سكان ريف الرقة يتخوفون من تفجير داعش سد الفرات
يخشى المزارعون المقيمون على ضفاف نهر الفرات أن يقدم تنظيم داعش الإرهابي على تفجير سد الطبقة في ريف الرقة الجنوبي دفاعا عن معقله الأبرز في سورية، في سيناريو كارثي من شأنه أن يهدد مئات القرى والمزارع بالغرق.
وارتفعت منذ مطلع العام الحالي وفق الأمم المتحدة مستويات المياه في نهر الفرات بالقرب من مدينة الرقة التي يخترق النهر شمالها ثم شرقها وصولاً إلى العراق.
وبحسب وكالة «أ ف ب» للأنباء، يتخوف سكان القرى والبلدات الواقعة غرب مدينة الرقة من أن يعمد التنظيم إلى تفجير سد الطبقة الذي يحتجز المياه على بعد أربعين كيلومتراً من مدينة الرقة، في محاولة لعرقلة تقدم خصومهم.
ويقول المزارع أبو حسين (67 عاماً) من قرية الطويحنة الواقعة على الضفة الشرقية للفرات على مسافة نحو 55 كيلومتراً من الرقة، «إذا نفذ التنظيم تهديده بتفجير أو إغلاق بوابات سد الفرات، فإن كامل المنطقة الواقعة جنوب نهر الفرات (…) مهددة بالغرق عن بكرة أبيها». وكانت قرية «أبو حسين» تحت سيطرة التنظيم منذ العام 2014، قبل أن تطرده منها قبل أسابيع «قوات سورية الديمقراطية» ذات الأغلبية الكردية، التي تدعمها واشنطن، في إطار هجوم تنفذه للسيطرة على مدينة الرقة.
ويقول «أبو حسين» الذي يخشى عودة التنظيم إلى قريته: «هم لا يخافون الله، ومن لا يخاف اللـه خف منه».
ويقع سد الطبقة على بعد 500 متر من مدينة الطبقة التي تعد معقلاً للتنظيم ومقرا لأبرز قياداته.
وتشكل مدينة الطبقة منذ أشهر هدفاً لـ«الديمقراطية» في إطار هجومها نحو الرقة الذي أطلقته في تشرين الثاني بغطاء جوي من «التحالف الدولي» بقيادة واشنطن.
وتمكنت «الديمقراطية» من التقدم غرب الرقة وسيطرت على عشرات القرى والمزارع، لتصبح على بعد خمسة كيلومترات من مدينة الطبقة ونحو أربعة كيلومترات من سد الفرات.
ويقول الفلاح رحيل حسين المحمود (52 عاماً) من قرية بير حسين الحمد: «تتوارد معلومات عن أن داعش يعتزم تفجير سد الفرات».
ويضيف: «إذا حصل ذلك فإن معظم مناطق الرقة ودير الزور ستغرق، وكثيرا من المدن والبلدات سيقتلها العطش، وستتلف المحاصيل الزراعية والمواشي»، مناشداً «الأمم المتحدة والعالم التدخل للحفاظ على السد ومنع انهياره، باعتباره يشكل شريان الحياة للمنطقة بالكامل». وتعتمد المحافظات الواقعة في شمال وشرق البلاد بشكل رئيسي على مياه نهر الفرات لتأمين المياه لملايين المدنيين ولري مساحات كبيرة من الأراضي الزراعية.
في قرية بير حسن الصغيرة، يستبعد الشاب حسن (35 عاماً) أن «يغامر تنظيم داعش بتفجير سد الفرات لأنه سيغرق مناطق سيطرته أيضا».
لكنه لا يستبعد كذلك أن «يلجأ إلى فتح بوابات السد لتغطية عمليات انسحابه، في حال فقد القدرة على المقاومة في المنطقة».
وأفاد مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في تقرير الشهر الماضي بأن مستوى المياه في نهر الفرات ارتفع إلى علو عشرة أمتار منذ شهر كانون الثاني الماضي.
وبحسب الأمم المتحدة، يعود هذا الارتفاع «جزئياً إلى الأمطار الغزيرة والثلوج» وكذلك إلى غارات لـ«التحالف الدولي» قرب مدخل السد.
وحذرت من أنه من شان أي ارتفاع إضافي في منسوب المياه أو ضرر يلحق بسد الطبقة أن «يؤدي إلى فيضانات واسعة النطاق في جميع أنحاء الرقة وصولا حتى دير الزور».
وقبل اندلاع الأزمة السورية في العام 2011، كان عدد سكان مدينة الطبقة يقدر بأربعين ألف نسمة وفق الباحث الفرنسي والخبير في الجغرافيا السورية فابريس بالانش، على حين كان عشرون ألفا آخرون يقيمون في مدينة الثورة المجاورة.
وأوضح مصدر رسمي يعمل في إدارة السد لـ«أ ف ب» أنه «إذا طالت معركة سد الفرات، سيؤدي ذلك إلى تداعيات خطيرة جداً على جسم السد وعمله».
وحذر المصدر الذي رفض الكشف عن هويته خوفاً من التنظيم، من أن «طول فترة المعارك قد يؤدي إلى إجبار الفنيين العاملين داخله على الفرار هرباً من الموت، وهو خطر إضافي، لأن السد لا يمكن أن يترك دون إدارة وتحكم فني».
وتبلغ كميات المياه المخزنة في سد الفرات أكثر من 14 مليار متر مكعب، على حين يخزن سد البعث الذي يقع على بُعد 27 كيلومتراً شمال سد الفرات، أكثر من تسعين مليون متر مكعب من المياه.
يذكر أن استكمال بناء سد الطبقة يعود إلى العام 1973. وقد أنجز بمساعدة من الاتحاد السوفييتي سابقاً.
أ ف ب
إضافة تعليق جديد