الجعفري: نطالب الحكومة الفرنسية بالاعتذار العلني عن حقبة استعمارها لسورية وبدفع تعويضات للشعب السوري

22-05-2014

الجعفري: نطالب الحكومة الفرنسية بالاعتذار العلني عن حقبة استعمارها لسورية وبدفع تعويضات للشعب السوري

أحبطت روسيا والصين اليوم تمرير مشروع قرار فرنسي في مجلس الأمن الدولي يدعو لإحالة الملف السوري إلى المحكمة الجنائية الدولية بعد أن صوتتا ضده مستخدمتين حق النقض "الفيتو".

وأكد مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة الدكتور بشار الجعفري في كلمة أمام مجلس الأمن عقب التصويت أن مشروع القرار الذي عرض اليوم هو نص سياسي تمييزي تدخلي بامتياز يهدف إلى التشويش على الانتخابات الرئاسية في سورية وخلط الأوراق وتأجيج الأزمة وتحقيق أهداف دعائية استعراضية وإقحام مجلس الأمن في هستيريا عداء بعض الدول لسورية دولة وشعبا مشيرا إلى أن الأزمة في سورية كشفت عن مدى عمق هيمنة المعايير المزدوجة على آليات الأمم المتحدة واستخدامها لاستهداف مناطق بعينها.

ولفت الجعفري إلى أن تقديم مشروع القرار يمثل استمرارا لمحاولة بعض الدول فرض نفسها كوصية على الشعب السوري وخياراته الوطنية موضحا أن في هذا استخفافا واضحا بإرادة الشعب السوري وتناقضا صارخا مع تأكيد مجلس الأمن مرارا على التزامه القوي بسيادة الجمهورية العربية السورية واستقلالها ووحدة وسلامة أراضيها ودعوته إلى التوصل لحل سياسي للأزمة في سورية بقيادة سورية مبينا في الوقت ذاته أن الأسانيد التي حاولت الدول المقدمة لمشروع القرار تقديمها لتبرير طلب الإحالة ما هي إلا ادعاءات مختلقة وأكاذيب مفبركة وشهود زور تضمنتها تقارير مسيسة منحازة تجافي الصواب تماما قدمتها لجان تجاهلت كل ما قدمته الحكومة السورية من معلومات وشكاوى وقرائن وبراهين وساهمت بشكل فعال في خدمة أجندات الدول المنخرطة في الحملة العدوانية على سورية.

وأشار الجعفري إلى أن بعض الدول التي قدمت المشروع اليوم تحاول القيام بالترويج لمبادئ نبيلة بينما هي تمثل في الواقع شخصية شريرة وتشترك في دعم الإرهاب في سورية وتسهم في استمرار نزيف الدم السوري لا بل تتباكي عليه موضحا أن أيادي هذه الدول ملطخة بالدم السوري وإن ادعت زيفا صداقتها لهذا الشعب.

وقال الجعفري إن الرئيس السابق لما يسمى "الائتلاف" السوري وهو الائتلاف الذي تم تصنيعه ممن يسمون أنفسهم "أصدقاء الشعب السوري" قد وصف هو نفسه قبل أيام في القاهرة هؤلاء "الأصدقاء" أي من يسمون أنفسهم أصدقاء الشعب السوري بأنهم واقتبس "نصفهم كذابون ودجالون ومنافقون وهم من أوصلوا الأوضاع في سورية إلى ما نحن عليه وإن الغرب يسعى لتقسيم سورية".. هذا ما قاله رئيس الائتلاف السابق "ائتلاف الدوحة" الذي تم تصنيعه وتعليبه وتغليفه في العواصم المعروفة.

وأضاف الجعفري "إن من مصادفات القدر أن التاريخ يسعفنا بشواهده لتثبيت هذه الحقيقة ففي مثل هذا اليوم من عام 1945 وعندما كان الوفد السوري يشارك في مؤتمر سان فرانسيسكو لوضع ميثاق الأمم المتحدة استطاع وفدنا آنذاك أن يصوغ المادة 78 من الميثاق التي ضمنت لسورية عدم تحولها إلى إقليم تحت الوصاية الفرنسية فكانت النتيجة قيام سلطات الاحتلال الفرنسية بتاريخ 29 أيار 1945 بقصف البرلمان السوري وقتل حاميته".

وقال الجعفري "وبما أن جرائم الحرب لا تسقط بالتقادم كما سمعنا فإننا نطالب مجلس الأمن اليوم بمساءلة الحكومة الفرنسية عن جرائمها بحق السوريين وشعوب الكثير من الدول التي احتلتها سابقا ونهبت خيراتها ونطالب الحكومة الفرنسية بالاعتذار العلني عن حقبة الاستعمار وبدفع تعويضات للشعب السوري" مؤكداً أن "الشعب السوري لن ينسى اتفاق سايكس بيكو وما تلاه من سلخ فرنسا للواء اسكندرون السوري والتنازل عنه لتركيا كيلا تدخل الحرب إلى جانب ألمانيا "هكذا قالوا" كما لن يغفل عن حقيقة أن فرنسا هي من أدخل الإرهاب النووي الإسرائيلي إلى المنطقة في الخمسينيات من القرن الماضي".

وأشار الجعفري إلى أن بنيان النظام القانوني الدولي يستند إلى ركائز أساسية من أهمها أن الدول تتولى المسؤولية الأساسية والحصرية في المساءلة وإقامة العدل وإنفاذ القانون على أراضيها مبينا أنه نتيجة للأحداث المؤسفة التي شهدتها سورية فقد اتخذت الحكومة السورية جملة من التدابير الهادفة لمساءلة المتورطين في الأحداث واتخاذ الإجراءات القانونية القضائية بحقهم أصولاً.

وقال الجعفري "لاتزال اللجنة الوطنية للتحقيق في الأحداث تمارس عملها بالتزامن مع نظر القضاء السوري منذ بدء الأزمة في آلاف الدعاوى.. بالضبط ثلاثون ألف دعوى وإصداره أحكاما بحق المتورطين وتسوية أوضاع الآخرين وهو الأمر الذي يؤكد رغبة وقدرة الحكومة السورية على تحقيق العدالة وينفي أي ذريعة لإشراك أي جهة قضائية دولية تحاول ان تنازع القضاء الوطني في اختصاصاته".

وأشار الجعفري إلى أن "سورية كانت من بين الدول الفاعلة في مؤتمر روما الذي اعتمد النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية كما كانت من أوائل الدول الموقعة على هذا النظام وكانت النظرة السورية تنطلق من وجوب أن تكون العدالة صرفة وشاملة بعيدة عن التسييس والانتقائية وازدواجية المعايير" مضيفا إنه انطلاقا من هذا الهدف دعت سورية إلى شمول اختصاص المحكمة الجنائية الدولية لجريمة العدوان باعتبارها الجريمة الأم لكن تم رفض ذلك ولذلك لم تصدق سورية على نظام روما.

وبين الجعفري أن سورية تؤكد أن تحقيق العدالة يقتضي مساءلة حكومات تركيا والسعودية وقطر وفرنسا وإسرائيل وغيرها من الدول التي تقوم بالتحريض علنا على العنف والإرهاب في سورية بما في ذلك تمويل وتسليح ورعاية وتدريب المرتزقة والإرهابيين القادمين بالآلاف من مختلف أنحاء العالم إلى سورية وبغض الطرف عن جرائمهم لا بل وصفهم بأنهم "معارضة معتدلة".

وقال الجعفري "إن تحقيق العدالة يقتضي المساءلة عن جرائم الحرب وجرائم ضد الإنسانية وأعمال العدوان والاحتلال الموثقة التي ارتكبتها سلطات الاحتلال الإسرائيلي في الأراضي العربية المحتلة ومنها الجولان السوري المحتل على مدى ما يقارب سبعة عقود بدعم من دول دائمة العضوية في مجلس الأمن" مؤكدا أن هذا الدعم مكن مجرمي الحرب الإسرائيليين من الإفلات من العقاب حتى الآن وعرقل جميع المبادرات الهادفة لمساءلتهم.

وشدد الجعفري على أن تحقيق العدالة يقتضي الكف عن محاولات تقويض العدالة والمتمثلة في الحصانات التي خصت بعض الدول الكبرى نفسها بها للإفلات من أي مساءلة عن انتهاكاتها لحقوق الإنسان والجرائم التي ارتكبتها في دول أعضاء في هذه المنظمة تنفيذا لأجندات استعمارية ومخططاتها للهيمنة والتسلط لافتا إلى أن أبوغريب وغوانتانامو وقصف السفارة الصينية في بلغراد وإغراق ليبيا بالدماء والسجون السرية الطائرة وقتل المدنيين الأبرياء بالطائرات من دون طيار وممارسات شركات المرتزقة كـ "بلاك ووتر" في العراق وغيرها أمثلة حية على الإزدواجية في المعايير والإفلات الحقيقي من المساءلة والعقاب.

واعتبر الجعفري أنه لن تستقيم موازين العدالة الدولية وسيادة القانون من دون وضع حد لممارسات هذه الدول وانتهاكاتها للقانون الدولي ولقرارات مجلس الأمن ذات الصلة لمكافحة الإرهاب مؤكدا أن الإرهاب هو جريمة أيا كان مرتكبوه وحيثما ارتكب وأيا كانت أغراضه لافتا إلى أن الإرهاب الذي تمارسه بوكو حرام في نيجيريا مدان وتجب مكافحته.

وأشار الجعفري إلى ما نشر بالأمس على لسان رئيس أركان القوات الجوية الليبية بأن تنظيم القاعدة الإرهابي وفصيل الإخوان المسلمين في ليبيا سويا أرسلا 224 رحلة جوية من ليبيا إلى تركيا ومنها إلى سورية لنقل المرتزقة الإرهابيين إلى سورية من مطار طرابلس.

وقال الجعفري "إنه لابد من مكافحة إرهاب نظرائهم الذين ترعاهم إسرائيل في منطقة الفصل في الجولان السوري المحتل وتسهل تدريبهم وتحركهم في المنطقة دولة عربية مجاورة كما تجندهم وتدعمهم تركيا في الشمال وتسلحهم حكومات عربية وغربية تحت سمع وبصر الأمم المتحدة".

وأضاف الجعفري "لقد ارتكب هؤلاء الإرهابيون جرائم يندى لها ضمير البشرية وآخرها قطع إمدادات المياه عن مدينة حلب وحرمان نحو 3 ملايين سوري من مياه الشرب والصرف الصحي وكم كنا نتمنى لو أن الدول المتقدمة بمشروع القرار هذا تقدمت بمشروع قرار لمكافحة الإرهاب الذي يعانيه السوريون".

ورأى الجعفري أنه من المثير للسخرية أن تواصل هذه الدول محاولة فرض تشريعاتها الوطنية خارج حدودها وأن تفرض مؤخرا عقوبات على رئيسة لجنة الإغاثة الوطنية في سورية في الوقت الذي تتشدق فيه بدعمها للشعب السوري وقال "تخيلوا أن عقوبات قد فرضت على رئيسة لجنة الإغاثة الوطنية وأحيلت هذه العقوبة إلى السيدة وكيلة الأمين العام للشؤون الإنسانية فاليري أموس وهي تعرف رئيسة لجنة الإغاثة السورية حق المعرفة لعلها تفعل شيئا".

وأضاف الجعفري "إن هذه الشواهد وغيرها تبرز أن مسألة العدالة تفصل على مقاس الدول المستهدفة فالبعض يتم تفصيل جريمة له لإحالته للمحكمة والبعض الآخر يتم تفصيل ستارة له تحجب الأنظار عن جرائمه وانتهاكاته الموثقة" مؤكدا أن مشروع القرار صيغ بطريقة تحصن مجرمي الحرب الإسرائيليين من أي إمكانية للمساءلة عن جرائم بحق الشعب السوري كما أن نصه يجعل الإرهابيين الأجانب والمرتزقة القادمين من دول أخرى في منأى عن اختصاص المحكمة مشيرا إلى أن هذه العملية بحد ذاتها كفيلة بتقويض أي مصداقية لواضعي مشروع القرار وتفضح نواياهم الخبيثة ودوافعهم العدوانية.

وقال الجعفري وطالما أننا نتحدث عن العقوبات التي فرضت على رئيسة لجنة الإغاثة الإنسانية في سورية أذكركم بفضيحة أخرى حدثت قبل عام عندما تم فرض عقوبات على وزير الكهرباء في سورية أحلنا موضوع رئيسة الإغاثة السورية الإنسانية إلى فاليري آموس ونحيل العقوبات التي فرضت على وزير الكهرباء إلى محكمة توماس أديسون.

وشدد الجعفري على أن وفد سورية يؤكد مجددا لجميع الدول التي تدعي الحرص على سورية وشعبها أن الطريق لمساعدة الشعب السوري واضح ومعروف ويتمثل في بذل الجهود الصادقة والجدية لمكافحة الإرهاب الذي يستهدف سورية دولة وشعبا موضحا أن دعم الجهود الرامية إلى إيجاد حل سياسي وطني للأزمة في سورية يأخذ بعين الاعتبار عملية جنيف على أساس الحوار بين السوريين انفسهم من أجل التوافق على نبذ العنف ومكافحة الإرهاب وتشكيل حكومة وحدة وطنية بعيدا عن محاولات فرض الوصاية والأجندات التدخلية التي لا تريد الخير لسورية ولا لشعبها وأن السوريين الذي سيتوجهون إلى صناديق الاقتراع لانتخاب رئيس للجمهورية إنما يقومون بذلك لحماية بلدهم من الإرهاب والفوضى الخلاقة ومن محاولات تغييب مفهوم الدولة والسيادة.

وختم الجعفري بالقول "يبدو أن الحكومة الفرنسية الحالية قد فهمت بشكل مغلوط العبارة المشهورة في الأدب الفرنسي والتي تقول "بأن الآخرين هم الجحيم" من حيث اعتقادها أن الآخرين هم الجحيم دوما في حين أن ما قصده الفيلسوف الفرنسي جان بورسارت في مسرحياته المشهورة الأبواب المغلقة هو أن الجحيم هو قد يكون نفسك ونظرتك للآخرين وطريقة تعاملك معهم لذا فإن على الحكومة الفرنسية أن تنظر إلى نفسها أولا فقد ترى الجحيم في تصرفاتها وليس في الآخرين".

وكان الجعفري قدم في بداية كلمته التعازي لحكومة وشعب نيجيريا جراء الأعمال الإرهابية التي ضربت مدينتي كانو وجوس وأزهقت حياة المئات من المدنيين الأبرياء معبرا عن تعاطف سورية مع أهالي الضحايا مشيرا إلى أن ما من أحد يشعر بفداحة الإرهاب كما يشعر به السوريون.

سانا

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...