القدس
(وثائق سورية): ملاحظات على المحادثات حول سورية-فلسطين
يبدو أن الجانب البريطاني، تحت التأثير المزدوج دون شك للمنادين بمصر الكبرى وأنصارها، يحاول ترجيح فكرة أن فلسطين لم يكن لها وجود خاص بها أبداً.
إصابة 7 فلسطينيين واعتقال8 باعتداء إسرائيلي بالقدس المحتلة
أوباماونتنياهو يعززان تفاهمهما بالتلاعب بشرط الاستيطان في القدس
أضفى المبعوث الرئاسي الأميركي جورج ميتشل «أجواء عناق» على محادثاته مع رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو في مسعاه لاستئناف المفاوضات غير المباشرة مع الفلسطينيين. وأثارت هذه الأجواء تقديرات بأن المهمة المركزية الآن هي إقناع السلطة الفلسطينية بالعودة للمفاوضات عبر إسقاط شرط إعلان إسرائيل تجميد الاستيطان في القدس المحتلة.
واستبقت صحيفة «هآرتس» محادثات ميتشل مع المسؤولين الإسرائيليين بالحديث عن الخطوط العريضة لخطة عرضتها إسرائيل على الإدارة الأميركية لتحريك العملية السياسية وإنهاء الأزمة مع واشنطن، وهي تتضمن: «تسوية انتقالية ودولة فلسطينية في حدود مؤقتة؛ تأجيل البحث في القدس، في ظل تعهد إسرائيلي بالامتناع عن الاستفزازات؛ البحث عن المجالات التي يوجد فيها خلاف بين نتنياهو وأوباما وعلى رأسها البناء في شرقي القدس؛ وتشدد ما في الخط الأميركي تجاه إيران وسوريا».
واجتمع ميتشل لأكثر من ساعة مع نتنياهو في مكتبه في القدس، ولم يتم الإعلان عن أية نتائج سوى أنهما اتفقا على اللقاء ثانية غداً الأحد. وقبل اللقاء قال نتنياهو لميتشل: «أتوقع العمل سوياً معك، ومع الرئيس أوباما من أجل تحقيق السلام». وشدد على «أننا جدّيون تجاه هذه المسألة، ونحن نعلم أنكم جدّيون، ونأمل في أن يتجاوب الفلسطينيون، إذ بات لزاماً علينا تحريك العملية والتقدم بها». ورد ميتشل بأنه يأمل «العمل مع نتنياهو من أجل تحقيق الهدف المشترك لنا وهو السلام الشامل في المنطقة».
وشارك في اجتماع نتنياهو وميتشل كل من مستشاره المحامي اسحق مولخو، ومستشار الأمن القومي عوزي أراد، إضافة إلى مساعد ميتشل ديفيد هيل.
وسبق لقاء ميتشل مع نتنياهو لقاء آخر مع وزير الدفاع ايهود باراك قبيل سفره إلى واشنطن، حيث تباحثا في استئناف المحادثات مع الفلسطينيين. ومن المقرر أن يصل باراك إلى واشنطن يوم الأحد للقاء كبار المسؤولين الأميركيين، بينهم وزيرا الخارجية والدفاع ومستشار الأمن القومي ورئيس الأركان المشتركة للبحث في شؤون التسوية والمشروع النووي الإيراني.
وفي أعقاب لقاء ميتشل مع الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز قال له الأخير إن «وصولك إلى المنطقة هذه المرة يطلق ضوءاً أخضر للاستمرار». وشدد على «أننا ملتزمون بالسلام، ومن لا يفهم جدية نياتنا يتجنى على الواقع». واعتبر بيريز أن «بعض العرب» يستخفون بجدية نيات إسرائيل
في السلام وأن إسرائيل معنية بنجاح مهمة ميتشل، «لأن أحداً لا يربح من جمود المفاوضات».
وكرر ميتشل يوم أمس قراءة مقاطع من رسالة الرئيس الأميركي باراك أوباما إلى قادة إسرائيل في ذكرى إعلان الدولة، وخصوصاً المقطع الذي يقول فيه إن التحالف مع إسرائيل غير قابل للاهتزاز. وأشار ميتشل إلى أن إسرائيل حليف مركزي للولايات المتحدة في الشرق الأوسط.
وانتقل الجهد الأميركي إلى رام الله للبحث مع المسؤولين الفلسطينيين، وفي مقدمتهم الرئيس محمود عباس، في العودة إلى طاولة المفاوضات. وقد مهدت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون لجولة ميتشل بمحادثة هاتفية مطولة أجرتها مع عباس. ويبدو أن السلطة الفلسطينية تدرك ما ينتظرها من ضغوط فعمدت للإيحاء بأنها ستعود لمفاوضات التقارب، ولكن من دون أمل بأن يقود ذلك إلى اختراق.
وأعلن مسؤول ملف المفاوضات في منظمة التحرير الفلسطينية، صائب عريقات أنه «يجب منح محادثات التقارب فرصة. ولكن من الواضح في الوقت ذاته، بحسب تصريحات نتنياهو مساء أمس (الأول)، أن هذه الحكومة الإسرائيلية عازمة على مواصلة الاستيطان والإملاء والمواجهة». وأضاف أن «نتنياهو يقول من جهة إنه لن يتفاوض حول القدس، ويريد في الوقت ذاته مواصلة فرض الشروط وإقامة المستوطنات في القدس. فما الذي تبقى من عملية السلام؟ هذه وصفة للكارثة وليست وصفة للسلام».
وتسود في إسرائيل تقديرات بأن ميتشل سيضغط على الفلسطينيين من أجل العودة للمفاوضات من دون إعلان عن تجميد الاستيطان في القدس ولكن مع إشارات للالتزام بـ«صفر استفزازات». ويرى المعلقون أن أوباما عاد عن سياسة الصدام مع نتنياهو وآثر سياسة العناق ومحاولة تخفيض اللهيب. والهدف في كل الأحوال متواضع وهو استئناف المفاوضات غير المباشرة من دون املاءات، ومن دون خطط سلام. وثمة إدراك بأن العقبات الجدية سرعان ما ستظهر في المفاوضات.
ويبدو أن نتنياهو استعد للجولة الجديدة من المفاوضات ببلورة عدد من المفاهيم الجديدة، وقبول تقديم مبادرات حسن نية وتسهيلات للفلسطينيين تواكب إطلاق المفاوضات. ومن بين هذه الأفكار توجد مسألة الدولة الفلسطينية بحدود مؤقتة، وحتى قبول إسرائيل بتعهد أميركي للفلسطينيين بأن هذا مجرد حل مرحلي ومؤقت ولن يكون حلاً دائماً.
ومن الجائز أن هناك جهات فلسطينية تنتظر رؤية تفاصيل التفاهمات الأميركية الإسرائيلية كي تبني موقفها. وتطالب هذه الجهات بآلية رقابة وجداول زمنية ومعرفة مدى التزام أوباما بفكرته عن حل الدولتين خلال عامين. ولا يخفي هؤلاء أن من بين المطالب الأميركية من إسرائيل أموراً ضرورية بينها نقل مناطق من «ج» إلى «ب»، ومن «ب» إلى «أ»، وتسهيلات أخرى، والإفراج عن معتقلين، وفتح مؤسسات فلسطينية في القدس. وبحسب هؤلاء فإن هذه خطوات تخلق أجواء مغايرة.