حرب إقليمية على سوريامن القنيطرة إلى كسب ودعم تركي ــأردني ــ سعودي بتسهيل إسرائيلي
حرب إقليمية على سوريا تحت غطاء ثلاثة «أنفال»، تشنها المعارضة السورية المسلحة، بدعم تركي ـ أردني ـ سعودي، وتسهيل إسرائيلي: «الأنفال الكبرى» التي يقودها أبو موسى الشيشاني و«شام الإسلام» وأنصارها، و«جبهة النصرة»، تفرعت منها «صدى الأنفال» التي تعمل على إعادة فرض حصار على معسكر وادي الضيف، وا محاولة السيطرة على ريف ادلب الجنوبي بأكمله، ثم قطع طريق دمشق ـ حلب الدولي بين خان شيخون ومعرة النعمان.
«أخوة الأنفال» هو الضلع الأخير لمثلث «الأنفال». ففي ريف القنيطرة نشرت «أخوة الأنفال» وحدات من «أجناد الشام» و«جبهة النصرة» و«أحرار الشام» و«جبهة ثوار سوريا»، وحققت اختراقاً كبيراً في التل الأحمر الغربي الاستراتيجي، احد أهم التلال في ريف القنيطرة.
ويشير مثلث «الأنفال» إلى تدخل إقليمي متزايد في الحرب السورية، فمن دون عمق استخباراتي أمني تركي ـ أردني، لم يعد بوسع المعارضة السورية المسلحة تنسيق أي من العمليات الهجومية الكبيرة، فيما يشارف مقاتلو «حزب الله» والجيش السوري على بتر القلمون من خريطة انتشار المعارضة المسلحة وحرمانها من قواعد الإمداد مع البقاع اللبناني، عبر ممرات سلسلة جبال لبنان الشرقية، وتأمين الخاصرة الغربية الشمالية لدمشق وريفها.
وتكاد تتوقف كل العمليات العسكرية ذات الشأن والأهمية، لا سيما تلك التي تقوم بها المعارضة السورية المسلحة في المناطق التي لم تعد تتمتع فيها بعمق استراتيجي وبخطوط إمداد نحو غرف عملياتها مباشرة في إنطاكيا أو عمان.
وتقتصر العمليات الإستراتيجية منذ أسابيع على المناطق القريبة من تركيا والأردن والجولان السوري المحتل. ففي الشمال تستند عمليات «الأنفال» إلى دعم لوجستي وأمني وعسكري تركي. فمن دون خط الإمداد التركي، بين جبل التركمان وكسب، سيكون مستحيلاً على غرفة العمليات، التي يقودها الشيشانيون في الشمال السوري بالتنسيق مع الاستخبارات التركية، أن تتقدم وحدها نحو المعبر الحدودي الأخير بين سوريا وتركيا.
وفيما تقول المعارضة إن أهدافها الأساسية من «الأنفال» لم تتحقق بعد، وهي لن تقتصر على كسب، إلا أن الوقت لم يعد يلعب لمصلحتها بعد تطورات الساعات الأخيرة، إذ احكم الجيش السوري قبضته على المرصد 45 نهائياً، بعد أسبوعين من الكر والفر حوله، وهو يحشد تعزيزات، كما المعارضة، لاستكمال تقدمه نحو كسب، ويسيطر بالنيران، على تلة النسر الإستراتيجية، التي تقف المعارضة عند سفوحها، فيما لا تزال المعارضة تسيطر على نبع المرّ وممر النبعين وكسب وقرية السمرا. وأخفقت المعارضة في تشكيل فكي كماشة على شمال ريف اللاذقية، من خلال عملية «أمهات المؤمنين»، التي تشارك فيها «الجبهة الإسلامية»، وجماعات جمال معروف في «جبهة ثوار سوريا».
وإذا كان التعاطي الإسرائيلي مع المعارضة السورية المسلحة في الجولان المحتل وريف القنيطرة لا يزال يقتصر على الدعم الإنساني، وآخرها إنشاء مركز تجمع لاستقبال الجرحى في سهل سمخ على ضفاف طبريا، لإجلائهم نحو المستشفيات الإسرائيلية، إلا أن عرض السبعة كيلومترات لمنطقة فصل القوات، يسمح لوحدات المعارضة المسلحة بحرية الحركة، واستقدام مقاتلين من الأردن، وتعزيز خطوط الإسناد الممتدة على جزء كبير من خط وقف إطلاق النار البالغ ٨٠ كيلومتراً.
ويُعدّ سقوط التل الغربي الأحمر، على بعد خمسة كيلومترات من خط فصل القوات في الجولان، مؤشراً مزدوج الأهمية، فهو يشرف مع التل الشرقي، الذي يواجه معركة مماثلة، على ريف القنيطرة، ويصل ريفها الجنوبي بريف درعا الغربي، ويفتح الجبهة الجنوبية على مصراعيها على أي قوات تتقدم من الأردن، عبر منطقة فصل القوات، ويعيد إلى الواجهة احتمالات فتح الجبهة الجنوبية، مع تعثر الهجوم شمالاً، وفشل «الأنفال» بكل فروعها، وإجبار الجيش السوري على إعادة الانتشار، وتخفيف عملياته في القلمون وحمص وحلب.
ويبدو التصعيد الإقليمي، عبر الحدود التركية والأردنية، بديلاً آنياً عن انسحاب الولايات المتحدة المتزايد من أي نشاط عسكري واسع ضد سوريا. وبعد تأكيدات مجلس الأمن القومي الأميركي للمعارضة السورية أنه لا تدخل ضد دمشق ولا أسلحة نوعية لمقاتلي المعارضة خلال الإدارة الحالية، تأتي تصريحات وزير الخارجية الأميركي جون كيري، لترسم سقف أي تدخل وهدفه بإرسال إشارات سياسية للرئيس السوري بشار الأسد.
وقال كيري، أمام لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي بصدد خطة الرئيس باراك أوباما توجيه ضربة عسكرية لسوريا بعد اتهامها باستخدام «الكيميائي» خلال معارك غوطة دمشق في 21 آب الماضي، «بأن الضربة لو نفذت، ما كانت لتغير شيئاً في مسار الأحداث». وأشار إلى أن «الضربة كانت ستكون محدودة جداً، وتهدف إلى منع الأسد من تسليم المزيد من الأسلحة الكيميائية إلى قواته». وأضاف «وصلنا إلى قناعة مفادها أنه لن يكون لها تأثير مدمر لأنها لم تكن ستدوم سوى يوم أو يومين، واستطعنا التوصل إلى حل أفضل»، موضحاً انه تم التوصل إلى اتفاق مع موسكو تمّ بموجبه شحن ترسانة الأسلحة الكيميائية إلى خارج سوريا.
وأعلن كيري أن واشنطن زادت من مساعداتها إلى المعارضة السورية، من دون تقديم إيضاحات حول نوعيتها. وتوقع أن تنتهي الحرب من خلال اتفاق سياسي وليس ضربة عسكرية خارجية.
محمد بلوط
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد