انطلاق انتخابات العراق دعوات إلى المشاركة الكثيفة

انطلقت العملية الانتخابية العراقية، أمس، حيث أعلنت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات بدء اقتراع الجالية العراقية في الخارج، بمشاركة متوقعة لنحو 785 ألف شخص في مئة ومركزين انتخابيين، في 19 دولة، فيما من المفترض أن تبدأ اليوم عملية التصويت الخاصة بالقوات الأمنية، قبل يومين على الاقتراع العام.
وقال مسؤول «وحدة انتخابات الخارج» في المفوضية العليا المستقلة للانتخابات فارس الجبوري إنّ «وحدة انتخابات الخارج التي شكّلتها المفوضية تشرف على مكاتب الدول الانتخابية التي تم فتحها في 14 دولة وهي أميركا وبريطانيا وألمانيا والسويد وهولندا وكندا واستراليا والدنمرك وتركيا وإيران والأردن والإمارات ولبنان ومصر»، مضيفاً أنّ «هناك خمسة مراكز فرعية ترتبط إداريا بمكاتب الدول المجاورة لها التي هي النمسا واسبانيا وفرنسا، ترتبط بمكتب ألمانيا، والنرويج ترتبط بمكتب السويد، ونيوزلندا ترتبط بمكتب استراليا».
وضمن فعاليات هذا اليوم الانتخابي، أدلى رئيس الوزراء العراقي السابق إياد علاوي بصوته، أمس، في العاصمة الأردنية عمان. ووصل علاوي، الذي يقيم في الأردن، إلى اللجنة الانتخابية في إحدى مدارس عمان بصحبة مجموعة من مرافقيه ثم سجل اسمه قبل أن يدلي بصوته أمام عدسات المصورين. ويتزعم علاوي قائمة سياسية جديدة في الانتخابات، هي «ائتلاف الوطنية» المنبثقة عن قائمة «العراقية» التي تزعمها في الانتخابات السابقة وحصدت 91 مقعداً في البرلمان.
وقال علاوي، في حديث إلى الصحافيين، إنّ «المشكلة هي أنها (الانتخابات) تفتقر إلى الشفافية وتجرى في مناخ شديد السلبية»، مضيفاً أنه «من وجهة نظر أمنية ثمة أنشطة عسكرية في عدة محافظات وترك آلاف الناس محافظاتهم سعياً إلى ملاذ آمن سواء داخل العراق... في كردستان... أو في أماكن أخرى». وتابع أنّ «المشاكل الأمنية أضخم في البلد والتفجيرات تحدث كل يوم. ثمة عدم دقة بالفعل ومن ذلك رفع اسمي من سجل الناخبين».
وتستمر العملية الانتخابية اليوم، حيث من المفترض أن تفتح مراكز «الاقتراع الخاص» في كافة المحافظات العراقية أبوابها اليوم أمام أكثر من مليون عنصر من الشرطة والجيش للإدلاء بأصواتهم في الانتخابات البرلمانية. وقال نائب رئيس المفوضية العليا المستقلة للانتخابات كاطع الزوبعي إنّ «مليون و23 ألف عنصر أمن من قوى الأمن الداخلي (الشرطة) وقوات الجيش سيتوجهون غدا الاثنين (اليوم) للإدلاء بأصواتهم في المناطق المتواجدين فيها وفقاً للاقتراع الخاص»، موضحاً أنّ «أي عملية عدّ وفرز لأصوات ناخبي القوات الأمنية في الاقتراع الخاص لن تتم إلا بعد انتهاء عملية الاقتراع العام».
وذكر بيان لمفوضية الانتخابات أنّ المراكز الخاصة باقتراع اليوم توزعت بواقع 534 مركز اقتراع لمنتسبي الأجهزة الأمنية و35 مركزا للمهجرين المسجلين و27 مركزا للنزلاء في السجون فضلا عن 140 مركزا للراقدين في المستشفيات في عموم البلاد.
وتسير العملية الانتخابية الديموقراطية في ظل تهديد أمني تصاعد خلال الفترة الأخيرة. وفي هذا الصدد، أدى تفجير سيارة في سوق لبيع الخضار في مدينة الصدر في شرق بغداد، أمس، إلى مقتل 11 شخصاً، على الأقل، وإصابة نحو 20، بحسب ما ذكرت مصادر أمنية.
وفي محاولة للحدّ من مخاطر أي تصعيد إضافي في أعمال العنف، أعلنت «قيادة عمليات بغداد» حظر سير المركبات في العاصمة بغداد، ابتداء من الساعة العاشرة من مساء غد الثلاثاء. وقال المتحدث باسم العمليات سعد معن لـ«السفير»، «قررنا أيضا إغلاق مداخل بغداد ومخارجها أمام حركة العجلات، استباقا للعملية الانتخابية التي تبدأ يوم الأربعاء المقبل». وكانت الحكومة العراقية أعلنت في وقت سابق تعطيل الدوام الرسمي في بغداد وفي المحافظات كافة أسبوعاً كاملاً، ابتداءً من يوم أمس، وحتى نهاية الأسبوع الحالي.
وفي حدث أمني لافت، أدّى هجوم مسلح في قضاء الزبير في محافظة البصرة، في وقت متأخر من مساء يوم الجمعة الماضي، إلى مقتل عضو مجلس المحافظة السابق المرشح على قائمة «البديل الديموقراطي» عبد الكريم الدوسري. وتلقي الهجمات التي يتعرض لها المرشحون وموظفو لجان الانتخابات وأفراد الكيانات السياسية بظلال ثقيلة على هذه الانتخابات.
في سياق آخر، برزت، أمس، أنباء نقلتها مواقع عراقية عن مصادر أمنية في «قيادة عمليات الأنبار»، أفادت بأن قوات الجيش العراقي بدأت، أمس، باقتحام مدينة الفلوجة في محافظة الانبار «لتطهيرها من عناصر داعش». وذكر مصدر أمني أنّ «قوات الجيش ترافقها دبابات ومدرعات وبإسناد طوافات بدأت باقتحام مدينة الفلوجة عن طريق ناحية الكرمة شرق المدينة»، موضحاً أنّ «العملية انطلقت من منفذ إبراهيم بن علي الذي يربط الناحية بقضاء التاجي، شمال العاصمة بغداد، ومنفذ الحميرة الذي يربط الناحية بمنطقة الشعلة، شمال غرب بغداد». ولم تؤكد «قيادة عمليات الأنبار» هذه الأنباء.
وعلى الصعيد السياسي الانتخابي، ففي كلمة لافتة استبقت انطلاق العملية الانتخابية، قال الزعيم الديني مقتدى الصدر، في كلمة ألقاها أمس الأول، «أوجّه الشكر الجزيل وامتناني العظيم إلى موقف المرجعية (في إشارة إلى المرجع الديني السيّد علي السيستاني) التي دعت وبصوت واضح للتغيير إذ عنت به تغيير كل مفسد وظالم».
كما دعا الصدر، الذي سبق أن أعلن اعتزاله السياسة في شهر شباط الماضي، الشعب العراقي إلى «الخروج بهذه الثورة البيضاء ليؤدي الطاعة من خلال الإدلاء بصوته وأن لا يتخلّف أحد»، مضيفاً «بحسب فهمي، إنها الفرصة الأخيرة للتغيير».
وأعرب في كلمته كذلك عن اعتقاده بأنّ الانتخابات التشريعية «لن تكون شفافة»، داعيا في سياق كلمته «دول الجوار إلى عدم التدخل في الشأن العراقي عموما والشأن الانتخابي خصوصا».
من جهته، دعا رئيس إقليم كردستان مسعود البرزاني إلى المشاركة الفعّالة في الانتخابات. وقال، في رسالة وجهها إلى سكان الإقليم، إنّ «مشاركة المواطنين في انتخابات مجلس النواب العراقي لها أهمية خاصة وتاريخية في هذه المرحلة»، معتبراً أنّ «المشاركة في الانتخابات ستسهم في إثبات وتقوية الثقل السياسي للكرد (الأكراد) في العراق». ورأى أنّ «المشاركة في الانتخابات هي للدفاع عن حقوق الشعب الكردي ومواجهة مناوئي الكرد في العملية السياسية في العراق».
بدوره، رأى رئيس الوزراء العراقي السابق إبراهيم الجعفري، في حديث إلى «قناة الميادين»، أنّ «رئاسة الوزراء يجب أن تكون جامعة لكل مكونات الشعب العراقي»، معتبراً أنّ «أي مسؤول يصل الى القيادة في العراق يجب ان يدعمه كل الشعب». وأشار في سياق حديثه على انه «لا يمكن لأحد أن يصل إلى رئاسة الوزراء من دون التوافق عليه داخلياً وخارجياً». كذلك، تطرق الجعفري إلى واقع «التحالف الوطني»، الذي أمّن سابقاً وصول رئيس الوزراء الحالي نوري المالكي إلى سدة رئاسة الوزراء والذي يشهد انقسامات اليوم، معتبراً أنّ «نقاط الاتفاق بين مكونات التحالف الوطني أكثر بكثير من نقاط الاختلاف».

وكالات