إرهابيون عراقيون وسعوديون يديرون مدينة الرقة

20-06-2014

إرهابيون عراقيون وسعوديون يديرون مدينة الرقة

يتولى قادة متشددون وشيوخ عراقيون وسعوديون في تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام" (داعش) الإدارة الكاملة لمدينة الرقة بشمال سوريا، معقل التنظيم و"عاصمة دولته" التي يسعى لإقامتها في سوريا والعراق.
ويحكم "داعش"، الذي سيطر على مناطق واسعة في شمال العراق خلال الأيام الماضية، الرقة بيد من حديد، ويفرض فيها قوانينه المتشددة وتطبيقه الصارم للشريعة الإسلامية، وغالباً ما ينفذ عمليات خطف وإعدامات واعتقالات واسعة.
وعلى رأس التنظيم في الرقة، يتولى المسؤولية قادة وشيوخ من أصول عراقية وسعودية وتونسية، فيما يتولى عناصر مصريون وأوروبيون وشيشانيون وسوريون المراتب الأدنى.
ويقول عمر الهويدي، وهو باحث سوري من الرقة، إن التنظيم "أقام في الرقة مكاتب متخصصة بكل شيء: الصحة، التعليم، الأمن، الإغاثة الإسلامية، إدارة العلاقات العشائرية، وحتى سفارة لولاية حلب".
وأضاف الهويدي، الذي غادر إلى تركيا بفعل ممارسات التنظيم، "حينما وصل الجهاديون في بادئ الأمر إلى محافظة الرقة في العام 2012، لم يتجاوز عددهم العشرة أو الخمسة عشر شخصا. حاليا، يسيطر الدولة الإسلامية على كل أوجه الحياة في الرقة".
ويستمد "داعش" جذوره من "دولة العراق الإسلامية" بزعامة أبو بكر البغدادي، الذي أعلن في العام 2013 إنشاء "داعش" عبر دمج تنظيمه مع "جبهة النصرة" التي كانت تقاتل ضد النظام السوري، إلا أن "النصرة" تبرأت من الدمج وبايعت زعيم تنظيم "القاعدة" أيمن الظواهري، الذي دعا بدوره كلاً من التنظيمين إلى القتال في ميدانه، مؤكدا أن "النصرة" هي الفرع السوري لتنظيم "القاعدة".
ويقول الهويدي إن الفارق بين التنظيمين "هو أن النصرة ترجئ تطبيق الحدود الشرعية (القوانين) إلى ما بعد سقوط النظام السوري، في حين أن داعش شرع في ذلك"، في إشارة إلى تنفيذ أحكام بقطع يد السارقين أو إعدام المتهمين بارتكاب جرائم قتل. ورأى أن السيطرة الميدانية تعد أساسية بالنسبة إلى "داعش" التي يرفع مؤيدها شعار "الدولة الإسلامية باقية وتتمدد".
وفيما يحافظ التنظيم على سرية هيكليته، بات الناشطون على دراية بطريقة عمله. ويتولى قيادة "الدولة الإسلامية" في الرقة "أمير" كنيته "أبو لقمان"، ويوصف بأنه شخص شديد الذكاء وبلا رحمة، وتحيط به مجموعة من غير السوريين، غالبيتهم عراقيون وسعوديون.
ويقول ناشطون إن هذه المجموعة هي صاحبة الكلمة الفصل في اتخاذ القرارات. ويوضح ناشط يقدم نفسه باسم أبو إبراهيم، أن كبار شيوخ "داعش" في الرقة هم عراقيون وسعوديون وتونسيون. ويضيف "يتبنون إيديولوجية تنظيم القاعدة ويروجون لها، ويؤمون صلاة الجمعة ويلقون خطباً تتطرق إلى قضايا دينية عامة، وراهنا عن سيطرة داعش على الموصل" ثاني كبرى مدن العراق. في المقابل، يتولى عناصر التنظيم إدارة "الشؤون اليومية" في المدينة.
ويشير ناشط، يقدم نفسه باسم مستعار هو هادي سلامة، إلى أن من بين قيادات التنظيم في الرقة عناصر من الجيش العراقي الذي حلته الولايات المتحدة اثر اجتياحها العراق في العام 2003. ويقول "تعتمد طريقة اختيار القيادات على عوامل عدة، منها إذا ما أمضوا وقتاً في سجون النظام السوري أو أنظمة عربية أخرى، أو الولايات المتحدة، أو في العراق أو معتقل غوانتانامو".
ويعتقد أن البغدادي درس الشريعة الإسلامية في مسقطه العراق، وأمضى أربعة أعوام في مركز احتجاز أميركي. ويقول أيمن جواد التميمي، وهو أستاذ جامعي وباحث في شؤون الحركات الإسلامية، إن ما يُعرف عن البغدادي قليل، وان "شح هذه المعلومات عنه عزز هالته الشخصية".
وتنتشر على موقع "يوتيوب" الأشرطة المصورة الدعائية للتنظيم، إضافة إلى أناشيد تتوجه إلى "المجاهدين" تدعوهم إلى "مبايعة" البغدادي. وانضم آلاف السوريين إلى صفوف "داعش" الذي يرون فيه تنظيماً شديد التنظيم، في مقابل "الجيش السوري الحر" الذي يعاني تضعضعاً في صفوفه. ويشكل التمويل والتسليح الذي يحظى بهما "داعش" عوامل جذب للمقاتلين.
وفي المعارك النادرة التي قاتل فيها "الدولة الإسلامية" إلى جانب مقاتلي المعارضة السورية، غنم مقاتلو التنظيم "الجهادي" كميات كبيرة من الأسلحة والذخيرة من القوات السورية، كما استولوا، في الأيام الماضية، على أسلحة متنوعة من المقارّ التي أخلاها الجنود العراقيون، ومنها عربات نقل أميركية الصنع، نقلوها عبر الحدود العراقية السورية إلى الرقة.
ويسيطر "الدولة الإسلامية" كذلك على حقول إستراتيجية للنفط والغاز في محافظة دير الزور في شرق سوريا، ويفرض نظام "الجزية" في المناطق التي يسيطر عليها. ويقول سلامة إن التنظيم "يسدد رواتب مقاتليه بالدولار الأميركي".
ويصف الناشطون الحياة في الرقة، في ظل حكم "الدولة الإسلامية"، بأنها "صعبة جدا"، لا سيما في ظل القوانين الصارمة التي تمنع الموسيقى والتدخين وغيرها من "الممارسات". ويوضح سلامة أن "المقاتلين الأجانب الذين يصابون في المعارك، يحظون بأولوية العلاج في المستشفيات. أما السوريون، وحتى الأطفال منهم، فيحظون بمعاملة من الدرجة الثانية".
ولا يملك سكان الرقة في الوقت الراهن سوى التأقلم مع سطوة "داعش". ويقول الهويدي "بايعت غالبية رموز العشائر وأفرادها الدولة الإسلامية بدافع الخوف أكثر من الاقتناع". ويضيف "أكره داعش، لكن علي أن أقر بأنهم منظمون تنظيماً مخيفاً، وأحترم هذا الأمر لديهم. عليك أن تحترم عدوّك لتعرف كيف تحاربه".


 (ا ف ب)

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...