اغتيال بينظير بوتو

27-12-2007

اغتيال بينظير بوتو

 لقيت رئيسة الوزراء الباكستانية السابقة بينظير بوتو لقيت مصرعها في مستشفى نقلت إليه بعد أن تمّ إطلاق النار عليها في أعقاب تفجير انتحاري استهدف موكبها الخميس، في مدينة روالبندي.

وقال المتحدث السابق باسم الحكومة الباكستانية طارق عظيم خان إنّ بوتو توفيت متأثرة بإصابتها بجروح.

وتضاربت الأنباء بشأن الظروف التي حفّت بإصابة بوتو، حيث تحدّثت تقارير عن كونها أصيبت بعد أن كانت قد غادرت مسرح الانفجار.

وفجّر انتحاري نفسه عندما كان يحاول اقتحام الموكب الذي ضمّ الآلاف من أنصار بوتو للاستماع لخطابها، وفقا للشرطة.

ورغم أنّ متحدثا باسم بوتو، أبلغ قبل ذلك أنّها بأمان بعد أن تمّ الابتعاد بها عن مكان الانفجار، إلا أنّ محطة GEO نقلت عن زوجها قوله إنّه تمّ نقلها على جناح السرعة لمستشفى بعد إصابتها بجروح وأنّها في حالة حرجة.

وقال عظيم خان إنّ بوتو كانت بصدد مغادرة الموكب عندما أصيبت.

ونقلت محطة GEO لاحقا أنّه تمّ إطلاق النار على رئيسة الوزراء السابقة عندما كانت تغادر الحشد بعد الانفجار.

وأظهرت صور الفيديو بوتو، مباشرة قبل الانفجار وهي بصدد امتطاء عربة مدرعة تحت حراسة مشدّدة فيما تغادر الموكب.

وقال خان، إنه وفيما يبدو أنّ بوتو كانت هدفا لعملية إطلاق نار، إلا أنّه ليس واضحا ما إذا كانت عملية إطلاق النار هي السبب في إصابتها أو بسبب شظايا الانفجار.

وفيما لم يعرف بعد عدد الجرحى إلا أنّ صور الفيديو أظهرت طابورا من سيارات الإسعاف وهي مصطفة لنقل العديد من المصابين إلى المستشفيات.

وجرى الهجوم بعد ساعات قليلة فقط من مقتل أربعة من أنصار رئيس الوزراء السابق نوّاز شريف، عندما فتح عليهم أعضاء من حزب سياسي آخر النار على مسيرة كانوا يشاركون فيها.

وقالت الشرطة الباكستانية إنّ الحادث وقع عندما بلغت المسيرة مكانا قريبا من مطار إسلام أباد.

وأضافت أنّ الحادث خلّف عددا آخر لم يحدّد بعد من أنصار شريف، فيما لم يتمّ تحديد هوية الحزب الذي كان أعضاء فيه وراء فتح إطلاق النار.

يأتي هذا الحادث فيما، احتدمت الحملات الانتخابية في باكستان مع خروج القادة السياسيين المعارضين إلى الشوارع للالتقاء مع ناخبيهم، وشنوا حملات ضد الرئيس برويز مشرف وحضوا الناخبين بالتوجه إلى صناديق الاقتراع من أجل التغيير.

وتعهد زعيما المعارضة ورئيسا الوزراء السابقان، اللذان كانا منفيين حتى وقت قريب،  بنظير بوتو ونواز شريف، العمل معاً على أمل زعزعة قبضة قائد الجيش السابقة على السلطة.

وفيما توجه شريف إلى محافظة السند، مسقط رأس بوتو، توجهت الأخيرة إلى البنجاب، مسقط رأس شريف.

فقد اتهم شريف، أمام نحو 30 ألف شخص في سوكور، بمحافظة السند، الرئيس الباكستاني أصبح يترأس دولة إسلامية ذات اقتصاد يسوء بشكل مستمر وأنه وراء اندلاع مواجهات عنيفة في البلاد.

يشار أن الانتخابات التشريعية في باكستان ستجري في الثامن من يناير/كانون الثاني المقبل، وتشكل خطوة مهمة على طريق إعادة الديمقراطية بعد نحو ستة أسابيع من فرض حالة الطوارئ في البلاد، والتي كانت قد رفعت في الخامس عشر من شهر ديسمبر/كانون الأول الجاري.

وسبق لموكب بوتو أن كان هدفا لتفجير انتحاري في أكتوبر/تشرين الأول، قتل 136 شخصا في كراشي في نفس اليوم الذي عادت فيه إلى البلاد من منفى اختياري استمر ثماني سنوات.

كما أن الانفجار الخميس ليس بنفس قوة الانفجار الأول الذي وقع في أكتوبر/تشرين الأول.

كما تأتي هجمات الخميس، بعد مضي أقلّ من أسبوعين على إلغاء حالة الطوارئ، تحت ضغط داخلي ودولي، من قبل الرئيس الباكستاني برويز مشرف، الذي اعتبرها، عند إعلانها، ضرورية لحماية بلاده من هجمات الإرهابيين.

 

بينظير بوتو: حياة سياسية حافلة

ارتبط اسم السياسية الشابة بنظير بوتو يوما ما بالتحديث والديمقراطية ، لكن هذا كله توارى ليصبح اسمها مرتبطا بالفساد والثروة الفاحشة.

انحدرت بوتو من سلالة سياسية شهيرة في باكستان، كانت النظير لعائلة نهرو غاندي في جارتها وغريمتها الهند.

احتل والد بينظير، ذو الفقار علي بوتو، منصب رئيس وزراء باكستان في أوائل السبعينات، فكانت حكومته إحدى الحكومات القلائل التي لم يرأسها عسكري في العقود الثلاثة التي أعقبت الاستقلال.

ولدت بنظير بوتو في إقليم السند عام 1953، وتلقت تعليمها في جامعتي أكسفورد ببريطانيا وهارفارد بالولايات المتحدة، واستمدت مصداقيتها كسياسية من تراث والدها.

عناد
وشغلت بينظير بوتو منصب رئيسة وزراء باكستان مرتين، ما بين عامي 1988 و1990، و ما بين عامي 1993و1996.

وفي الحالتين أقالها رئيس البلاد من منصبها بعد اتهامها بالفساد.

والإقالتان مجرد مرحلتين في حياة بوتو السياسية التي اجتاحتها العديد من حالات المد والجزر.

فقد كانت فور انتخابها لأول مرة ـ وفي قمة شعبيتها ـ إحدى أشهر القيادات النسائية في العالم.

وصورت نفسها ـ بشبابها وأناقتها ـ كالنقيض الحيوي للمؤسسة السياسية التي يهيمن عليها الرجال.

لكن بعد أن هوت من السلطة للمرة الثانية أصبح اسمها مرتبطا بالفساد وسوء الحكم.

تجلت صلابة وعناد بوتو أول ما تجلت لدى سجن الجنرال ضياء الحق لوالدها عام 1977 واتهامه بالقتل، وبعد عامين تم إعدام والدها.

وسجنت بوتو قبيل إعدام والدها، وقضت أغلبية السنوات الخمس من سجنها في حبس انفرادي، وقد وصفت تلك الفترة بشديدة القسوة.

أسست بوتو ـ خلال الفترات التي قضتها خارج السجن للعلاج ـ مكتبا لحزب الشعب الباكستاني في العاصمة البريطانية لندن، وبدأت حملة ضد الجنرال ضياء الحق.

عادت بينظير بوتو إلى باكستان عام 1986، وتجمعت في استقبالها حشود جماهيرية ضخمة.

وأصبحت رئيسة للوزراء بعد وفاة الجنرال ضياء الحق في انفجار طائرته عام 1988.

اتهامات بالفساد
أثار آصف زرداري زوج بينظير بوتو الكثير من الجدل خلال فترتي حكمها.

كان لزرداري دور رئيسي أثناء حكم بينظير بوتو، واتهمته حكومات باكستانية عديدة باختلاس ملايين الدولارات من الدولة، وهي تهم ينكرها وتنكرها زوجته.

كما اتهم بإيداع هذه الأموال في حسابات سرية في مصارف أوروبية متعددة.

ويجادل محللون بأن "طمع زوج بوتو" قد سارع في سقوطها.

غير أنه وبعد عشرة أعوام لم يتم بعد إثبات أي من نحو 18 تهمة بالفساد وارتكاب الجرائم أمام المحكمة على زرداري، وإن كان قد قضى 8 أعوام في السجن.

أطلق سراح زرداري عام 2004 بكفالة بعد اتهامات بأن التهم الموجهة إليه واهية، ولن تؤدي إلى إدانة.

وأنكرت بوتو بشدة الاتهامات الموجهة ضدها قائلة إن دوافعها سياسية.

وواجهت بوتو ـ حتى العفو عنها هذا الشهر ـ خمس اتهامات على الأقل بالفساد، لم تدن في أي منها.

لكنها أدينت عام 1999 بعدم المثول أمام المحكمة، إلا أن المحكمة العليا في باكستان نقضت هذا الحكم.

وظهرت بعيد إدانتها شرائط تسجيل عن محادثات بين قاض وعدد من كبار مساعدي رئيس الوزراء حينها "نواز شريف" تبين القاضي يتعرض لضغوط لإصدار حكم الإدانة.

غادرت بوتو باكستان في نفس العام ـ بعد إدانتها بوقت قصير ـ لتقيم في الخارج مع أولادها الثلاثة، فيما كان زوجها في السجن.

وظلت تلاحقها ـ حتى في الخارج ـ التساؤلات حول ثروتها وثروة زوجها.

وتقدمت بوتو باستئناف ضد إدانتها في المحاكم السويسرية بتنظيف الأموال.

في المنفى الاختياري
أقامت بوتو مع أولادها الثلاثة بعد خروجهم من باكستان في دبي بالإمارات العربية المتحدة، حيث انضم إليها زوجها بعد الإفراج عنه عام 2004.
وكانت بوتو دائمة التردد على العواصم الغربية، لإلقاء محاضرات في جامعات ومؤسسات فكرية وللقاء مسؤولين حكوميين.

ثقة الجيش منعدمة
ويقول مراقبون إن النظام العسكري الذي يحكم باكستان يرى في بينظير بوتو حليفا طبيعيا في محاولاته لعزل القوى الإسلامية والجماعات المسلحة التي ترعاها.

غير أنها كانت قد اعتذرت عن قبول عرض من الحكومة بترؤس حزبها حكومة الوحدة الوطنية بعد انتخابات عام 2002، والتي حصل الحزب فيها على أغلبية الأصوات.

وظهرت في العام الماضي كمنافسة قوية لتسلم السلطة في بلادها.

ويعتقد البعض في باكستان أن المحادثات السرية الأخيرة التي أجرتها مع النظام العسكري هي بمثابة الخيانة للقوى الديمقراطية، لأن هذه المحادثات عززت قبضة الجنرال برويز مشرف على السلطة.

فيما يقول آخرون إن الجيش قد يكون قد تغلب أخيرا على انعدام ثقته على مدى عقود طويلة ببوتو وحزبها ، وإن هذا يبشر الديمقراطية في البلاد بخير .

وترى القوى الغربية في بينظير بوتو زعيمة تتمتع بشعبية ولها توجهات ليبرالية قد تضفي بالشرعية على حكم الجنرال مشرف في "الحرب على الإرهاب"، شرعية هو في أمس الحاجة إليها.

عائلة ليست سعيدة
وبينظير بوتو هي الأخيرة في حملة لواء التراث السياسي لوالدها.

فشقيقها الأكبر مرتضى ـ والذي كان يتوقع أن يلعب دورا متزايد الأهمية كزعيم للحزب ـ فر بعد سقوط والده إلى أفغانستان الشيوعية حينئذ.

ومن هناك ـ ومن عواصم عديدة في الشرق الأوسط ـ قاد جماعة مسلحة تحت اسم "ذو الفقار" ضد الحكم العسكري في باكستان.

وفاز مرتضى ـ وهو في المنفى ـ في انتخابات عام 1993، وعاد بعدها بوقت قصير ليقتل بالرصاص في ظروف غامضة عام 1996.

أما الشقيق الآخر شاهنواز ـ والذي كان له نشاطه السياسي لكن دون اللجوء للسلاح ـ فقد كان قد عثر عليه ميتا في شقته بالريفيرا الفرنسية عام 1985.

 

المصدر: وكالات

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...