ما هي خلفيات وأهداف زيارة رايس الجديدة للمنطقة
الجمل: سوف تقوم وزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليزا رايس يومي الثلاثاء والأربعاء القادمين بزيارة جديدة لمنطقة الشرق الأوسط، وسوف تلتقي خلالها مع رئيس الوزراء الإسرائيلي ايهود اولمرت، ومع محمود عباس رئيس السلطة الفلسطينية.
· خلفيات زيارة رايس الجديدة:
تقول المعلومات بأن كوندوليزا رايس سوف تقوم يوم الثلاثاء بالاجتماع مع أولمرت، ويوم الأربعاء مع محمود عباس.
الزيارة كما هو متوقع تأتي على خلفية التحركات الدبلوماسية الأمريكية من أجل الترتيب والتنسيق للمؤتمر الدولي لسلام الشرق الأوسط الذي دعت الإدارة الأمريكية إلى عقده في واشنطن خلال تشرين الثاني القادم.
السفير الإسرائيلي لدى واشنطن صالاي ميريدور سوف يحضر إلى إسرائيل من أجل حضور اجتماع أولمرت- رايس، والمشاركة في تحضيرات مؤتمر تشرين الثاني الدولي.
· أهداف زيارة رايس الجديدة:
تقول المصادر الصحفية الإسرائيلية، ومنها صحيفة ايديعوت احرونوت، بأن كوندوليزا رايس تهدف من زيارتها الجديدة إلى:
- معرفة ما الذي يتوجب عليها القيام به لكي يتم دفع عملية السلام للأمام.
- محاولة وضع الأسس اللازمة لإنجاح مؤتمر تشرين الثاني القادم.
- محاولة جمع الطرف الإسرائيلي والطرف الفلسطيني، وتوحيد توجهاتهما إزاء القضايا الخلافية على النحو الذي يسهل مهمة المؤتمر.
كذلك سوف تسعى كوندوليزا رايس للقيام بـ:
- حضور اجتماع اللجنة الرباعية للعام القادم.
- عقد اجتماع مع المانحين الدوليين المهتمين بدعم السلطة الفلسطينية.
- عقد اجتماعات مع المسؤولين في: دول الخليج، مصر، الأردن، لمناقشة مؤتمر القمة الإقليمي الذي ترعاه الولايات المتحدة.
- عقد محادثات مع بعض الزعماء العرب الآخرين.
· الأهداف غير المعلنة لزيارة رايس الجديدة:
الخط الفاصل بين (المعلن) و(غير المعلن) في توجهات السياسة الخارجية الأمريكية، أصبح ضعيفاً، ويكاد يكون غير موجود، فالسياسة الخارجية الأمريكية إزاء الشرق الأوسط أصبحت في جزء كبير جداً معلنة، وفي جزئها الصغير المتبقي (شبه معلنة).
تحاول الإدارة الأمريكية عقد مؤتمر دولي للسلام في الشرق الأوسط، يتميز بالآتي:
- عدم حضور سورية، من أجل تغييب وجهة نظرها.
- حضور الدول الخليجية، من أجل ابتزاز أموالها.
- حضور المعتدلين العرب، من أجل دعم ومساندة التوجهات الإسرائيلية- الأمريكية.
- حضور الدول الغربية الكبرى المتحالفة مع أمريكا والداعمة لإسرائيل، وهي: فرنسا، بريطانيا.
- إشراف الأطراف الفلسطينية التي اختارت السير في مسيرة المشروع الإسرائيلي- الأمريكي مثل: محمود عباس، وسلام فياض.
- إعطاء إسرائيل الدور الكامل في السيطرة على إدارة أجندة المؤتمر.
سوف تحاول كوندوليزا رايس إقناع دول الخليج ودول المعتدلين العرب بضرورة عزل سورية عن حضور المؤتمر، أو في أحسن الأحوال إعطائها دور (المراقب).
كذلك سوف تحاول كوندوليزا رايس إقناع محمود عباس بضرورة عدم المطالبة بأي موضوع أو طرق أي مطلب فلسطيني يندرج ضمن ما تطلق عليه إسرائيل (مفاوضات الوضع النهائي بين الفلسطينيين والإسرائيليين)، مثل: وضع القدس، إقامة الدولتين، إعلان الحدود، حق العودة، انسحاب إسرائيل، إزالة الحواجز.. وما شابه ذلك.
الصفقة التي تسعى إليها رايس، هي أن يقبل محمود عباس بأن يركز المؤتمر على ضرورة المضي قدماً في البحث عن السبل والوسائل الممكنة لتنشيط عملية السلام، والتي من أبرزها أن تترك السلطة الفلسطينية موضوع إقامة الدولتين وغيرها من قضايا مفاوضات الوضع النهائي، وتكتفي بضرورة الالتزام في الفترة القادمة بـ(محاربة الإرهاب).. والقضاء عليه في الساحة الفلسطينية.. وبالمقابل لذلك، فإن أمريكا سوف تواصل تقديم دعمها لمحمود عباس عن طريق دفع الأطراف العربية، والضغط عليها بواسطة إدارة بوش لكي تقوم بدفع الأموال اللازمة لمحمود عباس لكي يتمكن من تعزيز موقفه في الصراع ضد الإرهاب الفلسطيني المتمثل في حركة حماس، وحركة الجهاد الإسلامي.
أما بالنسبة لعزل سورية عن قضية الصراع في المنطقة، فإن كوندوليزا رايس سوف تسعى إلى عقد صفقة مع مصر والأردن، وأيضاً بلدان الخليج، تقوم على أساس عدم التعامل مع سورية وعدم إعطائها أي دول في عملية السلام، وتقديم المساعدة من أجل القضاء على حلفاء سورية في المنطقة، وبالذات حركة حماس، وحزب الله اللبناني، وذلك مقابل حصول مصر والأردن على الدعم المالي والاقتصادي والذي لن تقوم أمريكا بتقديمه هذه المرة، وإنما سوف تقوم الدول الخليجية بتقديمه نيابة عن أمريكا.
وعموماً، لقد وجدت دول الخليج العربي نفسها في ورطة وإشكالية كبيرة من جراء وقوفها إلى جانب مصر والأردن إزاء القضايا المرتبطة بالصراع العربي الإسرائيلي، والآن لو استمرت دول الخليج في نفس المسار فإن مشاركتها في مؤتمر تشرين الثاني الدولي لن تحقق لها سوى التعرض لابتزاز الإدارة الأمريكية المالي والسياسي، ولن تستطيع دول الخليج تفادي ذلك إلا باتباع أحد خيارين، الأول هو الإصرار على مشاركة سورية حتى لا يكون المؤتمر الدولي غير متوازن، والثاني هو الاعتذار بأي طريقة عن حضور هذا المؤتمر، والذي تعول عليه إسرائيل وإدارة بوش في إحداث نقلة نوعية كبيرة في الصراع العربي- الإسرائيلي، بشكل يؤدي على جعل العرب يقدمون لإسرائيل كل شيء مقابل الحصول على لا شيء.
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد