أسرار عملية اعتقال علي الدقدوق خبير المتفجرات في حزب الله
الجمل: تزايدت الشكوك أكثر فأكثر حول (عملية) اعتقال علي الدقدوق الناشط البارز في حزب الله اللبناني، وما زاد من الشكوك حول (طبيعة) هذه العملية التزامن المثير للجدل بين خبر الاعتقال والتصريحات التي انطلقت من واشنطن وتل أبيب، والتي لم تكن بأية حال من الأحوال مجرد تصريحات صدرت ضمن عملية (رد الفعل) إزاء خبر الاعتقال، بل هي تصريحات مدروسة ومحسوبة في ردود أفعالها، ومضمون الرسائل التي تحملها.
- صرح السيناتور اليهودي الأمريكي جو ليبيرمان قائلاً بأن اعتقال الدقدوق يثبت أن إيران قد أعلنت الحرب ضد أمريكا.
- ربطت أجهزة إعلام المحافظين الجدد مثل فوكس نيوز التابعة لليهودي روبرت مردوخ بين اعتقال الدقدوق، وقوات القدس الإيرانية، التابعة للحرس الثوري الإيراني، وبين مقتل الجنود الأمريكيين الخمسة في البصرة.
- تزامن خبر اعتقال الدقدوق مع تحليلات الأمريكية، تتحدث عن ضرورة أن يستخدم الرئيس بوش القوة العسكرية ضد إيران وأعداء أمريكا الآخرين دون الرجوع للكونغرس، وذلك لأن قتل الجنود الأمريكيين هو اعتداء على أمريكا، والرئيس الأمريكي جورج بوش مفوض وله بالأساس صلاحية استخدام القوة دفاعاً عن النفس دون الرجوع للكونغرس.
• الحرب السرية.. وعملياتها السرية في المنطقة:
تقوم وكالة المخابرات المركزية الأمريكية، برعاية ديك تشيني نائب الرئيس الأمريكي بتنفيذ الكثير من العمليات السرية في لبنان والعراق، وتجد المساعدة والدعم والتنسيق الكامل مع جهاز الموساد الإسرائيلي.
إعلان قوات الاحتلال الأمريكية في العراق عن اعتقال الدقدوق في لبنان، والطريقة التي تمت بها صياغة الخبر ومعلومات الاعتقال تؤكد أن اعتقال الدقدوق لم يكن أمراً عادياً عشوائياً.. فالدقدوق وغيره من عناصر حزب الله البارزة، يخضع لمتابعة (عيون) وكالة المخابرات المركزية الأمريكية والموساد الإسرائيلي، وأيضاً المخابرات الأردنية، وذلك لأن المخابرات الأمريكية ظلت تعتمد دائماً على (الوكلاء) في عملياتها داخل لبنان.
وبصريح العبارة، يقوم حلفاء أمريكا داخل لبنان، وتحديداً (عناصر قوى 14 آذار) بعمليات الوكالة الاستخبارية، والتي تتمثل في جمع المعلومات الاستخبارية عن (الأهداف) المحددة بواسطة وكالة المخابرات المركزية الأمريكية، وقد سبق أن تم الكشف عن بعض (الوكلاء) الذين كانوا يقومون بوضع بعض العلامات الخاصة على أسطح بنايات الضاحية الجنوبية خلال القصف الإسرائيلي في حرب الصيف الماضية.
العمليات السرية التي قامت بالتخطيط لها وكالة المخابرات المركزية الأمريكية بالتنسيق مع جهاز الموساد الإسرائيلي تتضمن الآتي:
- تحديد المرافق الحساسة الخاصة بحزب الله وحركة أمل وبقية فصائل المقاومة الوطنية اللبنانية.
- متابعة عناصر حزب الله اللبناني وحركة أمل وغيرهم من زعماء فصائل المقاومة الوطنية اللبنانية.
- جمع المعلومات الاستخبارية عن أنواع الأسلحة والعتاد العسكري الذي يستخدمه حزب الله وحركة أمل وغيرهم.
- رصد تحركات الزعماء السياسيين والعسكريين لحزب الله وحركة أمل.
- رصد الصحفيين الذين يتصدون لكشف المخططات الأمريكية- الإسرائيلية.
العمليات السرية التي تقوم بتنفيذها حالياً عناصر قوى 14 آذار، تتضمن كافة أنواع العمليات الاستخبارية، والتي يتميز بعضها بالطابع الدفاعي وبعضها الآخر بالطابع الهجومي.
في الفترة التي أعقبت حرب الصيف الماضي، وعلى وجه التحديد بدءاً من شهري آب- تشرين الأول 2006م، تحولت عناصر قوى 14 آذار من (العمليات الاستخبارية الدفاعية) إلى (العمليات الاستخبارية الهجومية)، والتي كان من أبرزها المشاركة في تنفيذ مخطط اختطاف الدقدوق، وتجدر الإشارة إلى أن عمليات اختطاف الخصوم وتوظيفهم واستغلالهم لأغراض الحرب النفسية، وبناء الذرائع التي تبرر العدوان، وتوفر المغالطات، ليست أمراً جديداً لا على وكالة المخابرات المركزية الأمريكية، ولا على الموساد الإسرائيلي، ولا على زعيم القوات اللبنانية سمير جعجع الذي اكتسب خبرة واسعة خلال الحرب الأهلية اللبنانية في تنفيذ العلميات الاستخبارية المتعلقة بخطف الخصوم وقتلهم أو استخدامهم لأغراض الابتزاز السياسي والمادي وغيره.
إن اختطاف الدقدوق بواسطة (وكلاء) المخابرات المركزية الأمريكية والموساد في لبنان، وتسليمه للأمريكيين الذين قاموا بترحيله سراً إلى جنوب العراق، وترتيب سيناريو اعتقاله هو واحدة من (العمليات السرية الاستخبارية الهجومية) التي تورطت فيها قوى 14 آذار حتى النخاع، وهذه العملية ليست الوحيدة، بل تأتي ضمن عدد من العمليات السرية الاستخبارية الهجومية الجاري تنفيذها حالياً داخل لبنان، فهناك عملية مخيم نهر البارد التي هدفت لاستخدام الجيش اللبناني من أجل قتل المجاهدين السعوديين المعارضين لأمريكا وإسرائيل بحجة أنهم (فلسطينيين) وإرهابيين، وذلك بعد ان تم خداعهم وإحضارهم بواسطة (وكلاء المخابرات الباكستانية والأمريكية) من الباكستان إلى لبنان بحجة الجهاد من أجل تحرير فلسطين والقدس.. وقد فشل هذا المخطط بعد أن رفض هؤلاء السعوديون مهاجمة زعماء حزب الله اللبناني، الأمر الذي دفع وكالة المخابرات المركزية الأمريكية والموساد الإسرائيلي إلى محاولة التخلص منهم داخل لبنان، وبالفعل جاء اليهودي الأمريكي ديفيد وولش نائب وزيرة الخارجية الأمريكية إلى لبنان، واجتمع بزعماء قوى 14 آذار (جنبلاط، الحريري، جعجع).. وأبلغهم العمليات الجديدة المطلوب القيام بها.
زعماء قوى 14 آذار يتم استخدامهم بشكل أكثر تخصصاً يقوم على توزيع الأدوار:
- سعد الحريري يقوم بتوفير الأموال التي يتلقاها من السعوديين ومن وكالة المخابرات المركزية الأمريكية عبر حساباته المصرفية السرية المنتشرة في شتى بنوك العالم، وغير مسموح له أن يعرف أكثر من هذا.
- وليد جنبلاط يقوم بالتحركات السياسية ومقابلة المسؤولين الأمريكيين وحشد الدعم السياسي لخدمة السنيورة وتسويق العداء لسورية وحزب الله عن طريق المؤتمرات الصحفية والتصريحات واللقاءات المتجددة مع (قناة العربية) التي أصبحت بمثابة الناطق الرسمي لقوى 14 آذار خارج لبنان: وليس مسموحاً لجنبلاط أن يعرف أكثر من ذلك.
- سمير جعجع: ومجال خبرته معروف، فهو الخبير في عمليات الخطف والقتل.. وغيرها، كذلك يعتبر سمير جعجع هو (العراب) الرئيسي لقوى 14 آذار، أو فلنقل (عراب عائلة) قوى 14 آذار.. والارتباط الرئيسي للموساد ولوكالة المخابرات المركزية الأمريكية هو مع سمير جعجع، وكل خطط العمليات السرية التي يتم تنفيذها بالتنسيق معه، خاصة أنه من قدامى (زبائن) الموساد والمخابرات الأمريكية في المنطقة، ومن المعلوم أن المطالبة بإطلاق سراحه بواسطة زعماء قوى 14 آذار كانت بالأساس بناء على رغبة أمريكية- إسرائيلية، وذلك لأن عدم وجوده في الساحة اللبنانية سوف يترتب عليه (فراغ) كبير في العلميات السرية التي كان مخططاً القيام بها في لبنان.
التسريبات الخاصة جداً تؤكد أن الدقدوق كان متابعاً بواسطة قوى 14 آذار وعناصر الموساد ووكالة المخابرات المركزية الأمريكية الموجودة داخل لبنان منذ فترة ما قبل حرب الصيف الماضي، وبان وجوده عند لحظة الاعتقال مع شقيق أحد المنشقين السابقين من جيش المهدي هو الخطأ الذي لم يتحسب له الأمريكيون، لأن المعقول والمقبول أن يكون الدقدوق مع مقتدى الصدر لأن مقتدى الصدر أصبح من المعارضين لأمريكا، وتقوم قواته بعدد من المواجهات ضد القوات الأمريكية.. أما أن يكون الدقدوق موجوداً مع معارضي مقتدى الصدر والمنشقين عنه فهو أمر غير مقبول، خاصة وأن المخابرات الأمريكية والإسرائيلية ومراكز دراسات اللوبي الإسرائيلي تتهم جيش المهدي التابع لمقتدى الصدر بأنه يتعاون مع حزب الله اللبناني وإيران، وبالتالي من الطبيعي والمقبول أن يكون الدقدوق مع إيران، أو مع جيش المهدي، ومن غير الطبيعي أو المقبول أن يكون من أحد الأطراف المنشقة عنهم.
العلميات السرية الهجومية التي تقوم بها وكالة المخابرات المركزية الأمريكية والموساد الإسرائيلي ليست حصراً داخل لبنان، ففي الفترة السابقة تم خطف ضابط إيراني رفيع المستوى من تركيا، وقبلها أشرفت هذه المخابرات على عمليات فرق الموت في العراق، وتجنيد منظمة مجاهدي خلق، والحركات السنية المتطرفة للقيام بالتفجيرات داخل إيران.
وعموماً: لن تتوقف العمليات السرية باختطاف الدقدوق، بل هناك الكثير من العمليات الأخرى قيد التنفيذ والتي سوف تتضمن بلا شك اغتيال المزيد من زعماء ورموز قوى 14 آذار أنفسهم من أجل استخدام دمهم في تسويق العداء ضد سورية وحزب الله اللبناني.
تداعيات عملية اختطاف الدقدوق سوف تستمر من أجل (توفير) الأدلة والذرائع لإدارة بوش وإسرائيل لمهاجمة إيران، وتؤكد بأن هناك المزيد من (الذرائع) الأخرى التي سوف تحاول وكالة المخابرات المركزية الأمريكية والموساد الإسرائيلي تنفيذها بمساعدة كل من قوى 14 آذار، وأتباع أحمد جلبي، وجماعات (البشمركة)... وغيرهم.
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد