اكتشاف المخبأ الأخير لـقبيلة «داعش» في دير الزور
بعد نحو 35 عاماً على انتهاء تنفيذ الجدول الزمني لتفاهمات مؤتمر «جنيف 5»، الذي أنهى الحرب الأهلية في سوريا، عثرت بعثة من الأثريين في منطقة دير الزور على كهف يُعتقد أنه المخبأ الأخير لتنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» («داعش»).
الاكتشاف هو الأول من نوعه منذ انتهاء الحرب في سوريا، ولعلّ أهميته تتمثل في كون المخابئ السابقة التي تم اكتشافها للتنظيم المتشدد - الذي شكل مصدر رعب في سوريا ودول الجوار خلال العشرية الثانية من القرن الحالي - كانت خالية من البشر، في حين أن ما عثر عليه الأثريون هو عبارة عن كهف تسكنه كائنات أقرب في تركيبتها الفيزيولوجية الى البشر العاديين، ويعتقد أنهم كانوا في السابق مقاتلين في التنظيم.
وبحسب ما أفاد رئيس بعثة الأثريين فراس زيادة ، فإن زملاءه فوجئوا بسماع أصوات غريبة خلال تنقيبهم عن الآثار في خراج بلدة شحيل، فاستدعوا قوة من الدفاع المدني، التي شرعت في مسح ميداني للمكان، الى ان تمكنت من الوصول الى الكهف.
وعلى الفور، بادر ساكنو الكهف إلى إلقاء الحجارة ومواد معدنية على أفراد قوة الدفاع المدني، فما كان من قائد القوة إلا أن أرسل بطلب نجدة من وزارة الداخلية، التي بعثت قوات خاصة مدعومة بفرقتين لوجستية وطبية للسيطرة على الموقف.
وبعد مواجهات استمرت اكثر من ساعة ونصف الساعة، تمكنت القوة الخاصة من شلّ حركة ساكني الكهف مستخدمة «غاز النعنع» المريح للأعصاب.
وقال عنصر من القوة، رفض الكشف عن اسمه لـ«السفير»، إن ساكني الكهف كانوا يرددون عبارات غريبة خلال المواجهات، من بينها «حوريات» و«سنأكل اكبادكم»، وهو ما ظلّوا يهلوسون به بعد نقلهم إلى الحجر الصحي في مستشفى دير الزور المتخصص بالأمراض العقلية والعصبية.
وفي مسح للمكان، عثرت قوة المداهمة على بندقيتين بدائيتين إحداهما روسية الصنع من طراز «كلاشنيكوف» (1990)، والثانية أميركية الصنع من طراز «أم- 16» (1995)، بالإضافة إلى ذخائر قديمة ذات أنواع مختلفة، ومناظير بدائية تعمل بالأشعة تحت الحمراء، فضلاً عن هاتفين بدائيين من طراز «ثريا».
وأكّد مصدر طبي في مستشفى دير الزور، في تصريح رسمي، انه بعد إجراء فحوصات الحمض النووي الأولية تبيّن أن سكان الكهف الخمسة هم بشر عاديون، بالرغم من ملامحهم الغريبة (بشرة تحمل لون التراب يكسوها شعر كثيف أحمر اللون)، مشيراً إلى أن مزيداً من المعلومات بشأنهم ستعلن خلال الساعات المقبلة، بعد تلقي التقرير الخاص بالخريطة الوراثية لهؤلاء.
وحصلنا من المركز الطبي العربي، ومقره دمشق، على بعض تفاصيل تقرير الخريطة الوراثية، حيث تبيّن ان سكان الكهف هم شيشاني يبلغ من العمر 85 عاماً، وأبخازي يبلغ من العمر 74 عاماً، وسعودي يبلغ من العمر 72 عاماً، وقرغيزيان يبلغان من العمر 75 و86 عاماً.
يذكر أن ما كان يعرف بتنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» قد مُني بهزيمة نكراء بعد توصل النظام السوري الذي كان يرأسه بشار الأسد ومعارضيه إلى اتفاق في العام 2019 بوساطة لبنانية في مدينة جنيف السويسرية، تم بموجبه دمج «الجيش العربي السوري» و«الجيش السوري الحر»، لتتشكل وحدة مكافحة إرهاب تمكنت من القضاء على التنظيمات المتشددة التي كانت مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ومن بينها «داعش».
وخلال السنوات العشر اللاحقة نجحت منظمات المجتمع المدني العربية في تنفيذ قرار جامعة الدول العربية القاضي بتوفير الرعاية للمقاتلين المتشددين المستسلمين وإعادة دمجهم في المجتمع.
وبالرغم من الترحيب باكتشاف الكهف، إلا ان «جمعية الرفق بالحيوانات الناطقة» التي ترأسها جاكلين شارييه، حفيدة الممثلة الراحلة المدافعة عن حقوق الحيوانات بريجيت باردو، دانت بشدّة ما وصفته بالتصرف الوحشي الذي تعرض له سكان الكهف.
كذلك، انتقدت «جمعية الحفاظ على المجتمعات البدائية»، التي تتخذ من برلين مقرا لها، انتهاك خصوصية المجتمع الداعشي، مطالبة بإعادة سكان الكهف إلى مخبئهم، وتحويل المنطقة الى محمية طبيعية وادراجها على لائحة الآثار العالمية.
وسام متى
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد