حرب الإستنزاف في ظل الإنتخابات السورية
الجمل- أناتولي الميورد- ترجمها عن الروسية مظهر عاقلة:
في أوائل حزيران تبدأ الإنتخابات السورية وفعلياً بدأ تسجيل المرشحين.
قبل عامين أطلقت البلاد إصلاحات دستورية جرت فيها الإنتخابات البلدية والبرلمانية على التوالي وفي هذا العام الإنتخابات الرئاسية بعدة مرشحين والتي حلت مكان الإستفتاء بكلمة نعم/لا ولمرشح واحد فقط,ويمكننا القول سيكون للسوريين رئيسهم المنتخب بشكل ديمقراطي.
وكما كان متوقعاً جاء الرد الغربي والأمريكي بعدم الإعتراف بالإنتخابات بحجة تعارضها مع إتفاق جنيف. وفي الحقيقة محادثات جنيف أُحبطت من قبل المعارضة التي أظهرت عجزها وعدم القدرة على إتخاذ قراراتها بالحد الأدنى وكما بدا هم عصابة لا أكثر.
لم تولِ الحكومة السورية إهتماماً لرأي الغرب الذي لم يعترف بجميع نتائج الإنتخابات السابقة ونضيف إليهم خصوم سوريا في العالم العربي.
على مدى العامين الماضيين تغير الوضع بشكل كبير وخصوصاًً فيما يتعلق بالإصلاحات الدستورية ,أما المعارضة فمنذ عام 2012 وهي واهمة بإيجاد أرضية لها في المجتمع المدني في صراعها والتي عمدت إلى تسليحه. أثبتت هذه المعارضة فشلها الكامل عقائدياً ومن الناحية التنظمية أيضا ,والقوة الوحيدة التي كان من الممكن التفاوض معها هي الجيش الحر بقيادة الأسعد ولكن بعد رحليه وتسلم سليم إدريس تحول الحر إلى تكتلات وعصابات إقليمية تحت ولاء وقيادات مختلفة,وإن إجراء أي مفاوضات معها من حيث المبدأ مستحيلة.
بدأت سوريا من جديد وكان الإصلاح وسيستمر إلى النهاية وسيتم ذلك ببساطة لأن أي عملية من هذا القبيل لديها المنطق والحاضنة الخاصة بها والتي من السهل إكمال مخططاتها.
الأزمة السورية لم تكن داخلية بحتة وإنما التدخل الخارجي وتحالف المعتدين لتدمير سوريا إكتسب العامل الأقوى فيها وعلى إستمرار الأزمة,لعبت الحدود المفتوحة دوراً كبيراً ومنها الحدود العراقية الغربية ومنها دخلت نسبة كبيرة من الإرهابيين وخصوصاً مايعرف بالدولة الإسلامية في العراق والشام,بالإضافة إلى إرهابيين من مناطق بعيدة ووفقاً للسوريين فإن النسبة الكبيرة من القوقازيين في المقام الأول من داغستان وأذربيجان وأوزبكستان وأيضاً من مناطق أسيا الوسطى وشمال إفريقيا ,كما إعترفت أوروبا بوجود كبير للمرتزقة من بلدانها داخل الأراضي السورية.
الإرهابيون وخلال فترة الحرب استطاعوا حل مشلكة التمويل بالإعتماد على التمويل الذاتي وبالتالي تحرروا جزئياً من الدفعات النقدية من الخارج كما إكتسبوا خبرة ومهارة في صناعة الأسلحة وصيانتها.
الحكومة السورية وجيشها يدركان الوضع الإقتصادي تماماً لذلك لايسمحان بالتهور بالإنفاق في الموارد المادية والبشرية، الحرب مستمرة وقد تطول لأنها حرب غير واضحة المعالم.
منذ سنة ونصف والجيش السوري يحقق إنتصاراته مع تراجع واضح وعجز الإرهابيين عن تحقيق أي إنتصار فالشيء الوحيد الذي يمكن أن يُحدث تغييرا جذريا في الوضع الراهن غزو من الخارج أو خلق منطقة حظر جوي على غرار ماحدث في ليبيا وعندها سيلجأ الغرب إلى ضرب الأهداف العسكرية والبنى التحتية, فقط حينها تنقلب الموازين لصالح الإرهابيين ولكنه من الواضح أن الغرب لن يذهب إلى هذا الخيار.
يتم تدمير الإقتصاد السوري والمراكز الصناعية الرئيسية في البلاد بشكل ممنهج والقطاع الوحيد الذي حافظ على وضعه بشكل نسبي هو الزراعة وخصوصاً في المناطق الساحلية. الصعوبات والتعقيدات تتراكم لكن الحكومة السورية تتأقلم مع المرحلة وتحولت من الكم إلى النوع.
انتخابات 3حزيران لم تغير من الوضع الراهن,فليس من المقرر لدى الغرب وملوك العرب توجيه ضربة عسكرية ساحقة للنظام وإنما إشغاله بحرب استنزاف طويلة,لكن دمشق أثبتت أنها قادرة على حل المشاكل الأكثر كارثية ,نجا الأسد وحكومته من اللكمات القوية ,الفريق السياسي لدى الأسد مدرب تدريباً جيداُويدرك تماماً كيف يدير حربه الإستنزافية.
من أهم القضايا هل سيعترف الغرب بفشله السياسي في سوريا؟وهل سيحاول الضغط أكثر في ظل الإنشغال الروسي بالأزمة الأوكرانية وتطوراتها على حدوده الغربية؟
المسألة معقدة وليست بسيطة, فالغرب غير متجانس ويعاني من أزمة ويجب أن يضع في عين الإعتبار أن الأزمة ليست إقتصادية فقط وفي حالة إرتفاع مستمر وعلى صلة مباشرة بالنظام العالمي والتناقضات داخل النخب الغربية قائمة والحديث عن توحيد الصف الغربي بلامعنى.
لذلك يمكن أن نتوقع استفزازات تهدف إلى إشراك الولايات المتحدة"ببساطة لايوجد غيرها" في عملية عسكرية ضد سوريا ذات أهداف محدودة ويخيل للقائمين عليها بأنها كافية لإختراق الوضع الحالي ,فإن حاول الغرب التدخل بشكل فعال في سوريا فعليه أن يقوم بعمل ممنهج وخطير والأهم تحديد الهدف من سقوط سوريا ونتائجه.
خلال ثلاث سنوات من الحرب على سوريا لم تعط الولايات المتحدة جواباً منطقياً ونهائيا عن الغرض من تغيير النظام ولم يكن السبب في عدم وجود جواب وإنما مجموعات مختلفة ولكل منها مصلحته الخاصة والحال مماثل بالنسبة للممالك العربية والتي تملك هي بدورها أهدافها الخاصة ولذلك إندلعت الصراعات فيما بينها.
فبل عام تغير حاكم قطر الممول الرئيسي للحرب على سوريا وقبل أسابيع حدث ذلك في السعودية بإقالة بندر بن سلطان أشد مؤيدين الحرب على سوريا ,بإنكفاء قطر وإنسحابها من الحرب على الرغم من دعمها الغير مباشر للجماعات الإرهابية المشاركة في الأحداث السورية وإقالة بندر بن سلطان لن تسعى الصقور في الولايات المتحدة على تكثيف الحرب على سوريا .
من الناحية العملية هذا لايعني أن الحرب ستتوقف بسرعة فالحرب إكتسبت صفة الجمود وقد تستمر لفترة طويلة ومع ذلك تبقى المشكلة الأساسية للحكومة السورية القضاء على الجماعات الإرهابية المتطرفة وفي مقدمتها بما يسمى الدولة الإسلامية في العراق والشام .
26\04\2014
تُرجم من: http://www.vz.ru/opinions/2014/4/25/683943.html
الجمل
إضافة تعليق جديد