تركيا تستنفر الخليج إلى صفها «مذهبياً»ودعم دولي لـ«عراقية» معركة الموصل
حُسم الأمر في باريس، معركة الموصل «عراقية».. ومساعي التدخل التركي التي لم تهدأ منذ بدء العمليات العسكرية ضد تنظيم «داعش» الاثنين الماضي، وجدت ربما ما قد يكبحها دولياً، فيما انصرفت بغداد لاستكمال مهمة التحرير.
وعلى الرغم من الترحيب الدولي بالجهود التي يبذلها العراق لناحية الحرص على الوحدة بين أبنائه بمختلف طوائفهم، استكملت أنقرة تغريدها خارج السرب، فحذرت مجدداً من عمليات «تطهير طائفي أو عرقي» قد ترتكبه قوات «الحشد الشعبي» بحق من أسمتهم «سنّة الموصل». ويأتي ذلك فيما أكدت بغداد أن المعركة ضد الإرهاب لن تنتهي بانتهاء معركة الموصل.
في العاصمة الفرنسية، اجتمع وزراء خارجية أكثر من 20 دولة، إضافة إلى الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية، للتحضير للمستقبل السياسي لمدينة الموصل، ودعا المجتمعون إلى اتفاق سياسي شامل بين السلطات العراقية والفاعلين المحليين، لضمان حوكمة قوية للموصل والمنطقة المحيطة بها، على أن تكون شاملة وتحترم تنوّع السكان، وضامنا لتعايش سلمي.
ورحّب المجتمعون بـ «التزام الحكومة العراقية بتنفيذ إصلاحات الحوكمة والمصالحة الوطنية، ما يعتبر ضروريا لتلبية تطلعات جميع السكان العراقيين باعتبار تنوّعهم، وفي إطار احترام وحدة العراق».
وبخصوص الاحتياجات الإنسانية للعراقيين، أعربوا عن تضامنهم وتعبئتهم والتزامهم بمواصلة الجهود في مجال المساعدات الإنسانية الطارئة، كما عبّروا عن استعدادهم لدعم العراق في جهود إعادة البناء، من خلال تقديم الخبرات والمهارات، إضافة إلى الدعم المالي اللازم.
الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند أكد في كلمته الافتتاحية أهمية البدء في التخطيط لهجوم منفصل على معقل التنظيم في الرقة في سوريا، موضحاً أن مقاتلي «داعش» بدأوا بالفعل الفرار إليها من الموصل. وأضاف «يجب أن نقدم نموذجا يحتذى في ملاحقة الإرهابيين الذين يغادرون الموصل باتجاه الرقة... لا يمكن أن نقبل نجاحا يسمح لأولئك الذين كانوا في الموصل أن يختفوا في مواقع أخرى حيث يمكنهم شن هجمات».
رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي أكد عبر الفيديو من بغداد، لمناسبة افتتاح الاجتماع في باريس، أن القوات العراقية تتقدم بسرعة أكبر من المتوقع صوب مدينة الموصل لتحريرها من «داعش».
وقال إن كل الجهود تبذل من أجل فتح ممرات إنسانية للمدنيين الفارين من الموصل، موضحاً أن أي انتهاكات لحقوق الإنسان لن تكون مقبولة. وسعى لطمأنة داعميه الدوليين بالقول إن بلاده دخلت مرحلة جديدة من التعاون لتجنب العنف الطائفي.
وأضاف أن الحرب في الموصل «حرب عراقية يشنها عراقيون من أجل العراقيين ودفاعا عن أرض العراق»، مشيرا إلى أنها المرة الأولى منذ 25 عاما التي تدخل فيها القوات العراقية المنطقة الكردية الشمالية لخوض قتال مشترك.
وزير الخارجية العراقي ابراهيم الجعفري الذي ترأس الاجتماع مع نظيره الفرنسي جان - مارك ايرولت قال خلال مؤتمر صحافي مشترك: «سيكون من الخطأ الاعتقاد أن الحرب ضد داعش ستنتهي حين تنتهي معركة الموصل» مؤكدا ان «كل دول العالم مهددة».
بدوره، اعتبر ايرولت ان معركة الموصل حاسمة لأنها «تضرب التنظيم في قلبه»، موضحاً أن «المعركة كان ينبغي لها أن تنطلق قبل فترة طويلة، أي عندما كان داعش يبلغ ذروته في السيطرة على الأراضي، من أجل حسم المعركة ضده وعدم انتشاره».
وعلى جري عادة المسؤولين الأتراك، أوضح نائب رئيس الوزراء التركي نعمان قورتولموش أن أنقرة «تدرك تماماً موقع الموصل الهام التي تعد مدينة مفتاحية في توازنات الشرق الأوسط عقب هذه المرحلة»، مشدداً على أن «تغيير التركيبة السكانية للمدينة لا يساهم في إحلال السلام في المنطقة».
وقال خلال لقاء عدد من الصحافيين في ولاية أنطاليا جنوب البلاد، إن «أسوأ سيناريو يمكن أن يحل في الموصل هو أن تقع فيها ممارسات تطهير طائفي أو عرقي»، مشيراً إلى أن السيناريو السيئ الآخر هو تعرض الجنود الأتراك في معسكر بعشيقة لهجمات.
وحذر من أن «سيطرة الحشد الشعبي على الموصل يمكن أن تشكل بداية عمليات تطهير طائفية، ما يشكل تهديداً للتركمان والعرب هناك، وتركيا مستعدة لمثل تلك السيناريوهات».
وكان قورتولموش قد حذر في وقت سابق من ارتكاب قوات «الحشد الشعبي مجزرة ضد السكان السُنّة بمدينة الموصل»، داعياً دول الخليج لـ «دعم تركيا في معركة الموصل ورفع أصواتها عاليا من أجل التوصل إلى حل كي لا تتحول معركتها إلى صراع طائفي».
ميدانياً، تابعت القوات العراقية المشتركة و «البشمركة» تقدمها في عملياتها العسكرية لطرد تنظيم «داعش» من الموصل، وانطلقت، أمس، عملية استعادة مناطق بعشيقة وتلسقف ونوران بسهل نينوى، فيما أعلنت وزارة الخارجية الأميركية عن مقتل جندي أميركي في انفجار شمال العراق.
وفي سياق المعلومات عن مغادرة زعيم «داعش» ابو بكر البغدادي لمدينة الموصل، أكد وزير المالية العراقي السابق هوشيار زيباري أن البغدادي لا يزال داخل المدينة.
وأشار زيباري، وهو يتولى منصبا رفيعا في «الحزب الديموقراطي الكردستاني» الذي يتزعمه رئيس إقليم كردستان العراق مسعود البرزاني، إلى وجود معلومات استخباراتية جديرة بالثقة تؤكد أن البغدادي وخبير المتفجرات في «داعش» فوزي علي لا يزالان داخل المدينة.
وكالات
إضافة تعليق جديد