حزب الله ومعادلة الأمن الأقليمي الشرق أوسطي
الجمل : برغم سيولة مفهوم الشرق الأوسط , إلا أن جميع التعريفات تؤكد بأن إقليم الشرق الأوسط يتضمن المنطقة الممتدة والتي يشكلها حزام الدول الذي يغطى المنطقة
من أفغانستان شرقا ً , وحتى ساحل الأطلنطي ... موريتانيا غربا ً .
ظل الإقليم يعتمد على جملة من العوامل , الجيوبوليتكية , الخاصة بمنطقة الشرق الأوسط , يمكن ربطها بمتغيرين رئيسين , هما :
ـ متغير الكيان الصهيوني : ويتمثل في التوجها ت العدوانية الإسرائيلية التي تتبنى علنيا ً و رسميا ً عقيدة عسكرية عدوانية تهدف إلى احتلال وضم أراضي الدول الأخرى وإبادة الشعب الفلسطيني , وليس تحدي المجتمع الدولي وحسب , بل واستخدام المؤسسات الدولية كعامل مساند لها في إملاء وفرض توجهاتها الوحيدة الاتجاه .
ـ متغير الإدارة الأمريكية : لا يمكن النظر إلى متغير الإدارة الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط متغيرا ً مستقلا ً , بل هو بالأحرى متغير تابع للمتغير الإسرائيلي , واستنادا ً لاتفاقية التعاون الاستراتيجي الإسرائيلية ـ الأمريكية , فإن كل أجندة
الإدارة الأمريكية في الشرق الأوسط تتم وفقا ً لآراء وموافقة إسرائيل المسبقة .
وبالتالي لا يمكن الحديث عن ( وساطة أمريكية ) في أي صراع تكون إسرائيل طرفا ً فيه ومن ثم فإن كل ما يملك أن يقوله الرئيس بوش لفؤاد السنيورة , هو المطالب الإسرائيلية .. وعلى حكومة السنيورة أن تتفهم تماما ً بأن بوش يعرف مسبقا ً بكل مخططات العدوان الحالية ضد لبنان .. ويعرف المطالب والمشروطيات الإسرائيلية ,إن لم يكن قد شارك الإسرائيليين في وضع هذه الشروط والمطالب .
يؤثر هذان المتغيران على المعادلة الاستراتيجية الخاصة بالأمن الإقليمي الشرق أوسطي , هذا ويمكن توضيح ذلك من خلال طبيعية التهديدات التي تواجه الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط , وذلك على النحو التالي :
ـ تهديدات اقتصادية : وتتمثل في السيطرة الأمريكية على الموارد النفطية , والمالية , إضافة ً إلى الشروط الجائرة التي يفرضها الاتحاد الأوربي والمؤسسات الاقتصادية الدولية المسيطرة عليها أمريكيا في المعاملات والمبادلات مع كل دول الشرق الأوسط ما عدا إسرائيل . كذلك من عوامل التهديد الاقتصادي , تقديم المساعدات الاقتصادية والمالية الهائلة بشكل مفتوح إلى دولة إسرائيل .
ــ تهديدات عسكرية : وتتمثل في التواجد العسكري المباشر , الذي يتمثل في الحضور العسكري المفرط , القوة للجيش الإسرائيلي , بفضل المساعدات الأمريكية والغربية , إضافة ً إلى تمركز وانتشار القوات الأمريكية , مما يتمثل في مئات الآلاف من الجنود الذين يقومون باحتلال أفغانستان والعراق , كذلك القواعد العسكرية المنتشرة في منطقة الشرق الأوسط .
ــ تهديدات سياسية . وتتمثل في عملية تحريك المنظمات والمؤسسات الدولية من أجل استصدار القرارات المعادية لشعوب وحكومات بلدان هذه المنطقة , والعمل على فرض واقع سياسي غير ملائم أو مناسب إلا لجهة ٍ مساندة السياسات الإسرائيلية والأمريكية
ـــ مهددات اجتماعية : وتتمثل في عمليات النزوح الجبري والتهجير الجماعي لمئات الألوف من سكان الشرق الأوسط من جراء العمليات العسكرية العدوانية التي تقوم بها القوات الأمريكية في العراق وأفغانستان .. والقوات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية
لقد أدت هذي الضغوطات الإسرائيلية الأمريكية , إلى تطبيق مبدأ شد الأطراف على
دول وشعوب منطقة الشرق الأوسط , وفي هذه البيئة المضطربة , وإزاء ما تقوم به
الـ ( نخبة الحاكمة اللبنانية ) من مساعي للتوافق والانسجام مع المشروع الإسرائيلي الأمريكي ـ
برز حزب الله ككيان سياسي عسكري , مستقل , يرفض عمليات الاحتلال والهيمنة الأجنبية ..
بشكل لا يقبل الشك في أطروحة واحدة , أن حزب الله سوف يستمر في التعامل مع إسرائيل باللغة التي تفهمها إلا وهي لغة القوة , وذلك وفقا ً لقناعة ِ أفراده وقيادته والجماعة السكانية اللبنانية التي تدعمه .
إن تأثير حزب الله على معادلة الأمن الإقليمي , لا يمكن غض النظر عنه , وبرغم أن الكثيرين ينظرون إلى تنظيمه باعتباره ِ جماعة ً محدودة ً , قد لا تستطيع الاستمرار لفترة ٍ طويلة ٍ في مواجهة الجيش الإسرائيلي , فإن ما هو هام يتمثل في البعد القيمي الذي سوف يثبته ويرسخه حزب الله عن طريق تعامله مع الكيان الصهيوني , والذي بدوره ِ سوف يؤدي إلى إرسال إشارة قوية واضحة .. توضح بأن المقاومة الشعبية هي أمر لا مناص ولا مهرب منه أمام مواجهة العدوان والقوة الغاشمة الإسرائيلية والأمريكية .
وعلى هذا النحو , تشير أبرز التوقعات والتأثيرات , التي لن تكون في مصلحة إسرائيل ولا في مصلحة أمريكيا , ويمكن تحديدا ً القول , بأن هذي العملية سوف تفضي إلى إيقاظ المزيد من مشاعر المقاومة داخل وخارج فلسطين , في العراق .. أفغانستان ..
وبالضبط فإن أشكال ( عدوى ) عملية حزب الله هو ما تخافه الصهيونية وأمريكا ..
الجمل : قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد