أول سفير مصري في تل أبيب: زيارة السادات للقدس فشلت
يروي سعد مرتضى، أول سفير مصري في تل أبيب، في كتاب أصدره حديثا، نظرته للانقسام بين اليهود الشرقيين والغربيين، موضحا ان الإسرائيليين يلقنون أبناءهم ان الأردن هو دولة الفلسطينيين. ويرى مرتضى ان رئيس الوزراء الإسرائيلي الراحل مناحيم بيغن كان يعتبر نفسه «صاحب رسالة شبه سماوية»، فيما يصف رئيس الوزراء السابق ارييل شارون بأنه «شخصية عدوانية طموحة مثل الجراد»، مضيفا ان محاولة الرئيس السابق انور السادات كسر الحاجز النفسي بزيارته المفاجئة الى القدس المحتلة، اظهرت فشلها الآن.
يرصد مرتضى، في كتابه «مهمتي في إسرائيل... مذكرات أول سفير مصري في تل أبيب» الصادر عن «دار الشروق» في القاهرة، من خلال تجربته «الفريدة والمثيرة» التي استمرت 31 شهرا في الدولة العبرية، كيف «يسيطر الأشكيناز (اليهود الغربيون) على الحكم» ما يدفع السفارديم (اليهود الشرقيين) إلى عدم التفاعل الكامل مع المجتمع الإسرائيلي.
ويذكر مرتضى ما قاله له أحد اليهود المغاربة «الذين يستوطنون أوروبا الآن. صارحني بأنه يسعده كثيرا أن يلتقي بصديق عربي آت من المغرب، لأن ما بينهما من تفاهم وخلفية مشتركة، قد يزيد على ما يوجد من روابط مشتركة بينه وبين زائر أشكينازي من إسرائيل. وهناك أيضا فئة من اليهود المتدينين تعرف باسم ناطوري كارتا، تعيش في إسرائيل ولا تعترف بدولتها، ويرفضون الصهيوينة»، مضيفا ان نحو 80 في المئة من شعب إسرائيل اليهودي، لا يتمسكون بتقاليد الدين اليهودي.
ويقول إن إسرائيل «تستغل المخاوف الأمنية، فيبالغ حكامها وخاصة إذا كانوا من الصقور مثل الليكود، في تصوير الأخطار التي يتعرض لها شعب إسرائيل ويستخدمونها أحيانا لستر الأطماع التوسعية... يعلمون الجيل الجديد في إسرائيل أن الضفة الغربية وقطاع غزة هما ضمن حدود إسرائيل التاريخية، أما دولة الفلسطينيين فهي الأردن بحسب ادعاءاتهم».
وكان المؤلف سفيرا لمصر في المغرب، حين فوجئ «كما فوجئ العالم» بزيارة أنور السادات لإسرائيل في 19 تشرين الثاني .1977 ويشير الى أن معظم المثقفين المصريين رفضوا مبادرة السادات ورأوا فيها «إهدارا لمكاسب حرب أكتوبر (تشرين الأول 1973). وكان هذا التيار الرافض يضم معظم دوائر وزارة الخارجية المصرية» حيث استقال إسماعيل فهمي الذي كان يشغل منصب نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية، ورفض السفر مع السادات إلى القدس، ثم استقال وزير الدولة للشؤون الخارجية محمد رياض الذي اعتذر بدوره عن عدم مرافقة الرئيس الراحل في زيارته للقدس». وخلال محادثات كامب ديفيد، لم يوافق وزير الخارجية محمد إبراهيم كامل على مشروع الاتفاق وقدم استقالته. ويسجل مرتضى ايضا «استياء قادة الدول العربية من انفراد مصر باتخاذ قرار السلام مع إسرائيل».
ويصف مرتضى مهمته الدبلوماسية «غير العادية»، التي بدأت في شباط 1980 وانتهت بعد غزو إسرائيل للبنان في العام ,1982 بأنها «لم تكتمل. تحققت بعض مظاهر وأهداف السلام بين مصر وإسرائيل، وتعثرت الآمال والأهداف الأخرى» الخاصة بحقوق الفلسطينيين، مضيفا أن «ميدان العمل الدبلوماسي والسياسي والعسكري» لا يزال مفتوحا أمام الشعوب والدول العربية الأخرى.
ويرى أن القطيعة بين العرب وإسرائيل «نتيجة الصراع بينهما»، ساعد على إسدال كثير من الغموض عن إسرائيل من الداخل، ومن ذلك مثلا أن «نحو 20 في المئة فقط من اليهود هناك هم الذين يتمسكون بكل تعاليم الدين اليهودي».
ويخصص المؤلف فصلا عن شخصيات إسرائيلية عرفها عن قرب، مثل بيغن ذي «الاتجاهات الفكرية المتطرفة والآراء المتعصبة» التي جعلت السفير المصري يعتقد أن بيغن «يعتبر نفسه صاحب رسالة شبه سماوية يلتزم بأدائها، ويؤمن بأن رسالته هي إعادة بناء مملكة إسرائيل».
كما يرى أن شارون «شخصية عدوانية طموحة مثل الجراد، لا يتردد في اكتساح أي صعوبة يمكن أن تقف في سبيله». وبرغم ذلك أو ربما بسبب ذلك، فإنه يتمتع بتأييد «المتطرفين» في إسرائيل.
ويوضح مرتضى أنه لم يشعر، خلال وجوده في إسرائيل، بتفوق «المخ اليهودي»، ويعزو التفوق التكنولوجي إلى خبرة ومهارات المهاجرين الأوروبيين والأميركيين إلى إسرائيل. ويقول ان ذلك «يجب ألا يخيف العرب. أما الحاجز النفسي الذي حاول الرئيس السادات تحطيمه بعد زيارة القدس، فمن الواضح أن الواقع العربي الآن يشهد بفشل هذه المحاولة».
المصدر: رويترز
إضافة تعليق جديد