البغدادي يوسع حدود خلافته ويتوعد السعودية
توعد زعيم تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» ـ «داعش» أبو بكر البغدادي بوضع المنطقة على فوهة بركان، بإعلانه تأسيس ولايات جديدة تابعة له في بلدان عربية عدة، بالإضافة إلى بلاد الشام والعراق، ما يجعله بمثابة «خليفة» على غالبية دول الوطن العربي، مطالباً مسلحيه بتفجير «براكين الجهاد» في كل مكان.
ورغم إقراره بشراسة عمليات التحالف الدولي ضد تنظيمه، إلا أنه وصفها بالفشل والضعف والعجز، متوقعاً قرب المواجهة البرية التي سيضطر إليها من أسماهم بـ«الصليبيين»، في الوقت الذي هدد فيه حكام السعودية بأنه «لا أمن لهم بعد اليوم».
وجاء كلام البغدادي، في تسجيل صوتي حمل عنوان «ولو كره الكافرون» نشرته مساء أمس «مؤسسة الفرقان»، الذراع الإعلامية المركزية للتنظيم، وذلك بعد أيام فقط من تداول بعض الوسائل الإعلامية خبر مقتله جراء غارة أميركية، وهو ما ينفي صحة هذه الأنباء، لاسيما أن البغدادي تطرق لذكر وقائع حدثت بعد انتشار خبر مقتله مثل «البيعات» الجماعية التي حصل عليها من مصر وليبيا واليمن والسعودية، ومثل إرسال واشنطن دفعة جديدة من جنودها إلى العراق.
وكانت «السفير» أشارت في تقرير منشور في عدد الأربعاء، نقلاً عن مصدر مقرب من «داعش»، أن «البيعات» الجماعية «تمت بتنسيق مع قيادة التنظيم»، وأنها تمهيد لخطوة يجري التخطيط لها لمواجهة ما أسماه «المكر الأميركي». ولم يستبعد المصدر أن تشهد الأيام القليلة المقبلة نشر تسجيل صوتي لأحد قيادات «الدولة الإسلامية».
وانقسم خطاب البغدادي إلى محورين أساسيين، الأول والذي استغرق حوالي ثلثي مدة التسجيل، ومدته 17 دقيقة، تناول فيه فشل عمليات التحالف الدولي، والتي يسميها بـ«الحملة الصليبية» والسخرية من المشاركة العربية فيها.
أما الثاني، وهو الأخطر فكان إعلان «التمدد» وإنشاء «ولايات» جديدة في عدد من البلدان العربية. وجاء كلا المحورين ترجمةً للعنوان العريض الذي تحدث عنه البغدادي وهو استمرارية «الجهاد» وشموليته لكل فرد وكل أرض وكل وقت.
وانطلق البغدادي من أن «الله أمر الجميع بالجهاد، ولم يستثن أحداً» وأنه «أمر بالقتال في كل الأحوال ولو بقي مجاهد واحد» ليؤكد أن جنوده «لن يتركوا القتال أبداً» وأنهم «منصورون».
ثم استرسل في الحديث عن «الحملة الصليبية» التي يتعرض لها. ورغم إقراره أن هذه الحملة التي يقوم بها التحالف الدولي هي «من أشد الحملات وأشرسها» إلا أنه وصفها بأنها «من أفشل الحملات وأخيبها»، بينما وصف أميركا وحلفاءها بأنهم «يتخبطون بين الخوف والضعف والعجز والفشل».
واعتبر أن من مؤشرات الخوف الذي اعترى أميركا والدول الغربية أنهم «لم يتجرأوا على بدء حملتهم، قبل أن يحشدوا معهم عبيدهم وكلابهم من حكام المسلمين»، مستهزئاً من مشاركة الدول العربية في هذا التحالف واصفاً إياها بـ«المسرحية الإعلامية». ويكمن المؤشر الثاني في ما أشار إليه البغدادي من «مشاركة اليهود (يقصد الكيان الصهيوني) في هذه الحملة خفية وخلسة».
وغمز البغدادي من قناة الرئيس الأميركي باراك أوباما، عندما كرر بشكل شبه حرفي بنود إستراتيجيته التي وضعها لمحاربة «داعش» من قصف المواقع ووقف التقدم وتسليح وتجنيد الجيوش واستعادة المدن، ليقول إنه «سرعان ما ثبت فشلها»، وأنه رغم «الضربات الجوية والقصف المستمر إلا أن زحف الدولة الإسلامية لم يتوقف»، عازفاً بذلك على وتر الانتقادات التي توجه إلى أوباما من قبل معارضيه الجمهوريين وبعض المحللين الاستراتيجيين.
وإذا كان البغدادي في خطابه السابق توقع أن تخوض واشنطن المواجهات ضده بعد أن يتكشف لها أن «حرب الوكلاء لن تغنيها»، فإنه في هذا الخطاب توقع أن «تضطر إلى النزول على الأرض وإرسال القوات البرية»، معتبراً قرار أوباما بإرسال 1500 جندي جديد إلى العراق بداية ذلك.
ولم يكتف البغدادي بإعلان فشل الخطة الأميركية وعجزها عن وقف تقدم «الدولة الإسلامية»، بل ذهب أبعد من ذلك مهدداً بإشعال المنطقة و«تفجير براكين الجهاد في كل مكان وإشعال الأرض نارا على كل الطواغيت»، بإعلانه عن أوسع «تمدد» لتنظيمه منذ نشأته، عبر قبوله «البيعات» الجماعية الأخيرة التي عرضت عليه من قبل فصائل منتشرة في أكثر من بلد عربي، أهمها «أنصار بيت المقدس» في سيناء في مصر، من دون أن يعني ذلك عدم أهمية «البيعات» الأخرى، ولا سيما تلك التي أعلن عنها من السعودية.
وقال البغدادي «إننا نبشركم بإعلان تمدد الدولة الإسلامية إلى بلدان جديدة .. إلى بلاد الحرمين واليمن وإلى مصر وليبيا والجزائر» وهي البلدان التي صدرت منها «البيعات» الجماعية الاثنين الماضي، معلناً قبوله جميع هذه «البيعات»، محدداً الإجراءات التي تعقب هذا القبول من قبيل «إلغاء أسماء الجماعات وإعلانها ولايات جديدة للدولة الإسلامية وتعيين ولاة عليها»، ما يعني أن «الدولة الإسلامية» أصبح له «ولايات» ممتدة في سبعة بلدان عربية.
وكان لافتاً تخصيص البغدادي السعودية، والتي يسميها «بلاد الحرمين»، بتهديد مباشر بنبرة مرتفعة، معتبراً حكامها من «آل سلول (أي آل سعود) رأس الأفعى ومعقل الداء»، مطالباً أنصاره هناك بأن يسلوا سيوفهم «فلا أمن لآل سلول وجنودهم، ولا راحة بعد اليوم». لكنه وتأكيداً منه على مصلحة تنظيمه في تعميق الفتنة الطائفية واللعب على وترها، شدد على أنصاره في السعودية أن يبدأوا بقتال «الرافضة» ومن بعدهم آل سعود وجنودهم، وفي المرتبة الأخيرة الصليبيون وقواعدهم!.
وقد يكون أخطر ما ورد في كلام البغدادي إشارته إلى قرب إرسال «طلائع الدولة» لملاقاة أنصارهم في السعودية. وقال «مزقوهم إرباً، نغصوا عليهم عيشهم، وعما قريب إن شاء الله، تصلكم طلائع الدولة الإسلامية».
ودعا البغدادي «اجناد اليمن» الى مهاجمة الحوثيين الذين وصفهم بأنهم «كفار مرتدون». كما دعا «ليوث التوحيد في ليبيا والجزائر وتونس والمغرب الى عدم تسليم البلاد لبني علمان» في اشارة الى العلمانيين. واشاد «بأبناء سيناء على قيامهم بواجب الجهاد ضد طواغيت مصر».
ويشكل إعلان التمدد تهديداً صريحاً للبلدان المذكورة بأنها أصبحت على خريطة الفوضى التي يسعى التنظيم التكفيري إلى نشرها في المنطقة، لكنه في الوقت ذاته يمثل تحدياً كبيراً للتنظيم وزعيمه البغدادي نفسه ومدى قدرته على القيام بالالتزامات التي يفرضها قبول «البيعات» والتمدد إلى خمس دول دفعة واحدة، مع ما يتطلبه ذلك من أعباء مالية وعسكرية وتنظيمية.
عبد الله سليمان علي
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد