حديث غربي في دمشق عن تحرك مصري 'قوي' تجاه سورية
توقعت مصادر دبلوماسية غربية في دمشق أن تشهد الفترة القريبة المقبلة تحركا مصريا 'قويا' باتجاه دمشق على أكثر من مستوى بهدف تسوية الملفات الخلافية التي طبعت علاقات البلدين بالتوتر خلال السنوات الثلاث الماضية.
وقالت تلك المصادر أن القاهرة تشعر بانكفاء سياستها الخارجية الإقليمية منذ ما قبل الحرب الأخيرة التي شنتها إسرائيل على غزة، وأنها كانت قد بنت آمالا كبيرة على زيارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما التي قام بها مطلع حزيران (يونيو) الماضي، في إعطائها دفعة دبلوماسية تحسن من خلالها موقعها على المستوى الإقليمي، لكن، وحسب المصادر الغربية فوجئت القيادة المصرية بأن شيئا لم يحدث على الأرض ولم تحصد دبلوماسية القاهرة نتائج عملية لتسخيرها في إطار تحركها نحو عدد من القضايا التي تدخل فيها مصر كمؤثر إقليمي.
وتابعت المصادر قولها ان التقارير التي يتلقاها الرئيس حسني مبارك من جهاز الأمن الذي يرأسه الوزير عمر سليمان والجهاز الدبلوماسي الذي يرأسه الوزير أبو الغيط، تفيد على الأغلب بضرورة التحرك تجاه دمشق وعلى مستوى عال، لأن الوقت يمر ليس في صالح مصر وتحديدا في الملفات الإقليمية الحساسة التي شكلت ساحة للاشتباك السياسي بين سورية وكل من مصر والسعودية.
وتبدأ تلك الملفات، وفق ما كشفته المصادر الغربية، من المستوى الفلسطيني وتحديداً ملف المصالحة الفلسطينية الفلسطينية، الذي بات 'مؤكدا للقاهرة أن هذه المصالحة لن تسير نحو الحصول دون الثقل السوري في تفاصيلها نظراً للعلاقة القوية التي تربط دمشق بفصائل المقاومة الفلسطينية، حماس والجهاد والجبهة الشعبية وبقية الفصائل الموجودة في دمشق، مع علاقات سوريّة طيبة بقيادات داخل فتح وفصائل أخرى تدخل في تشكيل منظمة التحرير الفلسطينية.
لبنانياً، أكدت المصادر الغربية، أن القاهرة تركت دون قصد إدارة ترتيب الملف اللبناني لسورية والسعودية خاصة مع تحفظها الضمني على تولي سعد الحريري لرئاسة الحكومة اللبنانية، بحيث باتت مصر عضواً غير مقرر في جلسة الإقرار النهائية لتشكيل الحكومة، واللافت في حديث المصادر الدبلوماسية الغربية هو كشفها عن نصائح تلقتها القاهرة ـ لم تحدد مصدرها ـ لتسوية النتائج (وتحديداً مع سورية) التي خلّفتها قضية ما سمي خلية حزب الله في مصر.
بالمقابل لم تنفِ أو تؤكد تلك المصادر المعلومات التي تحدثت عن دخول مصر على خط التسوية السعودية السورية وعرقلة جهود المصالحة بين البلدين، لكنها شددت على استحالة هكذا خطوة في الضغط على الرياض لثنيها عن التقارب مع دمشق وعزت ذلك لاعتبارات ومصالح سعودية تجاوزت في إلحاحها نقاط الخلاف مع سورية، بحيث لم يعد في وارد العربية السعودية التفكير بالتراجع عن خطواتها التقاربية مع سورية تحت أي ظرف، وأن مصر تعلم بالمستوى المتقدم الذي حصل على هذا المسار وبالزيارات المكوكية غير المعلنة التي يقوم بها المسؤولون السعوديون إلى دمشق باستمرار.
المعلومات السابقة تقاطعت مع معلومات تتصل بالعلاقات السورية الأردنية وتفيد بخروج الأردن من معادلة الضغط على دمشق (سياسياً وأمنياً) والتي كان يمارسها ما يسمى محور الاعتدال، وذلك بعد توافق قيادتي البلدين ـ إثر الزيارة السريعة التي قام بها الملك الأردني عبد الله الثاني إلى سورية في العام 2008ـ على جملة نقاط خلافية ضمن ما سُمي مفهوم إدارة الخلافات، ثم ليأتي تعيين اللواء السابق في المخابرات السورية بهجت سليمان سفيراً سورياً لدى الأردن، كمؤشر على انتقال العلاقات السورية الأردنية إلى مستوى مختلف تماماً عما شهدته تلك العلاقة في الأعوام الماضية، ثم ترحيل المعارضة السورية التي كانت موجودة في الأردن إلى دولة أخرى (ربما اليمن) بعد أن مكثت فيه لأكثر من 30 عاماً.
وفي الشطر الآخر باتت القاهرة على يقين بأن العلاقات السورية العراقية ستبلغ مستويات عالية من التنسيق والتفاهم بعد انسحاب القوات الأمريكية من الأراضي العراقية، ويذهب بعض المراقبين إلى القول بنشوء محور استراتيجي سوري عراقي إيراني تركي ما يعني أن على القاهرة عدم الاستمرار بسياساتها الماضية تجاه سورية والسعي لترطيب الأجواء معها.
كامل صقر
المصدر: القدس العربي
إضافة تعليق جديد