نتنـياهـو يقتـرح وكلينـتـون تـؤيّـد: نسـتوطـن ولا نعـلـن
دخلت المواجهات التي تشهدها الأراضي الفلسطينية المحتلة على خلفية قرارات تهويد القدس، أمس، أسبوعها الثاني، مع استمرار حملة القمع التي تشنها سلطات الاحتلال ضد الفلسطينيين في مدينة القدس والضفة الغربية المحتلتين، حيث أصيب العشرات في مدينة الخليل والعديد من قرى وبلدات الضفة، فيما واصلت الشرطة الإسرائيلية منع المقدسيين من التوجه إلى المسجد الأقصى للصلاة، في وقت نزل الآلاف إلى شوارع غزة وأنقرة وصنعاء احتجاجاً على هذه الممارسات.
وفيما سادت أجواء من الانفراج في العلاقات الإسرائيلية الأميركية، بعد توافق رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو ووزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون على «إجراءات لبناء الثقة»، عمدت جماعات يهودية متطرفة إلى تأجيج التوتر في مدينة يافا بعدما وزعت كتيباً يتضمن صورة مركبة للحرم القدسي، احتل فيها «الهيكل الثالث» المزعوم مكان المسجد الأقصى ومسجد قبة الصخرة.
وسعت إسرائيل أمس إلى إشاعة أجواء من الانفراج في العلاقة المتوترة مع الولايات المتحدة، بعد الاتصال الذي أجراه رئيس حكومتها بنيامين نتنياهو مساء أمس الأول. وفيما تكتمت الحكومة الإسرائيلية على مضمون المكالمة، ذكرت مصادر إسرائيلية أنّ نتنياهو أصر على عدم التراجع عن قرارات الاستيطان الأخيرة، مقترحاً مواصلة الأنشطة الاستيطانية ولكن من دون الإعلان عنها.
وفي مؤشر على أن الأزمة بين تل أبيب وواشنطن قد شارفت على نهايتها، ذكرت شبكة «فوكس نيوز» أن الرئيس الأميركي باراك أوباما سيلتقي نتنياهو يوم الثلاثاء المقبل في واشنطن.
واعتبرت كلينتون، في مقابلة مع محطة «بي بي سي»، مساء أمس، أن الضغط الأميركي بدأ «يعطي ثماره»، متوقعة أن «نشهد استئنافاً للمفاوضات». ووصفت مكالمتها مع نتنياهو بـ«المفيدة والبنّاءة»، مشيرة إلى أنها «من الأسباب التي ستدعو ميتشل للعودة إلى المنطقة». ونفت كلينتون ما أشيع عن أن الإدارة الأميركية تسعى إلى الضغط على نتنياهو للتوصل إلى تسوية، حتى ولو أدى الأمر إلى المجازفة بسقوط حكومته، موضحة: «إننا لا نتخذ موقفاً ولا نتدخل في اختيار الإسرائيليين لمن يحكمهم».
إلى ذلك، أعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية برنار فاليرو أن المبعوث الأميركي الخاص إلى الشرق الأوسط جورج ميتشل سيجري اليوم «مباحثات عمل» مع وزير الخارجية برنار كوشنير في باريس. يذكر أنّ المبعوث الأميركي سيتوجه غداً إلى الأراضي المحتلة في محاولة جديدة لتحريك المفاوضات غير المباشرة بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية.
- واندلعت مواجهات بين مئات الفلسطينيين وقوات الاحتلال في أنحاء متفرقة من الضفة الغربية عقب أداء صلاة الجمعة. وقال مصدر طبي إن 12 فلسطينياً على الأقل أصيبوا بجروح وحالات اختناق عندما استخدم الجنود الإسرائيليون الرصاص الحي والمطاطي وقنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق المتظاهرين في محيط الحرم الإبراهيمي في الخليل، فيما ذكرت مصادر أخرى أنّ من بين المصابين طفلاً رضيعاً وصحافية ومسنيْن تجاوزا الستين من العمر.
كما أصيب خمسة فلسطينيين بالرصاص المعدني المغلف بالمطاط، فيما اعتقل العشرات، عندما قمع جنود الاحتلال مسيرة سلمية نظمها أهالي بلدة بدرس غربي مدينة رام الله ضد الاستيطان.
وفي قريتي بلعين ونعلين، تحدى الفلسطينيون الأمر العسكري بمنع المسيرات الأسبوعية ضد جدار الفصل العنصري، فيما أصيب متضامن أجنبي بجروح في مسيرة ضد الجدار في قرية المعصرة جنوبي بيت لحم.
وفي القدس، اندلعت مواجهات بين مئات الشبان الفلسطينيين والشرطة الإسرائيلية في أحياء متفرقة من البلدة القديمة احتجاجاً على استمرار سلطات الاحتلال في فرض القيود أمام وصول المصلين إلى المسجد الأقصى. وكانت الشرطة الإسرائيلية نشرت منذ صباح يوم أمس تعزيزات مكثفة في المدينة المحتلة، ومنعت دخول الرجال تحت سن 50 عاماً إلى المسجد الأقصى لأداء الصلاة.
ومساءً اصيب 15 فلسطينياً في غارات اسرائيلية على مطار غزة.
وشارك آلاف الفلسطينيين في تظاهرتين نظمتهما حركتا حماس والجهاد الإسلامي في مخيم النصيرات ومدينة رفح في قطاع غزة، احتجاجاً على الإجراءات الإسرائيلية في القدس، وخصوصاً تدشين كنيس الخراب.
وفي أنقرة واسطنبول، نزل آلاف الأتراك إلى الشوارع تنديداً بالاعتداءات الإسرائيلية على القدس. وتوجه المئات للتظاهر أمام السفارة الإسرائيلية في العاصمة.
ودعا رئيس الحكومة التركي رجب طيب أردوغان، خلال اجتماع لحزب العدالة والتنمية، إسرائيل إلى عدم اتخاذ أي «خطوات من شأنها تغيير الظروف في القدس وعرقلة عملية السلام»، مطالباً الحكومة الإسرائيلية بالتوقف عن إقفال الطرق أمام الذين يريدون الذهاب إلى أماكن العبادة. ورأى أن خطة بناء 1600 وحدة استيطانية في القدس «تهدف إلى اقتلاع فلسطين من جذورها».
وفي صنعاء، اعتبر نجل رئيس البرلمان اليمني السابق الشيخ صادق عبد الله الأحمر، خلال مهرجان تضامني مع القدس، أن العرب يستحقون «اللعنة» إذا لم يخرجوا بقرارات حاسمة لنصرة فلسطين في قمتهم المقبلة، متسائلاً «ألا يخجل زعماء العرب حينما يجلسون في القمم لمدة ساعتين أو أقل ثم يخرجون منها مثل الهررة؟»، فيما طالب رجل الدين اليمني البارز عبد المجيد الزنداني، بسحب مبادرة السلام العربية.
- في هذه الأثناء، سعت جماعات يهودية متشددة إلى تأجيج التوتر في مدينة يافا، بعدما وزعت كتيبات دينية لمناسبة اقتراب حلول عيد الفصح اليهودي في روضات أطفال يهودية في المدينة، احتل فيها نموذج للهيكل اليهودي وسط الحرم القدسي مكان قبة الصخرة.
ونقلت صحيفة «يديعوت أحرونوت» عن رئيس لجنة حي العجمي في يافا كامل إغبارية قوله إن هذه الكتيبات «تشكل استفزازاً من جانب المستوطنين الذين قدموا للسكن في يافا»، مشيراً إلى أنّ المستوطنين «يبحثون عن استفزاز الجمهور العربي في يافا، وآمل أن يتم إيقاف المحرضين بالوقت المناسب لكي لا يصل الوضع، المتوتر أصلاً، إلى حد الانفجار». وفي مؤشر على حالة الغليان التي تشهدها أراضي عام 1948، ألقى شبان فلسطينيون الحجارة على حافلتي ركاب في مدينة يافا.
- إلى ذلك، دعت اللجنة الرباعية للسلام في الشرق الأوسط، في بيان تلاه الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون عقب اجتماع عقدته في موسكو، إلى إطلاق محادثات عن قرب بين إسرائيل والفلسطينيين، مشددة على ضرورة أن «تؤدي هذه المفاوضات إلى تسوية يتم التوصل إليها عن طريق التفاوض في غضون 24 شهراً».
ودعت اللجنة إسرائيل إلى «تجميد كل الأنشطة الاستيطانية، بما في ذلك النمو الطبيعي، وتفكيك كل المواقع التي أقيمت منذ آذار عام 2001، والكف عن عمليات الهدم والإبعاد في القدس الشرقية»، منددة بقرار الحكومة الإسرائيلية بناء المزيد من الوحدات الاستيطانية في القدس الشرقية.
وسارعت إسرائيل، على لسان وزير خارجيتها افيغدور ليبرمان، إلى رفض الدعوة لوقف الاستيطان. وقال ليبرمان، في كلمة ألقاها أمام جمعية يهودية في بروكسل، إنه «لا يمكن فرض تسوية بشكل مصطنع وبرنامج زمني غير واقعي، فهذا الأمر يؤدي إلى تضاؤل فرص السلام»، معتبراً أن هذه المواقف «تعزز لدى الجانب الفلسطيني انطباعاً خاطئاً بأنه يستطيع تحقيق غاياته عبر تفادي التفاوض المباشر مع إسرائيل، مستنداً إلى كل أنواع الذرائع».
في المقابل، وصف الرئيس الفلسطيني محمود عباس الذي يرتاح بعد «انرلاقه» في تونس، بيان الرباعية بأنه «مهم جداً»، لكنه رأى أنّ «الأهم هو أن تلتزم إسرائيل بما ورد فيه»، فيما دعا رئيس دائرة شؤون المفاوضات في منظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات اللجنة إلى أنّ «تحوّل بياناتها إلى آليات تلزم إسرائيل بتنفيذ التزاماتها».
المصدر: وكالات
إضافة تعليق جديد