النص الكامل لحوار وكالة الصحافة الفرنسية مع الرئيس الأسد
الصحفي: نودّ أن نشكركم سيادة الرئيس على تفضّلكم بالإجابة على أسئلتنا في هذه اللحظات الحاسمة في تاريخ سورية والمنطقة.
السؤال الأول: ما هو شعوركم وأنتم ترون عشرات الآلاف من مواطنيكم يتضوّرون جوعاً.. يهربون من الجوع ومن قصف مناطقهم من قبل حلفائكم الروس ويحاولون اجتياز الحدود عبر تركيا..ما هو شعوركم عندما تنظرون إلى صور هؤلاء وهم يغرقون محاولين اجتياز البحار؟
الرئيس الأسد: إذا أردنا أن نتحدث عن المشاعر، فأنا أنتمي إلى هذا الشعب، ومن البديهي أن أشعر بنفس الشعور.. أن يكون أي مظهر فيه معاناة هو مظهر مؤلم بالنسبة لنا كسوريين جميعاً.. لكن بالنسبة لي كمسؤول، لا يكون السؤال ما هو الشعور، وإنما يكون ما الذي ستفعله كمسؤول أمام شعبك.
عندما يكون السبب هو الإرهابيون وليس القصف الروسي كما يدّعي الإعلام الغربي اليوم.. وعندما يكون أحد أسباب الهجرة هو الحصار الغربي على الشعب السوري الذي أصبح عمره خمس سنوات تقريباً.. من الطبيعي أن تكون مهمّتي الأولى ومهمّة أي مسؤول في سورية، في هذه الدولة، هي أولاً مكافحة الإرهاب بالإمكانيات السورية بشكل أساسي، بالإضافة لطلب دعم الأصدقاء من أجل محاربة الإرهاب. لذلك أقول إن مشكلة اللاجئين خارج سورية، بالإضافة لمشكلة الجوع كما ذكرت أنت داخل سورية هي مشكلة ساهم فيها الإرهاب والسياسات الغربية والحصار المفروض على الشعب السوري.
السؤال الثاني:
سيادة الرئيس، بما أنكم تتحدثون عن أفعال وأعمال وليس عن مشاعر، هل يمكننا أن نتحدث أو أن نفكر بإمكانية وقف القصف على التجمعات المدنية للتخفيف من معاناة هؤلاء المدنيين، وكذلك رفع الحصار المفروض على بعض المناطق؟
الرئيس الأسد:
الصراع كان منذ بداية الأزمة في سورية هو حول من يربح القاعدة الشعبية في سورية، وبالتالي لا يمكن أن نقوم بقصف المدنيين إذا كنا نريد أن نكسبهم لصالحنا. هذا من الناحية النظرية، أما عملياً فتستطيع أنت أن تقوم بجولات في سورية، في أي مكان تحت سيطرة الدولة، وستكتشف بأن كل أطياف المجتمع السوري بما فيها عائلات المسلحين موجودون تحت رعاية الدولة، بل أكثر من ذلك.. مدينة الرقة، التي سيطر عليها داعش كلياً، مازالت الدولة تدفع الرواتب للموظفين فيها، وترسل اللقاحات للأطفال. فإذاً من غير المنطقي أن تقوم الدولة بقصف المدنيين وهي تقوم بكل ماسبق، إلا إذا تحدّثنا عن الأخطاء التي تحصل في أي معركة.. فالقاعدة العامة في كل حرب هي أن هناك ضحايا أبرياء. هذه هي القاعدة العامة للحروب، ولكن بكل تأكيد هذه ليست سياسة الدولة السورية.
السؤال الثالث:
سيادة الرئيس، ما الذي تقوله لأؤلئك الذين يهاجرون إلى أوروبا، هل تقول لهم عودوا؟ ماهو خطابك لهؤلاء؟
الرئيس الأسد:
طبعاً، بكل تأكيد أتمنى من كل شخص غادر سورية أن يعود. هذا شيء طبيعي، لكن هذا لايكفي. العواطف لاتكفي.. سيكون سؤاله ماالذي يجعلني أعود؟ هل توقّف الإرهاب؟ هل عادت أدنى متطلبات الحياة، هل أصبحت موجودة؟ كثير من الذين هاجروا ليسوا ضد الدولة السورية وليسوا مع الإرهابيين، ولكن هناك ظروفا أحياناً تفرض على الإنسان أن يُهاجر. لذلك جوابي على هذا السؤال أنه عندما يتراجع الإرهاب وتعود الأمور أفضل هم سيعودون من تلقاء أنفسهم من دون دعوة. لذلك بدل أن أدعو هذا المواطن للعودة، سأدعو الحكومات الأوروبية التي ساهمت بشكل مباشر بهذه الهجرات، عبر تغطية الإرهابيين في البداية وعبر الحصار على سورية، سأدعوها لكي تساعد على عودة السوريين إلى وطنهم.
السؤال الرابع:
سيادة الرئيس، هل استعادة حلب ستكون خلال الأيام القليلة المقبلة؟ وإذا ما حصل ذلك، ماهي المراحل القادمة؟ هل هي بسط السيطرة التامة على اللاذقية، وحلب وإدلب؟
الرئيس الأسد:
المعركة الآن في حلب ليست معركة استعادة حلب لأننا كدولة موجودون فيها، ولكن المعركة الأساسية هي قطع الطريق بين حلب وتركيا… فتركيا هي الطريق الأساسي للإمداد الآن بالنسبة للإرهابيين.. المعركة الآن بنفس الوقت على أكثر من عشر جبهات، من الشمال إلى الجنوب إلى الشرق، في أقصى الشرق أيضاً وفي الغرب في اللاذقية؛ وكانت في حمص وانتهت الآن. فإذاً كل المراحل تسير بالتوازي.
السؤال الخامس:
هل تظنّ سيادة الرئيس أن باستطاعتكم استعادة كل الأراضي السورية.. وماهي الفترة الزمنية التي تضعونها اليوم؟
الرئيس الأسد:
سواء كان لدينا استطاعة أو لم يكن، فهذا هدف سنعمل عليه من دون تردّد. من غير المنطقي أن نقول أن هناك جزءاً سنتخلّى عنه. الجدول الزمني يرتبط بحالتين: لو افترضنا بأن المشكلة هي فقط سوريّة.. أي أن سورية معزولة عما حولها.. ففي أقل من عام نستطيع أن ننهي المشكلة عبر محورين.. مكافحة الإرهاب، والعمل السياسي. أما الحالة الأخرى وهي الحالة الحالية المتمثلة في الإمداد المستمر للإرهابيين عبر تركيا، وعبر الأردن.. والبعض منهم أيضاً يأتي طبعاً عبر العراق، لأن داعش موجودة في العراق بدعم سعودي – تركي – قطري، هذا يعني بشكل بديهي أن يكون زمن الحل طويلاً، والثمن كبيراً، وبالتالي من الصعب إعطاء جواب دقيق عن الزمن.
السؤال السادس:
ألا تستطيع أن تقول بالتحديد كم من السنوات يلزمكم ليعود السلام إلى سورية؟
الرئيس الأسد:
السؤال هو كم من السنوات ستبقى تركيا والسعودية تدعمان الإرهاب … هذا هو السؤال، ومتى سيضغط الغرب على هذه الدول لتوقف دعمها للإرهاب.
السؤال السابع:
سيادة الرئيس.. هل نستطيع أن نعلم من هو عدوكم الأساسي، هل هم المعارضة التي يطلق عليها اسم معتدلة، والإسلاميون، أم هو داعش، لأن الجميع يلاحظ أنكم تستهدفون بقصفكم وحصاركم المناطق التي تسيطر عليها هذه المعارضة وهؤلاء الإسلاميون. فمن هم أعداؤكم حقاً؟
الرئيس الأسد:
لا أعتقد بأن تسمية المعارضة لديكم في فرنسا، أو في أي مكان من العالم، يمكن أن تطلق على شخص يحمل سلاحاً.. المعارضة هي سياسية، وبالتالي إذا افترضنا بأنكم تقصدون “إرهابيون معتدلون”، فهذا مصطلح آخر.. وتقصد بهذا أنهم لا ينتمون لداعش أو النصرة أو لهذه المجموعات المتشددة. أوباما قال بأن المعارضة المعتدلة وهم. أيضاً بايدن قال هذا الكلام. ولكن الأهم هو الواقع الذي يقول بأن هذه المعارضة غير موجودة فعلياً. معظم المسلحين ينتمون إلى المجموعات المتشددة، داعش والنصرة وأحرار الشام وغيرها. لذلك جوابي هو أن كل إرهابي هو عدو. نحن نحترم كل معارضة سياسية.. ولدينا معارضة سياسية موجودة داخل سورية ويتبنون مواقف قاسية ضد الدولة ونحن لا نهاجمها.
السؤال الثامن:
إذاً، أودّ أن نوضح هذه النقطة. أنتم بالنسبة لكم ليس هناك أي فرق بين هذه المجموعات التي تحمل السلاح من جهة وداعش والنصرة وغيرها من جهة ثانية.
الرئيس الأسد:
من الناحية القانونية لا يوجد فرق. من يحمل السلاح الدولة ستواجهه. لن تسأله ما هي الأيديولوجيا التي يحملها، لكن الفرق هو أن المجموعات المتشددة ترفض الحوار مع الدولة. يعتقدون بأنهم سيقاتلون فيموتون ويذهبون إلى الجنة، هذه هي عقيدتهم. أما المجموعات الأخرى غير الأيديولوجية، فمعظمهم غرر بهم، وتحاوروا مع الدولة فيما بعد، البعض منهم ألقى السلاح، والبعض منهم يقاتل مع الجيش اليوم، ونقدّم لهم العفو مقابل التخلي عن السلاح.
السؤال التاسع:
سيادة الرئيس، كيف ترون جيش الإسلام وأحرار الشام؟ لقد تفاوضوا معكم وذهبوا إلى جنيف؟
الرئيس الأسد:
هم أتوا كجزء من المعارضة التي شكّلتها السعودية، ولأن السعودية هي من يدعم الإرهاب على مستوى العالم.. فمن الطبيعي أن يكون ممثّلو السعودية هم من الإرهابيين، وليس من السياسيين.
السؤال العاشر:
إذاً، لا مفاوضات مع هؤلاء..
الرئيس الأسد:
أساساً لم يكن مفترضاً إجراء مفاوضات مباشرة في جنيف3، وإنما عبر ديمستورا. وهنا يجب أن نكون دقيقين، فنحن لا نتفاوض مع سوريين، بل مع ممثلين للسعودية وفرنسا وبريطانيا وغيرهم، ولذلك إن كنت تقصد حواراً سورياً – سورياً، فبالطبع لا، الحوار مع هؤلاء ليس حواراً سورياً – سورياً على الإطلاق، الحوار السوري هو مع مجموعات سورية لديها قواعد في سورية كالمعارضة السياسية في سورية مثلاً.. أما أي شخصية نحاورها وهي تسمي نفسها معارضة لكنها تنتمي لدولة خارجية أو مخابرات أجنبية، فهي لا تمثل السوريين في الحوار ولا نعتبرها سورية بكل بساطة.
السؤال الحادي عشر:
قلتم نحن ذاهبون للتفاوض. كل هؤلاء كانوا من الخارج.. فكيف ذلك؟
الرئيس الأسد:
لا، هناك جزء من الداخل.. وهناك جزء يعيش في الخارج ولكن يعمل بالسياسة ولديه مؤيدين في سورية.. ولكن أنا لا أتحدث فقط عن الإرهابيين.. أتحدث عن شخص تم تشكيله في دولة أجنبية ويعمل لأجل دولة أجنبية..
السؤال الثاني عشر:
سيادة الرئيس، تحدثتم عن وجود معارضة سياسية سوريّة داخل سورية. سؤالي هو لو أنكم كنتم أكثر تسامحاً في التعامل مع هذه المعارضة في السابق ألا تظنون أنه كان بإمكانكم تفادي هذا النزاع؟ ألا تتحملون جزءاً من المسؤولية فيما حدث؟
السيد الرئيس:
نحن لا ندّعي بأنه لا توجد لدينا أخطاء في سورية.. وهذا شيء بديهي في أي دولة.. ولا ندّعي بأننا في الشرق الأوسط وصلنا لمرحلة من الانفتاح السياسي الكبير جداً.. كنّا نسير في سورية بهذا الاتجاه بسرعة محدودة، وربما تكون بطيئة.. وبالعودة إلى سؤالك فإن الجزء الأكثر تشدداً من المعارضة داخل سورية والذي يهاجم الدولة، لم يدخل إلى السجن ولم تلاحقه الدولة.. لا قبل الأزمة ولا بعد الأزمة.. فلا أعرف ما هو المقصود بالتسامح في هذه الحالة..
السؤال الثالث عشر:
ربما كان من الصعب بالنسبة للمعارضة السورية في الداخل قبل الأزمة أن تجتمع، وأن تنظّم نفسها، وأن يرتفع صوتها كمعارضة، ربما لم يكن يتوفر لها هامش حركة؟
الرئيس الأسد:
أنت تتحدّث عن حالة عامة في الشرق الأوسط. هذا نسبياً صحيح.. وخاصة في العالم العربي.. ولكن القضية ليست قضية تسامح في مثل هذه الحالة.. قضية التسامح هي قضية شخصية أكثر من كونها قضية مؤسسات.. السؤال: ما هو العمل المؤسساتي الذي يجب أن نقوم به من أجل السير إلى الأمام.. هذا هو السؤال.. وهذا يتضمّن جانباً قانونياً، وجانباً اجتماعياً أو ثقافياً لأن الديمقراطية هي ثقافة قبل أن تكون قانوناً.. لا تستطيع أن تسير بالقانون وتبقى ثقافياً في مكانك..
السؤال الرابع عشر:
سيادة الرئيس، هل تعتقدون أن تدخلاً تركياً يمكن أن يحدث الآن في سورية.. وهل ترون أن التهديدات السعودية جدّية؟
الرئيس الأسد:
المنطق يقول بأن التدخل غير ممكن، ولكن أحياناً الواقع يتعارض أو يتناقض مع المنطق، خاصة عندما يكون لديك أشخاص غير عاقلين في قيادة دولة ما، فهذا احتمال لا أستطيع استبعاده لسبب بسيط وهو أن أردوغان شخص متعصب، يميل للإخوان المسلمين.. ويعيش الحلم العثماني.. بالنسبة له الانهيارات التي حصلت في تونس وليبيا ومصر وسورية هي انهيارات شخصية له. وهذا يهدد مستقبله السياسي أولاً، وتطلّعاته الإسلامية المتعصّبة من جانب آخر، فهو يعتقد بأنه حامل لرسالة إسلامية في منطقتنا.. نفس الشيء بالنسبة للسعودية.. انهيارات الإرهابيين في سورية هي انهيار لسياستهم.. أقول لكم، إن مثل هذه العملية لن تكون سهلة بالنسبة لهم بكل تأكيد وبكل تأكيد سنواجهها.
السؤال الخامس عشر:
سيادة الرئيس، هل أنتم مستعدون لإعطاء الأكراد شمال سورية منطقة حكم ذاتي بعد انتهاء الأزمة؟
الرئيس الأسد:
هذا السؤال متعلق مباشرة بالدستور السوري، وكما تعرف هذا الدستور لا يُعطى من قبل الحكومة. وإنما تشارك فيه كل الأطياف ويُطرح على الاستفتاء الشعبي، لذلك هذا السؤال يجب أن يكون سؤالاً وطنياً وليس سؤالاً موجهاً لأي مسؤول سوري، سواء كان هذا الموضوع متعلقاً بحكم ذاتي أو فيدرالية، لا مركزية أو أي شيء مشابه. هذه الأشياء تكون كلها جزءاً من الحوار السياسي بالمستقبل، ولكن أريد أن أؤكد على أن الأكراد هم مجموعة وطنية من سورية.
السؤال السادس عشر:
سيادة الرئيس، هل صحيح أن الروس أقنعوك أو حاولوا أن يقنعوك بترك السلطة؟ ألا تخشون من اتفاق روسي أمريكي حول هذا الموضوع؟
الرئيس الأسد:
إذا أردنا أن ننظر إلى السياسة الروسية والمسؤولين الروس كما ننظر إلى المسؤولين الغربيين وسياستهم البعيدة عن المبادئ، فهذا ممكن.. لكن الحقيقة هي عكس ذلك ولسبب بسيط، هو أن الروس يتعاملون معنا باحترام كبير، لا يتعاملون معنا كدولة عظمى مع دولة صغرى وإنما دولة لها سيادة مع دولة لها سيادة، لذلك هذا الموضوع لم يُطرح على الإطلاق ولا بأي شكل من الأشكال.
السؤال السابع عشر:
سيادة الرئيس، هل أنتم مستعدون لمنح روسيا وإيران قواعد دائمة على أراضيكم، وفي هذه الحالة هل تخشون من أن تصبح سورية تابعاً لهذه القوى؟
الرئيس الأسد:
وجود قواعد عسكرية لأي دولة في سورية لا يعني بأنها تصبح تابعة لهم سياسياً، هم لا يتدخلون في قضايا الدستور ولا القانون ولا العمل السياسي. بالنسبة للقواعد، القاعدة الروسية موجودة، أما الإيرانيون لم يطلبوا، ولكن لا يوجد لدينا مشكلة بالمبدأ.
السؤال الثامن عشر:
إذاً، فيما لو طرح عليكم الإيرانيون هذه الإمكانية، هل ستقبلون؟
الرئيس الأسد:
لم يُطرح هذا الموضوع، وبالتالي هذا شيء افتراضي الآن، لكن كما قلت عندما نقبل بالنسبة لروسيا، فالمبدأ مقبول. ولكن هذا يعتمد أيضاً على إمكانيات كل دولة من الدول وما هو دورها على الساحة الإقليمية والدولية.
السؤال التاسع عشر:
هل طلبت منكم روسيا أن تقيم على أراضيكم قواعد جديدة؟
الرئيس الأسد:
لا.
السؤال العشرون:
سيادة الرئيس، ماتزال الانتخابات الأمريكية في مرحلتها الأولى.. شخصياً، هل أنتم مع المرشّح ترامب أو كلينتون؟ هل ترون أن هناك شخصاً ثالثاً يمكن أن يكون ذا فائدة ولمصلحة المنطقة؟
الرئيس الأسد:
لم نراهن في يوم من الأيام على أي رئيس أمريكي، نراهن دائماً على السياسات. وهذه السياسات، لا تخضع فقط للرئيس وإنما تخضع للمؤسسة ككل، وللوبيات الموجودة في الولايات المتحدة.. وإذا نظرت إلى المنافسة بين الكثير من المرشّحين، الآن أو في السابق، هي حول من هو الأكثر توجهاً نحو إشعال الحروب، وهذا لا يبشّر بالخير.
مداخلة:
أيهما أكثر عدوانية، أكثر نزوعاً إلى الحرب، ترامب أو كلينتون؟
الرئيس الأسد:
المشكلة مع السياسيين الأمريكيين هي أنهم يقولون شيئاً ويفعلون العكس، قبل الانتخابات وبعد الانتخابات.
مداخلة:
إذاً الوعود التي يطلقها ترامب لا تخيفكم؟
الرئيس الأسد:
لا.. كما قلت، بما أنني لا أبني على ما يقوله المرشحون الأمريكيون، لا أرى سبباً لأعلّق على أحدهم، أي أنهم جميعاً متشابهون بالنسبة إلي.
السؤال الواحد والعشرون:
سيادة الرئيس، هل تنوون أن تظلوا رئيساً مدى الحياة كما كان والدكم، وإن كنتم لا تنوون ذلك، هل أنتم بصدد الإعداد لخلَف لكم، وهل هذا الخلَف يمكن أن يكون أحد أولادكم؟
الرئيس الأسد:
أولاً، الرئاسة ليست هواية نستمتع بها، وإنما هي مسؤولية، خاصةً في هذه الظروف، وبالنسبة لأن يكون هناك شخص أنا أختاره كخليفة، فالبلد ليست مزرعة وليست شركة. إذا أردت أن أبقى لا بد أن يكون هناك عاملين لبقائي، أولاً، رغبتي أن أكون رئيساً، وثانياً، رغبة الشعب. فعندما أصل إلى الانتخابات المقبلة وأشعر بأن الشعب لا يريدني، لا يمكن أن أترشّح، لذلك من المبكر الحديث عن هذه النقطة.. ما زال أمامنا سنوات للانتخابات المقبلة.
السؤال الثاني والعشرون:
سيادة الرئيس.. تعلمون أن هناك الكثير من الاتهامات التي وجّهت لحكومتكم ولكم شخصياً، وآخرها كانت لجنة التحقيق التابعة للأمم المتحدة التي اتهمتكم بأنكم ترتكبون مجازر إبادة، وهي جرائم ضد الإنسانية.
في الشهر الماضي، المفوّض العام للأمم المتحدة لحقوق الإنسان تحدّث عن حصار عدد من المدن كبلدة مضايا. اتهم حكومتكم بارتكاب جرائم حرب. وكذلك الجرائم التي يقول أنكم ترتكبونها بإلقائكم البراميل المتفجّرة على السكان المدنيين. ألا تخشون في لحظة من اللحظات أن تواجهوا محكمة دولية؟
الرئيس الأسد:
أولاً، أنت تعرف بأن مؤسسات الأمم المتحدة تعبّر عن توازن بين القوى الكبرى والصراعات بينها.
وهذه المنظمات تسيطر عليها بشكل أساسي الآن القوى الغربية. لذلك معظم تقاريرها هي تقارير مسيّسة تخدم أجندة سياسية. والدليل هو أن هذه المنظمات لم تقل أي شيء عن مجازر معلنة قامت بها المجموعات الإرهابية ضد المواطنين الأبرياء في سورية.
أما ما يفنّد كلام أو تقارير هذه المنظمات، أولاً: أنها لا تقدّم أدلة.. وهذه حالة عامة، ثانياً: هناك منطق للأمور.. إذا كانت دول الغرب ضد هذا الشخص ودول الخليج الغنية ضد هذا الشخص وهو يقوم بقتل الشعب فكيف يمكن أن يستمر خمس سنوات في هذه الظروف؟ لذلك أنا لا أخشى هذه التهديدات أو الادعاءات.
السؤال الثالث والعشرون:
قلتم بأن هذه التقارير وهذه المؤسسات لا تقدّم أي دليل.. ولكن ألا تعتقدون أن هذه التقارير صحيحة؟ خاصة آخر تقرير تقدّمت به اللجنة الأممية حول وفاة الآلاف من السجناء في سجونك؟ هناك شهود عيان على هذه الأدلة؟
الرئيس الأسد:
لا، هناك فرق بين أن تحصل جرائم فردية وبين أن يكون هناك سياسة قتل ممنهج، أو سياسة دولة. أنا قلت أن هناك أبرياء يموتون في الحرب.. هذا صحيح، ولكن جرائم الحرب تكون عندما تُعطى أوامر باتباع سياسة المجازر لأهداف معينة. ولو كان هذا صحيحاً لكانت الناس هربت من مناطق الدولة إلى مناطق المسلحين. ما يحصل هو العكس تماماً، الكلّ يأتي باتجاه مناطق الدولة.
السؤال الرابع والعشرون:
سيادة الرئيس.. كيف ترون أنّكم ستظهرون في التاريخ، هل ستظهرون كرجلٍ أنقذ سورية أم كرجل دمّرها؟
الرئيس الأسد:
هذا يتعلّق بمن سيكتب التاريخ. إذا كان الغرب، فسيصفني بكلّ الأوصاف السيّئة، المهم كيف أنا أفكر. بكلّ تأكيد من البديهي أن أسعى، وهو ماأقوم به الآن، لأن أحمي سورية، وليس لأحمي الكرسي الّذي أجلس عليه.
السؤال الخامس والعشرون:
سيادة الرئيس.. هل مازلتم تنوون فعلاً التفاوض مع المسلحين، أم أنكم تفكرون بإمكانية سحقهم عسكرياً؟
الرئيس الأسد:
نحن نؤمن إيماناً كاملاً بالتفاوض وبالعمل السياسي منذ بداية الأزمة، ولكن أن نفاوض لا يعني أن نتوقف عن مكافحة الإرهاب، فلابد من مسارين في سورية.. أولاً التفاوض، ثانياً ضرب الإرهابيين، والمسار الأول منفصل عن المسار الثاني.
السؤال السادس والعشرون:
سيادة الرئيس.. ما هو تعليقكم على استقالة وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس؟ وهل تعتقدون أن هذا سيغيّر في سياسة فرنسا أي شيء، وهل من الممكن أن تقوموا بالتوجّه نحو فرنسا ولو بأي مبادرة معينة في الحرب ضد الإرهاب حتى يصبح التواصل ممكناً بينكم وبين فرنسا، وتغيّر هي سياستها تجاهكم.
الرئيس الأسد:
تبدُّل الأشخاص ليس مهماً الى حد كبير، وإنما المهم هو تبدّل السياسات.. الإدارة الفرنسية تغيّرت بشكل كامل تقريباً بين إدارة ساركوزي وإدارة هولاند، ولكن بالنسبة لنا السياسات لم تتغيّر.. استمرت هذه السياسات، سياسات تخريبية في المنطقة وتدعم الإرهاب بشكل مباشر، لذلك علينا أن لا نفترض بأن وزير الخارجية هو الذي يصنع السياسات وإنما كل الدولة وفي مقدمتها رئيس الجمهورية. أما بالنسبة لما يمكن أن نقوم به في سورية، فلا أعتقد أن على سورية أن تقوم بشيء باتجاه فرنسا وإنما فرنسا هي التي يتوجّب عليها أن تقوم بشيء تجاه مكافحة الإرهاب. حتى هذه اللحظة هي داعمة للإرهابيين ولو سياسياً، وفي بعض الحالات كانت تدعمهم عسكرياً. من واجب فرنسا الآن أن تقوم بسياسات معاكسة أو تغيّر سياساتها من أجل مكافحة الإرهاب، خاصة بعد أن دفع المئات من الفرنسيين حياتهم ثمناً لهذه السياسات الخاطئة.
الصحفيان:
شكرا جزيلاً السيد الرئيس
الرئيس الأسد: شكراً
إضافة تعليق جديد