موسكو ترفض مشروع قرار غربي ضد دمشق: يشجع المعارضة على العنف ويقضي بتغيير النظام
أكد الرئيس بشار الأسد أمس، «أن الحوادث الأليمة انتهت والحمد لله وتستعيد المدن السورية التي تعرضت للحوادث استقرارها الكامل»، فيما تمسكت موسكو برفضها مشروع قرار أوروبي، تم توزيعه على أعضاء مجلس الأمن الدولي، يتم فيه التهديد بفرض عقوبات على سوريا، محذرة من انه يشجع المعارضة على مواصلة العنف، وأنه عبارة عن «مواصلة السياسة المعتمدة في ليبيا وتقضي بتغيير النظام».
والتقى الأسد الرئيس سليم الحص، في دمشق، وتم خلال اللقاء «الحديث عن الأزمة التي مرت بها سوريا واجتازتها بسلام» كما جاء في بيان المكتب الإعلامي للحص. وأكد الأسد «أن الحوادث الأليمة انتهت والحمد لله، وتستعيد المدن السورية التي تعرضت للحوادث استقرارها الكامل، والسلطة في سوريا تسهر على الوضع وتوليه اهتماما بالغا حفاظا على سلامة الشعب العربي السوري وهنائه».
وتطرق الحديث «إلى المد القومي والعربي الذي عاد إلى التعاظم والتنامي بزخم مشهود في سوريا، وهذا من شأنه أن يبقي سوريا في طليعة الأقطار العربية التي تحتضن الحركة القومية العربية بحيث تبقى محورا أساسيا لتلك الحركة في الوطن العربي الممتد من المحيط إلى الخليج» حسب المكتب الإعلامي للحص، مشيرا إلى تطرق الحديث إلى الوضع في لبنان «فكان تلاق في الرأي أن لبنان بقي وسيبقى في طليعة الأقطار العربية التي حفظت الوفاء كاملا للأمة العربية. وسوريا حريصة كل الحرص على أمن لبنان واستقراره وتقف معه في موقع واحد دفاعا عن وحدته ورسالته ووجوده».
وكانت وكالة الأنباء (سانا) ذكرت أن الأسد بحث مع الحص الحوادث التي تشهدها سوريا وتداعياتها على المنطقة عموما وعلى لبنان خصوصا، مشيرة إلى أن الحص أكد «أن لسوريا دورا رياديا وأساسيا في الحفاظ على العروبة وأنها مستهدفة لهذا الدور». واعتبر «أن أي حراك سياسي في المستقبل في المنطقة يجب أن يكون مرتكزا على الفكر القومي لأنه الوحيد الذي يحافظ على وحدة المجتمعات العربية».
إلى ذلك، اصدر الأسد مرسوما يقضي بتشكيل اللجنة العليا للانتخابات. وتتشكل اللجنة من مستشاري محكمة النقض خلف العزاوي ومحمد حيدر الجدي وعبد الفتاح الابراهيم ومحمد أنيس سليمان وحسناء الأسود كاصلاء، وأنطوان فيلو
وكرر المندوب الروسي لدى الأمم المتحدة فيتالي تشوركين أن موسكو تعارض أي مشروع قرار جديد في مجلس الأمن يلوح بفرض عقوبات على سوريا.
وقال تشوركين «موقفنا هو أن (مشروع القرار حول سوريا) هو مواصلة السياسة المعتمدة في ليبيا وتقضي بتغيير النظام». وأضاف «دعونا نر الأمور كما هي، استمعنا إلى تصريحات من مختلف العواصم تصف ما هو مشروع وما ليس مشروعا، ونعتقد أن هذا الأسلوب في التفكير والحديث يشجع العنف في سوريا».
واتهم الغرب بأنه «يشجع بشكل أساسي العناصر الهدامة من المعارضة على مواصلة نهجها، ونرى أن هذا سيكون له تأثيرات خطيرة ومأساوية على سوريا وعلى المنطقة». وأشار مجددا إلى ما حدث في ليبيا حيث أدى قرار لمجلس الأمن يدعو إلى «حماية المدنيين» إلى تدخل حلف شمال الأطلسي لاسقاط نظام معمر القذافي، موضحا أن هذا مثال على إمكانية إساءة استخدام «صيغ بريئة».
وردا على سؤال عما إذا كانت عملية إسقاط العقوبات من أي قرار أمرا كافيا لتوافق عليه موسكو، ضحك تشوركين. وقال «لقد رأينا هذا الأمر يحصل مرات عديدة، خصوصا في ليبيا»، مضيفا «هناك عدد من الأمور نعتقد ببساطة أنها خطيرة جدا ولا يمكن استخدامها في الحالة السورية».
وكانت دول أوروبية وزعت على دول مجلس الأمن مشروع قرار جديدا ينص على التلويح بفرض عقوبات على الحكومة السورية بدلا من فرض عقوبات فورية. وصاغت مشروع القرار كل من بريطانيا وفرنسا وألمانيا والبرتغال، ويرمي إلى تجاوز فيتو روسيا والصين.
وبحسب نص مشروع القرار فإن مجلس الأمن يدين بشدة «الانتهاكات المنهجية والخطيرة والمتواصلة لحقوق الإنسان التي ترتكبها السلطات السورية، ويطالب بالوقف الفوري لجميع أشكال العنف». ويشير إلى أن مجلس الأمن «يعرب عن تصميمه في حال لم تتقيد سوريا بهذا القرار، على إقرار إجراءات هادفة بما فيها عقوبات». ويشدد على الحاجة إلى «آلية سياسية يقودها السوريون» من اجل إنهاء الأزمة ويعرب عن اسف مجلس الأمن لعدم تنفيذ الأسد الإصلاحات الموعودة. كما يدعو النص الى تعيين موفد خاص للامم المتحدة الى سوريا.
ويطالب مشروع القرار «بوقف فوري لأعمال العنف بحق المتظاهرين». ويعرب المجلس، وفق النص، عن «تصميمه في حال عدم امتثال سوريا لهذا القرار على تبني تدابير بما فيها عقوبات، تحت الفصل السابع».
من جهتها، اقترحت روسيا مشروع قرار يكتفي بإدانة أعمال العنف في سوريا من أي طرف. وقال تشوركين «نعتقد أن (مشروع القرار الروسي) إذا تم تبنيه سيشجع العملية السياسية في سوريا، ويساهم في وقف العنف لأنه لا يتضمن رسالة قوية».
ويعبر مشروع القرار الروسي «عن عميق القلق حيال الوضع في سوريا، ويدين تواصل العنف، ويعرب عن القلق من إمكانية تصاعده. ويدعو الى وقف فوري لكل انواع العنف والاستفزازات، ويحث كل الاطراف على الامتناع عن الانتقام، ضمنه الهجمات على مؤسسات الدولة». ويشدد «على ان الحل الوحيد للأزمة الحالية في سوريا هو عبر عملية سياسية سورية شاملة تهدف الى بحث المطالب المشروعة للشعب». وأضاف «يشير الى التعهدات والخطوات التي اعلنتها السلطات السورية للتوصل الى الاصلاح ونتوقع تقدما ملموسا في عملية تطبيقها».
ويدعو مشروع القرار السلطات السورية إلى الإفراج عن «كل السجناء السياسيين والمتظاهرين السلميين المعتقلين».
كما يشدد «على الحاجة الى حل الأزمة في سوريا بطريقة سلمية، واستبعاد أي تدخل عسكري خارجي». ويحث نص المشروع «المعارضة السورية على ابعاد نفسها عن المتشددين والانخراط في حوار سياسي مع السلطات السورية حول كيفية الاصلاح. وفي هذا الاطار، تشجيع الجامعة العربية على مواصلة جهودها الهادفة الى تشجيع الحوار السياسي بين جميع السوريين».
وفي نيويورك، اختتم وزير الخارجية وليد المعلم اجتماعات. والتقى وزراء خارجية فنزويلا نيكولاس مادوروس موروس وباكستان هينا رباني خار وبيلاروسيا سيرغي مارتينوف وماليزيا داتو سري انيف امان حيث شرح لهم التطورات الجارية في سوريا والخطوات الإصلاحية التي يقودها الأسد ومؤتمر الحوار الوطني الذي سيعقد قريباً في دمشق. كما أوضح «واجب الدولة في مواجهة الجماعات المسلحة حماية لأمن مواطنيها وعزم القيادة السورية على تنفيذ برنامج الإصلاح خلال الأشهر المقبلة».
وأعرب موروس عن دعم فنزويلا الكامل لسوريا ووقوفها الى جانبها في هذه الظروف. وشدد على «رفض الحرب الاعلامية التي تشن على سوريا والعقوبات التي فرضتها الدول الغربية عليها». وأدان «الحملة الاجرامية التي تتعرض لها سوريا نتيجة مواقفها ضد محاولات الهيمنة الاميركية والغربية على المنطقة».
بدورها، أكدت رباني خار «ضرورة احترام حق الدول في معالجة مشاكلها الداخلية، ورفضها للتدخل الخارجي في شؤون الدول الأخرى». وأعرب مارتينوف عن «ثقته بحكمة الأسد وقدرة القيادة السورية على إنجاز الإصلاح والحفاظ على أمن سوريا واستقرارها».
ودعا الامين العام للامم المتحدة بان كي مون الى وقف «القمع»، في لقاء مع المعلم أول من أمس. وقال المتحدث باسمه مارتن نسيركي ان «الامين العام جدد دعوته لوضع حد للعنف ولآلية فعلية تلبي تطلعات الشعب المشروعة الى تغيير سياسي شامل».
الى ذلك، اعلنت مجموعة الطاقة الكرواتية «اينا»، في بيان، انها خفضت الإنتاج في حقول النفط والغاز التابعة لها في سوريا بعد قرار الاتحاد الأوروبي بتشديد العقوبات على دمشق. وقالت «الاتحاد الأوروبي شدد العقوبات على سوريا وفرض حظرا على استيراد النفط السوري إلى الاتحاد الأوروبي. نظرا للتطورات الأخيرة عدلت اينا متوسط إنتاجها اليومي من النفط والغاز في سوريا».
وذكرت «رويترز» ان انقرة تحضر قائمة من العقوبات على سوريا، وذلك استكمالا لحظر على الأسلحة مفروض بالفعل. وأشارت الى ان العقوبات ستعلن خلال الايام القليلة المقبلة بعد ان يزور رئيس الوزراء رجب طيب اردوغان مخيمات حدودية تؤوي سوريين.
وقالت الحكومة التركية ان العقوبات ستستهدف الحكومة السورية وليس الشعب. وقال مسؤولون اتراك انها ستطال الجيش والعلاقات المصرفية وقطاع الطاقة وغيره.
وكانت إحدى ثمار الاجتماعات التركية ـ السورية تخطيط مصارف تركية لافتتاح فروع لها في سوريا، ولكن وسائل الاعلام التركية نقلت عن مسؤولين قولهم ان العقوبات ستستهدف على الارجح النظام المصرفي للدولة، مثلما فعلت العقوبات الاميركية والاوروبية. كما علقت خطط تأسيس مصرف تركي - سوري إلى جانب خطط تعزيز العلاقات بين البنكين المركزيين في البلدين حسب ما نشرت وسائل الاعلام التركية. كما يحتمل إلغاء خطط مثل استكمال مشروع غاز يربط خط انابيب عربي بخط انابيب تركي. وبرغم ان انقرة لم تقطع العلاقات رسميا فإن مسؤولين يقولون انها ربما تتخذ بعض الخطوات لخفض مستوى التمثيل الدبلوماسي في دمشق.
استفاق السوريون أمس على خبر اغتيال جديد في مدينة حمص، التي لم تخل من التوتر الأمني منذ عدة أشهر. والضحية هذه المرة ليست ضابطا في الجيش كما كان الأمر في الأيام السابقة، بل الاختصاصي في الهندسة النووية القائم بالأعمال في جامعة البعث المهندس أوس عبد الكريم خليل الذي تم اغتياله خلال إيصاله زوجته إلى عملها في أحد أحياء المدينة. وذكرت «سانا» أن «الضحية قتل برصاص مجموعة إرهابية مسلحة أثناء إيصاله زوجته لمكان عملها قرب جسر باب عمرو في المدينة».
وذكرت «سانا» ان «العقيد في قوات حفظ النظام تيسير العقلة استشهد جراء إطلاق النار عليه من قبل مجموعة إرهابية مسلحة مساء أمس (أول من أمس) في حي التعاونية بمدينة حماه». وأضافت «ضبطت الجهات المختصة كمية كبيرة من الاسلحة والعبوات في كل من بلدة كناكر بريف دمشق وتل ابيض في الرقة وأنحاء متفرقة من دير الزور».
وتابعت «في الشأن التربوي لم تسلم المدارس في منطقة جبل الزاوية وقرى ريف معرة النعمان الغربي والشرقي من اعتداءات المجموعات المسلحة بهدف تعطيل العملية التربوية فيها وخلق أجواء من الذعر بين المواطنين، حيث قام أفراد المجموعات باقتحام المدارس في كل من قرى بزابور وكورين وبنبنة وعين لاروز وأخرجوا الطلاب تحت تهديد السلاح من هذه المدارس. كما قامت مجموعة مسلحة بإحراق غرفة الإدارة والمكتبة في مدرسة الحكمة في بلدة معرشمارين التابعة لمنطقة معرة النعمان وقاموا بتهديد عدد من المدرسين والكادر التدريسي والإداري فيها».
المصدر: السفير+ وكالات
إضافة تعليق جديد