مسرح الصراع العربي-الإسرائيلي وإعادة توجيه مجريات الصراع
الجمل: بدأ مسرح الصراع العربي-الإسرائيلي مع إطلالة صبيحة اليوم, وهو ينطوي على جملة من التطورات الدراماتيكية, والتي تنذر بقدوم مرحلة من الاستقطاب النوعي الأكثر خطورة لجهة توجيه وإعادة توجيه مجريات الصراع: فما هي الوقائع الدراماتيكية, وما هي حركية هذا الاستقطاب؟
توصيف الوقائع الجديدة:
تقول المعلومات والتقارير, بأن مسرح الصراع العربي-الإسرائيلي قد شهد حدوث الوقائع الآتية التي فاجأت جميع المراقبين, والتي تمثلت في حدوث الآتي:
• زيارة الزعيم الفلسطيني محمود عباس للصين, وخلال حضوره فعاليات معرض شنغهاي الدولي, تقدم بطلب للزعيم الصيني الرئيس هوجينتاو بضرورة أن تقوم الصين بفرض أكثر العقوبات تشددا ضد إيران.
• موافقة الزعيم الفلسطيني محمود عباس على العودة إلى طاولة المفاوضات مع الإسرائيليين, الأمر الذي لم يكن يتوقعه حتى الإسرائيليون أنفسهم.
هذا, وأكدت المعلومات والتسريبات, بأن الرئيس الصيني هوجينتاو قد ارتبك وأصابته الدهشة إزاء طلب الرئيس الفلسطيني محمود عباس, وأضافت المعلومات بأن محمود عباس قد برر مطالبته بفرض العقوبات الصينية ضد إيران, استنادا إلى ما أسماه محمود عباس, بأنه أسباب إنسانية بحتة, تتعلق بحماية حياة الفلسطينيين, وذلك لأن اندلاع أي حرب في الشرق الأوسط سوف يكون هذه المرة ليس بسبب الاحتلال, أو النوايا العدوانية الإسرائيلية, وإنما بسبب إيران, وبالضرورة سوف تؤدي هذه الحرب إلى إزهاق أرواح الفلسطينيين, وبالتالي فإن على الصين أن تسعى لفرض العقوبات ضد إيران من أجل حماية أرواح الفلسطينيين!!
أما بالنسبة لقرار محمود عباس بالعودة لطاولة المفاوضات غير المباشرة مع الإسرائيليين, فحتى الآن لا توجد أي مبررات كافية واضحة, أو حتى مقنعة ضمنيا, وكل ما هناك يتمثل في أن زعيم السلطة الفلسطينية –الذي انتهت منذ فترة طويلة ولايته الشرعية والقانونية- قد قرر مفضلا اللجوء لخيار المفاوضات, هذا وتقول التسريبات والمعلومات, بأن رئيس الوزراء الإسرائيلي سوف يقوم بعد بضعة أيام بزيارة القاهرة ومقابلة الزعيم المصري حسني مبارك, وبعده مباشرة سوف يأتي الزعيم الفلسطيني للقاء مبارك في القاهرة, وخلال هذه اللقاءات سوف يكون مبارك على صلة ومتابعة وثيقة مع الإدارة الأميركية من أجل ترتيب هذه المفاوضات.
ماذا يدور على الجانب الأميركي؟
أدت توجهات حكومة نتنياهو الأخيرة, وعلى وجه الخصوص استمرار الاستيطان, وعمليات تهويد القدس, وإهانة السيناتور جو بايدن نائب الرئيس الأميركي, وقرارات طرد الفلسطينيين إلى عملية انقسام كبيرة في العديد من الأوساط الأميركية, وأبدى العديد من الأميركيين, بما في ذلك بعض اليهود الأميركيين المزيد من الاستنكار وعدم التأييد لتوجهات حكومة نتنياهو, وحاليا فقد أدت موافقة محمود عباس بالعودة إلى المفاوضات إلى إرباك هؤلاء جميعا, وإضافة لذلك, تقول المعلومات والتسريبات, بأن جماعات اللوبي الإسرائيلي تمارس خلال هذين اليومين ضغوطا متزايدة على إدارة أوباما من أجل إعفاء السيناتور جورج ميتشل من مهمة المبعوث الأميركي الخاص للشرق الأوسط, وتعيين دينيس روس مبعوثا خاصا بدلا عنه, وعلى ما يبدو, أو بالأحرى كما هو واضح, فإن سيناريو إعفاء السيناتور جورج ميتشل الهدف منه, هو:
• إهانة ومعاقبة السيناتور ميتشل باعتباره يتحمل قدرا كبيرا من المسئولية إزاء حدوث الخلافات الأميركية-الإسرائيلية حول المستوطنات.
• تحقيق بعض الاعتبارات الواقعية, وذلك لأن المطلوب إسرائيليا ليس هو مبعوث خاص أميركي متعاطف مع إسرائيل, وإنما مبعوث خاص "متعاون" مع الإسرائيليين, ويتميز بالقدرة والقابلية على إقناع الإدارة الأميركية بتغيير مواقفها بما ينسجم مع تغير التوجهات والسياسات الإسرائيلية.
• إهانة خصوم دينس روس داخل الإدارة الأميركية وعلى وجه الخصوص وزيرة الخارجية هيلاري كلنتون, والتي سبق وأن استخدمت التلفون في توبيخ بنيامين نتنياهو وشد أذنه على خلفية الطريقة المهينة التي تعامل بها مع نائب الرئيس الأميركي السيناتور جو بايدن خلال زيارته لإسرائيل.
أكدت بعض التسريبات الأميركية الصادرة اليوم, على الموقع الإلكتروني الخاص بجماعة السلام الآن الأميركية, بأن الإدارة الأميركية سوف تسعى باتجاه المتابعة اللصيقة لمحادثات نتنياهو-محمود عباس غير المباشرة, بما يتيح تحويلها بعد فترة إلى مفاوضات فلسطينية-إسرائيلية مباشرة, ودون شروط مسبقة!!
محور واشنطن-تل أبيب: إشكالية المذهبيات المتعاكسة؟
سعت إدارة الجمهورية إلى اعتماد "مبدأ الاستباق" لمذهبية استراتيجية للتعامل مع ملفات أزمة منطقة الشرق الأوسط, عسكريا ودبلوماسيا, وجاءت إدارة أوباما الديموقراطية واعتمدت "مبدأ المسار المزدوج" للتعامل مع ملفات أزمة منطقة الشرق الأوسط, وذلك بما يتضمن الآتي:
• تشديد الضغوط على خصوم إسرائيل في المنطقة.
• التعامل مع خصوم إسرائيل في المنطقة.
ولكن, فإن مبدأ المسار المزدوج لم يكن يعجب جماعات صقور الإدارة الأميركية, وعلى وجه الخصوص ما ترتب عليه من الانفراج النسبي في أزمة العلاقات الأميركية-السورية, وانحلال عقدة الملف اللبناني, إضافة إلى قرار الإدارة الأميركية بالانسحاب من العراق, وعدم القيام بضرب إيران.
تشير المعطيات, إلى أن الإدارة الأميركية, وتحديدا مجلس الأمن القومي الأميركي, قد بدا أكثر اهتماما هذه الأيام لجهة اعتماد ما أطلق عليه الخبراء الاستراتيجيون, تسمية "مبدأ بترايوس" والذي سعى من خلاله قائد القيادة الوسطى الحالي الجنرال ديفيد بترايوس إلى الربط بين متغير تزايد الخسائر الأميركية في المسرح العراقي والمسرح الأفغاني والمسرح الباكستاني, مع متغير الضغوط التي تمارسها تل أبيب ضد الفلسطينيين, وذلك ضمن علاقة تغير طردي تقول:
• كلما تزايدت الضغوط الإسرائيلية ضد الفلسطينيين, كلما ازدادت خسائر الأميركيين في العراق وأفغانستان وباكستان.
• كلما قلت الضغوط الإسرائيلية على الفلسطينيين, كلما قلت خسائر الأميركيين في العراق وأفغانستان وباكستان.
وبكلمات أخرى, فقد وجد "مبدأ بترايوس" طريقة إلى الصعود من خلال حديث السيناتور جو بايدن نائب الرئيس الأميركي لبنيامين نتنياهو, والذي أكد من خلاله موبخا نتنياهو, بأن قراره توسيع الاستيطان والاستمرار فيه سوف يؤدي إلى إيقاع المزيد من الخسائر الأميركية في العراق.
حتى الآن, من الصعب أن يتكهن أي طرف بما في ذلك الإسرائيليون والأميركيون باحتمالات نجاح جولة المحادثات الفلسطينية-الإسرائيلية غير المباشرة القادمة بعد بضعة أيام, على حد تعبير داني ميريدور نائب نتنياهو, ولكن ما هو مؤكد يتمثل في أن إدارة أوباما قد بدأت تنظر في ضرورة إعداد الترتيبات اللازمة لعقد "مؤتمر قمة دولي" ليقرر في أمر أزمة الصراع الشرق أوسطي, في حالة انهيار هذه المحادثات, وفي هذا الخصوص نشر الموقع الإلكتروني الخاص باللوبي الإسرائيلي البريطاني, أن الرئيس الأميركي باراك أوباما قد تفاهم مع بعض الزعماء الأوروبيين على "خطة الإدارة الأميركية البديلة" في حالة فشل جولة المفاوضات الإسرائيلية-الفلسطينية غير المباشرة الجديدة, وأضافت تسريبات اللوبي الإسرائيلي البريطاني بأن هذه الخطة هي عقد مؤتمر القمة الدولي والذي سوف تقوم بالتنسيق والإعداد لعقده اللجنة الرباعية التي تتكون من: أميركا – روسيا – الأمم المتحدة – الاتحاد الأوروبي, وأضافت التسريبات بأن إدارة أوباما سوف تصدر القرار النهائي الخاص بعقد أو عدم عقد هذه القمة خلال شهري أوكتوبر/نوفمبر القادمين, باعتبارهما يمثلان التاريخ النهائي الحاسم المحدد لتحديد مدى نجاح أو عدم نجاح جولة المفاوضات الفلسطينية-الإسرائيلية غير المباشرة الجديدة.
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد