخرا عن استئناف عملية السلام»، فيما وصفته وزارة الخارجية الفرنسية بأنه «غير شرعي» و«غير مناسب»، بينما أشار وزير الخارجية البريطاني ديفيد ميليباند إلى أنّ الخطوة الإسرائيلية «قرار سيء في وقت سيء»، معتبرا أنها تعزز موقف الذين يتهمون إسرائيل بأنها لا ترغب في السلام.
وفي نيويورك قال الأمين العام بان كي مون إنّ «المستوطنات غير شرعية بموجب القانون الدولي»، مشيراً إلى أنّ «أنشطة الاستيطان تخالف التزامات إسرائيل بموجب خريطة الطريق وتنسف أي تحركات نحو عملية سلام قابلة للاستمرار»، فيما دعا الاتحاد الأوروبي السلطات الإسرائيلية إلى «التقيد بكل التزاماتها وواجباتها إزاء عملية السلام والامتناع عن أي قرار أو عمل من طرف واحد يمكن ان يؤثر على المفاوضات حول الوضع النهائي».
وفي غزة، اعتبر رئيس الحكومة الفلسطينية المقالة إسماعيل هنية أن قرار لجنة المبادرة العربية بالموافقة على استئناف المفاوضات مع إسرائيل شجع الأخيرة على المضي في تصعيد حملاتها الاستيطانية، داعياً العرب والفلسطينيين إلى الاستفادة من التجربة والامتناع عن «الهرولة التفاوضية» مع إسرائيل.

المصدر: وكالات

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...