الكهرباء أزمة النقل والربط الاقليمي
يصف المهندس هشام ماشفج مشكلة نقل الوقود لإنتاج الكهرباء، ونقل الكهرباء المنتجة كجوهر التأزم الحالي، ويفند بعض الحلول المطروحة المتعلقة بنقل الطاقة الكهربائية من الدول المحيطة، والتي تتعلق بشبكة الربط الإقليمي: مشكلة نقل وتأمين الوقود هي مشكلة القطاع الرئيسية خلال الأزمة، وحتى الآن العجز لم ينجم عن قصور في إمكانيات التوليد في وزارة الكهرباء، حيث تتوافرالإمكانيات التوليدية الكافية لتلبية الطلب على الطاقة حتى اليوم، وذلك من حيث جاهزية مجموعات التوليد. لكن تبقى المشاكل الرئيسية متعلقة بالنقل، فالوقود الضروري لتوليد الكهرباء وتحديداً الفيول، ينقل اليوم بالصهاريج، بعد أن كان الاعتماد الأساسي على القطارات. ولكن بسبب العمليات العسكرية فإن الخطوط المؤدية للمنطقة الشمالية والجنوبية وخط اللاذقية-حلب توقفت جميعاً، وعندما تم الإصلاح تم التخريب من جديد.لذلك فإن النقل هو عملية غير مستقرة وتؤدي إلى مشكلة عجز في تأمين الوقود السائل لمحطات التوليد، وتؤثر بالتالي على الإنتاج.
أما الغاز فإن المشكلة تكمن في ظروف الإنتاج الذي يتركز معظمه في المناطق الشمالية الشرقية دير الزور والشدادة، وهناك شبكة غاز واحدة تربط هذه المصادر وتوزعها على محطات التوليد. حتى شهري آذار ونيسان 2011 كان الاستهلاك اليومي من الغاز مؤمناً فكان من الممكن أن نستهلك أكثر من 20 مليون كم مربع في اليوم، ولكن في الفترة الأخيرة نهاية 2012 خرج الكثير من خطوط ومعامل الغاز من الخدمة.
الشق الآخر يتعلق بعملية نقل الطاقة الكهربائية فالمحافظات السورية مربوطة بشبكة على توتر 200 كيلو فولط، هذه الخطوط تعطلت وتعرضت لأضرار لتتحول المشكلة إلى مشكلة الوصول إلى أماكن الأعطال وإصلاحها وهي عملية معقدة في بعض الأماكن، وهذا أدى أيضاً لتردي وضع النقل.
محطات التوليد
غطت مشكلات النقل الكبرى على مشكلات التوليد الممكنة، فربما لو كانت الظروف طبيعية لكان من ممكن أن تظهر مشاكل في التوليد والعجز، ولكن بالمقابل كان من الممكن تنفيذ مشاريع محطات التوليد الجديدة بسياقها السليم. أما ضمن محطات التوليد الموجودة والجانب الفني والعنفات تحديداً لم تظهر مشاكل جدية حتى اليوم، باستثناء المحطة الحرارية في بانياس، حيث أن المجموعة الأولى والثانية وهي مجموعات قديمة، وكانت معدة «للتنسيق» إلا أن ظروف الأزمة فرضت الإصلاح والصيانة. وصعوبات عمليات الصيانة في الوقت الحالي تتعلق بصعوبات عمليات الاستيراد، وإيجاد قطع التبديل، التي تفرضها العقوبات. فمعظم المشاكل التي تظهر اليوم مرتبطة مباشرة بالأزمة وغطت عن المشاكل الكامنة في القطاع نفسه.
الشبكة الإقليمية
سورية مربوطة ضمن شبكة إقليمية لنقل الكهرباء، والربط ضمن هذه الشبكة يعود إلى الثمانينيات من حيث الفكرة، إلا أنه دخل حيز التنفيذ مع تدشين محطة الربط في دير علي، حيث يتم الربط على التوتر العالي 400 كيلو فولت.
بدأ بمشروع الربط الخماسي بين سورية مصر الأردن العراق تركيا، انضمت بعدها ليبيا ولبنان، وفي النهاية «الدولة الفلسطينية».
تفترض عملية الربط إمكانية النقل بالاتجاهين مع هذه الدول، أي استيراد وتصدير، إلا أن الواقع عملياً غير ذلك، فعلى سبيل المثال الاتجاه مع تركيا هو استقبال فقط (استيراد) على 400 كيلو فولط، بينما مع لبنان هو بالغالب إرسال فقط (تصدير) على التوترات الثلاثة(400،230،66)، أما مع الأردن فهو بالاتجاهين على 400 كيلو فولط، ولكن يغلب عليه التصدير.
المشكلة الرئيسية في هذا الربط أن كل دول الربط باستثناء تركيا، تمتلك قطاعاً كهربائياً ضعيفاً. تحديداً لبنان والأردن، بينما تأزّم قطاع الكهرباء في مصر يعود إلى تأخر مشاريع توليد فيها وتوقفها، وكذلك الأمر بالنسبة لليبيا.
يعاني هذا الربط من مشكلة أخرى أن أغلب هذه الدول تقع على خط طول واحد، بالتالي التوقيت متقارب ما ينتج عنه ساعات ذروة وساعات راحة مشتركة. والأصح والأكثر عملية في عمليات الربط الكهربائي هو أن يكون الربط باتجاه شرق غرب جغرافياً.
هناك مشكلة تحديداً في الربط مع تركيا، حيث لا تتوفر إمكانية لتصدير الكهرباء إليها، ويعود ذلك إلى الربط التركي مع الاتحاد الاوروبي الذي لا يسمح لها. فنضطر إلى الربط على «جزيرة معزولة» خارج الشبكة السورية وهذا لا يمكننا من التصدير لهم. فحتى منتصف عام 2012 كنا لانزال نستورد من تركيا، وتوقفت العملية بعدها.
محاولات استجرار الطاقة
محاولات استجرار الطاقة من إيران عبر العراق كان من الصعب القيام بها في ذلك الوقت لأن العراق كان يستهلك معظم الطاقة التي تصدرها إيران. بالتالي الخطوط التي تمر بها الطاقة الكهربائية من إيران إلى العراق وصولاً إلى سورية محملة ومستهلكة بالعراق نفسه. تم التوصل إلى اتفاق أننا نستطيع أن نحصل من العراق على 50 ميغا واط في منطقة تل أبو ضاهر على الحدود في محافظة الحسكة، على أن نقدم منها 25 ميغا واط للبنان. وقد تم تنفيذ هذا الاتفاق لفترة بسيطة في بدايات 2012 نتيجة صعوبات داخل العراق، لا تسمح بتأمين استمرارية النقل على هذا الخط. بالتالي إذا ما كان استجرار الطاقة من إيران حلاً ممكناً خلال الأزمة، فإنه يعتمد على قدرة الجانب العراقي على تعزيز خطوط النقل لديه، لتأمين وصول الطاقة الكهربائية من إيران. وعملياً الكلام عن نقل الطاقة الكهربائية من خارج إطار الربط الحالي غير ملموس حتى اليوم، إذا لم يتحسن وضع قطاع الطاقة الكهربائية في العراق.
المصدر: قاسيون
إضافة تعليق جديد