دور قطر التخريبي في سوريا يثير غضب إيران

الجمل- كافيه آفراسيابي- ترجمة:د . مالك سلمان:

في تطور من المؤكد أنه سيؤجج غضب إيران تجاه دولة قطر النفطية الصغيرة, أعلن أحمد معاذ الخطيب – رئيس الائتلاف السوري المعارض – استقالته, مشيراً إلى محاولات قطر وحكومات أخرى شراء الحركة و "السيطرة" عليها. وكان الخطيب قد التقى علي أكبر ولايتي, وزير الخارجية الإيراني, في ميونخ مؤخراً, كما أنه يؤيد الحوار مع دمشق.
لقيت استقالة الخطيب يوم الأحد, الناتجة عن رفضه لاختيار غسان هيتو – وهو أمريكي يعمل في مجال التكنولوجيا المتطورة – رئيسَ وزراء للحكومة الانتقالية ترحيباً من واشنطن التي تسعى إلى تنصيب حكومة دمية تمثل "سورية الحرة" في شمال سوريا في الأشهر القادمة دون أن يصطدم هذا المشروع بمعوق الحوار السياسي بين المعارضة السورية ودمشق والذي يفضله الخطيب ومبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا, لخضر الإبراهيمي. وتبعاً لمراسل في التلفزيون الفرنسي, كانت قطر تحاول فرض هيتو المدعوم من قبل الإخوان المسلمين.
على الرغم من أن قطر والمملكة السعودية شريكان صغيران في خطة العمل الأمريكية التي تهدف إلى تغيير النظام في سوريا, إلا أن دور قطر التخريبي لعملية المصالحة السياسية والوقف الفوري لمعاناة الشعب السوري في البلد الذي مزقته الحرب سوف يؤدي إلى تداعيات سلبية بالنسبة إلى العلاقات الإيرانية – القطرية التي لا تزال ودية. فإن استمرت قطر في اتباع هذا النموذج من التواطؤ مع المؤامرة الأمريكية على سوريا, يمكن لكافة العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية وحتى النفطية أن تواجه توتراً لم يتصوره قادة قطر في الدوحة.
يجب على الدوحة "أن تتوخى الحذر في الكيفية التي تلعب بها أوراقها في سوريا لأن لصبر إيران حدوداً," تبعاً لبروفسور في العلوم السياسية في جامعة طهران الذي تحدث إلى كاتب هذه المقالة شريطة عدم ذكر اسمه. وفي الحقيقة, هناك شعور متنام في طهران أن وراء جهود قطر الرامية إلى تغيير النظام في دمشق – والتي انعكست في تأسيس معارضة سورية أعيد تشكيلها في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي تحت اسم "الائتلاف الوطني" – ليس هناك, ببساطة, تعاطف عروبي من أجل الحرية والديمقراطية في سوريا, بل شبكة معقدة من الاعتبارات السياسية والطائفية والإستراتيجية والاقتصادية (المتعلقة بالطاقة) حتى.
وبخصوص الأخيرة, فمن شأن مأزق تتسبب به قطر في سوريا أن يؤثر على مصير مشروع خط الأنابيب الإيراني-العراقي-السوري الذي تم وصله في تموز/يوليو 2011 وتم تجميده منذ ذلك الوقت, نتيجة المشاكل المتنامية في سوريا. وتعارض حكومة الولايات المتحدة بقوة هذا المشروع وخط أنابيب إيران-باكستان, حيث فرضت عقوبات قاسية على قطاع الطاقة الإيراني. وفي ضوء اشتراكهما في حقل الطاقة في الخليج الفارسي, تتمتع إيران وقطر ترابطاً مع بعضهما البعض في مجال الطاقة يتمتع بالحساسية والتعقيد والتعاون, أحياناً, والتنافس, في أحيان أخرى.
على الرغم من أن كلا البلدين عضو في "منتدى البلدان المصدرة للغاز", فإن هذا لا يعني أن طهران والدوحة تشتركان في رؤاهما حول المسائل المتعلقة بالغاز. فعلى سبيل المثال, أعلن وزير النفط الإيراني مؤخراً أن "زمن الغاز الرخيص قد انتهى", ومع ذلك تشير الأنباء من قطر أنها تبيع الغاز لباكستان وعدد من "الأسواق الناشئة" الآسيوية بأسعار مخفضة. وتبعاً للصحيفة القطرية "بيننسولا", رفعت قطر صادراتها من الغاز في 2012 وقد "أفادت من بيع الغاز بقيم تعاقدية طويلة المدى ملحقة بأسعار النفط الخام."

التنافس القطري – الإيراني
قال البروفسور الإيراني: "على قطر أن تتوقف عن تعقيد الدبلوماسية الإيرانية الإقليمية, لأنها إن لم تفعل ذلك فعاجلاً أم آجلاً سيتشكل إجماع عام في إيران مفاده أن الدوحة تستغل العقوبات على إيران وغياب الأمان بخصوص خط الأنابيب الممتد من إيران إلى سوريا."
هناك سلفاً انزعاج في إيران من أن الدوحة على وشك أن تنهي تعليقها للإنماءات في المناطق البعيدة عن شواطئها في "ساوث بارز/نورث فيلد" السنة القادمة لتسرع بذلك استغلالها لحقل الطاقة المشترك مما يضر بمصالح إيران, وخاصة أن الإيرانيين المحاصرين يحتاجون إلى استثمار أدنى بقيمة 50 مليار دولاراً لتحديث عمليات الاستخراج من الجهة المقابلة لهم من الحقل, كما جاء في تصريح وزير النفط الإيراني رستم قاسمي.
"من المحتمل أن تقوم إيران باستخراج نفس كمية الغاز الطبيعي من حقل غاز ‘ساوث بارز’ التس ستستخرجها قطر مع حلول آذار/مارس 2014 إذا تم تأمين الميزانية اللازمة المقدرة ﺑ 53 مليار دولاراً," كما نقلت "وكالة أنباء مهر" شبه الرسمية عن قاسمي في أيلول/سبتمبر 2012. لكن هذه "إذا" كبيرة إذا أخذنا بعين الاعتبار الميزانية القليلة المتأثرة بالعقوبات التي تعاني منها الحكومة الإيرانية في هذه الأيام.
إذا استبعدنا احتمال انفراج في المفاوضات النووية ورفع العقوبات الغربية عن قطاع الطاقة الإيراني, يمكن لنتيجة رئيسية أن تظهر في تأزم الجانب التنافسي في العلاقات الإيرانية-القطرية, وخاصة إذا قامت دول مثل الصين والهند, في نهاية المطاف, بتقليص اعتمادها في الطاقة على إيران والاتجاه نحو قطر ودول "مجلس التعاون الخليجي" الأخرى للتعويض عن خسارة الطاقة الإيرانية. وهذا يحدث سلفاً إلى درجة ما, في ضوء الاتفاقية الأخيرة بين قطر و شركة "بتروتشاينا", التي حصلت على 40% من حقوق الاستكشاف والإنتاج في منطقة محاذية ﻠ " ساوث بارز/نورث فيلد" المشترك.
على الرغم من اهتمام إيران الشديد مؤخراً بتطوير "ساوث بارز", لأن الشركات الأجنبية قلصت من نشاطها التجاري في قطاع الطاقة الإيراني, فمن المرجح أن تبعد قطر نفسها أكثر عن إيران في عمليات استخراج النفط والغاز من الحقل المشترك (والذي يشكل كياناً متجانساً). وفي الوقت الحاضر, تستخرج قطر حوالي 450,000 برميلاً في اليوم من الحقول النفطية المشتركة مع إيران, بينما لا تستخرج إيران شيئاً. وهناك شائعات في إيران بأن "الإنتاج القطري المتصاعد من الحقل يفوق إنتاج إيران بعدة أضعاف وقد أعطى قاسمي نسبة 9 إلى 1 لاستغلال الدول الأخرى للحقول المشتركة," كما يقول البروفسور الإيراني.
من الممكن أن تكون هناك مبالغة في هذه الشائعات, ولكن بسبب الانزعاج الإيراني المتزايد في المناخ الحالي من دور قطر في المنطقة يمكن لمثل هذه الشائعات أن تؤثر معالجة الحكومة للعلاقات الحساسة مع قطر التي لعبت دورَ الوسيط بين طهران وواشنطن في السابق. إن الدوحة, التي تستضيف "القيادة المركزية" الأمريكية, تقع ضمن الحسابات العسكرية لرد إيراني على أي هجوم أمريكي على منشآتها النووية, إذا أخذنا بالحسبان إستراتيجية إيران المضادة في "الردع الموسع".
في أسوأ سيناريو, وفي حال سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد على يد المعارضة المدعومة من الولايات المتحدة/مجلس التعاون الخليجي واستمرار العقوبات القاسية التي تهدف إلى إضعاف إيران, من الممكن أن تطلب إيران من قطر فرضَ قيود ذاتية كبيرة على استغلالها للحقل المشترك. فلا إيران ولا الدوحة ترغبان في تدهور العلاقات بين البلدين, ومع ذلك يمكن لطهران أن تستنتج قريباً أن مثل ردود الفعل القاسية هذه يمكن أن تكون الطريقة الوحيدة لمنع قطر من الاستمرار في لعب دورها التخريبي المدمر تجاه سوريا.

("إيشا تايمز", 25 آذار/مارس 2013)

الجمل: قسم الترجمة