إسرائيل: قائمة طويلة تتصارع علـى خلافـة رئيـس الموسـاد
الآن صار مؤكداً: انتهى عهد رئيس الموساد الجنرال مئير داغان بالشكل الذي لا يريد. فقد سرب ديوان رئاسة الحكومة الإسرائيلية الجمعة الماضي للقناة الثانية في التلفزيون الإسرائيلي نبأ رفض رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو تمديد ولاية داغان لسنة أخرى.
وعلى الفور أثار هذا النبأ اهتماماً واسعاً جراء ما سبق وأشيع عن غضب رسمي على رئيس الموساد من الإخفاقات التي مني جهازه بها مؤخراً: قضية جوازات السفر المزورة المستخدمة في اغتيال القيادي في حركة حماس الشهيد محمود المبحوح والافتقار للمعلومات حول سفينة «مرمرة» التركية.
وكانت الحكومة الإسرائيلية قد مددت لداغان في رئاسة الموساد ثلاث مرات، آخرها في حزيران عام 2009، لولاية تنتهي في كانون الأول المقبل. وأعلن التلفزيون الإسرائيلي أن داغان طلب التمديد له لمرة رابعة، غير أن رئيس الحكومة رفض هذا الطلب. وأثار هذا الإعلان ردود فعل متضاربة في إسرائيل، حيث نظر البعض له على أنه عدم وفاء تجاه الرجل الذي أفلح في أن يحتل الصدارة في العمل الاستخباراتي أكثر من أي رئيس جهاز آخر في الدولة العبرية في العقود الثلاثة الأخيرة.
ورأى هؤلاء أن عدوى الطريقة التي ابتكرها وزير الدفاع إيهود باراك بإعلانه عدم التمديد لرئيس الأركان غابي أشكنازي قد انتقلت إلى رئاسة الحكومة المسؤولة عن الموساد. وأشار هؤلاء إلى أنه كان يحسن بنتنياهو أن يرتب الأمور بشكل مغاير، وأن يعلن أنه بالاتفاق مع داغان تقرر البحث عن رجل آخر لقيادة الموساد. ويشدد هؤلاء على أن داغان أفلح في سنوات رئاسته الثمانية للموساد من إعادة المجد للموساد ووضع هالة فوق رأسه بعد إخفاقات أسلافه.
غير أن معارضي داغان يرون أنه كان يستحق العقاب للإخفاقات والأضرار التي ألحقها بإسرائيل في ولايته هذا العام، سواء بعواقب اغتيال المبحوح أو بنتائج مجزرة «سفينة مرمرة» التركية. وكانت صحف عديدة قد دعت إلى إقالة داغان في أعقاب تلك الإخفاقات.
وقد اضطرت رئاسة الحكومة الإسرائيلية لإصدار بلاغ تقول فيه إن «رئيس الموساد لم يتوجه ولم يطلب تمديد ولايته لعام آخر. لقد سبق لرئيس الحكومة أن قرر في العام الماضي تمديد ولاية رئيس الموساد لعام. وبعدها لم يتخذ أي قرار آخر». وسعت رئاسة الحكومة ببلاغها هذا إلى تبديد الانطباع بأنها وراء تسريب نبأ عدم التمديد لداغان.
ولكن حتى قبل الإعلان عن عدم تمديد ولاية داغان كان الصراع قد احتدم على من يخلفه في رئاسة الموساد. والواقع أن مثل هذه الصراعات، سواء في رئاسة أركان الجيش أو الموساد أو الشاباك، تدعى بـ«حرب الجنرالات». غير أن ما يميز الصراع بين رئاسة الأركان ورئاسة كل من الموساد والشاباك هو أن الصراع في الجيش داخلي محض في حين أنه في الجهازين الأخيرين داخلي وخارجي.
فرئيس أركان الجيش يأتي كقاعدة من داخل هيئة الأركان، ونادراً ما يأتي من أعضاء سابقين في هيئة الأركان العامة.
ولكن في الموساد والشاباك تتصارع مدرستان: واحدة تؤيد التعيين من خارج المؤسسة وبهدف تجديد الدماء فيها ومنع الجمود الفكري، والثانية تؤيد التعيين من داخلها وبهدف تطوير عناصر التراكم الداخلي وإبقاء الحافز للتقدم.
ويمكن القول إن المدرسة الأولى أكثر شيوعاً في الموساد. فأغلب قادته في العقود الأخيرة جاءوا من خارج الجهاز، وكان داغان أحدهم. ومع ذلك على الدوام كان هناك في الموساد من رأى انه أحق من الآخرين في تولي القيادة. ويقال إن هناك اليوم أربعة في قيادة الموساد ممن يرون أنفسهم أولى بالقيادة من أي شخص من خارج الجهاز.
غير أن المعلقين الإسرائيليين يعتقدون أن أحداً من داخل الموساد لا يصلح للقيادة. فالنمط الذي عمل وفقه داغان لم يكن يسمح لأحد بامتلاك القدرة على قيادة الجهاز. وهذا يدفع للاعتقاد أن الفائز في السبق على رئاسة الموساد سيكون في الغالب من خارج الجهاز.
يرى معلقون عسكريون أن قائمة المتنافسين على رئاسة الموساد من خارجه طويلة. ويشير هؤلاء إلى أن رئيس الشاباك يوفال ديسكين، الذي يوشك على إنهاء ولايته هناك، هو الشخص المفضل لدى داغان لتولي رئاسة الموساد.
وقد سبق لديسكين أن عمل في الموساد مساعداً لداغان فور توليه مهام المنصب. ومن شبه المؤكد أن ديسكين يرغب في المنصب الذي يعتبر بالغ الأهمية سياسياً وأمنياً وخشبة قفز نحو مواقع سياسية مهمة في المستقبل.
وإلى جانب ديسكين هناك حاجاي هداس، المسؤول اليوم عن ملف الأسرى والمفقودين. وكان هداس من قادة الموساد في السابق وترأس شعبة «قيساريا» التي تعتبر وحدة العمليات التنفيذية في الموساد لسنوات عديدة. واستقال من الموساد في إطار «حرب الجنرالات» عند الصراع على المناصب. ونظراً لقرب هداس من نتنياهو فإن هناك من يمنحه فرصة كبيرة في الجلوس على كرسي رئيس الموساد.
وإلى جانب ديسكين وهداس هناك جنرالان: يؤآف غالانت وهو مرشح أيضاً لرئاسة الأركان. ويعتقد أنه إذا أخفق في نيل منصب رئيس الأركان فقد يكون مرشحاً قوياً لرئاسة الموساد. ولغالانت تاريخ حربي طويل حيث كان قائداً لعدة جبهات، وهو قائد سابق لـ«شييطت 13» البحرية. والجنرال الثاني هو عاموس يدلين الذي يرأس شعبة ويرى معلقون أنه إذا اختار نتنياهو، هداس فإنه يرمي لإعطاء إشارة بأنه يريد الموساد أكثر هجومية من أي وقت مضى. أما إذا اختار يدلين فإنه يشير إلى رغبته في تهدئة لعب الموساد في الخارج.
من جهة ثانية (يو بي اي)، قال القائد العام لشرطة دبي الفريق ضاحي خلفان، في تصريح لصحيفة «غلف نيوز» نشرته امس، إن شرطة دبي قد تطلب من الأنتربول إصدار مذكرة اعتقال بحق داغان على خلفية تورطه في اغتيال المبحوح، معتـبراً أن استبعاد داغان من منصبه أمر متوقع لأن إسـرائيل لا تقبل «الخاسرين».
حلمي موسى
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد