ادلب تحت النار ، قتال قريب بين الفصائل فما السبب !!

تعتبر محافظة إدلب من أهم المحافظات السورية لتميزها بموقعها الاستراتيجي الواصل بين عدة محافظات سوريّة حيث تعد بوابة اللاذقية وحلب وحماة والنسبة الأكبر على الحدود السورية – التركية مما جعل منها ميداناً للحرب وثقلاً لكل الدول الداعمة للإرهاب في سورية منها قطر والسعودية وتركيا والولايات المتحدة الأمريكية.

خرجت هذه المحافظة عن سيطرة القوات الحكومية منذ مطلع عام ٢٠١٥ وسارعت الفصائل إلى تحويلها لـ دويلة ذات حكم إسلامي ونفذوا أعتى العقوبات بحق من يطالب بالعلمانية والحضارة والحل السلمي فيها منعاً لنشوب حرب قد تودي بالجميع.

الحكومة السورية ورغم الضغوطات والعقوبات الدولية لم تستثنِ هذه المحافظة من خدماتها بل ساعدت بكافة الطرق لإعادة الدوائر الحكومية وتفعليها داخل المدينة بإشراف لجنة مدنية وهذا ما منعته الجماعات المسلحة بحجة الاستقلال عن الحكومة السورية وانتماءها لحكومة ما يسمى “الائتلاف المعارض” حيث قامت هذه الميليشيات المسلحة بنهب وسلب كافة المملتكات العامة وعشرات المنازل والممتلكات الخاصة العائدة لمواطنين داعمين للحكومة السورية ومنهم من يدعم فصيلاً ضد فصيلٍ آخر بالإضافة لتدمير ما تبقى من ممتلكات عامة ودوائر رسمية لضمان عدم إعادة تشغيلها تنفيذاً لأوامر داعميهم والتي تهدف لتدمير البنى التحتية في سورية وإضعاف الاقتصاد السوري، ومن أبرز ما تم استهدافه محطة زيزون للكهرباء والسكة الحديدة ومعمل السكر ومعمل الزيت والمطاحن وغيرها الكثير.

حاولت الحكومة السورية والدول الداعمة لها بخلق حلول لملف إدلب عبر المصالحات والتهدئة لحقن الدماء ووقف الدمار الممنهج، لكن في كل مرة كانت الميليشيات الإرهابية تطعن الاتفاق وتحاول فتح ثغرة في المحافظات المتاخمة لها ولكن جميع محاولاتهم باءت بالفشل وكان أهمها معركة الكليات جنوب حلب وأخرها معركة حماة والقائمة إلى هذه اللحظة.

الاتفاقات الدولية والخنوع الأميركي والتخوف التركي للواقع الميداني وانتشار الأكراد في سورية والعراق على حدودها أجبر التركي للانتقال من الحضن الأمريكي إلى الحضن الروسي سعياً منها للمساعدة بمنع قيام إقليم كردستان والذي من شأنه دمار الحزب الحاكم في تركيا وتقسيمها إلى دوليات حزبية ودينية، هذه التغييرات الدولية كان لها تأثير كبير على الأرض السورية وبالأخص بين الفصائل الإرهابية التي سارعت بالإعلان عن انشقاقها عما يسمى تنظيم “جبهة النصرة – فرع القاعدة في سورية” وحرضت على قتاله وطرده من أراضي سورية بعد استجلابهم للدعم الدولي من حلفائهم، هذا الفعل أتى بضغط تركي مباشر لعدم قدرتها على مجابهة الدول الضامنة والداعمة للاتفاق السياسي وهي تقوم بدعم وإدخال الأسلحة والمعدات إلى هذه الفصائل المصنفة على قائمة لائحة الإرهاب الدولي.

معركة حماة وخريطة الإستانة:

لا يمكن أن نفصل في الكلام بين السياسة والتطورات في الميدان فكل منهما مكملاً للآخر ولا بد لكل كلمة سياسية أن يكون لها دواعٍ عسكرية وتغيرات مفصيلة على الواقع الميداني وهذا ما نراه بعد كل مؤتمر سياسي أو طرح إلى مبادرة دولية أو محلية، لكن الأجتماع الأخير والذي حصل مطلع الشهر الجاري في كازاخستان كان الجوهري في حل الأزمة السورية وكانت قراراته واضحة وصارمة وهي عزل ما يسمى بالمعارضة المعتدلة عن تنظيم “جبهة النصرة” وحلفائها وقتاله واجباً حتى النهاية.

تترجم بنود هذا الاتفاق على الميدان في سورية مما أوقع الخوف والذعر بين الفصائل وقادتها التي سارعت إلى الهروب والاحتماء بالحليف التركي وإعلانها ببيانات رسمية الانشقاق عن تنظيم “هيئة تحرير الشام – جبهة النصرة سابقاً” وقتالها مما وضع النصرة وحلفائها بين فكي كماشة ولم يعد لديهم خيار سوى الانتحار في الميدان أو إعلان الهزيمة وإلقاء السلاح، وبالفعل حاول التنظيم تجربة قوتها على الصمود أو الهزيمة وجمعت ما يمكنها من عناصر وقادة مواليين لها وكان أبرزهم “الحزب التركستاني” المصنف ضمن لائحة الإرهاب وفصائل إرهابية أخرى وهاجمت بكل ثقلها مواقع الجيش السوري في ريف حماة بشتى أنواع الأسلحة والصواريخ والمفخخات والتي دمرها الجيش السوري قبل وصولها إلى أي هدف وهذا ما يؤكد القرار الدولي الحاسم الذي أصدر بإنهاء تنظيم “جبهة النصرة” ومن معها سياسياً وعسكرياً.

ساعات قليلة سنشهد مجدداً المجازر بين الفصائل المسلحة المعادية لتنظيم “هيئة تحرير الشام” والتنظيم ذاته حيث أنه كان السبب بتدمير عشرات المقرات والآليات بمئات الغارات الجوية والصاروخية ودون أي مكسب سياسي أو عسكري حصلت عليه سوى الخسائر والهزيمة المستمرة منذ انتهاء معركة حلب الكبرى.

المصدر: وكالات