قمة عدم الانحياز: مرسي ينحاز ويهاجم دمشق وواشنطن تصفق له
افتتحت قمة دول عدم الانحياز في طهران، أمس، بحضور رؤساء دول أو حكومات أو مسؤولين كبار من الدول الأعضاء الـ 120 الأعضاء في الحركة.
ومن أول المؤشرات الايجابية للقمة، كسر الجليد بين القاهرة وطهران، التي احتفت بأول رئيس مصري يزورها منذ حوالي 30 عاما، والاجتماع الذي عقده الرئيس الإيراني محمود احمدي نجاد ونظيره المصري محمد مرسي، حيث بحثا الأزمة السورية وأكدا رفضهما التدخل الخارجي او الحلول العسكرية، وإمكان رفع مستوى التمثيل الديبلوماسي المقطوع بين البلدين، وتأكيدهما أن البلدين تجمعهما شراكة استراتيجية. لكن كان من اللافت ايضا ان خامنئي لم يخص مرسي الذي استغرقت زيارته ايران ساعات قليلة، باستقبال مثلما فعل مع العديد من الزعماء والرؤساء الذين شاركوا في القمة.
لكن موقف مرسي من الازمة السورية وانتقاداته نظام دمشق، اثارت بلبلة في اروقة مؤتمر طهران، سارعت واشنطن الى التقاطها والترحيب بها. ففي موقف لافت للنظر، ربط الرئيس المصري ضمنيا بين ما يتعرض له الفلسطينيون وما يواجهه السوريون، ودعا ايضا دول الحركة إلى «التضامن مع نضال أبناء سوريا الحبيبة ضد نظام قمعي فقد شرعيته».
وبدا كأن كلمة مرسي قد تؤدي الى فشل دعوته السابقة إلى تشكيل لجنة رباعية، تضم مصر وإيران وتركيا والسعودية، حيث سارع رئيس الحكومة السورية وائل الحلقي، واعضاء الوفد السوري، الى مغادرة قاعة المؤتمر، بينما كان مرسي يلقي خطابه، في حين اعلن لاحقا أن كلام مرسي وأد مبادرته لتشكيل «الرباعية»، بينما لم يعرف بعد مصير المبادرة العراقية، وما إذا كانت ستكون مقبولة من الجميع.
وكان وزير الخارجية والمغتربين السوري وليد المعلم صرح بأن الوفد السوري انسحب أثناء إلقاء الرئيس مرسي كلمته احتجاجا على مضمونها الذي يمثل خروجا عن تقاليد رئاسة القمة ويعتبر تدخلا بشؤون سورية الداخلية ورفضا لما تضمنته الكلمة حول سورية من تحريض على استمرار سفك الدم السوري.
ثم عاد الوفد السوري بعد انتهاء كلمة مرسي لمتابعة أعمال القمة
وقال الدكتور الحلقي رئيس الحكومة السورية في كلمته أمس "إنه انطلاقاً من هذا الموقف المبدئي أعلنت سورية قبولها بخطة مبعوث الامم المتحدة كوفي عنان وتعاونت معه ومع بعثة الأمم المتحدة للمراقبة في سورية في سبيل تنفيذ بنودها وقد أصبح واضحاً للجميع أن نجاح هذه الخطة يتطلب إلى جانب التزام الحكومة السورية الذي تم التعبير عنه بشكل واضح وجلي توافر التزام دولي صادق وإرادة سياسية حقيقية لدى الأطراف الداعمة والمؤثرة على المجموعات الإرهابية المسلحة لتشجيع الحوار ورفض العنف ووقف تسليح وتمويل المجموعات الإرهابية المسلحة".
وأضاف الحلقي بأن سورية حريصة على الوصول إلى حل سلمي للأزمة التي تواجهها يتفق عليه بين السوريين ويقوم على الحوار الوطني بينهم.
وأكد رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة ناصر عبد العزيز النصر ضرورة حل الملف النووي الإيراني بالطرق السلمية، مشدداً على حق إيران في استخدام الطاقة النووية. وشدد على «ضرورة إصلاح هيكلية مجلس الأمن بشكل يعكس الوضع العالمي الحالي». وأكد «ضرورة العمل على إنجاح مهمة مبعوث الجامعة العربية والأمم المتحدة الأخضر الإبراهيمي في سوريا».
وقال الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون إن ايران «يجب أن تلتزم بالكامل بقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وان تتعاون بعمق مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية»، محذراً من اندلاع «دوامة عنف» على خلفية المسألة النووية الإيرانية. واضاف «بما فيه مصلحة السلام والامن في المنطقة والعالم، أطلب بإلحاح من الحكومة الإيرانية اتخاذ الإجراءات اللازمة لإعادة الثقة الدولية بخصوص الطابع السلمي المحض لبرنامجها النووي».
ودعا أيضاً قادة «كل الأطراف» في الأزمة النووية الإيرانية إلى «وقف التهديدات الاستفزازية التي يمكن ان تتطور سريعاً الى دوامة عنف». ودان إنكار ايران لمحرقة اليهود وحق إسرائيل في الوجود. ودعا إلى جعل الشرق الأوسط منطقة خالية من الأسلحة النووية.
وحول الأزمة السورية، قال بان كي مون إن «أي طرف له تأثير يجب أن يكون جزءاً من الحل في سوريا». وحثّ جميع الأطراف «على وقف العنف».
وقال نجاد إن «مجلس الأمن احتلّ مكان الجمعية العامة ويتخذ القرارات بدلاً منها»، موضحاً «لا توجد دولة واحدة تمكنت من ضمان حقوقها عبر مجلس الأمن»، مشيراً إلى أن «الأمم والحكومات المستقلة لا يمكنها الذهاب إلى مجلس الأمن لنيل حقوقها».
ودعا إلى استحداث أمانة ومؤسسات لحركة عدم الانحياز من اجل المشاركة في إصلاح المنظومة الدولية وإدارة العالم، معتبراً أن جميع شعوب العالم غير راضية عن الوضع الراهن.
وتابع نجاد إن «الدول يتم غزوها لأعذار وحجج مختلفة، ويتم انتهاك حقوق الإنسان وتهديد استقلال الدول»، موضحاً أن «مبيعات الأسلحة أصبحت أمراً مشاعاً ومعتاداً، ويتم فرض الحروب وإثارة النزاعات بين الأمم من اجل ازدهار تجارة الأسلحة». واكد ان «تجارة البشر والافيون والمخدرات تحظى بدعم القوى الكبرى والسلطة»، معتبراً ان «ذلك جعل السلام والامن والاستقرار هدفاً بعيد المنال».
وتابع «هناك احتكار للقرارات في مجلس الأمن الدولي، حيث لم يفعل مجلس الأمن شيئاً للفلسطينيين الا ان يعزز سيطرة الكيان الصهيوني على الأراضي الفلسطينية، كما يقتل الناس في العراق وأفغانستان وغيرهما، الا ان مجلس الامن لم يفعل شيئاً، الا ان يبرر ذلك، وذلك بسبب سيطرة احد الأعضاء الدائمين واستخدامه حق الفيتو».
وقال رئيس الوزراء الهندي مانموهان سينغ إن «الوضع المتدهور في سوريا يثير القلق»، مشيراً إلى أن «حركة عدم الانحياز لا بد أن تحث الأطراف كافة على الزام أنفسهم بحل الأزمة بالطرق السلمية، من خلال عملية سياسية تفي بطموحات الشعب السوري».
وأضاف إن «الحركة دائماً ما تدافع عن قضية الشعب الفلسطيني، واليوم علينا تجديد تعهدنا بحل مبكر للمشكلة الفلسطينية، حتى يمكن للشعب الفلسطيني الذي عانى لفترات طويلة أن يعيش في سلام وكرامة في دولته».
وتختتم القمة ببيان ختامي اليوم، يفترض ان تتحدد فيه ما اذا كانت فكرة اللجنة الرباعية حول سوريا، التي اقترحها مرسي شخصيا في مكة، ستظهر الى النور، ام ستتشكل لجنة اخرى لمتابعة الازمة السورية.
المصدر: وكالات
إضافة تعليق جديد