حين تدب النخوة في المؤخرات الرخوة لا عزاء للمفجوعين

30-07-2006

حين تدب النخوة في المؤخرات الرخوة لا عزاء للمفجوعين

الجمل: دبت النخوة في المؤخرة الرخوة وأدانت الأمم المتحدة   "الغارة الجوية الاسرائيلية" على قرية قانا بجنوب لبنان، ولم تكلف نفسها عناء وصفها بالمجزرة المروعة، معتبرة أنها مجرد غارة أودت بحياة 57 مدنيا على الاقل بينهم 27 طفلا فقط، ربما كانت الأمم المتحدة بحاجة الى قنابل إسرائيل الذكية تأتيها من حيث لا تدري حتى يتهتز ضميرها المفعوص بالأصابع الأمريكية، فالجرائم التي اركتبت في لبنان لا تبدو مروعة بما يكفي لهز ضمير المجتمع الدولي وبعض العربان الأشاوس،  فالأمم المتحدة المهيضة الجناح دعت إلى إجراء تحقيق فوري. فيما دولة عربية أبية أعربت عن "انزعاجها"، وقد تكون الصدمة عقدت لسانها مثل حال جير بيترسن الممثل الشخصي للامين العام للأمم المتحدة كوفي عنان في لبنان الذي شعر "بصدمة عميقة وحزن بالغ لمقتل عشرات المدنيين من اللبنانيين بينهم العديد من الاطفال في قانا ."
كان يتعين على إسرائيل أن تكون أكثر رحمة كي لا ينزعج أصدقائها العرب ، ولا يصدم الموظفون الدوليون المضبوعون،  وكي لا تعكر صبحية وزيرة الخارجية البريطانية مارجريت بيكيت بصور أطفال قانا، فتخرج عن طورها و تصف العمل الإسرائيلي بأنه "مروع للغاية". وكان الأجدر بها أن تستلهم صلافة نظيرتيها الأمريكية والإسرائيلية، وتصفق لهذه المجزرة ، وألا تقول : "دعونا إسرائيل مرارا وتكرارا للعمل على نحو متناسب"  فهذا كلام دبلوماسي لا معنى له خاصة وأنها لم تعتبر القصف الإسرائيلي  "غير متناسب".  كونه عمل متناسب ومنسجم جداًُ مع العقل الإسرائيلي الحاقد والانتقامي .
في فرنسا صحا الرئيس شيراك من نومه وبدأ بتناول الكروسان حين نميت إليه أخبار الهجوم الإسرائيلي على أطفال قانا، فلم يغص بالكروسان، وإنما لاشه بين أسنانه وبعض أضراسه وبعدما أعطى لعقله صفنه قصيرة رأى أن الهجوم "يبرز الحاجة لوقف إطلاق النار فوراً" ومن ثم أعطى الإشارة لمكتبه كي يصدر البيان الفرنسي:" علم الرئيس ببالغ القلق بأحداث العنف التي أزهقت أرواح العديد من الضحايا الأبرياء وبخاصة النساء والأطفال في قانا." وأضاف "إن فرنسا تدين هذا العمل غير المبرر الذي يظهر أكثر من أي وقت مضى الحاجة لوقف فوري لإطلاق النار حتى لا تتكرر مثل هذه الأحداث ".  ويا سلام  يا سلام قد أيه بلا طعمة هذا الكلام.
في إسرائيل لم تفاجأ وزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليزا رايس  بالمجزرة ، وإنما اعتبرتها فرصة لتشد على يد إسرائيل  مجدداً عبر القول: " إن الوقت حان لوقف إطلاق النار بين إسرائيل ومقاتلي حزب الله"  وهي تعني أن إسرائيل شفطت حاجتها من دماء اللبنانيين، وآن لها التوقف ، لكن إذا رغبت بالمزيد فأمامها الملاجئ لتعب المزيد من الدماء وتنهش المزيد من الأطفال، طالما إدارة بوش الوكيل الحصري للخير يرى في ذلك مصلحة تعمم الخير على المنطقة والعالم. وإذ تأسف رايس للقصف الذي أودى بحياة  مدنيين أبرياء ، فذلك ذراً للرماد في عيون أحبائها في حكومة الأكثرية الذين تجرؤوا أخيراً ورفضوا استقبالها ما لم يتم وقف فوري لإطلاق النار، لا بل أن السنيورة لم يكتف بحرمان رايس من قبلاته وأحضانه، بل هاجم "مجرمي الحرب الاسرائيليين" وطالب بوقف فوري غير مشروط لاطلاق النار واجراء تحقيق دولي في "المذابح الاسرائيلية". !!
رايس كرمى لعين ما مضى من مشاورات ومكالمات ظلطت الإهانة والرفض اللبناني وقالت أنها ألغت زيارتها المقررة لبيروت ، معلنة بقاءها في إسرائيل بغرفة العلميات لتشرف مباشرة على خطط المجازر الإسرائيلية المقبلة في اليومين القادمين، ريثما يتم تنتهي مشاورات وقف إطلاق النار الموعود. مع أن  رئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود أولمرت  قال وبكل ثقة ووقاحة وصفاقة أن بلاده "لا تتعجل" وقف إطلاق النار " قبل أن تصل لتلك المرحلة التي يمكنها القول فيها انها حققت الاهداف الرئيسية التي حددتها وتشمل انضاج العملية الدبلوماسية وإعداد القوة المتعددة الجنسيات." بما معناه أن  النار التي تضع عليها رايس طنجرتها الدبلوماسية ستحتاج إلى كميات هائلة من وقود الدماء اللبنانية النقية.
في تلك الأثناء كان القادة العرب الأشاوس مع قادة الحرب الدوليين من هواة أفلام الرعب يتابعون، مونديال التوحش الإسرائيلي، ويتلذذون بمنظر عمال الإنقاذ  وهم ينتشلون  جثامين  أطفال قانا من بين الأنقاض.
 هنا  طفلة مرمية على الأرض، وهناك مزيد من الضحايا تحت الأنقاض ، خرسانة محطمة وقعت على صدر طفل كساه الغبار. وآخر تيبس جسده الغض وتشوه وجهه المغمس بالدماء . ساعات قضاها عمال الإنقاذ والصليب الأحمر ينقبون عن أشلاء  شهداء المجزرة الأبرياء الأنقياء ، عجزت الكاميرا عن نقل بشاعتها، فيما العالم المتحضر يخجل حتى من الإدانة المباشرة.  لأن الجيش الإسرائيلي الهمجي مسكين  وجبان، وقد تنكب عناء  الرد على هجمات المقاومة اللبنانية، بالهجوم على الأطفال والنساء العزل، وبعدما منح العالم إسرائيل حق الدفاع عن نفسها، وحق إبادة الفلسطينيين ولبنانيين وكل من يقول لا لإسرائيل.
فإسرائيل لا تقترب بالسوء ممن لا يعاندها وهاهم نشامى العربان يطأطأون رؤوسهم كي لا تصلها السكين الإسرائيلية ، ويغمضون عيونهم  كي لا  يروا على شاشاتهم الفضائحية ، شباب الصليب الأحمر اللبناني وهم  يغطون جثمان أحد الأطفال القتلى. والمرأة الراقدة بلا حراك داخل البناية المنهارة. والساق الممتدة من تحت الأنقاض في مكان مجاور والمسعف الذي يحمل طفل ميت بين ذراعيه. وجثمانين أطفال آخرين ملقاة في الشارع
النشامى  يغمضون عيونهم أو ربما ينتقلون الى قناواتهم الترفيهية ليستمتعوا بما لذ وطاب مما ملكت أيمانهم من أجساد تبرق وترعد تحت وابل موسيقى العهر والتعهر،  فلا يسمعوا  صوت محمد اسماعيل ابن قانا الجليل يصرخ في وجه العالم أنه مع المقاومة  فيما هو يبحث عن  أقاربه  بين القتلى ويقول: "ما ذنب هؤلاء الاطفال. اسرائيل اتت وقتلت اطفالا اعمارهم بين سنة وسنتين ونساء عزل ما ذنبهم. إسرائيل عجزت عن مواجهة الرجال المقاتلين في المقاومة فأتت لتنتقم من الأطفال والنساء ، فليأتوا ليقاتلوا المقاومة وجها لوجه." وقبل أن ينهار اسماعيل قال "هذا ليس ذنب اسرائيل وحدها بل ذنب امريكا والبلاد العربية التي غطت العدوان." محمد ينادي ولا حياة لمن تنادي ، حاله حال مسعف فقد الأمل بانقاذ رجل غطت وجهه الدماء ، مثلما غطت الشراشف البيضاء جثامين شهداء المجزرة فيما ظلت زراع صغيرة متيبسة مرفوعة الى السماء . تشكو ظلم من في الأرض، الذين يسكتون عن مجزرة تعاد للمرة الثانية في قانا وتطال أكثر من ستين مديناً احتموا من الغارات الحاقدة العمياء في أحد المباني، ليغدو هدفاً  لقنبلة ذكية جداً  تتمكن منهم وهم نيام، تدمر المبنى على رؤوسهم مع عدة بيوت مجاورة في مشهد أذهل العالم بوحشية بزت وحشية عناقيد الغضب التي حصدت أكثر من مائة لبناني عام 1996،  احتموا بمقر للأمم المتحدة ، وما تزال مقبرتهم على بعد كيلو متر واحد فقط من موقع المجزرة الجديدة. وصمة عار على جبين الإنسانية.
أولمرت قالها ولم يخجل أنه  "لن يهتز لنا جفن امام حزب الله ولن نوقف الهجوم رغم الظروف الصعبة. هذا هو الصواب الذي يجب أن نفعله." وكذلك كان موقف حاكم عربي قالها أيضاً ولم يخجل أنه لن يدخل  بلاده في حرب مع إسرائيل لحماية لبنان.
 إنها مباراة دولية في قلة الحياء، ستعمي عيون الشعوب العربية المقهورة بمناظر عورات حكامهم العجائز المتصابين وهم يهزهزون خصورهم  وأكتافهم ،كقطعان المهرجين القدماء،  ويرفعون مؤخرات أكل الزمان الأمريكي عليها وشرب، بحثاً عن فاعل مارق "نفسه قاطعة " يفعل فيهم بعد أن فقدوا القدرة على الفعل، يرقصون كجثث حية رقصتهم المذعورة على خشبة المذابح الإسرائيلية. في مسرح الهواء الطلق الأمريكي.
رقصة الهزيع الأخير من الحقبة العربية المتخاذلة، التي لن تسعفها قمم عربية لا تعقد وقمة إسلامية تعقد على عجل لمناقشة الحرب،  وما أحلاها هذه المناقشة التي  تجري من تحتها أنهار الدماء والأشلاء، في كوالا لامبور اليوم الخميس على مستوى زعماء الدول  أعضاء اللجنة التنفيذية للمنظمة المؤتمر الإسلامي ، المؤلفة من سبعة اعضاء تضم السعودية وقطر والسنغال واليمن وتركيا واذربيجان وماليزيا. وحسب بيان المنظمة فقد تمت الدعوة للاجتماع "نظرا لتمادي اسرائيل في هجومها على قطاع غزة ولبنان والتصعيد الخطير في منطقة الشرق الأوسط."!
 و ربما يترتب على ضحايا غزة وجنوب وشمال وشرق وغرب لبنان ، أن ينهضوا من مقابرهم الجماعية لتقديم الشكر الجزيل لدول اللجنة التنفيذية وغير التنفيذية وغيرهم ممن يجتمعوا ويناقشوا ويحاوروا  حول الحرب على لبنان ، على حركاتهم السريعة ورهزاتهم الممتعة وهزهزتهم المثيرة، حتى لو لم يتمكنوا من كبح شبق القصف الإسرائيلي وإرسال المزيد من الأبرياء إلى المقابر، لكنهم حتماً ستمكنون من إرسال مناديل الورق  لتنظيف مخلفات المجون الإسرائيلي، وأطنان من  أكياس النايلون والشراشف لتغطية وجه الفجيعة كي لا تتأذى مشاعر أعزائنا المشاهدين.
فشكراً شكراً  للجهود التي حولت لبنان الأخضر الحلو إلى مقبرة .

الجمل

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...