جريمة عين علق: ميرزا يتهم فتح الإسلام ويبرئ ساحة السوريين
أنجز النائب العام التمييزي القاضي سعيد ميرزا مطالعته في جريمة عين علق (في لبنان)، محددا الجهة الفاعلة، وهي تنظيم «فتح الإسلام»، والغاية من ارتكابها صبيحة ذلك اليوم المشؤوم من شهر شباط من العام ,2007 وهي توجيه رسالة سياسية إلى فريق 14 آذار عشية الذكرى الثانية لاغتيال رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري.
فبعد عام واحد، على ارتكاب جريمة عين علق يوم الثلاثاء في 13 شباط من العام ,2007 وضع، أمس، القاضي ميرزا بصفته، نائباً عاماً عدلياً، مطالعته فيها، بمنهج قضائي، بعيدا عن أي اعتبارات سياسية، موجّهاً الاتهام إلى تنظيم «فتح الإسلام» الذي ضم تشكيلة من الأشخاص من جنسيات عربية مختلفة، بينهم الأردني والفلسطيني والسوري والسعودي واللبناني، وذلك لمناهضة حكومة الرئيس فؤاد السنيورة والأكثرية النيابية بدعوى أنّها «تنفّذ مشروع أميركا في لبنان»، فضلاً عن مناصبة قوات «اليونيفيل» العاملة في الجنوب العداء بداعي أنّها تحتل أراضي المسلمين.
ولم تتبن المطالعة أياً من الاستنتاجات التي اطلقها وزير الداخلية والبلديات حسن السبع، اثر اعتقال بعض المنفذين، من أنّ المخابرات السورية هي التي تقف وراء هذا التفجير الإرهابي. لكنّ المطالعة روت أنّ بعض الموقوفين السوريين اعترفوا بأنّ تجنيدهم للانضمام إلى»فتح الإسلام» تم في الاساس تحت عنوان «زعزعة النظام في سوريا» ليجدوا بعد فترة أنّ الهدف الحقيقي هو «زعزعة الأمن في لبنان».
وكشفت هذه المطالعة التي تمهّد عادة، باللغة القانونية، للقرار الاتهامي المقرّر صدوره عن المحقّق العدلي القاضي رشيد مزهر، سلسلة أعمال تدخل في نطاق الإرهاب كان هذا التنظيم ينوي تنفيذها في اكثر من منطقة لبنانية لخلق فتنة مذهبية وإثارة الاقتتال بين اللبنانيين، ومنها أنّ أفراداً منه قاموا بتصوير سفارات كلّ من روسيا وبريطانيا والأردن لاستهدافها، والاعداد لزرع متفجرات في محلّة رياض الصلح حيث تقيم المعارضة خيمها واعتصامها منذ الأول من شهر كانون الأول من العام ,2006 وإن لم يشر بصراحة إلى ذكر المعارضة، لكنّه ألمح إلى أنّ الغاية هي خلق فتنة مذهبية، وهي مهمّة بدت مستحيلة على «فتح الإسلام» في ظلّ المراقبة الموجودة هناك، بحسب ما ذكرت المطالعة.
وأكّدت مطالعة ميرزا على الجهد المميّز الذي قام به رئيس القسم الفني في فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي الرائد الشهيد وسام عيد لكشف اللثام عن هذه الجريمة من خلال تتبعه ورصده حركة الاتصالات الهاتفية بين أعضاء التنظيم بعيد وقوع التفجيرين بحافلتي نقل الركّاب، لتعتبر أنّ اغتيال عيد صباح يوم الجمعة في 25 كانون الثاني ,2008 في محلة جسر الشيفروليه «ربما» جاء ردّاً على اكتشافه هذه الجريمة، من دون أن تجزم بذلك نهائياً.
وتحدّثت مطالعة ميرزا عن أنّ «فرع المعلومات» كان يراقب حركة «فتح الإسلام» عن كثب من خلال وصول أشخاص من جنسيات مختلفة ولا سيما من المملكة العربية السعودية، إلى لبنان بطريقة قانونية وشرعية، وانتقالهم إلى فنادق في بيروت، قبل أن يتوجهوا الى مخيّم نهر البارد للالتحاق بركب شاكر العبسي الآتي إلى لبنان تحت شعار «نصرة المسلمين السنّة ومقاومة الاحتلال الأميركي في العراق»، فإذا بمجموعته تتحوّل إلى شنّ عمليات سطو وسلب على مصارف على حدّ اعتراف مصطفى سيو الذي دسّ متفجّرته في إحدى الحافلتين في عين علق.
وكانت بعض عناصر هذا التنظيم تتجوّل في لبنان وهي مزنّرة بأحزمة من المتفجّرات، وذلك لتفجيرها في القوى الأمنية الرسمية في حال تعرضت لها بسوء أو حاولت توقيفها.
واستعادت المطالعة محطّات معروفة من سيرة حياة العبسي الذي تنقّل بين حركة «فتح» ومنظمة «فتح الانتفاضة» وإقامته في مخيم اليرموك في سوريا، وسجنه في سوريا نحو سنة واحدة قبل أن يخرج ويؤسّس «فتح الإسلام».
وخلص ميرزا إلى طلب عقوبة الاعدام لكلّ من العبسي المتواري عن الأنظار، والسوري الموقوف مصطفى ابراهيم سيو، والسوريين الموقوفين كمال فريد نعسان وياسر محمد الشقيري، وظنّ بكلّ من حسين داوود الزيات وعريفة غطاس فارس بجنح تصل عقوبتها إلى السجن سنتين، ومنع المحاكمة عن مواطنين سوريين تبين أنه لا علاقة لهم بالجريمة لا من قريب ولا من بعيد، وأسقط الدعوى عمن شارك في التخطيط والتنفيذ وتدخل في الجريمة بعدما قتلوا في الاشتباكات التي دارت مع الجيش اللبناني في مخيّم نهر البارد ومدينة طرابلس في شهر أيار من العام .2007
وفي السياق نفسه، أصدر، أمس، قاضي التحقيق العسكري الأول رشيد مزهر، قراره الاتهامي بحقّ 56 شخصاً يتقدمهم العبسي نفسه، وينتمي بعضهم إلى تنظيم «القاعدة» و«فتح الإسلام» و«عصبة الأنصار»، ويجمعهم الفكر الجهادي السلفي، وكان بعضهم يخطّط لخطف أحد الدبلوماسيين العرب في لبنان للضغط على المملكة العربية السعودية من أجل الافراج عن قياديين في «القاعدة» موقوفين لديها.
ويذكر القرار الاتهامي أنّه تم التغرير ببعضهم والطلب منهم حمل السلاح «لنصرة السنة والدفاع عنهم ضدّ أي تطور طارئ على الساحة اللبنانية»، وقد مضى على توقيف معظمهم سبعة أشهر تقريباً، بينما احيلوا على المحكمة وفقاً لنصّ المادة 72 من قانون الأسلحة وهي جنحة طفيفة لا تصل عقوبتها في أقصاها، إلى السجن عاماً واحداً.
علي الموسوي
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد