الدور الاستخباري السعودي المرتقب في أفغانستان بعد استلام أوباما
الجمل: برزت المزيد من التسريبات الأمريكية الجديدة المؤكدة لجهة ضرورة قيام الرياض بدور في الساحة الأفغانية ولكن حتى الآن لم تتضح بعد الكثير من التفاصيل المتعلقة بذلك، وحالياً فإن هناك أسئلة كثيرة يمكن طرحها: ما طبيعة هذا الدور؟ وما هي حدوده؟ وما هي أجندته وجدول أعماله؟ ومن سيقوم بتنفيذ ترتيباته الإجرائية؟ هل بواسطة السعوديين بشكل مباشر أم بواسطة بعض الوكلاء المحليين؟ وما هي آليات هذا الدور: الدبلوماسية أم المال أم السلاح أم كل ذلك مجتمعاً؟
* خلفيات التفاهم على خط الرياض – واشنطن:
تعود ملفات الدور السعودي في أفغانستان إلى فترة حكم الجنرال ضياء الحق وذلك عندما استطاعت واشنطن توظيف الآتي:
• الروابط القبلية والاجتماعية والدينية السلفية – السنية الباكستانية – الأفغانية.
• المال السعودي والروابط السلفية – السنية السعودية – الأفغانية والسعودية – الباكستانية.
لاحقاً بعد ذلك، احتفظت واشنطن بروابطها الوثيقة مع الرياض وإسلام آباد وتخلت عن الجماعات الأفغانية الأصولية التي طالما أن موسكو قد أخلت الساحة الأفغانية وأن الاتحاد السوفيتي نفسه قد انهار.
انقلبت واشنطن على الحركات الأصولية الإسلامية وانقلبت الحركات الأصولية الإسلامية على واشنطن ووصل الأمر إلى درجة المواجهة العسكرية عندما قامت واشنطن بغزو أفغانستان. وبرغم تحالف باكستان والسعودية مع الولايات المتحدة الأمريكية في حربها ضد الحركات الأصولية الإسلامية الأفغانية، احتفظت كل من الرياض وإسلام آباد بالعلاقات والروابط الوثيقة مع هذه الحركات.
لم تكن علاقات إسلام آباد والرياض بعيدة عن إدراك واشنطن وإنما هي علاقات وروابط حاولت واشنطن النفاذ عبرها واستخدامها كـ"بوابة خلفية" للتعامل والروابط غير المباشرة مع هذه الحركات وتقول المعلومات أن واشنطن اعتمدت خلال الفترة الماضية ما يعرف بـ"استراتيجية البوابات الخلفية المزدوجة" مع الحركات الأصولية الأفغانية:
• بوابة إسلام آباد: وتمثل "العصا" التي تستخدمها واشنطن لردع الحركات الأصولية.
• بوابة الرياض: وتمثل "الجزرة" التي تستخدمها واشنطن لجهة إغراء وتليين مواقف الحركات الأصولية.
هذا، وقد ارتبط مدى اعتماد الإدارة الأمريكية على هذه البوابات على التطورات الجارية على جانب كل من المتغير العسكري الميداني في ساحة شبه القارة الهندية والمتغير الدبلوماسي في الساحات الإقليمية والدولية المختلفة.
* مدى التوافق الأمريكي حول الدور السعودي:
خلال الأشهر الأربعة الماضية ظهرت الكثير من التسريبات التي تفيد لجهة التأكيد على قيام الرياض بدور ما في الساحة الأفغانية، وتقول المعلومات والتسريبات أن إدارة بوش قد حاولت تنشيط بوابة الرياض في التفاهم مع الحركات الأصولية الأفغانية وعلى وجه الخصوص حركة طالبان باعتبارها تمثل الفصيل المسلح الرئيس في الساحة الأفغانية.
التحول الأمريكي باتجاه دبلوماسية البوابة السعودية جاء بسبب فشل الجهود الأمريكية التي هدفت إلى استخدام الجيش الباكستاني في شن العمليات العسكرية ضد قواعد الفصائل الأفغانية المسلحة المتركزة في مناطق القبائل وفي منطقة بلوشستان ووزيرستان الشمالية والجنوبية.
• اعتمد الرئيس بوش ضرورة دفع الرياض إلى الساحة الأفغانية واستغلال مخزوناتها من العلاقات والروابط مع الزعماء الدينيين ورجال المليشيات الأفغانية المسلحة.
• أكد الرئيس المنتخب أوباما على ضرورة دفع الرياض باتجاه القيام بدور في الساحة الأفغانية طالما أن ذلك سيترتب عليه دعم التحالف الدولي على تحقيق أهدافه المطلوبة في الساحة الأفغانية.
على هذه الخلفية يمكن القول أن الدور السعودي في أفغانستان قد أصبح متفقاً عليه بين الجمهوريين والديمقراطيين وبالتالي فإن علينا أن نتوقع أن تحاول إدارة أوباما الديمقراطية المضي قدماً فيما بدأته إدارة بوش الجمهورية. ملف الدور السعودي في أفغانستان ينطوي على الكثير من المكونات والعناصر المتداخلة التي من أبرزها:
• الروابط بين الزعماء الوهابيين السلفيين السعوديين والزعماء السنيين السلفيين الأفغانيين.
• الوجود المكثف لكبار قدامى المحاربين الجهاديين الأفغان في الأراضي الخليجية.
• الوجود المكثف للمنظمات الخيرية – التطوعية السعودية في الساحة الأفغانية.
• الوجود المكثف للمسلحين السعوديين والخليجيين الناشطين في الحركات الجهادية المسلحة الموجودة في الساحتين الأفغانية والباكستانية وعلى وجه الخصوص تنظيم القاعدة وحركة طالبان.
• الروابط القوية بين الزعماء الدينيين الوهابيين السلفيين السعوديين مع الحركات الأصولية الإسلامية الناشطة في أوزبكستان تركمانستان وطاجاكستان بالإضافة إلى باكستان والهند، وقدرة السعوديين على استخدام وتوظيف هذه العلاقات والروابط لجهة التأثير على الحركات المسلحة الجهادية الأفغانية.
تشير المعلومات والتحليلات إلى أن الدور السعودي القادم لن يكون مقتصراً على الساحة الأفغانية وحدها وإنما سيمتد إلى شبه القارة الهندية وآسيا الوسطى ومنطقة القوقاز، وعلى الأغلب أن يتوسع التعاون وبالتنسيق بين واشنطن والرياض لجهة استخدام الرياض كبروكسي الوكيل الذي يربط أطراف الشبكة الإقليمية لجهة عدد الحركات الأصولية التي تنخرط ضمنها وتقول التوقعات أن المخابرات السعودية ستمدد أذرعها وأياديها الخفية عن طريق شبكة الجمعيات والمنظمات الوهابية وتقول المعلومات أن الدور المخابراتي السعودي في الساحة الأفغانية ستستخدمه واشنطن كموازن للدور المخابراتي الباكستاني لردع المخابرات الباكستانية وحرمانها من الانفراد بالعمليات السرية في الساحة الأفغانية ومناطق آسيا الوسطى.
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد