الإرهاب يضرب مجدداً في سيناء وأوروبا تلوّح بحظر الأسلحة
تعرّض قوات الأمن المصرية، يوم أمس، لضربة موجعة، تمثلت في مقتل 25 مجنداً أثناء عودتهم من إجازتهم، وذلك في كمين أعدّه مسلحون بالقرب من مدينة رفح في شمال سيناء، وأثار تساؤلات بشأن الأوضاع الأمنية في شبه الجزيرة المصرية، التي يبدو أنها تحوّلت بالفعل إلى ساحة لتصفية الحسابات بين الجماعات الإسلامية المتشددة والجيش المصري.
وجاء الهجوم على المجندين في سيناء بعد ساعات على مقتل 36 شخصاً من مناصري الرئيس المعزول محمد مرسي أثناء ترحيلهم إلى أحد السجون نتيجة إصابتهم بالاختناق بالغاز في حافلة مكتظة تابعة للشرطة، وهو ما تسبب بإحراج كبير للسلطات المصرية المؤقتة، في ظل تصاعد الضغوط الدولية عليها غداة فض اعتصامي رابعة العدوية وميدان النهضة، ومن أحدث خطواتها تلميح مسؤولين أوروبيين إلى احتمال فرض حظر على الأسلحة إلى مصر، في وقت حذرت السعودية الغرب من مغبة ممارسة ضغوط على الحكومة المصرية لوقف الإجراءات التي تتخذها ضد أنصار الرئيس المعزول محمد مرسي، متعهدة بسد أي عجز مالي قد تواجهه القاهرة.
وقالت وزارة الداخلية في بيان رسمي صباح امس، «تعرض عدد من المجندين في قطاع الأمن المركزي في العريش أثناء عودتهم من الإجازة لهجوم مسلح، ما أسفر عن استشهاد 25 مجنداً وإصابة 3 آخرين».
وقال مصدر أمني إن لجنة أمنية عليا من مديرية أمن شمال سيناء والمخابرات الحربية والأجهزة السيادية بدأت تحقيقات للوقوف على ملابسات الحادث، لافتا إلى أن الطائرات الحربية بدأت في تمشيط المنطقة فور وقوع الحادث للبحث عن منفذي الجريمة.
وقال أحد أهالي المنطقة، في اتصال هاتفي، إن مروحيات عسكرية تقوم بتمشيط المنطقة للبحث عن منفذي الهجوم.
وأغلقت السلطات المصرية معبر رفح مع قطاع غزة، كما أقفلت كل مداخل سيناء، وذلك في محاولة للسيطرة على الوضع الأمني ومطاردة منفذي الهجوم.
وقال مصدر أمني إن المجندين كانوا قد أنهوا فترة خدمتهم، وتوجهوا للحصول على شهادة نهاية الخدمة وهم يرتدون ملابسهم المدنية، وقد فوجئوا بسيارتين قطعتا الطريق عليهم، فتمّ إنزالهم من سيارتي «ميكروباص»، كانوا يستقلونهما، وأمروهم بالانبطاح على الأرض، وفتحوا عليهم نيران أسلحة آلية.
وقالت مصادر طبية إن المعاينة المبدئية لجثث الضحايا قبل نقلها بطائرة عسكرية الى القاهرة تفيد بأن طلقة في الرأس من الخلف واخرى في الظهر كانت من نصيب كل مجند.
وشُيّع الشهداء الخمسة والعشرون في مطار ألماظة العسكري بحضور وزير الداخلية اللواء محمد ابراهيم ورئيس أركان القوات المسلحة الفريق صدقي صبحي ومندوب عن رئيس الجمهورية وعدد كبير من قيادات القوات المسلحة والشرطة وأهالي الشهداء.
وتشهد سيناء منذ عزل مرسي في الثالث من تموز الماضي هجمات يومية على مقار أجهزة الأمن، فضلاً عن الكمائن التي تستهدف آليات الجيش ومراكز التفتيش.
وعلق القيادي في جماعة «الإخوان المسلمين» محمد البلتاجي على الهجوم قائلاً «لا أستبعد أن النظام الانقلابي هو من قتل جنود الأمن المركزي الخمسة والعشرين في سيناء، وضحى بهم لتثبيت صورة (المعركة ضد الإرهاب) وصرف الأنظار عن جرائمه التي كان آخرها مقتل 36 معتقلا بالرصاص الحي داخل سيارة الترحيلات».
ومساء امس الاول، قتل 36 شخصا من أنصار الرئيس المعزول خلال ترحيلهم إلى سجن أبو زعبل شمال شرق القاهرة. وقال بيان لوزارة الداخلية إن «قوات الأمن تمكنت من تحرير ضابط احتجزه عدد من المحبوسين احتياطياً من عناصر تنظيم الإخوان حاولوا الهروب أثناء تسليمهم للسجن واستخدمت قنابل الغاز للسيطرة على الموقف، ما أدى إلى حدوث حالات اختناق ووفاة».
واتهم «التحالف الوطني لدعم الشرعية» المناصر للرئيس المعزول قوات الأمن بقتل الضحايا عمدا وتصفيتهم جسديا للانتقام.
وعاين فريق من النيابة العامة موقع الحادث، وفحص المركبات والسيارات الخاصة بالترحيلات وجثامين القتلى. وأمرت النيابة باستدعاء عدد من الضباط المسؤولين عن مأمورية ترحيل المتهمين لسؤالهم حول ظروف الواقعة وملابساتهم. وقالت مصادر أمنية إنه عقب دخول سيارة الترحيلات من بوابة سجن أبو زعبل، حدثت حالة من الهرج والمرج داخل إحدى سيارات الترحيلات وفيها نحو 45 سجينا، وعندما توجه أحد الضباط المكلفين بتأمينها لاستطلاع الأمر وفتح باب السيارة الخلفي قام المتهمون بجذبه إلى داخلها واحتجازه والاعتداء عليه بالضرب في محاولة للهرب. وأضاف المصدر أن قوات التأمين حاولت على الفور إخراج الضابط، إلا أن السجناء رفضوا، ودخلوا في مواجهة مع عناصر الأمن، فقامت قوات التأمين بإطلاق قنابل الغاز المسيلة للدموع لتحرير الضابط، والسيطرة على السجناء وإحباط محاولة هروبهم، ما أسفر عن مصرع 36 سجينا اختناقا جراء استنشاقهم الغاز المسيل للدموع.
وكشفت التقارير الطبية الصادرة عن مشرحة زينهم أن القتلى أصيبوا بحالة اختناق شديدة تسببت في وفاتهم.
ونظم المئات من أنصار الرئيس المعزول محمد مرسي أمس مسيرات في بعض المناطق في القاهرة ورددوا هتافات مناهضة للجيش المصري والفريق أول عبد الفتاح السيسي.
في هذا الوقت، ذكرت النيابة العامة في بيان أنها أمرت بحبس الرئيس المعزول محمد مرسي 15 يوما على ذمة التحقيق بتهمة قتل المتظاهرين في أحداث قصر الاتحادية العام الماضي.
وجاء في البيان أن النيابة العامة وجهت إلى الرئيس المعزول اتهامات «ارتكاب جرائم الاشتراك بطريق التحريض في قتل والشروع في قتل بعض المتظاهرين السلميين واحتجاز وتعذيب بعضهم داخل غرفة ملحقة بسور قصر الاتحادية».
وعلى الصعيد السياسي، قال مقرر لجنة تعديل الدستور المستشار علي عوض، في بيان صحافي، إن اللجنة انتهت حتى ظهر أمس من صوغ 130 مادة من مواد الدستور المعطل، بعد تعديلها، مشيراً إلى أن اللجنة لا تزال تمارس مهام عملها.
وأضاف أن المواد الأولى والثانية والثالثة ستبقى كما هي من دون تعديل وهو ما يرى فيه أستاذ العلوم السياسية أحمد عبد ربه محاولة لكسب صفوف السلفيين، موضحاً أن «هذه المواد تتعلق بالشريعة الإسلامية، وهو ما يبني الحزب عليه شعبيته».
وعلى الصعيد الدولي، حذرت السعودية الغرب من ممارسة ضغوط على الحكومة المصرية لوقف الإجراءات التي تتخذها ضد أنصار مرسي.
وقال وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل، خلال مؤتمر صحافي في جدة غداة زيارة قام بها إلى باريس حيث التقى الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند، إن التهديدات لن تحقق شيئاً، متعهداً بسد أي عجز مالي قد ينشأ عن قيام دول غربية بوقف معوناتها لمصر.
يأتي ذلك، في وقت قال المبعوث الخاص بالاتحاد الأوروبي برناردينو ليون إن «وزراء الخارجية (الأوروبيين) يدرسون احتمالات مختلفة في هذه المرحلة من بينها حظر السلاح» إلى مصر. وقال ليون «هناك إجماع قوي وتقارب بين الدول الأعضاء على أهمية مصر وأهمية الوضع في مصر اليوم وعلى أهمية أن يظل الاتحاد الأوروبي طرفا قريبا جدا من مصر ومن جميع المصريين... ومحاورا رئيسيا كما كانت الحال في الأسابيع الاخيرة».
إلى ذلك، دعا وزير الدفاع الأميركي تشاك هايغل السلطات المصرية الى تبني «نهج جامع» في الحكم بعد مقتل مئات من أنصار مرسي في مواجهات مع قوات الأمن. وجدد دعوة واشنطن الى الحوار في مصر، إلا أنه أقر بأن تأثير الولايات المتحدة على الأحداث «محدود». وقال خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الصيني الجنرال شانغ وانكوان في البنتاغون «يجب على الحكومة المصرية الموقتة اعتماد النهج الجامع لتحقيق المصالحة في مصر».
وأجرى هايغل أكثر من 15 مكالمة هاتفية مع وزير الدفاع القائد العام للجيش المصري الفريق أول عبد الفتاح السيسي منذ عزله مرسي.
مصطفى صلاح
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد