زيارة سعود الفيصل لواشنطن والتنافس القطري ـ السعودي على الحظوة الأمريكية
الجمل: شهدت العاصمة الأمريكية واشنطن دي سي أول أمس الثلاثاء 10 كانون الثاني (يناير) 2012 زياردة وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل، والذي عقد لقاءات دبلوماسية رفيعة المستوى، الأول مع الرئيس الأمريكي باراك أوباما، والثاني مع وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون: فما هي طبيعة دبلوماسية الوزير السعودي في واشنطن وما هي طبيعة بنود وأجندة العلاقات السعودية ـ الأمريكية خلال استهلالة هذا العام الجديد والذي بدأ أكثر سخونة بفعل التوترات الشرق أوسطية والدولية الجارية حالياً بفعل تأثير ملف الحدث السوري والملف الإيراني إضافة إلى العراق وبقية الملفات الأخرى؟
* جدول أعمال وزير الخارجية السعودي في العاصمة الأمريكية واشنطن:
تقول المعلومات بأن وزير الخارجية السعودي، الأمير سعود الفيصل قد وصل إلى العاصمة الأمريكية واشنطن في زيارة دبلوماسية وصفت بأنها شديدة الأهمية، التقى خلالها مع الأطراف الآتية:
•لقاء الرئيس الأمريكي باراك أوباما: أكد اللقاء على أهمية الروابط السعودية ـ الأمريكية، والتي وصفت خلال اللقاء بانها "استراتيجية"، وبالذات فيما يتعلق بملفات المصالح الأمريكية، والتعاون الأمريكي ـ السعودي إزاء القضايا الشرق أوسطية والدولية المشتركة، وأضافت التسريبات بأن الأمير سعود الفيصل قد سلم الرئيس أوباما رسالة من الملك السعودي عبد الله، ولم يتم الكشف عن فحوى الرسالة، وما كان لافتاً للنظر أن الرئيس الأمريكي قد كلّف الأمير سعود بنقل تمنيات الرئيس الأمريكي للملك السعودي عبد الله بدوام "الصحة والعافية".
•لقاء وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون: تقول المعلومات والتسريبات بأن لقاء كلينتون ـ سعود الفيصل قد تطرق إلى الملفات الشرق أوسطية الجارية: الملف السوري ـ الملف الإيراني ـ الملف العراقي ـ الملف اليمني ـ الملف البحريني، إضافة إلى ملف عملية سلام الشرق الأوسط. وأضافت المعلومات بأن لقاء كلينتون ـ الفيصل قد تميز بالوضوح الشديد إزاء تفاصيل كل سيناريوهات المنطقة الجارية حالياً.
لاحظ العديد من الخبراء والمحللين السياسيين أن زيارة الأمير سعود الفيصل للعاصمة الأمريكية واشنطن سوف تعقبها المزيد من التحركات الدبلوماسية الأمريكية ـ السعودية المتزامنة والمشتركة إزاء ملفات المنطقة، وبالذات ملفات سوريا ـ العراق ـ إيران، باعتبارها الأكثر أهمية بالنسبة لمحور واشنطن ـ الرياض. وفي هذا الخصوص تقول التسريبات بأن واشنطن سوف تسعى لجهة القيام بدور أكبر خلال الفترة القادمة إزاء ملف الحدث السوري.
* فعاليات مثلث واشنطن ـ الرياض ـ الدوحة: التعاون أم الصراع
أشارت تحليلات الخبراء إلى أن زيارة وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل قد جاءت مباشرة بعد زيارة رئيس الوزراء ووزير الخارجية القطري حمد بن جاسم الأخيرة إلى الولايات المتحدة الأمريكيةـ والتي عقد فيها لقاءات مع كبار المسؤولين الأمريكيين وأيضاً مع الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، وفي هذا الخصوص سعت تحليلات الخبر إلى رصد مسببات زيارة الأمير سعود الفيصل وفق النقاط الآتية:
•التفسير الأول: زيارة وزير الخارجية السعودي لواشنطن، تهدف إلى تكملة الفعاليات التي بدأها وزير الخارجية ورئيس الوزراء القطري حمد بن جاسم، وذلك لأن هناك توافقاً قطرياً ـ سعودياً إزاء الملف اليمني والملف السوري والملف الإيراني إضافة إلى الملف العراقي.
•التفسير الثاني: استطاعت الدبلوماسية القطرية خطف الأضواء من الدبلوماسية السعودية، وبالذات لجهة التحركات القطرية الأخيرة، إزاء ملف سوريا وملف ليبيا، وملف تونس، الأمر الذي أدى إلى خلق انطباع دولي عام بأن السعودية وإن كانت تمثل القوة الاقتصادية القائدة في دول مجلس التعاون الخليجي والشرق الأوسط، فإن قطر أصبحت تمثل القوة الدبلوماسية القائدة في نفس المنطقة، الأمر الذي دفع بدوره وزير الخارجية السعودي لجهة التحرك من أجل استعادة زمام المبادرة والسيطرة الدبلوماسية قبل أن تكتمل عملية اختطاف هذا الزمام بواسطة الدبلوماسية القطرية.
•التفسير الثالث: سعت الدبلوماسية القطرية لجهة القيام بالمزيد من التحركات الشديدة الخطورة في المنطقة، وكانت الرياض أكثر وعياً بطبيعة المنطقة وبعدم واقعية الدبلوماسية القطرية، فقد تريثت الرياض إلى حين دخول الدبلوماسية القطرية في "الورطة"، وبالفعل عندما لم تنجح الدبلوماسية القطرية في إدارة الملف السوري والملف اليمني إضافة إلى تزايد الرفض الليبي والتونسي للتحركات الدبلوماسية القطرية، فقد تحركت الدبلوماسية السعودية بكل هدوء لجهة استعادة دورها الريادي الشريك لواشنطن في ملفات وقضايا المنطقة.
•التفسير الرابع: بدأت التحركات الدبلوماسية القطرية ضمن تفاهم سعودي ـ قطري، تمّ بموجبه توزيع الأدوار، وظل الأمر هكذا لبضعة سنوات، ولكن طموحات القيادة القطرية أصبحت لا تقبل بأقل من تولي دور القائد الأعلى لدول مجلس التعاون الخليجي، وبالتالي فقد أدركت الرياض بأن الانتظار سوف يؤدي إلى جعل الدوحة تمسك بزمام كل أوراق الدبلوماسية والشرق أوسطية، ومن هنا جاءت تحركات الدبلوماسية السعودية.
•التفسير الخامس: تقول المعلومات، بأن تسريب المحادثة التلفونية التي نقلت حديث وزير الخارجية القطري ورئيس الوزراء حمد بن جاسم، التي وصف فيها القيادة السعودية بأنها هرمت وبأنه لابد من تغييرها قد عززت شكوك الرياض إزاء مدى مصداقية نوايا الدوحة الجديدة إزاء السعودية، وبالفعل سعت الرياض لجهة استعادة تعاونها السابق مع واشنطن ودفع الدبلوماسية القطرية إلى المقاعد الخلفية.
أما ما هو أكثر أهمية فيتمثل في التسريبات القائلة بأن الخلافات القطرية ـ السعودية قد تزايدت بسبب تعدد خطوط التواترات المرتفعة الشدة مع السعودية، فهناك خلاف بين شيوخ السلفية القطرية وشيوخ السلفية السعودية، ومثلما سعت الدبلوماسية القطرية لجهة القيام بالدور القيادي في المنطقة، فقد سعى شيوخ السلفية القطرية لجهة القيادة للحركة السلفية العالمية، وبالفعل قامت السلفيات القطرية بفتح المكاتب الخاصة بمعظم الحركات السلفية وحركات الإسلام السياسي، بما في ذلك حركة طالبان وغيرها في قطر، وإضافة إلى ذلك، أشارت المعلومات إلى أن بعض المصادر الأمريكية الرفيعة المستوى والوثيقة الصلة بالسعودية قد سرّبوا للرياض معلومات بالغة الخطورة، تقول بأن كبار المسؤولين القطريين قد دخلوا في تفاهمات مع كبار رموز جماعة المحافظين الجدد وجماعات اللوبي الإسرائيلي، إضافة إلى بعض الإسرائيليين ذوي العلاقات مع الدوحة حول ملف إنفاذ مشروع تقسيم المملكة العربية السعودية، بما يؤدي إلى تفكيك الكيان السعودي وتحويله إلى مشيخات وسلطنات وإمارات صغيرة، وهو المشروع الذي طالما حلمت به دوائر جماعة المحافظين الجدد وجماعات اللوبي الإسرائيلي، خاصة أن تفكيك وتقسيم السعودية يندرج ضمن أهم بنود جدول أعمال خارطة الشرق الأوسط الجديد، والتي بدأت أولى فعالياتها بتقسيم السودان إلى شمالي وجنوبي. وحالياً نجحت محاولة تقسيم اليمن. وإذا نجحت مخططات تقسيم السعودية، فإن ذلك سوف يحقق قفزة هائلة في خارطة طريق إنفاذ مشروع الهيمنة الإسرائيلية على المنطقة..
الجمل ـ قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد