الوزراء العرب يناقشون الأزمة السورية الأسبوع المقبل وقطر تقترح اعتماد النموذج الليبي
أعلنت وزارة الداخلية السورية، أمس، موافقة الناخبين السوريين بغالبية 89,4 في المئة على مشروع الدستور الجديد الذي يهيئ الأرضية القانونية لتعددية سياسية وانتخابات نيابية ورئاسية مبكرة للمرة الأولى في تاريخ البلاد منذ خمسة عقود تقريبا، ويتوقع ان تكون الخطوة التنفيذية الاولى تشكيل حكومة جديدة تضم معارضين ومستقلين في منتصف شهر آذار المقبل، وقال وزير الداخلية اللواء محمد الشعار، في مؤتمر صحافي في دمشق، ان نسبة المقترعين فاقت الخمسين في المئة المطلوبة لإعطائه شرعية قانونية، كما وصل عدد الموافقين على الدستور ما يقارب التسعين في المئة.
وأبدى مسؤولون ارتياحهم لنتيجة الاستفتاء، والذي يفترض أن يليه مؤتمر قطري لحزب البعث الحاكم بعد 15 آذار المقبل حتى «يتكيف مع التغيير الدستوري». ويبقى احتمال تشكيل حكومة جديدة تضم مستقلين، تحضر لمرحلة انتقالية معلقا،بانتظار اتخاذ القرار، إما بإجراء انتخابات نيابية في موعدها المقرر في أيار أو تقديمها عن هذا الموعد بغض النظر عن الظروف الأمنية.
وأعلن الشعار نتائج الاستفتاء على مشروع الدستور الجديد لسوريا، حيث بلغت نسبة الموافقين عليه 89،4 في المئة من عدد الذين شاركوا في الاستفتاء.
وأوضح الشعار أن «عدد المواطنين الذين مارسوا حقهم في الاستفتاء بلغ 8،376 ملايين، أي بنسبة 57،4 في المئة من أصل حوالى 14،6 مليونا يحق لهم المشاركة في الاستفتاء، في حين بلغ عدد الموافقين على مشروع الدستور الجديد 7،5 ملايين مواطن بنسبة 89،4 في المئة من عدد المستفتين، وغير الموافقين 753208 مواطنين بنسبة 9 في المئة، بينما بلغ عدد الأوراق الباطلة 132920 أي نسبة 1،6 في المئة».
وقال الشعار إن مسلحين حاولوا إعاقة العملية الاقتراعية في مناطق مختلفة من البلاد، معتبرا أن «عملية الاستفتاء تميزت بالإقبال، على الرغم مما شاب بعض المناطق من تهديد وترهيب للمواطنين من قبل المجموعات الإرهابية المسلحة، وما رافقها من حملات تشويش وتحريض من قبل وسائل الإعلام المضللة لمنع المواطنين من ممارسة حقهم في الاستفتاء والإساءة إلى مجمل هذه العملية الديموقراطية التي جرت بكل حرية وشفافية ونزاهة».
وقال «إن وزارة الداخلية وفرت جميع التسهيلات التي تتيح للمواطن ممارسة حقه في الاستفتاء على الشكل الأفضل، حيث اتخذت كل الإجراءات والترتيبات المتعلقة بعملية الاستفتاء».
وأوضح الشعار أنه «فور انتهاء عمليات الاستفتاء بدأت لجان المراكز فرز وإحصاء الأصوات، وبعد انتهائها أبلغت النتائج إلى اللجان المركزية لدوائر الاستفتاء في المحافظات التي تولت بدورها جمع النتائج الواردة إليها وأبلغتها إلى المحافظين الذين أبلغوها بدورهم إلى وزارة الداخلية حيث قامت لجنة المتابعة بإحصاء هذه النتائج وتدقيقها وعرضها على لجنة الإشراف المركزية في الوزارة التي قامت بإجراء المطابقة بين ما ورد في محضر لجنة المتابعة ومضمون المحاضر المنظمة من قبل اللجان المختصة».
وأكد أن «سوريا تستحق هذا الانجاز الحضاري النوعي والعصري الذي حققه شعبها الوفي بوعيه وحسه الوطني وإدراكه لأبعاد المؤامرة التي يتعرض لها وإصراره على المضي قدماً في مسيرة الإصلاح في كافة المجالات».
واتهم المتحدث باسم وزارة الخارجية السورية جهاد المقدسي، لوكالة «اسوشييتد برس»، الغرب بالاستفادة من الاحداث في سوريا في محاولة زعزعة استقرارها، محذرا المعارضة من أن عملية التسلح خطأ كبير سيرتد عليها، مكررا ان الحل الوحيد للازمة هو في جلوس جميع الاطراف حول طاولة المفاوضات والانخراط في الحوار.
وشدد رئيس الوزراء القطري الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني، في اوسلو، أن «على الأمم المتحدة أن تحمل على عاتقها مسؤولية ما يجري في منطقة الشرق الأوسط وخصوصا الوضع في سوريا ووقف القتل اليومي هناك»، مشيرا إلى «ضرورة العمل من أجل حماية الشعب السوري».
وطالب «الحكومة السورية بأخذ قرار في هذا الاتجاه لوقف القتل والعمل من أجل السلام»، مشيرا إلى أن اجتماع مؤتمر أصدقاء سوريا في تونس والاجتماع المقبل في تركيا كلها من أجل مساعدة الشعب السوري ولوقف القتال ونزيف الدم»، مضيفا «نحن هنا نريد مساعدة أصدقائنا أيضا في هذا الاتجاه».
وأشار حمد إلى «اقتراح أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني بإرسال قوات عربية إلى سوريا لوقف القتال هناك». وقال «إن على الشعب السوري أن يختار ما يريد في بلده، ولا يمكننا الوقوف نشاهد الشعب السوري يقتل كل يوم، ولا نستطيع مساعدته بالغذاء والدواء»، منوها «بمساعدة الأصدقاء في أحداث ليبيا ونريدهم أيضا هنا للمساعدة».
وحول ما يمكن عمله من قبل الدول العربية حيال ما يجري في سوريا، قال حمد «اعتقد أن علينا مساعدتهم بما في ذلك تسليحهم للدفاع عن أنفسهم، وعلى الدول العربية المشاركة في ذلك من خلال تجمع عربي ودولي لوقف نزيف الدم في سوريا بعد أكثر من 11 شهرا من الانتفاضة ضد حكم الرئيس السوري بشار الأسد والتي راح فيها الكثير».
لكن الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي قال إن القوى الغربية تتعشم أن تتمكن الدبلوماسية من تغيير وجهات النظر. وأضاف «نمارس ضغطا على الروس اولا والصينيين بعدهم حتى يتخلوا عن الفيتو».
وقال وزير الثقافة والإعلام السعودي عبد العزيز خوجة، في بيان بعد جلسة الحكومة برئاسة الملك عبد الله في الرياض، إن «المجلس تطرق إلى الجهود العربية والدولية بشأن الوضع في سوريا، معبرا عن تقدير السعودية لما تم بذله من جهود لانعقاد المؤتمر الدولي لأصدقاء الشعب السوري، ومجددا تأكيد المملكة على أنها ستكون في طليعة أي جهد دولي يحقق حلولاً عاجلة وشاملة وفعلية لحماية الشعب السوري، وأن السعودية تحمل الأطراف الدولية التي تعطل التحرك الدولي المسؤولية الأخلاقية عما آلت إليه الأمور، خاصة إذا ما استمرت في موقفها المتخاذل والمتجاهل لمصالح الشعب السوري».
وصعدت واشنطن لهجتها في موضوع الاستفتاء. وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية فيكتوريا نولاند «إننا نرفضه (الاستفتاء) لأنه يعبر عن وقاحة مطلقة». وأضافت إن الرئيس السوري بشار الأسد «قام بالتصويت في عملية اقتراع يسيطر عليها، مستخدما قصاصة ورق يسيطر عليها في محاولة للبقاء في السلطة».
ووصفت نولاند الاستفتاء بأنه «يثير الضحك». وتابعت «على كل المجموعات المعارضة أن تحظى بموافقة الدولة. هذا يعني انه (الأسد) سيختار بنفسه من يحق له أن يكون في المعارضة أو لا». وتساءلت عن «كيفية انطلاق عملية لإرساء الديموقراطية فيما الدبابات وقوات النظام تواصل إطلاق النار على المدنيين».
وتوقعت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون أن ينتهي نظام الأسد بالسقوط بسبب «انشقاقات جنود ورجال اعمال وممثلي اقليات».
وقالت كلينتون، في مقابلة مع شبكة التلفزيون المغربية «2 ام» بثت امس، «اعتقد ان النظام سيسقط. لست عرافة، لا يمكنني ان اقول لكم متى سيحصل ذلك». واضافت «لكن الجيش السوري الذي هو بشكل كبير جيش من المجندين، لن يستمر في شن هذه الهجمات الوحشية ضد الشعب السوري الى ما لانهاية». وتابعت «في وقت ما، ومع الانشقاقات ليس فقط في صفوف قوات الامن وانما ايضا في صفوف رجال الاعمال والاقليات الذين يبدون قلقهم مما يحصل حاليا، سينشأ زخم ضد النظام». وتابعت «هذا سيحصل. انها مسألة وقت فقط، وآمل ان يحصل ذلك في اسرع وقت لكي تتوقف المجازر».
وفي جنيف، التقى كوفي انان، الأمين العام السابق للأمم المتحدة وموفد المنظمة الدولية والجامعة العربية الخاص بالازمة في سوريا، على هامش اجتماع مجلس حقوق الانسان التابع للامم المتحدة، وزيري الخارجية الإيراني علي اكبر صالحي والفرنسي الان جوبيه وناقش معهما الوضع في سوريا.
وذكرت وزارة الخارجية الروسية، في بيان، ان انان اكد لوزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، في اتصال هاتفي، «استعداده للتعاون مع روسيا في ما يخص تسوية الأزمة في سوريا». واضافت «احاط الوزير الروسي المبعوث علما بالجهود التي تبذلها روسيا بهدف وقف العنف بأسرع ما يمكن في سوريا، واكد ان روسيا ترحب بتعيين انان مبعوثا دوليا خاصا بسوريا».
وأعربت الأمم المتحدة عن تشكيكها في صدقية الاستفتاء. وقال مساعد المتحدث باسم الأمم المتحدة ادواردو ديل بوي «من غير المرجح ان يكون الاستفتاء ذا صدقية في اطار العنف العام والانتهاكات الكبيرة لحقوق الانسان» في سوريا.
واوضح ان الامين العام للامم المتحدة بان كي مون «اخذ علما» بالاستفتاء. واضاف «من المؤكد ان دستورا جديدا ونهاية هيمنة حزب البعث على السلطة يمكن ان يكونا جزءا من الحل السياسي» للازمة في سوريا لكن «الاستفتاء يجب ان يتم في اجواء خالية من العنف والترهيب». وتابع ان الامم المتحدة تعتبر ان «الاولوية في سوريا يجب ان تكون وضع حد لكل اعمال العنف، وفي تلك الشروط فقط يمكن الانتقال الى عملية سياسية تلبي تطلعات المواطنين».
وتابع المتحدث ان الامم المتحدة لا تزال تنتظر ضوءا اخضر من دمشق لارسال مسؤولة العمليات الانسانية لديها فاليري اموس الى سوريا لتقييم الوضع الانساني فيها. ونقل الطلب الرسمي للزيارة الى السلطات السورية الاسبوع الماضي.
وتبنى الاتحاد الأوروبي حزمة عقوبات جديدة شملت تجميد أصول وحظر سفر بحق سبعة وزراء في الحكومة السورية. وجمد الأصول العائدة للبنك المركزي السوري، وحظر أي تعامل معه، مع الأخذ في الاعتبار ألا يمنع الحظر عمليات التجارة الشرعية. عمليات الشحن الجوي ستكون محظورة أيضاً، من سوريا وإليها، وستمنع طائرات الشحن السورية من الهبوط في المطارات الأوروبية، وذلك باستثناء الطائرات التي تقل أيضاً مسافرين. إضافة إلى ذلك، تم منع أي تجارة بالذهب والمعادن الثمينة مع الهيئات الرسمية السورية. واجمع وزراء خارجية الاتحاد، خلال اجتماعهم في بروكسل، على اعتبار أن «المجلس الوطني السوري» هو «ممثل شرعي للسوريين الساعين لتغيير ديموقراطي سلمي».
في المقابل، رفض الأوروبيون بشدة الخيار العسكري للتدخل في سوريا، وتحفظوا على إرسال قوة لحفظ السلام. وقال وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ ، «صحيح أن الجامعة العربية قد طرحت بعض الأفكار حول قوة حفظ السلام، ولكن بطبيعة الحال، ليكون هذا فعالا بشكل صحيح، يجب أن يكون هناك سلام للحفاظ عليه». وأضاف «في الوقت الراهن ليس لدينا ذلك، ولهذا نحتاج إلى وقف أعمال العنف من قبل النظام ضد المدنيين لكي يكون أي شيء من هذا القبيل فعالا».
وحول موقف وزير الخارجية السعودية الأمير سعود الفيصل، قبل أيام في تونس، واعتباره تسليح المعارضة «فكرة ممتازة»، يرى هيغ أنه «لدينا في الاتحاد الأوروبي فرض لحظر الأسلحة على كامل سوريا. من الواضح أننا لن نتجاوز ذلك، ولكن نحن، في بريطانيا، نقوم بتكثيف اتصالاتنا مع المعارضة السورية».
وأدان عدد من وزراء الخارجية الأوروبيين، وبينهم وزيرا فرنسا وبريطانيا، الاستفتاء، مؤكدين انه لا يتمتع بمصداقية بسبب استمرار «العنف». ووصف وزير الخارجية الفرنسي الان جوبيه للتلفزيون الفرنسي الاستفتاء بانه «مهزلة مقبضة» .
ووصف وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الاستفتاء بأنه «خطوة مهمة على طريق الإصلاحات». وقال ان «اجتماع اصدقاء سوريا الذي انعقد في تونس كان له بوضوح طابع احادي». واضاف «من الواضح بالنسبة لنا ان هذا الاجتماع لم يساعد في خلق شروط تحفز جميع الاطراف على البحث عن حل سياسي» للنزاع.
وأضاف لافروف «اعتقد أن من يرى في هذا (الاستفتاء) تحركا نحو الديموقراطية فهو صائب، وأن وقف احتكار حزب واحد للنظام السياسي يجب أن يرحب به». وأشار إلى «أننا نلح على أن تحصل جميع القوى السياسية، الحكومة والمعارضة، على إشارات من الخارج مفادها أننا نريد أن نجلسهم خلف طاولة الحوار»، معربا عن ثقته بأن «الاستفتاء في سوريا لم يجر رداً على تصريحات بل كخطوة مهمة على طريق الإصلاحات الملحة».
واعتبرت وزارة الخارجية الروسية، في بيان، ان «نتائج الاستفتاء على الدستور تدل على ان نهج السلطات على التحول يحظى بتأييد الشعب». وقالت إن «موسكو تعتبر الاستفتاء خطة مهمة في طريق تحقيق نهج التحولات الرامية إلى جعل سوريا دولة ديموقراطية حديثة وتوسيع حقوق وحريات المواطنين والذي تتبعه الحكومة السورية».
وقالت وزارة الخارجية الصينية انه «لا يمكنها ان تقبل» تصريحات كلينتون التي دعت الاسرة الدولية الى دفع الصين وروسيا الى «تغيير موقفهما» من سوريا معتبرة انهما «تعترضان طريق تطلعات الشعب» السوري. وقال المتحدث باسمها هونغ لي «لا يمكننا ان نقبل بذلك وعلى العالم الخارجي الامتناع عن فرض خطته لحل الازمة على الشعب السوري». واكد ان بكين «تدعم موقف الدول العربية (...) ضد اي تدخل عسكري اجنبي».
وقدم نائب وزير الخارجية الإيراني للشؤون العربية والأفريقية حسين امير عبد اللهيان «التهاني للحكومة والشعب السوري العظيم والمقاوم بمناسبة إقامة الاستفتاء الناجح علي مشروع الدستور الجديد».
ووصف عبد اللهيان «المشاركة الواسعة للشعب السوري في هذه الخطوة الاساسية بانها نابعة من عزم وارادة الشعب والحكومة في سوريا لتحقيق مسار الاصلاحات والتمسك بالوحدة الوطنية والتضامن واعادة الاستقرار والامن».
زياد حيدر
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد