باراك في واشنطن لانتزاع «ضوء أخضر» ضدّ إيران
ما ان حط رئيس الأركان الإسرائيلي الجنرال غابي اشكنازي الرحال عائدا من العاصمة الأميركية، حتى أقلع وزير الدفاع إيهود باراك من تل أبيب إلى واشنطن. وخلال أيام قليلة، يلحق بباراك وزيرا الخارجية تسيبي ليفني والمواصلات المسؤول عن الحوار الاستراتيجي مع الولايات المتحدة شاؤول موفاز.
وفيما يحمل الجميع للمسؤولين الأميركيين رسالة واحدة عنوانها »محظور التراخي أمام المشروع النووي الإيراني«، بدا ان وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس يجامل الإسرائيليين بإعلانه أنه »ينبغي ابقاء الخيار العسكري على الطاولة«، مع العلم ان »حربا أخرى في الشرق الأوسط هي آخر ما تحتاج إليه أميركا«.
ورغم وحدة الرسالة والأهمية التي توليها إسرائيل لكثافة الزيارات الرسمية للعاصمة الأميركية في هذا الوقت بالذات، فإن الوزراء الاسرائيليين الكبار الثلاثة لن يلتقوا البتة هناك. بل إن زياراتهم ولقاءاتهم مع المسؤولين الأميركيين ستكون متلاحقة وغير متزامنة.
ويصر الوزراء الثلاثة على التعبير عن موقف إسرائيل الرسمي الداعي أميركا إلى التمسك بقرار مجلس الأمن الدولي القاضي بعدم التباحث مع إيران أو تغيير السياسة إزاءها، طالما لم توقف هي تخصيب اليورانيوم. وفضلا عن ذلك، يطالب هؤلاء واشنطن بمواصلة تطبيق العقوبات المفروضة على إيران، بل وتشديدها.
وقد أشار المراسل العسكري لـ»يديعوت أحرنوت« أليكس فيشمان، إلى أن باراك الذي يبدأ اليوم زيارة »ذات معنى استراتيجي مهم على نحو خاص«، سيحاول اقناع المسؤولين الأميركيين بعدم شطب الخيار العسكري ضد ايران. ومن المقرر أن يجتمع باراك مع نائب الرئيس ديك تشيني، ومستشار الامن القومي ستيفن هادلي، ووزير الدفاع روبرت غيتس، بهدف الوصول الى تنسيق في ظل الحفاظ على الخيار العسكري كخيار حقيقي، اذا ما فشلت الدبلوماسية.
ومن المتوقع أن يعقد باراك ايضا اجتماعا مع وزيرة الخارجية الأميركية كوندليسا رايس ومع الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، حيث يبحث معه ما تعتبره إسرائيل تآكل القرار .١٧٠١
ولاحظ معلقون إسرائيليون أنه رغم كثافة الأحاديث عن تفضيل حل مشكلة المشروع النووي الإيراني بالسبل الدبلوماسية، إلا أن وتيرة اللقاءات الأمنية رفيعة المستوى بين المسؤولين من الدولتين تثير الشكوك بشأن ما يرسم في الخفاء.
وتجدر الإشارة إلى أن إسرائيل تسلمت في الاشهر الاخيرة رسائل أميركية واضحة تفيد بان إدارة الرئيس جورج بوش لا تدعم، حاليا، عملية عسكرية ضد ايران. ولا يختلف اثنان حول استحالة قيام اسرائيل بتنفيذ عملية عسكرية ضد ايران من دون »ضوء أخضر« ومساعدة أميركية. فاسرائيل تحتاج الى المعلومات الاستخباراتية في الزمن الحقيقي عن الاهداف المحتملة والمسارات الجوية، الامر الذي يقتضي التعاون والمساعدة من جهاز الامن الاميركي.
واعتبر فيشمان ان قادة هيئة الاركان الاميركية المشتركة الذين عرضوا على وزير الدفاع والرئيس الاميركي الخيارات العسكرية المحتملة ضد ايران، يدعون بان هجوما على ايران لا يضمن وقف البرنامج لانتاج السلاح النووي. وهذا التقدير من قادة الجيش، مضافا اليه تقدير أذرع الاستخبارات بان ايران اوقفت التطوير العسكري للنووي، دفع الولايات المتحدة الى عدم منح »ضوء أخضر« لاسرائيل لتنفيذ هجوم على أهداف نووية ايرانية.
وخلص فيشمان إلى ان التغيير في الموقف الأميركي من عملية عسكرية ضد ايران، والذي بدأ في نهاية ولاية بوش، وجد تعبيره ايضا في سياسة الادارة الاميركية بالنسبة لحل المسألة النووية. فقد توصل كبار ادارة بوش الى الاستنتاج بان نهاية ولاية الرئيس الاميركي يجب أن تتميز بالذات بانجاز دبلوماسي حيال طهران وليس في تورط عسكري. ونقل عن مصدر مطلع في تل أبيب قوله ان الاميركيين نفذوا كل هذه الخطوة السياسية من دون تنسيق حقيقي مع اسرائيل.
وكان غيتس اعتبر في مقال نشر في فصلية كلية الحرب في الذراع البري في الجيش الأميركي، ان »حربا أخرى في الشرق الأوسط هي آخر ما تحتاج إليه أميركا« في ظل استمرار تورطها في العراق وأفغانستان. ويكتفي غيتس في كل ما يتعلق بإيران »بإبقاء العمل العسكري على الطاولة، نظرا لسياسة النظام الإيراني التي تزعزع الاستقرار، والتهديد الكامن في الخطر النووي الإيراني مستقبلا«.
وقال مراسل الشؤون الأمنية في صحيفة »هآرتس« أمير أورن، ان غيتس يتجاهل في وثيقة رسمية أخرى تحمل توقيعه وتنشر قريبا، إسرائيل ولا يدرجها في قائمة حلفاء أميركا المفضلين. ولاحظ أورن أن أهمية غيتس لا تنبع فقط من كونه وزيرا للدفاع في إدارة بوش، وإنما كذلك من احترام المرشح الديموقراطي باراك أوباما له واحتمال إبقائه في منصبه إذا فاز في الانتخابات الرئاسية.
وكتب أورن ان غيتس وقع الشهر الماضي على طبعة جديدة من »استراتيجية الدفاع القومي« الأميركية وهي توجيهات وزير الدفاع للهيئات الأدنى. وكتب غيتس في هذه الطبعة ان »الدول المارقة كإيران وكوريا الشمالية تهدد النظام العالمي. والنظام الإيراني يمنح الرعاية للإرهاب ويحاول تشويش الديموقراطيات الناشئة في العراق وافغانستان. وسعي إيران لامتلاك تكنولوجيا نووية وقدرات تخصيب يورانيوم يشكل تحديا خطيرا للأمن في منطقة متفجرة«.
ويعدد غيتس الحلفاء الأقرب لأميركا في العالم: بريطانيا، استراليا وكندا. وبعد ذلك، يعدد الحلفاء الآخرين وهم دول حلف شمال الاطلسي. ومن غير الدول السالفة الذكر اليابان وكوريا الجنوبية. وقال بوجوب السعي لتعزيز العلاقات مع دول أخرى وخصوصا الهند. وقد تجاهل إسرائيل في كل الدول التي عددها.
حلمي موسى
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد