النص الكامل لخطاب الرئيس بشار الأسد
النص الكامل لخطاب الرئيس بشار الأسد خلال لقائه رؤساء وأعضاء المنظمات الشعبية والنقابات المهنية وغرف الصناعة والتجارة والزراعة والسياحة:
السيدات والسادة..رؤساء وأعضاء قيادات المنظمات والنقابات والغرف..
أرحب بكم كممثلين لشرائح المجتمع في سورية مهنيا ونقابيا وشعبيا وأعبر عن تقديري لكم ولعملكم ولكل جهد مخلص تقدمونه كل في نقابته أو منظمته أو قطاعه.. تساندون إخوتكم ورفاقكم وتساهمون من خلال عملكم في ترسيخ الروح الوطنية والثبات في وجه ما تتعرض له البلاد.
نلتقي اليوم وكثير من الأمور أصبحت واضحة وضوح الشمس وعلى الرغم من تعقيدات الوضع في سورية فقد زالت الغشاوة عن كثير من العقول وسقطت الأقنعة عن كثير من الوجوه وهوت بحكم الواقع مصطلحات مزيفة وفضحت أكاذيب أرادوا للعالم أن يصدقها وأصبح اللقاء والحديث لتفنيد حجج من اعتدى على سورية أو لتوضيح افتراءاتهم هو كالحديث عن البديهيات.. فيه مضيعة للوقت وإهدار للجهد.. ولأنه كذلك فتساؤلاتنا اليوم كسوريين لم تعد تدور حول تلك البديهيات وإنما حول الاحتمالات التي تواجه سورية في ظل التسارع الكبير للأحداث وانتقال عملية التدمير الممنهجة التي تقوم بها التنظيمات الإرهابية إلى مستويات غير مسبوقة من الإرهاب.
إن ذلك يدل على العقلية الإجرامية التي يحملها مسؤولو الدول الداعمة لهؤلاء الإرهابيين وفي الوقت نفسه يعبر عن فشل كل أساليبهم السابقة لدفع الشعب السوري إلى السقوط في مستنقع الأوهام التي قدمت له كي يصدقها وليكون تصديقها هو التمهيد لسقوط الوطن وعندما لم يقع الشعب في فخهم رفعوا وحشية الإرهاب كوسيلة أخيرة بهدف وضع الشعب السوري أمام خيارين.. إما القبول بما يملى عليه وإما القتل والتدمير.
هذا التصعيد يعبر عن يأسهم أيضاً .. يعبر عن يأسهم من كسر صمود الشعب السوري في وجه حرب لم يشهد لها التاريخ الحديث مثيلاً.. فهذا الصمود لم يفشل خططهم فحسب بل أصبح يشكل التهديد الحقيقي للمستقبل السياسي لكثير من أولئك الداعمين… وخاصة بعد أن بدأت ارتدادات هذا الإرهاب تضرب الأبرياء في بلدانهم ولم تعد تجدي معها المبررات الزائفة التي سوقوها لخداع الرأي العام لديهم والتي أرادوا استخدامها لاحقا كغطاء لبدء العدوان على وطننا وشعبنا.
قالوا لهم لفترات طويلة بأنهم يدعمون الثوار والمطالبين بالحرية والديمقراطية في سورية.. اكتشف الشعب لديهم بأنهم يدعمون الإرهابيين ودفعوا ثمن دعم دولهم للإرهابيين في سورية.. في السنوات الماضية كانت هذه المنطقة هي المفترض أنها تصدر الإرهاب للعالم وللغرب أما اليوم فأصبح في الغرب حاضنة تصدر الإرهاب إلى هذه المنطقة بالإضافة إلى الحواضن الموجودة أساسا في منطقتنا في الشرق الأوسط وخاصة في الخليج وفي الدول التي دخلت مؤخرا على ساحة الإرهاب كتونس بعد الأحداث في عام 2010 و2011 وفي ليبيا وبدات تلك الحواضن بالتفاعل مع بعضها البعض وتصدير الإرهاب إلى كل المناطق.
كثيراً ما شرحنا لهم قبل العدوان على سورية وخلاله أن الإرهاب لا يعرف حدوداً ولا تمنعه إجراءات ولا تردعه استنكارات ولا تصريحات.. نبهناهم إلى أن انتشار الإرهاب لا توقفه حروب ولا تنهيه طائرات كطائرات تحالفهم اليوم.. فالإرهاب فكر مريض وعقيدة منحرفة وممارسة شاذة نشأت وكبرت في بيئات أساسها الجهل والتخلف أضيف إليها سلب حقوق الشعوب واستحقارها ولا يخفى على أحد أن الاستعمار هو من أسس لكل هذه العوامل ورسخها وما زال.. فكيف يمكن لمن ينشر بذور الارهاب أن يكافحه… من يريد مكافحة الإرهاب فإنما بالسياسات العاقلة المبنية على العدل واحترام إرادة الشعوب في تقرير مصيرها وإدارة شؤونها واستعادة حقوقها المبنية على نشر المعرفة ومكافحة الجهل وتحسين الاقتصاد وتوعية المجتمع وتطويره وأما الحرب العسكرية فهي كالكي آخر الأدوية وإذا كان لا مفر منها في حالة الدفاع عن الوطن فهي لا تحل أبداً محل السياسات والإجراءات الهادفة لتطويق عوامل نشوء الإرهاب ونموه والوصول بذلك لاقتلاعه من جذوره بدلاً من تقليم أظافره فقط كما يفعلون الآن لأن هذه الأظافر ستعود للنمو أقسى وأشد فتكاً.
لكن قصر نظرهم جعلهم يعتقدون أنهم سيكونون في مأمن من شرر الإرهاب الذي يتطاير من مكان لآخر في عالمنا العربي المضطرب ويحرق بلداناً بأكملها في الشرق الأوسط غير المستقر أساسا لم يكن في حسبانهم أنه سيضرب في قلب القارة الأوروبية وتحديداً غربها..لكن هذا لا يعني أنهم اتعظوا فما زال تعاملهم مع هذه الظاهرة يتسم بالنفاق… فهو إرهاب عندما يصيبهم.. وثورة وحرية وديمقراطية وحقوق إنسان عندما يصيبنا.. مرتكبوه عندهم إرهابيون.. وعندنا ثوار ومعارضة معتدلة يملؤون الدنيا صراخاً عندما تلدعهم شرارة من نار، ويصيبهم صمت القبور عندما نحترق نحن بها.
التبدلات الإيجابية الأخيرة على الساحة الدولية هي حقيقية.. هناك قراءة مختلفة للوضع الذي يحصل في سورية وهناك فهم للأكاذيب التي استخدمت والادعاءات المزيفة تحديدا للغرب أما التبدلات الإيجابية على الساحة الغربية فهي غير مستقرة وغير مستمرة لأنها تنطلق من القلق من الإرهاب الذي ضرب لديهم والقلق من أن الشرق الأوسط إذا تحول إلى ساحة إرهاب منتشر فهو الحديقة الخلفية لأوروبا تحديدا.. هناك قلق وضياع لأن إخوتنا من العربان وضعوا أمامهم وصفات مبسطة.. القضية بسيطة وصفة القليل من الإرهاب المسيطر عليه مع القليل من إسقاط الدول والقليل من الفوضى نحتملها والقليل من تبديل الوجوه وتبديل الحكام وتصبح الطبخة جاهزة أو الوجبة جاهزة وتفضلوا وابتلعوا الأوطان.
رأوا أن الحسابات مختلفة تماما والأمور تذهب باتجاه مختلف بشكل كلي لذلك أنا أقول إن هذه التبدلات لا يعول عليها.. هم لم يتعلموا دروسا ولم يكتسبوا أخلاقا طالما أن اللغة المزدوجة أو المعايير المزدوجة هي السائدة لديهم هذا يعني أن كل شيء مؤقت وعلينا ألا نعول عليه في المستقبل ففي أي لحظة يتبدل عندما تتحسن ظروفهم الداخلية.. الانتخابية.. المتعلقة بالإرهاب ويعودون لنفس السياسات الاستعمارية السابقة.
عندما تصبح المعايير ثابتة موحدة غير مزدوجة كأن يقولوا بشكل علني بأن الثوار الذين دعموهم هم عبارة عن إرهابيين وبأن ما يسمى المعارضة ليسوا طلاب حرية وإنما مجرد عملاء صغار عندها يمكن أن نصدق بان أوروبا الغربية أو الغرب بشكل عام تغير أو ليذهبوا باتجاه آخر ليسمحوا للمعارضة في بلدانهم أن تحمل السلاح وتقتل وتدمر ويبقوا على تسميتها معارضة أو ليسمحوا لها ان تكون عميلة او ليسمحوا للدول الأخرى أن تحدد ما هو نظام الحكم المناسب لهم ومن يحكم لديهم .. عندها نصدق وعندها سنقبل بوصفاتهم القديمة التي كانت تستخدم دائما من أجل تبرير أي عدوان أو تدخل في شؤون الدول تحت عناوين إنسانية كحقوق الإنسان والحرية والديمقراطية وغيرها.
جوهر نفاقهم أنهم يدعون مكافحة وحش هم خلقوه ثم فقدوا السيطرة عليه وغايتهم اليوم هي ضبطه فقط وليس القضاء عليه وكل حملاتهم العسكرية والسياسية الإعلامية ما هي إلا لذر الرماد في العيون وما يفعلونه في الحقيقة أدى إلى نمو الإرهاب بدلاً من القضاء عليه.. هذا ما يؤكده الواقع وليس التحليل الشخصي فرقعته الجغرافية اتسعت وموارده المادية ازدادت والبشرية تضاعفت.. فهل نتوقع منهم فعلاً صادقاً في مكافحة الإرهاب.. هذه الدول تاريخها استعماري.. فكيف يمكن لمستعمر لا تحمل صفحات تاريخه إلا الاحتلال والقتل والدمار واستعمل الإرهاب كورقة لحرق الشعوب واستعبادها وأنشأ ودعم المنظمات الارهابية المتسترة بالدين كالإخوان المنافقين ثم القاعدة وتوابعها أن يحارب الإرهاب… وتابع الرئيس الأسد.. هذا الكلام مستحيل لأن مرادفات الاستعمار هي الإرهاب واللاأخلاق واللاإنسانية ولأن هذه الصورة كانت واضحة بالنسبة لنا منذ الأيام الأولى للازمة.. لم نعتمد إلا على أنفسنا ولم نأمل الخير إلا من بعض الأصدقاء الحقيقيين للشعب السوري الذين يحملون مبادئ وأخلاقا ويريدون الاستقرار للمنطقة وسورية والعالم.. الذين يحترمون القانون الدولي ويقدرون إرادة الشعوب وينظرون إلى العالم على أن العلاقات فيه علاقات ندية لا يوجد أسياد وعبيد.
إن دول البريكس وقفت مع غيرها من الدول موقفاً منصفاً تجاه ما يحصل في سورية وساهمت في توضيح حقيقة ما يجري للعالم وقدمت إيران الدعم الاقتصادي والعسكري والسياسي فساهمت في تعزيز صمود شعبنا ومناعته انطلاقاً من أن المعركة ليست معركة دولة أو حكومة أو رئيس كما يحاولون التسويق بل هي معركة محور متكامل لا يمثل دولاً بمقدار ما يمثل منهجاً من الاستقلالية والكرامة ومصلحة الشعوب.. كذلك فعلت روسيا التي شكلت مع الصين صمام الأمان الذي منع تحويل مجلس الأمن إلى أداة تهديد للشعوب ومنصة لإطلاق العدوان على الدول وخاصة سورية.. وأطلقت روسيا عدداً من المبادرات البناءة التي تهدف إلى قطع الطريق الى دعوات الغرب ودفع مسار الأحداث باتجاه الحوار بين السوريين أنفسهم.
بالمقابل كان نهجنا وما زال هو التجاوب مع كل مبادرة تأتينا من دون استثناء بغض النظر عن النوايا التي نعرف سوء بعضها في كثير من الأحيان وبشكل مسبق ذلك أن قناعتنا الراسخة بأن أي فرصة فيها احتمال ولو ضئيل لحقن الدماء هي فرصة يجب أن تلتقط دون تردد فدماء السوريين فوق أي اعتبار ووقف الحرب له الأولوية وبنفس الوقت كان لدينا الرغبة بقطع الطريق على المشككين والمغرر بهم الذين يعتقدون بأن الأزمة مرتبطة بموضوع الإصلاح السياسي أو بموضوع حوار أو ما شابه وكانوا يستخدمون كلمة لو.. لو فعلوا كذا لحصل كذا لفعلوا كذا لما حصل كذا فقررنا أن نتجاوب مع كل المبادرات لنثبت لهؤلاء بأن القضية ليست مرتبطة بالعمل السياسي وإنما بدعم الإرهاب منذ الأيام الأولى.
لذلك ذهبنا إلى حوارات جنيف وموسكو.. والتي هدفت إلى تحقيق أرضية سياسية مشتركة بين المشاركين يفترض بها أن تعبر عن توافق ما بين الأطياف السورية هذا هو الشيء المفترض هنا.. بعد أن بدأت الحوارات طرح كثير من السوريين أسئلة منطقية.. مجموعة أسئلة منطقية لكنها مرتبطة ببعضها.. ما العلاقة بين المسار السياسي والإرهاب على الأرض… ما العلاقة بين الشخصيات التي تسمى “معارضة خارجية” الحقيقة معارضة خارجية لا يعني أنها موجودة في الخارج وإنما مرتبطة بالخارج فجزء من هذه المعارضة الخارجية موجود داخل سورية مرتبط به سياسيا وماديا ما العلاقة بين هذه المعارضة التي تسمى الخارجية والإرهابيين على الأرض خاصة أن أولئك الإرهابيين منذ الأيام الأولى أعلنوا رفضهم التعامل مع تلك المعارضة ورفضهم الاعتراف بها .. كيف تحاورون أشخاصا لا تأثير لهم على الإرهابيين وليس لهم تأثير حتى على غير الإرهابيين.. لا يمثلون أو بالكاد يمثلون أنفسهم والبعض لا يمثل حتى نفسه لأنه يمثل الآخرين.. مختصر أو محصل هذه الأسئلة سؤال وحيد كيف يمكن للحوار السياسي أو الحوارات السياسية التي تقومون بها أن تؤدي إلى إيقاف الإرهاب في سورية.. هذا هو هاجس كل مواطن موضوع الإرهاب.
منطقيا لا يوجد أي رابط بين الحوار والعمل السياسي وبين الإرهاب فالعمل السياسي يهدف إلى تطوير النظام السياسي وبالتالي الازدهار والعمران وزيادة مناعة الوطن في الداخل والخارج وبكل تأكيد الإرهاب ليس أداة من هذه الأدوات.. الإرهاب نتائجه مختلفة.. قتل وتدمير وإضعاف المناعة.. هذا بشكل نظري أما عمليا فالرابط قوي جدا جدا ومتين لأن الرابط بين تلك المعارضة المرتبطة بالخارج والإرهابيين هو أن السيد واحد.. السيد هو الذي يمول ويدير وينسق ويحرك الخيوط فتارة يطلب من الإرهابيين أن يرفعوا وتيرة الإرهاب وتارة يطلب من المعارضة الخارجية المرتبطة به أن ترفع وتيرة الصراخ من أجل تحقيق ضغط سياسي.. عمليا هم اعضاء لجسد واحد كل عضو يقوم بواجبه بطريقته ولكن العقل المدير والمدبر هو عقل واحد.. الهدف هو استخدام المسارين الإرهابي والسياسي من أجل ابتزاز السوريين ودفعهم إما بقبول تحويل سورية إلى تابع والقبول بما سيملى عليهم سياسيا أو أنهم سيستمرون بدعم الإرهابيين وتدمير البلاد فإذا المحصلة أن الإرهاب هو الأداة الحقيقية أما المسار السياسي فأداة احتياطية ثانوية.. يستخدم المسار الإرهابي لتوجيه المسار السياسي فإذا تم تحقيق الإنجازات التي يريدونها أو الأهداف من خلال المحور السياسي كان بها.. عدا عن ذلك فمهمة الإرهاب هي الوصول إلى الأهداف التي يريدون الوصول إليها.
ماذا يعني هذا الكلام طالما أن الإرهاب بيدهم.. وجزء من المحاورين الذين تمثلهم المعارضة الخارجية المرتبطة بهم هم جزء من الحوار وقادرون على إفشال المسار السياسي هذا يعني بأن الحديث عما يسمونه الحل السياسي ونسميه المسار السياسي هو عبارة عن كلام أجوف فارغ ليس له أي معنى.. طبعا هذا سيستغل الآن في الإعلام الأجنبي.. سيقولون بأن الرئيس السوري أعلن رفضه للعمل السياسي وتمسك بالحل العسكري.. تعرفون كل هذا الكلام الفارغ لا يعنينا الآن.. نحن مع معرفتنا بأن القضية من الأساس هي إرهاب ودعم للإرهاب لكن نحن مع أي حوار سياسي ولو كان له تأثير بسيط جدا في الأزمة.. نحن مع العمل السياسي.. طبعا كلمة حل سياسي غير دقيقة لأن الحل هو حل للأزمة والمشكلة ولكن الحل فيه محاور.. المحور السياسي والمحور الأمني والعسكري وغير ذلك.
نحن مع المسار السياسي ندعمه لكن أن ندعمه شيء وأن نخدع به شيء آخر.. طالما أنهم يستخدمون الإرهاب للتأثير على العمل السياسي فهذا يعني بأن العمل السياسي لن ينتج فإذا أردنا أن نتحدث عن حوار سوري سوري صاف بعيد عن الابتزاز لا بد أن نبعد الإرهاب ونضرب الإرهاب لكي يتحول الحوار إلى حوار حقيقي وجدي بين السوريين والسيد الذي يدير هذا الموضوع.. طبعا سيد الإرهابيين وسيد المعارضة الخارجية لن يقوم بذلك لأنه إذا قام فعلا وبشكل جدي بضرب الإرهاب فهو سيفقد القدرة على السيطرة على مسار الأمور لذلك لن يقوموا بضرب الإرهاب ولكنا نعرف هذا الشيء.
إذا من الناحية النظرية إذا تم ضرب الإرهاب وهذا لن يحصل سيكون حوار سوري سوري صاف بالمعني الصافي ولكن أيضا هذا الكلام نظري لو ضربنا الإرهاب لن يكون الحوار سوريا صافيا لأننا كنا نقول قبل قليل ان هناك معارضة مرتبطة بالخارج هي جزء من الحوار فنحن أيضا في الحوار أمام نوعين من المحاورين أو ثلاثة الأول النوع الوطني والثاني هو العميل للغرب والثالث الانتهازي مجموعة شخصيات ليس لها أي انتماء سياسي لكنها وجدت في المسار السياسي فرصة لتحقيق مكاسب شخصية ولو كان على حساب الوطن وكلا النوعين العميل والانتهازي قادر على ضرب أي إجماع من الممكن أن نصل إليه كدولة سورية في حوارنا مع الشخصيات الوطنية وهذا ما حصل في موسكو 1 و2 عندما قام أولئك بضرب الإجماع حول عدد من النقاط التي توصلنا إليها في موسكو وبعد شرح كل هذه الصورة هناك من يأتي ليقول.. الدولة السورية لا تبادر.. “يعني لو بادرت كانت الأمور جيدة يعني كل شيء أصبح مهيأ…”.
الإرهابي يريد أن يتوب والغرب يذرف الدموع على الشعب السوري والمشكلة هي أن مسؤولينا لا يبدعون حلولا ولا مبادرات وهذا فيه نوع من السذاجة وفيه نوع من سوء النوايا من قبل البعض في الخارج.. يعني المسار السياسي المطلوب منه إن لم يصل للأهداف المطلوبة أن يصل بالحد الأدنى لتحميل الحكومة السورية مسؤولية الفشل فهناك من يقول.. الحكومة السورية لم تبادر.. وأنا أقول بأن كل من لم ير كل المبادرات التي قمنا بها أولا المبادرة السياسية في عام 2013 عشرون ألف شخص وأكثر استفادوا من مراسيم العفو لأشخاص متورطين كالغير مرتكبين لجرائم قتل والمصالحات والتسويات وتغيير القوانين وتغيير الدستور وغيرها.. من يرى كل هذه الأمور في الماضي فلن يرى أي مبادرة في المستقبل فلماذا نضيع وقتنا في مبادرات لن يراها أحد.
عمليا نحن هدفنا من هذه المبادرات كان داخل السور.. ومن يريد أن يرى هذه المبادرات “وجزء منها كان له تأثير إيجابي” وهناك من يقول لنبادر إذا لم نربح لن نخسر وهذا الكلام غير صحيح لأن المبادرات التي تقوم بها الدولة هي ليست مقالات تكتب في الصحافة.. هي أفعال على الأرض وهذه الأفعال إما أن تدفع الأمور باتجاه الأمام أو أن تسحبها باتجاه الخلف.. إن لم يكن لها تأثير فهذا يعني أن هذه المبادرة ليست لها قيمة فلماذا نقوم بمبادرات ليس لها تأثير ولا وزن ولا قيمة.. عمليا أي مبادرة نقوم بها إن لم تدفع الأمور باتجاه الأفضل فهي ستعقد الحل وليس العكس هي ليست ساحة يجب أن نتواجد بها وهي ليست سوقا أو بورصة إن لم ندخل في هذا السوق هناك من سيأتي ويسبقنا لقطف الفرصة.. هي ليست ساحة فنية إن لم يتواجد الفنان من وقت لآخر بعمل فني سوف ينساه الجمهور.. هي عمل حقيقي على الأرض هذه هي السياسة لكن أهم من ذلك أننا نعرف إذا كانت هذه المبادرة موجهة للقوى المعادية أو للخصوم ولعملائهم فأي مبادرة لن تؤدي إلى أي نتيجة لسبب بسيط لأن المبادرة الوحيدة التي يقبلونها هي عندما نقدم لهم الوطن كاملا ولأسيادهم وعندما يتحول الشعب السوري إلى تابع وعبد ينفذ أوامر الكبار كما ينفذونها هم وهذا ما لن يحصلوا عليه مهما حلموا به.
أما الحديث عن تقديم تنازلات من قبل الدولة السورية فيعنى أن الدولة متهمة دائما بأنها راديكالية ومتشددة وغير مرنة وغير واقعية .. هناك مبدأ بسيط حقوقي وبديهي أن الإنسان يحق له أن يتنازل عن أشياء يمتلكها ولا يحق له أن يتنازل عما لا يمتلكه هو إلا إذا كان لديه وكالة من المالك الأصلي ونحن في الدولة السورية لا توجد لدينا وكالة من الشعب السوري للتنازل عن حقوقه الوطنية والشعب السوري هو الوحيد صاحب الحق في تقديم أي تنازل إذا أراد .. ولو أراد هذا الشعب أن يقوم بهذا التنازل لما صمد أربع سنوات ودفع كل هذا الثمن الغالي وما زال من الأساس.
المحصلة لنختصر كل هذا الكلام أي طرح سياسي لا يستند في جوهره الى القضاء على الارهاب لا معنى له ولا فرصة له ليرى النور.. لذلك حتى يتحول الوضع السياسي ويكون هناك عمل جدى لا خيار أمامنا سوى أن نستمر في مكافحة الإرهاب.. لا يوجد خيار آخر.. نحن نريد كما قلت أن يكون هناك مسار سياسي لكن بالواقع أمامنا حل وحيد هو أن نكافح الارهاب فلا سياسة ولا اقتصاد ولا ثقافة ولا أمان ولا أخلاق حيثما يحل الارهاب.
انطلاقا من فهم الشعب لهذه الحقائق يبقى الوضع الميداني هو محور اهتمام المواطنين السوريين على مدار اليوم وعلى مدار الساعة ومن واجبى اليوم أن أعطي أجوبة على الكثير من الأسئلة التي طرحت مؤخرا حول الوضع الميداني.. نحن لم نسع للحرب ولكن عندما فرضت علينا تصدت القوات المسلحة للإرهابيين في كل مكان ومنذ ذلك الوقت ومسيرة المعارك هي في صعود وهبوط وهذه هي طبيعة المعارك بشكل عام ولكن في الحرب نوع الحرب الذي نخوضه اليوم لا يمكن للقوات المسلحة أن تتواجد في كل بقعة من الأرض السورية .. هذا يسمح للإرهابيين بالدخول إلى مناطق يضربون الاستقرار فيها حتى يأتي الجيش السوري ويحررها وهذا شيء يحصل بشكل مستمر منذ بداية الأحداث.
مؤخراً الدول الإرهابية نتيجة صمود سورية الشعب والجيش رفعت مستوى الدعم للإرهابيين لوجستيا عسكريا تسليحيا ماليا وبشريا وأحيانا تدخلت بشكل مباشر كما حصل في إدلب من قبل الأتراك من أجل دعمهم .. هذا أدى إلى أن بعض المناطق التي كانت تحت سيطرة الدولة دخلت إلى سيطرة الإرهابيين وهذا خلق نوعا من الإحباط لدى المواطن السوري عززته الدعاية المضادة التي سوقت وهم سقوط مقومات صمود الدولة السورية .. الدولة تنهار .. الجيش ينهار.. الحرب تكتب الفصول الأخيرة منها لصالح الإرهابيين وغيرها من الأشياء.
بنفس الوقت عندما كان بالتوازي الجيش العربي السوري يكسب معارك في مناطق أخرى كانوا يقولون .. لا من يكسب المعارك هو القوى الموجودة مع الجيش والجيش لا يقاتل أصابه الوهن والتعب والاحباط وذهبوا أبعد من ذلك أنهم قالوا .. إن من يقاتل هو جيوش أخرى أتت من دول من خارج سورية لتساعد الجيش السوري .. طبعا هم يقصدون في هذه الحالة إيران .. ولكي أكون واضحاً حول هذه النقطة فإن إيران الشقيقة قدمت حصراً الخبرات العسكرية .. لم تقدم أي شيء آخر في المجال العسكري .. وأما أخوتنا الأوفياء في المقاومة اللبنانية فقاتلوا معنا وقدموا أقصى ما يستطيعون .. وصولاً للشهداء الذين امتزج دمهم مع دم اخوانهم في الجيش والقوات المسلحة .. كان لهم دورهم المهم وأداؤهم الفعال والنوعي مع الجيش في تحقيق انجازات في أكثر من مكان هذا الكلام معروف لانهم يمتلكون الخبرة والتمرس المفيدين لنا في هذا النوع من الحروب ونحن ممتنون لشجاعتهم وقوتهم ومناصرتهم لنا.
بنفس الوقت كلنا يعلم بأنه لا يمكن لأي قوة داعمة أن تحل محل القوة الرئيسية .. وبنفس الوقت لا يمكن لأى قوة شقيق أو صديق غير سوري أن تأتي وتدافع عن وطننا نيابة عنا .. فلماذا أحبط الناس عندما تراجع الجيش في بعض المناطق .. الاحباط هو دليل اندفاع وثقة .. عندما يثق الإنسان بقدرة شخص على انجاز شيء معين ويفشل في إنجازه يصاب بالإحباط أو بخيبة الأمل .. أما عندما يعرف مسبقا بأنه غير قادر على القيام بهذا الشيء ولا يحققه لا يعني شيئا بالنسبة للإنسان .. فإذن هو اندفاع وثقة ليس تشكيكاً بقدرة الجيش ولا تراجعا عن دعمه واحتضانه والدليل أن عدد الملتحقين بالقوات المسلحة ازداد بعد تلك المرحلة .. وأنا أتحدث عن ما بين نيسان وأيار في تلك المرحلة تحديداً.
في حديثي عن الوضع الميداني سأنطلق من الأسئلة المطروحة .. هل نتنازل عن مناطق .. لماذا نخسر مناطق أخرى … وأين الجيش في بعض المناطق لماذا لا يأتي … بالعرف السيادي والوطني والسياسي كل شبر من سورية هو غال وثمين ولا تنازل عن السيطرة عليه وكل منطقة بقيمتها البشرية والجغرافية هي كأي منطقة أخرى في سورية لا يوجد أي تمييز بالنسبة لنا هذا بالعرف و بالمبادئ ولكن الحرب لها شروط ولها استراتيجيات ولها أولويات .. ربما تختلف أحيانا أو تفرض شيئا مختلفا عما ذكرته.. المعارك والقرارات في القيادة يحكمها شيئان .. تحكمها أولويات القيادة وتحكمها الوقائع الميدانية .. أولويات القيادة بنيت على الحرب التي نخوضها حرب مشتتة عشرات الجبهات في كل الاتجاهات في كل الزوايا من دون استثناء .. في سورية نواجه عدوا تقف خلفه أقوى الدول وأغنى الدول وبنفس الوقت لديه امداد غير محدود بشرى ومادي وتسليحي.
اذا فكرنا بأننا سنقوم بالانتصار في كل المعارك في كل مكان بنفس الوقت فهذا الكلام بعيد تماما عن الواقع ومستحيل وغير ممكن وهذا الشيء ظاهر كان منذ البداية بغض النظر عن تصاعد الأعمال القتالية .. لذلك كان لا بد من وضع أولويات هذه الأولويات .. سأتحدث عن أولويتين فقط وليس كل الاولويات الاولى هي المناطق المهمة لا بد من تحديد مناطق مهمة تتمسك بها القوات المسلحة لكي لا تسمح بانهيار باقي المناطق .. هذه المناطق تحدد أهميتها بحسب عدة معايير قد تكون مهمة من الناحية العسكرية.. قد تكون مهمة من الناحية السياسية قد تكون مهمة من الناحية الاقتصادية والخدمية.
في قرارات القيادة العامة دائما تكون هناك محاولة موازنة بين الأهمية العسكرية والمدنية لكل منطقة من المناطق ولكن عندما تتأزم الظروف ويميل الميزان لمصلحة الإرهابيين تصبح الأولوية العسكرية هي الأساس لأن التمسك بهذه المنطقة أو بتلك المنطقة أو البقعة من الناحية العسكرية يؤدي لاستعادة المناطق الأخرى .. أما فقدانها فيؤدي لخسارة كل المناطق .. لذلك في مثل هذه الحالة .. ربما نتمسك بمنطقة لا يعرفها الناس .. ربما تكون منطقة حاكمة أو تلة أو هضبة ولكن نخسر مقابلها منطقة لها صدى اعلامي وسياسي لدى المواطنين .. هذه هي حال الحق .. وتركيز الجهود .. عندما نريد أن نركز القوات في منطقة مهمة .. الذي يحصل أننا نأتي لنقوم بعملية حشد للعتاد وللمقاتلين في منطقة ولكن هذا الشيء يكون على حساب أماكن أخرى فتضعف الأماكن الأخرى وأحيانا نضطر في بعض الظروف لان نتخلى عن مناطق من أجل نقل تلك القوات إلى المنطقة التي نريد أن نتمسك بها.
هناك الأولوية الثانية هي حياة الجنود .. هؤلاء الأشخاص المقاتلون الأبطال كل واحد فيهم لديه “قد يكون أبوان زوجة أخوة أخوات وأبناء ينتظرون عودته سالما” فبمقدار اندفاعهم للقتال والتضحية بمقدار ما علينا أن نكون حريصين على حياتهم لكي ينفذوا المهام ويعودوا سالمين الى أهاليهم .. لأنه بمقدار ما البقعة الجغرافية أو الارض مهمة لنا بمقدار ما حياة المواطنين والمقاتلين والعسكريين أغلى من الارض .. الأرض تسترد أما الحياة فلا يمكن أن تسترد .. ونحن نقول دائما بأننا نسعى بالقتال للانتصار وليس للشهادة .. الشهادة قدر وليست هدفا .. الهدف هو الانتصار .. أما عندما تأتي الشهادة كقدر فلا يمكن أن نردها.
أما الوقائع الميدانية التي تفرض نفسها خلال الأعمال القتالية فهي أولا العنصر البشري .. المقاتل السوري أثبت شجاعة وكفاءة ومهارة وقدرة عالية جدا باعتراف كل العالم .. هذا الموضوع منذ سنوات غير قابل للنقاش لا من قبل الأعداء ولا الأصدقاء .. لكن التفاوت بين الناس هو طبيعة بشرية .. يعنى هناك مقاتل أشجع من مقاتل هناك قائد أذكى من قائد هناك شخص أكثر كفاءة هذا التفاوت بين البشر نراه تفاوتا أحيانا في الأداء بين الوحدات والتشكيلات .. وهذا الاختلاف نراه أيضا أحيانا بين الإرهابيين الذين يقاتلون مقابلنا في أماكن مختلفة .. لذلك أحيانا نرى بأنه تحصل أخطاء .. طبعا في العمل العسكري تحصل أخطاء وقد يكون هذا الخطأ ولو كان بسيطا لكنه في مسار الأعمال القتالية مكلفا جدا ويؤدى لسلسلة من الخسائر .. هذه هي طبيعة أي عمل ولكن نرى نتائجه الجذرية في العمل العسكري.
هناك طبيعة الأرض.. القتال في الجبال غير السهول.. غير المدن الكبرى غير الصغرى.. غير الريف والمدينة والقرى وإلى آخره من التفاوتات التي تفرض نفسها.. لكن هناك عامل مهم جدا يفرض نفسه.. هو طبيعة الحاضنة الاجتماعية.. بشكل عام في سورية الحاضنة الاجتماعية موالية للدولة حتى في بعض مناطق الإرهابيين.. لكن طريقة تأييد الجيش والقوات المسلحة في المناطق الساخنة تختلف من مكان لآخر.. في بعض المناطق التي دخل إليها الجيش كان التأييد المعنوي هو الأساس.. معنوي لفظي كلامي وهو مطلوب جيد وفي بعض المناطق كان تأييدا ماديا البعض يقدم الطعام البعض يقدم المعلومات يعني كل واحد يعبر بطريقته بحسب إمكانياته أيضا عن دعم هذا الجيش.. ولكن في مناطق أخرى كان الدعم فعليا من خلال حمل السلاح والقتال مع الجيش.. هذه الطريقة كانت حاسمة جدا أو مهمة جدا في سرعة حسم المعارك بأسرع زمن وبأقل الخسائر.
قد يقول البعض من واجبات الجيش أن يقوم بهذه الأعمال.. صحيح.. ولكن هذا لا يمنع من أن يدافع كل شخص عن منزله وعن حارته أو حيه وعن قريته وعن مدينته.. من غير المبرر أن يدخل الجيش إلى مناطق نكتشف بأن الشباب تركوها وهجروها.. هذا الكلام غير مقبول.. وهذا ينقلنا إلى السؤال الثالث أين الجيش في بعض المناطق… أحيانا يأتي هذا السؤال على شكل تساؤل.. عل شكل طلب على شكل عتب أو بأشكال أخرى مختلفة.. لماذا لم يأت إلى هذه المنطقة وفيها إرهابيون.. وأيضا هذا الموضوع حساس يجب أن نتحدث فيه كما هي عادتنا بشفافية مطلقة وأيضا سيستغلها الإعلام المعادي ولكن لا توجد مشكلة.. نحن نتحدث مع بعضنا الآن كسوريين.. في حالة السلم يكون هناك استكمال محدد للقوات المسلحة بشكل يكون كافيا لصد هجوم مباغت.. ولكن عندما تريد الدولة أن تنتقل لحالة حرب فلا بد من استكمال القوات المسلحة.. ويكون الاستكمال بشكل أساسي من خلال الدعوة الاحتياطية بالإضافة للمجندين والمتطوعين.
يضاف لها أن كل الإمكانيات المدنية في الدولة توضع بتصرف القوات المسلحة ويضاف لها أيضا بحسب قانون التعبئة أنه حتى إمكانيات القطاع الخاص التي تخدم المعركة على سبيل المثال “السيارات الآليات والمنشآت” كلها تصبح بتصرف القيادة العامة للجيش والقوات المسلحة.. ماذا يعني هذا الكلام… يعني أن الحرب هي ليست حرب القوات المسلحة هي حرب كل الوطن.. هي حرب كل المجتمع هذه هي الطريقة التي يمكن أن نرفع بها الجاهزية بشكل نكون فيه قادرين على خوض أخطر وأعقد وأوسع المعارك بمعنى الجبهات.
النقطة الثانية في حالة السلم دائما تكون هناك نسبة من الفرار أو التخلف عن الخدمة العسكرية بالآلاف.. وفي حالة الحرب تتضاعف هذه النسب عدة مرات لسبب أساسي هو عامل الخوف بالدرجة الأولى.. لكن كما نعلم فالجيش هو ليس فقط سلاحا وعتادا.. الجيش بالدرجة الأولى هو الطاقة البشرية التي ستقوم باستخدام السلاح والعتاد وعندما نتحدث عن إنجازات محددة بالناحية العسكرية.. هذه الإنجازات لكل مستوى من مستويات الجيش مربوطة بما يتواجد في هذا التشكيل من كمية ونوعية عتاد وبنفس الوقت كمية أو عدد من المقاتلين أو العناصر البشرية.. فعندما نقول بأن نسبة الاستملاك مئة بالمئة هناك حسابات رقمية على الورق يمكن لهذا التشكيل على سبيل المثال أن ينفذ مهمة بمدى معين يعني “عمقا وبعرض معين” يعني جبهة.. عندما تنخفض نسبة الاستكمال تنخفض إمكانية هذا التشكيل لتنفيذ هذه المهام فيصبح العمق أقل والجبهة أقل وإذا انخفضت أكثر يتحول بالكاد للدفاع.. يصبح غير قادر لتنفيذ مهام كبيرة كما هو مفترض أن ينفذ.. بنفس الوقت يمكن لهذا التشكيل أن ينفذ أكثر من مهمة بنفس الوقت إذا كان مستكملا عندما ينخفض الاستكمال يصبح بحاجة لتنفيذ المهام بالتتالي الأولى ثم الثانية ثم الثالثة وما يعنيه ذلك من زمن طويل وخسائر أكبر خاصة في القطاع المدني.
هنا نصل لسؤال بسيط وبديهي بكل هذه الصورة التي عرضناها عن الحرب الدول الكبرى والغنية والإرهابيين وإمداد غير محدود هل القوات المسلحة السورية بالشكل المثالي قادرة على تنفيذ المهام بشكل جيد وحماية الوطن.. هنا أنا لا أحب المبالغات أعطي جوابا علميا وعمليا وحقيقيا وواقعيا.. “نعم بكل تأكيد هي قادرة.. نعم قادرة وبراحة يعني هذا الكلام لا نستطيع أنه بصعوبة قادرة لا قادرة وهي مرتاحة”.
لكن هناك قواعد موجودة في هذا الكون يعني لا شيء مثلا ينشأ من العدم ولا شيء يذهب إلى العدم.. لا شيء يتحرك أو يتحول إلا بوجود الطاقة.. فطاقة الجيش هي القوى البشرية فإذا أردنا من الجيش أن يقدم أفضل ما لديه علينا أن نقدم له أكثر ما لدينا.. اذا أردنا منه أن يعمل بأقصى طاقته فلا بد أن نؤمن له كل ما يحتاج من هذه الطاقة.. كل شيء متوفر لكن هناك نقص بالطاقة البشرية للسبب الذي ذكرته.. مع ذلك أنا لا أعطي صورة سوداوية الآن.. هنا سيستغلها الإعلام المعادي ويقول الرئيس يتحدث عن ان الناس لا تلتحق بالجيش يعني هذا يؤكد انهيار الجيش والدولة.. لا لا أبدا.. هناك التحاق وقلت أنا قبل قليل بأنه ازداد الالتحاق في الأشهر القليلة الماضية.. ولكن هناك فرق بين أن تكون المهام على الجبهة.. يعني على الجبهة نستطيع أن نأخذ الوقت الكافي للقيام بعمل معين باعتبار الزمن مهما ولكنه ليس العنصر الأهم ولكن عندما يكون هناك مدنيون يعانون مثل حلب “التي يحاولون تركيعها” إما بالهجوم المباشر أو بالقذائف المجرمة أو بقطع الماء أو بقطع الكهرباء.. عندما يحاصرون دير الزور لكي تستسلم عبر الجوع.. عندما يحاصرون نبل والزهراء ومناطق أخرى مختلفة يصبح الزمن ضاغطا بالنسبة لنا كدولة وكقوات مسلحة لكي ننجز بأسرع الأوقات ما يجب أن ننجزه بزمن ربما مختلف في مناطق ليس فيها كثافة سكانية.
“لا”.. يوجد التحاق والقوات المسلحة تقوم بمهامها وأنجزت إنجازات كسرت فيها المعايير.. أنا أتحدث عن معايير موجودة على الورق.. القوات المسلحة العربية السورية كسرت المعايير المتعلقة بالتوازن خارج كل المنطق.. أنجزت إنجازات.. السبب هو الإرادة وكنا نتمنى ان نكون قادرين على أن نرسل هذه الإرادة إلى أماكن أخرى ولكن الإرادة تتواجد حيث يتواجد المقاتل.. فنحن لا بد من ان نرسل مقاتلين إلى أماكن أخرى لكي ننجز المهام.. الجيش موجود في حلب.. وموجود في دير الزور وصمد صمودا عظيما خلال السنوات القليلة الماضية ولكن الصمود شيء وتحقيق الإنجازات شيء آخر.
إن تحقيق الإنجازات يستند إلى الصمود ولكن الصمود لا يحقق إنجازات وحده.. فإذا هنا لا بد من أن نقوم بخطوات محددة لرفع نسبة الاستكمال لكي تصل لمستوى هذه المهام العاجلة.. وأنا أؤكد على فكرة الزمن.. لذلك أمس السبت.. صدر مرسوم العفو.. “هذا التصفيق ليس لي وسأقول لكم لماذا”.. صدر هذا المرسوم بهدف تشجيع المتخلفين للالتحاق بالجيش فهذا المرسوم لم يصدر بمبادرة مني ولا من الدولة صدر بمبادرة من المتخلفين أنفسهم الذين أرسلوا رسائل إلى القيادة قالوا فيها نحن نريد الالتحاق البعض منهم فرار والبعض منهم تخلف أساسا نريد أن نلتحق بالجيش.. ولكن لدينا قلق من الإجراءات الحسابية والعقابية فصدر المرسوم لكي يقوم أولئك بالالتحاق هم بضع مئات الذين أرسلوا الرسائل وأنا أعتقد بأن خلفهم بضعة آلاف فهذه بادرة جيدة.. هذا يؤكد أن الناس تدعم الجيش ويؤكد أن الناس تفهم هذه النقاط لكن صدر المرسوم.. هذه خطوة والباقي برسم المجتمع برسم كل محافظة كل مدينة كل قرية وكل عائلة بالنسبة لهذه النقطة.
أعود لنؤكد للإعلام المعادي لا يوجد انهيار ويوجد لدينا التحاق وسنصمد وسنحقق المهام.. نؤكد على نقطة أخرى أيها السادة الوطن ليس لمن يسكن فيه وليس لمن يحمل جواز سفره أو جنسيته الوطن هو لمن يدافع عنه ويحميه والشعب الذي لا يدافع عن وطنه لا وطن له ولا يستحق أن يكون له وطن فإذن بالمحصلة المشاكل التي شرحتها الآن.. العقبات التي تواجه الجيش والقوات المسلحة.. العوامل التي تؤثر على مسار المعارك ليست مرتبطة بالتخطيط.. يعني الحرب التي خضناها كافية لتعلم أقل الناس معرفة حتى غير العسكريين أن يصبحوا قادة ماهرين.
لا توجد لدينا مشكلة بالتخطيط ولا توجد لدينا مشكلة بالتعب.. البعض يتحدث عن تعب الجيش وأنا قلت سابقا في إحدى المقابلات انه من الطبيعي أن يتعب الجيش فطبعا استلموا هذه النقطة في الإعلام المعادي وأصبحت هي القضية وأن الرئيس يتحدث عن تعب الجيش يعني “إذا الواحد دخل في منافسة فكرية بالعقل فقط وربح بها فيربح بها بعد أن يتعب”.. يعني العقل يتعب إذا دخل فريق في مباراة رياضية قد ينتصر ويربح بتلك المباراة وقد يصل قبل الربح إلى مرحلة الإنهاك.
الإنسان يربح وينتصر بتعب وليس براحة فمن الطبيعي أن تتعب الدولة.. الدول الكبرى والمجتمع والكل ولكن التعب شيء والهزيمة شيء آخر.. الهزيمة والانهزام غير موجودة في قواميس الجيش العربي السوري.. لذلك أنا توسعت في هذه العناصر الميدانية لأول مرة أتحدث بها نتيجة التساؤلات المطروحة في سورية.. وكلما تفهمنا طبيعة الحرب والمعارك المرتبطة بها كنا أكثر قدرة على مواجهة الشائعات وتلافي الإحباط وبنفس الوقت تكون لدينا القدرة على تقديم الدعم الضروري والمطلوب للقوات المسلحة لكي تقوم بمهامها على أكمل وجه.
بالتوازي مع الحرب العسكرية كنا نخوض حربا إعلامية نفسية.. تهدف لتسويق وترسيخ فكرة سورية المقسمة إلى كيانات موزعة جغرافيا بين موالاة ومعارضة وكيانات طائفية وعرقية وكانوا يعززون هذه الفكرة من خلال استخدام مصطلح الحرب الأهلية ومن خلال تكرار مصطلحات طائفية وعرقية والتركيز عليها في أي حديث أو تصريح أو تعليق حول ما يحصل في سورية.. الهدف من كل ذلك كان تكريس هذه المفاهيم في عقولنا كسوريين ويعني أن يتكون لدينا شعور بأن هذا هو الواقع ولا مفر منه ولا أمل من عودة سورية الى الوضع السابق وبالتالي نقبل بهذا الأمر الواقع ونقبل بالاملاءات التي تفرض علينا من الخارج.
في الواقع أن هذا الواقع رغم تعقيده ليس كذلك.. لأن التقسيم لا يحصل على أسس جغرافية.. فالمواقع تسقط وتستعاد.. والسيطرة تفقد وتسترد.. أما التقسيم فلا يحصل إلا عندما يقبل الشعب به أو يسعى إليه.. عندما ينقسم الشعب على نفسه وعندما تنتفي إرادة العيش المشترك بين مكونات الشعب في سورية هل هذا هو الواقع في سورية… دعونا نرى ألا يهرب السوريون بكافة أطيافهم ومكوناتهم من مناطق الإرهابيين إلى مناطق الدولة ألا تعيش هذه الأطياف التي خرجت من مناطق الإرهابيين مع بعضها البعض في مختلف المناطق في سورية التي هي تحت سيطرة الدولة بنفس التناغم والتجانس الذي كان موجودا قبل الأزمة.. سيقول البعض ما هذه المبالغة.. المفروض أن هذه أخذتنا باتجاه طائفي لا.. الحقيقة هذا الكلام غير صحيح اللغة الطائفية شيء والشعور الطائفي شيء آخر الحقيقة الكثير من لم يكن واعيا قبل الأزمة لخطورة الشعور الطائفي الآن تعلم دروس الحرب وفي مقدمتها نبذ الطائفية ونبذ الانغلاق لأن فيه تدمير وطن.
لم نسمع منذ بدأت الأزمة أن هناك نزوحا من مناطق الدولة باتجاه مناطق الإرهابيين.. ولم نسمع بأن التنوع السوري الغني موجود الآن في مناطقهم ولا عن التجانس والتناغم الموجود في سورية في المجتمع السوري الذي يعيش في ظل رعايتهم لم نسمع كل هذه الأشياء.. كلنا يعرف هذه الحقائق فإذا الواقع يقول شيئا وحيدا أن المكونات الموجودة على الأرض السورية هي مكونان فقط.. الإرهابيون بكافة جنسياتهم في جانب وبقية السوريين في جانب آخر.. هذان المكونان الموجودان وبذلك ينتفي الكلام والضجيج عن التقسيم الطائفي أو العرقي والذي يوحي كأننا أصبحنا في مرحلة محاصصة الوطن.. وتقاسم أشلائه.. من يريد تقييم الوضع في سورية عليه أن يقيمه سكانيا وشعبيا قبل أن يقيمه جغرافيا وعسكريا وعلى من يقيم الوضع في سورية أن يقرأه ببعد نظر لا بقصر نظر.. بعمق لا بسطحية.. عندما يقرأ بعمق فسوف يفهم بأن حصة كل سوري هي كل سورية.. سورية الواحدة الموحدة.. سورية الغنية بألوانها.. الفخورة بأطيافها.
هذا الواقع الشعبي الذي أتحدث عنه هو الذي يبقي للخطاب الوطني معنى عدا عن ذلك ان لم يكن هذا الواقع الشعبي بهذا الشكل فالخطاب الوطني الموحد هو مجرد كلام إنشائي ليس له معنى في مثل هذه الحالة وفي مثل هذا الواقع الخطاب له معنى وهو الذي كان أحد أهم أسباب استمرار الدولة والوطن.. كياناتهم هي مجرد وهم لسبب بسيط فلا يمكن أن يكون المجتمع منقسما والدولة موحدة.. هذا الكلام مستحيل.. لا يمكن أن يكون المجتمع منهارا مفككا والدولة تقف على أقدامها رغم كل الطعنات لأن الدولة انعكاس للشعب وليس العكس.
في مقابل هذه الطروحات علينا كسوريين أن نبقى متمسكين بمفرداتنا الوطنية الجامعة الموحدة.. بعيدا عن كياناتهم الافتراضية وهوياتهم الفرعية التي تريد استبدال سورية الوطن الواحد بسورية الأوطان.. واستبدال المجتمع المتماسك المتجانس بمجتمعات منقسمة مريضة طائفية وعرقية لذلك يجب أن نكون واعين لكل المصطلحات التي نستخدمها.. البعض يظهر خاصة في الإعلام ويتحدث بنفس اللغة الطائفية والتقسيمية والتفتيتية التي يتحدثونها في الإعلام المعادي.. هو يعتقد ربما عن حسن نية بأنه بهذه الحالة إنسان واقعي وموضوعي.. في الواقع هو مجرد إنسان سطحي لأنه لا يعلم بأن الواقع يبدأ بفكرة ويبدأ بكلمة وعندما نقبل بهذه المصطلحات أن تكون جزءا من ثقافتنا علينا أن نتوقع بأن هذا التقسيم أو التفتيت أو التخريب سيكون جزءا من واقعنا خلال أعوام قليلة لذلك لا يجوز أن نستخدم جملا تتحدث بمظهرها عن وحدة الوطن ولكنها تمارس التفتيت.. تتحدث بمظهرها عن البناء ولكنها تنتج التدمير.. يجب أن نكون واعين بدقة للمصطلحات لأنها مهمة.. كل شيء في العالم يبدأ باللغة اللغة هي حامل الأفكار وهي التي تؤدي لاحقا للواقع.
“أيها السيدات والسادة”.. لا شك أن الوضعين السياسي والميداني ينعكسان بشكل مباشر على الوضع الاقتصادي.. فبالتوازي مع الهواجس الأمنية التي نعيشها.. هناك أيضا الهاجس المعيشي الذي مس كل عائلة وفرد وخاصة ذوي الدخل المحدود وهذا نتيجة حتمية للحرب التي نعيشها والتي أدت إلى تراجع الاقتصاد السوري وموارد الدولة الضرورية لتنشيطه بفعل تدمير الإرهاب لجزء مهم من البنية التحتية الاقتصادية والخدمية.. وعرقلته المخططة والمقصودة لدورة الاقتصاد الطبيعية عبر قطع الطرق بين المدن إضافة الى قطع شرايين الحياة عن بعض المناطق كالمياه والكهرباء والوقود يضاف إلى كل ذلك الحرب التي تشن علينا من الخارج عبر الحصار الاقتصادي والعمل على إضعاف عملتنا الوطنية وضرب مقومات صمودنا.
رغم كل ما ذكرت فإن مؤسسات الدولة مستمرة بالقيام بعملها ولو بالحدود الدنيا في بعض الحالات.. فنحن في حرب وفي الحروب تتوقف الحياة تماما وتنقطع مقومات العيش.. “نحن في سورية بعد أربع سنوات ونيف ورغم الاختناقات التي حصلت وربما قد تحصل لبعض الخدمات الأساسية واليوم نعيش موضوع الكهرباء وأعتقد أن جزءا كبيرا من المواطنين لن يتمكنوا من مشاهدة الخطاب الآن بسبب انقطاع الكهرباء إلا أنها كثيرا ما تتوفر بغضون أيام عندما نقوم بواجبنا على أكمل وجه”.. لا يوجد شيء من دون حل فهناك جنود مجهولون أنتم تمثلونهم ..”عمال مهندسون أطباء حرفيون” كثيرون غيرهم من كل القطاعات يصلون الليل بالنهار يعملون في ظروف اقتربت أحيانا من ظروف القتال التي يخوضها مقاتلونا على مختلف الجبهات ويقدمون الشهداء من أجل تأمين مستلزمات الحياة من مأكل وملبس ومسكن وطبابة وتعليم وغيرها.
رغم كل ما سبق فذلك لا يعني أن بعض مؤسساتنا لم تكن قادرة على أن تكون في وضع أفضل حتى في ظل تلك الظروف القاهرة .. ولا يعني أن أفق تحسين حالنا ما زالت بعيدة .. بل على العكس.. فنحن نمتلك الإرادة والمقدرة .. وما تبقى هو عملية تنظيم و إبداع لننطلق للأحسن ولو تدريجيا.
وذكرت سابقا في خطاب القسم أن أهم قطاع واعد بالنسبة لنا هو قطاع الإعمار وبعد ذلك الخطاب بعدة أشهر في خريف العام الماضي صدر القانون 66 الذي يفتح الباب واسعا لهذا القطاع وما تم على الواقع أنه تم إنجاز المخططات التنظيمية لأول منطقة في مدينة دمشق وهي منطقة كفرسوسة وتم الانتهاء مؤخرا من توزيع الملكيات بين المالكين وتم البدء مؤخرا بإنجاز البنية التحتية وبالتوازي تم البدء بدراسات لوضع المخططات التنظيمية لمنطقة داريا وفى حمص تم الانتهاء من وضع المخططات التنظيمية لمناطق بابا عمرو والسلطانية وجوبر.. فإذاً نستطيع أن نقول .. أن هذا المشروع انطلق ولو أنه ما زال في مراحله الأولية ولكن على أهميته ليس القطاع الوحيد فهناك قطاعات حتى خلال الأزمة وبهذه الظروف القاسية على الاستثمار تطورت فمثلا ازداد عدد المصانع في المناطق الآمنة بريف دمشق وحمص وأؤكد على المناطق الآمنة كي لا يعتقد البعض أنى أقدم رقما مطلقا لأنه في المناطق التي تحت سيطرة الارهابيين إما دمرت المعامل أو نهبت.. واستكمل بناء مصانع تم البدء بها قبل بدء الأحداث والأهم من ذلك أن هناك من بدأ استثماره بعد بدء الأزمة وهذا دليل وطنية عالية وثقة بالوطن بالرغم من كل هذه الظروف وربما هي طريقة للتحدي بأننا سنكون أقوى من الارهاب.
إن القطاعات التي تضررت بشكل حاد كقطاع الدواجن والاعلاف والصناعات الغذائية والألبسة “نسيجية” والدوائية عانت بشكل حاد .. تم ترميمها مؤخرا ببعض الاجراءات بنسب تختلف بين مقبول الى جيد ولذلك مؤخرا منذ أسابيع قليلة في هذا الشهر أقرت الحكومة إحداث هيئات متخصصة لدعم الإنتاج المحلي عبر دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة من خلال قروض تشغيلية تساعد المنتجين بالتخفيف من آثار الأزمة على إنتاجها.
إن التجربة الناجحة كانت في مجال القروض الصغيرة .. البعض يسميها متناهية الصغر .. التي بادرت بها جهات من القطاع الاهلي وبدعم ومشاركة الدولة .. وأوجدت من خلالها عشرات الالاف من فرص العمل عبر مشاريع منتجة صغيرة خلال أقل من عامين وبكميات ليست كبيرة من التمويل .. تم توسيع التجربة بشكل أكبر وتحديدا مع الإدارة المحلية وعندما أقول الإدارة المحلية فنحن نفصل في بعض المشاريع الوزارة نفسها وفى بعض المشاريع البلديات أو المحافظات وفي أكثر من محافظة سواء عبر القروض الصغيرة أو عبر المنح الانتاجية التي تقدم مجانا للجرحى ذوي الإصابات الدائمة والتي سيتم توسيعها لاحقا لتشمل جرحى بمستوى إصابات أقل وأيضا لعائلات الشهداء .. هذه الأشياء التي أذكرها بالنسبة للاقتصاد هي نماذج فقط كي تدل على إرادة وتصميم السوريين وتؤكد أن الابواب مفتوحة أمامنا لتحسين الوضع الاقتصادي والمعيشي.
تحدثت في ثلاثة عناوين وأريد فقط أن ألخص .. سيسأل كل مواطن ماذا نفهم من هذا الخطاب … سمعنا الشرح .. هل هناك أمل أم لا يوجد أمل… وأنا أقول بالاقتصاد بكل تأكيد الأبواب مفتوحة .. في عام 2012 وهى أسوأ سنة اقتصادية مرت علينا كان السبب ليس فقط الظروف وانما الكثير من السوريين كان يعتقد بأنه يجب أن يؤجل أعماله حتى تتحسن الظروف ويعود للعمل وعندما اكتشف بأن الأمور ستطول قرر أن يتأقلم مع الظروف وبدأنا بالإنتاج وهذا العام كان التصدير نسبيا جيدا وعندما أقول نسبيا نسبة للظروف وليس نسبة لما قبل الأزمة .. عندما نبدأ بالتصدير ويبدأ الإنتاج وتبدأ بعض القطاعات تتحرك فهذا يعني بأننا قادرون .. الأبواب مفتوحة .. علينا أن نبحث عن طرق وأساليب ووسائل .. نحن كدولة ومؤسسات فيها مع القطاع الخاص .. مع القطاع العام فإذا نستطيع أن نتفاءل فى هذا القطاع وتبقى العقبة الأساسية هي القضية الخدمية كالكهرباء والوقود وهذا نحاول حله من وقت لآخر.
أما في الجانب العسكري فكان شرحي واضحا .. نعم لدينا الإمكانيات في الجانب العسكري مع بعض المبادرات من المجتمع لتعزيز هذا الجانب .. يوجد أمل .. أما في الجانب السياسي ففي الحقيقة لا يوجد لدي أي عنصر أقدمه لكم وأخدعكم وأقول لكم نعم هناك .. يعني بالكلام الدبلوماسي مع المسؤولين والإعلام نقول كلاما مختلفا ولكن مع السوريين لا نستطيع الا أن نقول الحقيقة .. نحن لسنا العامل الوحيد المسيطر على العمل السياسي ولا أصدقاؤنا كالروس والإيرانيين والصينيين والبريكس وغيرهم.. هناك دول أخرى فحتى هذه اللحظة لا أستطيع أن أقدم لكم أي شيء في هذا المجال كي تبنوا عليه .. بكل الأحوال محور كل هذه المحاور هو المحور العسكري الذي سيؤثر داخليا وسيغير الموازين خارجيا.
“أيتها الأخوات أيها الأخوة” نحن في مرحلة مصيرية لا حلول وسطا فيها يتساوى فيها التردد مع الانهزامية مع الجبن مع العمالة والخيانة .. فلا تنازل عن الحقوق ولا تفريط بشبر واحد لن نكون عبيدا.. بل أسياد مستقلون .. أسياد على بلادنا ومقدراتنا وحقوقنا .. وها هو العالم يتغير شيئا فشيئا .. فالدول المتمسكة بحقوقها لا بد أن تنتصر.. وخير مثال على ذلك هو ما حققته الشقيقة إيران من اتفاق بعد طول صبر وعناء .. لكن بثبات وعزيمة و إرادة .. هذا هو نهج الدول الحرة .. التي لا ترضى الاستعباد ولا الانقياد .. تضع مصالح شعبها أولا وتسير.
أنا هنا أريد أن أتحدث عن هذا الاتفاق ببضع جمل لا أتحدث عما يحلله الإعلام فكل العالم يحلل حول ما سبقه وما سيليه وما يهمني السياق كيف توصلت إيران إلى هذا الانتصار سواء أحببنا إيران أم لم نحبها أعجبتنا أم لا .. اتفقنا معها أم لا .. هي حققت انتصارا كبيرا وهذا البلد الشقيق حوصر لمدة ثلاثة عقود ونصف و أكثر بقليل وتعرض لحرب ظالمة لمدة ثماني سنوات استخدمت فيها كل أنواع الأسلحة بما فيها الأسلحة الكيميائية بموافقة الغرب وتم تدمير الجزء الأكبر من البنية التحتية في إيران ومع ذلك خرجت قوية وحققت إنجازات علمية وهي الأولى بالإنجازات العلمية وبالأبحاث على مستوى العالم الإسلامي و”رقمها بالعشرينات على مستوى العالم”.
بالرغم من كل هذا الحصار مرت بكثير من المفاصل لسنا بصدد الحديث عنها لكن وصلنا إلى عام 2009 “الانتخابات الإيرانية الرئاسية” ونذكر أول نموذج لما سمى “الربيع العربي” طبق في إيران لم يخطط للدول العربية فإذا ضربوا إيران ينتهون من كل شيء آخر فبدؤوا بنفس المصطلحات بنفس الأساليب وشكلت قنوات فضائية باللغة الفارسية واستخدموا مواقع التواصل الاجتماعي ونفس الأكاذيب لدرجة أن أحد المسؤولين الأوروبيين كان في زيارة إلى سورية في نهاية تلك الأحداث وقال لي يجب أن تبتعدوا عن إيران لأن القضية قضية أشهر وما يقولونه عن سورية قالوه عن إيران .. أشهر ويسقط النظام الإيراني وقلت له .. أنت ستعود ربما إلى هذه المنطقة بعد أشهر وتكتشف أنك كنت مخطئا ولم أذكر اسم هذا المسؤول هو من الحمقى من المسؤولين لكن الآن أذكر كل تصرفاته خلال فترة وجوده.
لماذا تجاوزت إيران كل تلك المؤامرات من الحرب حتى ذلك المفصل ووصلت إلى هذا الانتصار ومفاصل أخرى بينهما لأنها كانت موحدة .. إن وحدة الشعب الإيراني هي التي أنجزت الاتفاق وأعطت إيران الحق النووي حتى البعض من المعارضة الإيرانية الذي فر منذ أيام الشاه عندما طرح الموضوع النووي وقف مع وطنه على اعتبار أنه قضية وطنية والبعض من إعلام المعارضة في الخارج الإيراني وقف الى جانب الدولة في هذا الموضوع .. فرقوا بين الخلافات السياسية وبين الخلافات على أساس وطني في الثوابت الوطنية هذا فيه رسالة لأحبائنا من المعارضة الخارجية السورية المرتبطة بالخارج لأنهم بدؤوا بالنواح منذ فشل مشروعهم للضربة على سورية في عام 2013 وبدؤوا بتصعيد هذا النواح وخاصة بشكل جذري ودراماتيكي مؤخرا “بكاء وصراخ ولوم وزعل وعتب على أسيادهم في الغرب” لأنهم لم يقدموا لهم ما يحتاجونه لتحرير الشعب السوري.
وطبعا في إيران لم نسمع عن تلك المراحل عن دعوات لقصف إيران وتبديل الدولة وتحرير الشعب فالمعارضة السورية الخارجية المرتبطة بالخارج تبكي اليوم لأنهم لم يقدموا لها هذا الشيء بالرغم من أنها قدمت كل شيء .. والمعارضة قدمت أكثر مما طلب منها أسيادها .. لكن هم لم يقدموا لكم لأن هناك قواعد للعمل أنتم تابعون والتابع هو عبد والعبد لا يقدم له .. السيد يستخدم العبد لا يقدم للعبد هم يحتقرونكم وهذا الكلام سمعناه من كل مسؤول غربي بأنهم يحتقرون هذه المعارضة هم يحتقرونكم أكثر من الشعب السوري لماذا لأننا في سورية نعرف بعضا عن عمالتكم أما أسيادكم فيعرفون كل شيء عن عمالتكم لذلك .. أنتم ستستخدمون كالورقة وبعدها سيلقون بكم في سلة المهملات أما الشعب السوري فمنذ زمن طويل القى بكم في زبالة التاريخ.
الثمن غال لأن المخطط كبير والحرب حرب وجود.. نكون أو لا نكون.. صحيح أن عامل التدخل الخارجي كان أساسيا ومؤثرا جدا في إضرام نارها لكن معظمنا يعي اليوم أن العامل الداخلي هو الأهم في إطفاء هذه النار.
وعلى أهمية هذا الوعي لحقيقة ما يحصل فإننا كسوريين لن نكون قادرين على إنقاذ سورية مما يحاك لها إلا عندما يشعر كل فرد فينا أن هذه المعركة هي معركته هو وأنه هو المعني بوطنه ومدينته وقريته ومنزله قبل الآخرين وهو المعني بوحدة تراب بلده وبالحفاظ على العيش المشترك وعندها لن يكون هناك نازح يهجر موطنه بدلا من أن يدافع عنه ولن يكون هناك متفرج يتضامن مع بلاده ولا يفعل شيئا غير الكلام.
إن انتصار سورية في حربها لن يعني فقط دحر الإرهاب بل يعني أن المنطقة ستستعيد استقرارها فمستقبل منطقتنا سوف يحدد وترسم ملامحه استنادا إلى مستقبل سورية.. فالمحرقة قادمة عبر مشروع التقسيم وحروبه وإذا أردنا تجنيب أبنائنا وحمايتهم منها فلا بد أن ننتصر في معاركنا وحربنا وحينها نسلمهم إرثا يفخرون به في المستقبل ويكونون أسيادا حقيقيين في وطنهم.
إن خيارنا واضح منذ اليوم الأول وهو امتلاك الإرادة والثقة بالانتصار.. والنصر هنا ليس لفئة من السوريين على أخرى بل نصر لكل السوريين على ما خطط لهم وهذا ما حدا بكثيرين كانوا يحملون السلاح في وجه الدولة إلى تغيير وجهة بندقيتهم ليأتوا ويقاتلوا جنبا إلى جنب مع إخوانهم في الجيش والقوات المسلحة وقدموا شهداء في مناطق مختلفة.. فالدم واحد والعدو واحد والمصير واحد.
أدعو كل متردد خوفا أو شكا أو أملاً بأحلام لن تتحقق أن يحذو حذو من سبقه ليوحدوا البندقية باتجاه العدو الحقيقي.. العدو المشترك والأخطر وهو الإرهاب.. أما وعود الخارج لمن ما زال يعيش عليها فستبقى مجرد أوهام طالما أن هناك أبطالا في الجيش والقوات المسلحة يقاتلون في أحلك الظروف ويسهرون لينام السوريون ويستشهدون لتحيا سورية.
لهم ولكل فصائل الدفاع الشعبي كل التحية والإكبار وكل التقدير والتكريم.
لتضحياتكم ننحني ولبذلكم وعطائكم نقف إجلالا.. وسيكتب التاريخ عما شهدته سورية من إرهاب وقتل وستكتبون أنتم فصل حمايتها وتطهيرها والحفاظ على شعبها وبقائها.
حية لعائلاتكم ولذويكم الذين أنشؤوكم على حب الوطن والتضحية في سبيله والتحية الأكبر والأعظم لعائلات الشهداء جميعا وأخص بالذكر من فقد أكثر من شهيد من عائلة واحدة.. لهذه العائلات منكم نستمد الصمود ومنكم نتعلم البذل والعطاء والوطنية فأنتم العائلات الجبارة بحق.. ومهما فعلنا فلن نفيكم حقكم.
أما جرحانا الأبطال.. فأنتم تاريخ سورية الحي وأنتم الشاهد والذاكرة وأنتم المدرسة الحقة التي ستتعلم منها الأجيال القادمة كيفية التضحية بجزء من الجسد ليحيا الجسد الأكبر سورية.
لمخطوفينا ومفقودينا وأهلهم نقول.. لن نألو جهدا في تحديد مصير من فقد ومحاولة تحرير من خطف سواء عبر العمليات العسكرية أو عبر التبادل.
لا ننسى أن نشكر الشقيقة إيران على ما قدمته وما زالت من دعم لسورية.. والصديقة روسيا.. والصين الوفية على مساعدتهما بأكثر من جانب وخاصة في المحافل الدولية وشكرا من القلب للمقاومة اللبنانية التي بادلتنا الوفاء بالوفاء والدم بالدم.
أحيي كل سوري صمد رغم الآلام والجراح وصبر على جور العقوبات والحصار والشح في الموارد وكل سوري تمسك بأرضه رغم كل الإغراءات بالسفر والهجرة.. تحدى الإرهاب وقذائف الموت وعبر بصبره وصموده عن أعمق معاني التشبث بالأرض والجذور وأعطى الوطنية مضمونها الحقيقي وكان في بقائه بقاء للوطن.
وختم الرئيس الأسد بالقول : وطننا حق لنا.. وحمايته حق علينا .. والله مع الحق.
إضافة تعليق جديد