من يدعم حزب العمال الكردستاني بالمال والسلاح والمعلومات
الجمل: توجهات السياسية الأمريكية إزاء المناطق الكردية الموجودة في شمال العراق،أصبحت تتعرض لأصعب الأزمات، وذلك بشكل انعكس في الخلافات المتزايدة بين المسئولين داخل الإدارة الأمريكية، وعلى وجه الخصوص من جراء المواقف المريرة التي تعرضت لها مسيرة علاقات أنقرة- واشنطن، بدءاً من آذار 2003م، عندما رفضت تركيا السماح باستخدام أراضيها لعبور القوات الأمريكية إلى داخل شمال العراق.
* ماهية ملف الورقة الكردية:
ملف الورقة الكردية هو بالأساس ملف استخباري، يتخذ من عبارة القضية الكردية غطاء ظاهرياً تقبع تحت عباءته الكثير من الأجندة الاستخبارية السرية الخفية، غير المعلنة حتى بالنسبة للأكراد أنفسهم، وفي معرض الدلالة على ذلك نشير إلى أن ما يسمى بالقضية الكردية هو أمر لا يتعدى مسألة الحقوق الثقافية، ويفتقر إلى أي عمق فيما يتعلق بالظاهر الاثنو- ثقافية التي تنشط الحركات والفصائل الكردية في القيام بعمليات التسويق السياسي لها في الإعلام الغربي، وفي اتخاذها مطية لممارسة العنصرية ضد السكان العرب المقيمين في شمال العراق، والسكان الأتراك المقيمين في جنوب تركيا، والسكان الإيرانيين المقيمين في شمال غرب إيران، إضافة إلى الأقليات الأخرى الموجودة في المناطق الكردية مثل الآشوريين والكلدانيين والتركمان، والذين لم يقوموا بتبني القضايا على غرار الحركات الكردية، برغم أن الذرائع التي يمكن أن يستندوا عليها تفوق في قوة مصداقيتها المزاعم الكردية، خاصة الاشوريين الذين تجمع الكتب التاريخية والسماوية المقدسة على وجود ملوكهم وحضارتهم القديمة، بعكس الحركات الكردية التي لم يسبق أن قامت لها دولة تاريخية معروفة لا في العراق ولا في سوريا ولا في جنوب تركيا، وفقط يتحدث الأكراد عن ما يسمى بـ(جمهورية المهاباد) والتي ظهرت خلال فترة الحرب العالمية باتفاق بين ستالين وشاه إيران،ثم زالت باتفاق بين ستالين وشاه إيران، عندما اتضح أنها كانت مجرد نقطة لتجمع اليهود الإيرانيين والأتراك والعراقيين، وقد قام شاه إيران حليف إسرائيل وأمريكا بتصفية كيان (المهاباد) والذي ظل قائماً لفترة أقل من عامين.. ابرز الشهادات إزاء الملف الانفصالي الكردي نستقيه من الزعيم الكردي عبد الله أوجلان زعيم حزب العمال الكردستاني نفسه، والذي أعلن أمام العالم خلال محاكمته أنه لا يهدف إلى الانفصال عن تركيا وبأنه يحب بلده تركيا ويتمسك كثيراً بوطنيته التركية.
* محور الموساد – المخابرات الأمريكية ، ومحور البرازاني – الطالباني:
عوامل التحريض والتحفيز الخارجي تفوق في فعالية تأثيرها عوامل التحريض والتحفيز الداخلية، وبكلمات أخرى، فإن رغبة الاطراف الخارجية الإقليمية والدولية الهادفة إلى إشعال المنطقة الكردية واستخدامها كوسيلة جيوبوليتكية من أجل التأثير على دول الجوار الأربعة، اقوى من رغبة السكان الأكراد الموجودين في هذه الدول...
وقد نشطت أجهزة المخابرات، في التلاعب بالملف الكردي، وعلى وجه الخصوص جهاز الموساد الإسرائيلي ووكالة المخابرات المركزية الأمريكية، وزاد في فعالية التأثيرات الخارجية وجود الزعماء الأكراد الراغبين في القيام بدور بارونات الحرب وإدارة الصراعات السياسية والعسكرية بالوكالة عن الموساد الإسرائيلي ووكالة المخابرات المركزية الأمريكية.
* التمادي الإسرائيلي – الأمريكي في استغلال الحركات الكردية ورد الفعل العكسي:
برغم وضوح موقف تركيا وبقية بلدان المنطقة إزاء الملف الكردي، وبرغم وجود العلاقات الوثيقة التي تربط محور أنقرة – واشنطن، ومحور أنقرة – تل أبيب، ومصالح محور تل أبيب – واشنطن في المنطقة، فقد تمادى خبراء الإدارة الأمريكية في التلاعب بملف الحركات الكردية بشكل مفرط تجاوز حد المعقول، وهو تجاوز ترتبت عليه تغذية عكسية أصبحت تهدد الوجود الأمريكي من ثلاث محاور:
- تهديد من داخل العراق، لان الدعم الأمريكي غير المحدود والتحيز لصالح الأكراد، قد دفع حلفاء أمريكا العراقيين إلى التعبير عن رفضهم لذلك، وإلى إمكانية تخليهم عن التحالف مع أمريكا مهما كان الثمن...
- تهديد من داخل تركيا، وذلك لان التحيز الأمريكي غير المعلن لصالح الحركات الكردية، قد أصبح معلناً ومعروفاً بالنسبة للأتراك، والذين حددوا شروطهم الخاصة بالملف الكردي، وعلى عزمهم على تنفيذها حتى لو كان الثمن هو انهيار العلاقات التركية – الأمريكي، وهو الخسارة التي لن تتحملها لا أمريكا ولا حليفتها إسرائيل...
- تهديد من داخل المناطق الكردية: ويتمثل في أن الحركات الكردية التي أشرفت المخابرات الأمريكية والموساد الإسرائيلي، على عملية (تسمينها) سوف تتغلب على الأمريكيين والإسرائيليين إن حاولوا التخلي عنها، وتذيقهم نفس تجربة الحركات الأصولية الإسلامية التي قامت المخابرات الأمريكية بعملية (تسمينها) في أفغانستان لمواجهة الوجود السوفييتي، ثم تخلت عنها بعد ذلك، وحالياً أصبحت أمريكا تدفع ثمن الخطأ الفادح الذي ارتكبته في أفغانستان، والذي امتدت تأثيراته حالياً إلى باكستان، ومناطق جنوب شرق آسيا وآسيا الوسطى وغيرها...
* محور انقرا- واشنطن – تل أبيب وفضيحة حزب العمال الكردستاني- غيت:
تقول المعلومات الواردة بواسطة الصحافة التركية، بأن عمليات تزويد إسرائيل وأمريكا لحزب العمال الكردستاني بالعتاد العسكري والمال والذخائر والدعم الاستخباري والسياسي أصبحت مكشوفة بالنسبة للسلطات التركية، فقد أكد شهود عيان على حدوث الآتي في شمال العراق:
- تقوم الشاحنات الأمريكية بتوصيل الأسلحة إلى قواعد حزب العمال الكردستاني الموجودة في مناطق جبال قنديل بشمال العراق.
- استولت القوات التركية على الكثير من الأسلحة الأمريكية الحديثة الصنع التي كانت بحوزة عناصر حزب العمال الكردستاني خلال تسللهم عبر الحدود العراقية بهدف تنفيذ العمليات العسكرية ضد تركيا.
- اعتراف الكثير من عناصر حزب العمال الكردستاني للسلطات التركية بأنهم خلال فترة وجودهم في المعسكرات وقواعد الحزب بجبال قنديل كانت إمدادات السلاح والعتاد والمؤن تصلهم باستمرار بواسطة الشاحنات العسكرية الأمريكية.
* التهديدات التركية وردود الفعل الأمريكية:
على خلفية المعلومات المتعلقة بالمساعدات الأمريكية لحزب العمال الكردستاني، أنكرت الإدارة الأمريكية وجود أي صلة بينها وبين حزب العمال الكردستاني، وبرغم ذلك صرح وزير الخارجية التركي عبد الله غول حالياً (المرشح الرئاسي لحزب العدالة والتنمية الإسلامي) قائلاً بأن علاقاتنا مع الولايات المتحدة سوف تتضرر وتنفصم بقدر كبير.
للتعامل مع الأزمة التي هددت استقرار العلاقات التركية – الأمريكية، قام وفد برئاسة وليم جي هايني مستشار وزير الدفاع الأمريكي وعضوية فريق مكون من سبعة مسؤولين أمريكيين بمغادرة واشنطن إلى أنقرا وذلك من أجل التفاهم مع الجنرال إيرغيني سايون، نائب رئيس هيئة الأركان التركي الجنرال اليسار بيوكانيت وممثلين عن وزارة الخارجية التركية، ومديرية الأمن، وجهاز المخابرات التركية.
ناقش الاجتماع التحقيق الذي تقوم به الحكومة الأمريكية عن طريق وزارة الدفاع حول المزاعم والتقارير القائلة بأن الأسلحة الأمريكية التي قامت حكومة الولايات المتحدة ببيعها إلى السلطات العراقية من أجل تسليح الجيش العراقي، قد تسربت من مخازن العراقيين ووجدت طريقها إلى الحركات المسلحة الكردية..
وبرغم دقة السيناريو الذي حاولت السلطات الأمريكية دفع الوفد الأمريكي إلى التسويق له في أنقرا، فقد برزت بعض المعلومات الجديدة، التي أدت إلى انهيار حبكة السيناريو، وذلك عندما تم الإعلان بواسطة مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي عن اكتشاف المزيد من صفقات السلاح الفاسدة بين بعض المسئوليين الأمريكين في البنتاغون وعناصر القوات الأمريكية الموجودة في العراق، وحزب العمال الكردستاني.
وتحدث وزير الخارجية التركي عبد الله غول، بأنهم سوف ينتظرون نتيجة هذا التقرير والتأكد من هل هذه الصفقات (فاسدة) أي أنها صفقات تم تنظيمها وبرمجة تنفيذها بحيث تبدو وكأنها صفقات فاسدة، حاولت الإدارة الأمريكية إقناع السلطات التركية بإمكانية تعاونها مع تركيا في القيام بعملية سرية يتم بمقتضاها القبض على زعماء حزب العمال الكردستاني الموجودين في شمال العراق وتسليمهم إلى تركيا، مقابل أن لا تقوم تركيا بتنفيذ أي اقتحام عسكري لشمال العراق، وقدمت الإدارة الأمريكية اسم موراث كارايلان، وسيميل باييك باعتبارهما الزعماء والقادة الميدانيين الأكثر خطورة في حزب العمال الكردستاني، وبأن القوات الأمريكية سوف تقوم بإلقاء القبض عليهم وتسليمهم إلى تركيا، ولكن المفاجأة المذهلة والتي فاجأت الأكراد والكثير من الأمريكيين، أن تنفيذ عملية القبض على الزعيمين الكرديين قد تم الاتفاق عليها مسبقاً، وتم وضع تفاصيل مخططها في سمنار تم عقده بتاريخ 23 يونيو الماضي وتحديداً في معهد هدسن الأمريكي في واشنطن، وكان من بين المشاركين في السمنار.
• الأمريكية- الإسرائيلية الأصل ميعراف فورمزر مديرة مركز دراسات الشرق الأوسط التابع لمعهد هدسن والتي وصلت إلى رتبة العقيد في الجيش الإسرائيل ثم انتقلت إلى أمريكا بعد زواجها من اليهودي الأمريكي ديفيد فورمز مستشار ديك تشيني لشئون الشرق الأوسط.
• الرئيس العراقي، وزعيم الاتحاد الوطني الكردستاني جلال الطالباني.
• قباد جلال الطالباني، ابن الرئيس العراقي، ورئيس اللوبي الكردي في واشنطن.
• إثنين من كبار ضباط القوات البشمركة الكردية.
وسوء حظ الأمريكيين والإسرائيليين أن سيناريو السمنار الذي أشرفت على وضعه ميعراف فورمزر العقيد الإسرائيلي السابق بالتعاون مع جلال طالباني حصل الأتراك على تفاصيله بعد حدوثه مباشرة، حاول الأمريكيين بعد مرور شهر تقديمه لعرض للتعاون مع تركيا!!.
الجمل قسم الترجمة والدراسات
إضافة تعليق جديد