النوايا السيئة في جولة ميتشل على المنطقة
الجمل: شهدت دمشق نهار الأمس لقاء القيادة السورية مع المبعوث الأميركي الخاص للشرق الأوسط, السيناتور جورج ميتشل, والتي وصلها قادما من العاصمة اللبنانية بيروت, هذا, وقد غادر ميتشل دمشق متوجها إلى إسرائيل والأراضي الفلسطينية, فما الذي تحمله حقيبة ميتشل هذه المر ة؟
جدول أعمال المبعوث جورج ميتشل؟
جاء المبعوث السيناتور جورج ميتشل عدة مرات إلى المنطقة, خلال الفترة الممتدة من لحظة تعينه في مطلع العام الماضي وحتى الآن, وتقول المعلومات والوقائع بأن زيارته الأخيرة إلى دمشق هي زيارته الثالثة إلى سورية, وبرغم تعدد جولات وزيارات ميتشل, فإن الوضع الميداني لم يتغير إضافة إلى أن الطرح الأميركي إزاء الشرق الأوسط لم يتغير وحسب, وإنما أصبح أكثر غموضا وإبهاما, وذلك بشكل أصبح يثير الشكوك إزاء مدى مصداقية قدرة الإدارة الأميركية الحالية على القيام بجهد دبلوماسي حقيقي في المنطقة.
توصيف جدول أعمال زيارة المبعوث الخاص جورج ميتشل الحالية إلى المنطقة, يتضمن النقاط الآتية:
• نطاق الجولة: ركز على سورية-لبنان-إسرائيل-الأراضي الفلسطينية.
• التوقيت: جاء ضمن فترة توترت فيها العلاقات التركية-الإسرائيلية, وتزايدت فيها المواقف الإسرائيلية المتشددة إزاء الفلسطينية, وهدأت فيها الخلافات اللبنانية-اللبنانية, وهدأت فيها أيضا الخلافات السورية-اللبنانية, وتزايد فيها انفتاح العلاقات السورية-السعودية, وتزايد فيها توتر العلاقات الفلسطينية-المصرية بسبب الجدار العازل, إضافة إلى تزايد حالة الغموض إزاء صفقة الجندي جيلعاد شاليط, وتزايد حالة الغموض إزاء صفقة المصالحة بين حركة حماس وحركة فتح الفلسطينيتين, إضافة إلى تزايد حالة الغموض إزاء مستقبل السلطة الفلسطينية الحالية؟
• الإدراك: يتسم الإدراك الأميركي الحالي من واقع جولة المبعوث جورج ميتشل الحالية, بأنه إدراك ثانوي لا ينطوي على أي قدر من العناصر أو المهام الأولية الأساسية بالنسبة لعملية السلام في الشرق الأوسط, وقد برزت الطبيعة الثانوية لجولة ميتشل من خلال تصريحات جورج ميتشل نفسه, والتي أشار من خلالها, إلى نفس ما ظلت تشير إليه تصريحاته الماضية, مثل ضرورة إحياء المسارات الثلاثة, واستئناف المفاوضات الفلسطينية-الإسرائيلية, أهمية سورية بالنسبة للشرق الأوسط, وما شابه ذلك.
تحليل مضمون ومحتوى جدول أعمال جولة المبعوث الأميركي الخاص السيناتور جورج ميتشل يدفع باتجاه طرح السؤال القائل: لماذا جاء السيناتور ميتشل هذه المرة طالما أنه لا يحمل شيئا جديدا, وما هي محفزات زيارة ميتشل للمنطقة, هل السبب إظهار رغبة الإدارة الأميركية في مواصلة جهودها؟ أم السبب هو رغبة الإسرائيليين في استغلال وتوظيف نتائج الجولة؟ أم السبب هو استطلاع المسرح وتمهيده لصفعة جديدة لم يتم الإعلان عنها بعد؟
دبلوماسية المبعوث ميتشل إزاء سورية والمنطقة: تحليل الأداء السلوكي
يمكن الوصول إلى تكوين إدراك وفكرة واضحة إزاء دبلوماسية المبعوث ميتشل إزاء سورية والمنطقة من خلال التمييز بين مفهوم "التفاوض" ومفهوم "التساوم", وبكلمات أخرى, وبوضوح أكثر, نلاحظ أن المبعوث جورج ميتشل يسعى من خلال زيارته لدمشق وبقية العواصم العربية إلى الدفع باتجاه المساومات وليس باتجاه المفاوضات, ويتضح هذا التميز من خلال سعي ميتشل لجهة الحصول على التنازلات التي تحقق نجاح المساومات, أما جمع الأطراف من أجل المفاوضات فكما هو واضح يمثل خيارا مستبعدا على الأقل في الوقت الحالي بالنسبة للمبعوث ميتشل.
تحليل معطيات الإدراك السلوكي لدبلوماسية المبعوث ميتشل الحالية إزاء المنطقة على خلفية مفهوم إحياء عملية السلام في الشرق الأوسط ضمن مساراتها الثلاثة, هو تحليل يشير إلى النقاط الآتية:
المسار اللبناني: تفعيل النوايا الأميركية, إزاء استغلال دبلوماسية ميتشل بما يتيح إشعال الخلافات اللبنانية-اللبنانية, واللبنانية-السورية مرة أخرى, وذلك عن طريق تمهيد المسرح السياسي اللبناني لفترة ضرورة إكمال تنفيذ القرار الدولي 1701, كشرط لاستئناف المفاوضات على المسار السوري-الإسرائيلي.
• المسار السوري: تفعيل النوايا الأميركية إزاء استغلال رصيد توترات علاقات خط دمشق-واشنطن السابقة, كأساس لاستخدام عودة السفير الأميركي إلى دمشق, وإعادة العلاقات الأميركية-السورية إلى طبيعتها كورقة ضغط, لجهة دفع دمشق إلى تقديم التنازلات, وبرغم أن المبعوث ميتشل لم يتجرأ على مطالبة دمشق بأي تنازلات, فإن القراءة في خطوط جولاته وزياراته السابقة والحالية, إضافة إلى تصريحاته, تشير جميعها إلى أن واشنطن سوف تظل عاجزة لفترة طويلة قادمة عن دفع الإسرائيليين باتجاه العودة والجلوس على طاولة المفاوضات مع دمشق.
• المسار الفلسطيني: تفعيل النوايا الأميركية المتجددة إزاء الاستفادة لأكبر حد ممكن من ظاهرة الانقسام الفلسطيني, خاصة وأن تجارب الانقسام الفلسطيني السابقة, قد أكدت إمكانية حصول إسرائيل على المزيد من التنازلات في ما كان هناك فريق فلسطيني يفاوض في العلن, وفريق آخر يفاوض في السر وفقا لنموذج مفاوضات أوسلو السرية مع فريق الزعيم ياسر عرفات ومفاوضات واشنطن العلنية مع فريق حنان عشراوي.
أبرز نتائج جولة المبعوث الأميركي الخاص السيناتور جورج ميتشل جاءت هذه المرة بشكل غير مباشر, ومن داخل إسرائيل, وذلك من خلال العقبة الجديدة التي أضافها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو, وبشكل متزامن مع وصول ميتشل إلى إسرائيل, وذلك من خلال تصريح نتنياهو الذي أكد فيه بأن القوات الإسرائيلية سوف تظل موجودة على طول حدود إسرائيل مع الأردن, حتى ولو قامت الدولة الفلسطينية المنزوعة السلاح.
ملف وجود القوات الإسرائيلية في خط الحدود مع الأردن, أصبح يشكل مكونا ثانيا جديدا مع المكون الأول المتمثل في ملف توسيع المستوطنات, وتقول التحليلات الإسرائيلية الصادرة صباح اليوم, بان على الفلسطينيين الآن القبول بالملفين كأمر واقع, والعودة لطاولة المفاوضات, وذلك لأن نتنياهو سوف يسعى لإضافة المزيد من الملفات الجديدة خاصة شرط الاعتراف بيهودية الدولة الإسرائيلية, وشرط الاعتراف بالقدس كاملة عاصمة لإسرائيل, هذا, وتقول التسريبات بان السلطات الإسرائيلية تخطط حاليا لإصدار قرار بسحب هويات الفلسطينيين المقيمين في القدس واعتبارهم مجرد لاجئين, يحملون تصاريح إسرائيلية تمنحهم حق الوجود المؤقت في القدس, إلى حين يتم حل مشكلة ترحيلهم إلى مكان آخر!!.
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد