جدول أعمال ساركوزي في الصين وتداعياته الدولية والشرق أوسطية

الجمل: استقبلت الصين يوم الأربعاء 26 نيسان (أبريل) 2010م الرئيس الفرنسي نيكولاس ساركوزي الذي وصلها في زيارة تستغرق ثلاثة أيام, هذا وأكدت التقارير والتحليلات وتعليقات المراقبين بأن زيارة ساركوزي تهدف إلة تعزيز علاقات التعاون الفرنسي-الصيني المشترك, وبرغم ذلك, تقول خلفيات الزيارة بأن تفاهمات خط باريس-بكين سوف تنطوي على المزيد من الملفات الاستراتيجية الهامة, وعلى وجه الخصوص تلك المتعلقة بمنطقة الشرق الأوسط. وشبه القارة الهندية, وآسيا الوسطى, والشرق الأقصى إضافة إلى قضايا الأمن العالمي والبيئة والاقتصاد الدولي: فما هي الأبعاد غير المعلنة في تفاهمات خط باريس-بكين الجديدة, وتداعياتها على الأوضاع الدولية والإقليمية والشرق أوسطية؟

جدول أعمال ساركوزي في الصين: توصيف المعلومات الجارية
تقول المعلومات والتقارير بأن الرئيس نيكولاس ساركوزي قد وصل إلى الصين اليوم الأربعاء, وبدأ زيارته بالوصول إلى مدينة خيان التاريحية الأثرية الصينية القديمة, وبعد ذلك سوف يتوجه إلى العاصمة الصينية بكين حيث سيلتقي بالرئيس الصيني هوجينتاو ورئيس الوزراء الصيني وين خياوباو, هذا وأكدت المعلومات بأن ساركوزي قد حضر إلى الصين بمرافقة زوجته كارلا إضافة إلى وفد فرنسي ضم العديد من الوزراء وكبار المسئولين الفرنسيين, هذا, وأضافت المعلومات والتقارير بأن ساركوزي قد عقد المزيد من الصفقات الاقتصادية الفرنسية-الصينية, والتي بلغت جملتها حوالي 30 مليار دولار شملت من بين ما شملت بيع الطائرات الفرنسية والتكنولوجيا والنووية الفرنسية إلى الصين, هذا, وبعد الفراغ من زيارة بكين سوف يتوجه ساركوزي وزوجته كارلا والوفد المرافق له إلى زيارة مدينة شنغهاي التي تمثل المركز التجاري الرئيسي وأيضا الميناء الصيني الرئيسي المطل على المحيط الباسفيكي, وتقول التقارير بأن الرئيس الفرنسي ساركوزي سوف يشارك في فعاليات افتتاح المعرض الدولي الصيني.

المتغير الاستراتيجي في تفاهمات خط باريس-بكين:
تتميز زيارة الرئيس الفرنسي ساركوزي, بطابعها البريء العادي من خلال الأبعاد والتوصيفات المعلنة فوق الطاولة, أما على أساس اعتبارات ما تحت الطاولة, فإن زيارة ساركوزي للصين تتضمن الآتي:
• التفاهم مع بكين حول ملفات قضايا الشرق الأوسط, وعلى وجه الخصوص ملف البرنامج النووي الإيراني, وملف حرب أفغانستان, إضافة إلى الشرق الأوسط.
• ممارسة الضغوط على بكين ضمن محورين, الأول يتمثل في مطالبة بكين بإعادة النظر في تقييم سعر صرف اليوان الصيني مقابل العملات الأجنبية, وعلى وجه الخصوص الدولار واليورو, وذلك بما يتيح للسلع الأوروبية والأميركية المرتفعة الثمن تحقيق الرواج أكثر فأكثر في أسواق الاقتصاد الصيني, إضافة إلى تقليل الطلب الأوروبي والأميركي على السلع الصينية, أما الثاني, فيتمثل قي عقد صفقة مع الصين حول ملف البرنامج النووي الإيراني.
أشارت التقارير والتسريبات بأن ساركوزي قد طالب القيادة الصينية بضرورة إعادة النظر في السياسات الصينية الرسمية المتعلقة بملف حقوق الإنسان, وملف الحريات, إضافة إلى ملف الأقليات, وعلى وجه التحديد الأقلية البوذية التبتية, والأقلية الإسلامية الإيغورية.
شهدت العلاقات الفرنسية-الصينية المزيد من التوترات خلال السنوات الماضية, وكانت أبرز المحطات المتوترة في مسيرة قاطرة العلاقات الفرنسية-الصينية تتمثل في الآتي:
• عقد الرئيس ساركوزي لقاء مع الزعيم البوذي التبتي المعارض الدلاي لاما.
• سعى الرئيس الفرنسي ساركوزي من أجل تفعيل حيوية المقاطعة الدولية لفعاليات الأولمبياد الذي تم إجراءه قبل عامين في الصين.
• سعي الحكومة الفرنسية من أجل التفاهم مع تايوان, وعقد صفقات تزويد تايوان بالقدرات العسكرية الفرنسية المتطورة.
• تزايد دعم حكومة ساركوزي لجهة دعم المنظمات المدنية غير الحكومية الفرنسية والأوروبية المناهضة للصين.
برغم تعليقات المسئولين الفرنسيين, التي سعت إلى التأكيد بأن هذه الزيارة تندرج ضمن توجهات دبلوماسية ساركوزي الرامية إلى توسيع علاقات التعاون الدولي الفرنسي مع بلدان العالم, فإن ما يثير الشكوك والريبة في جدول أعمال زيارة ساركوزي للصين يتمثل في أن زيارته لبكين هذه المرة جاءت على خلفية زيارته الأخيرة لواشنطن, وعلى وجه الخصوص ما ترتب على لقاءات ساركوزي-أوباما من تفاهمات "غير معلنة" حول جملة من القضايا الدولية, ومدى إمكانية نجاح التنسيق الفرنسي-الأميركي في إدارة مفاعيل ملفاتها, وفي هذا الخصوص, فإن أبرز خطوط الشك والريبة في دبلوماسية ساركوزي الجارية حاليا على خط علاقات باريس-بكين, تتمثل في الآتي:
• حث الصين على ضرورة تأييد ودعم مشروع جولة العقوبات الدولية الرابعة المتعددة الأطراف الجديدة ضد إيران.
• حث الصين على ضرورة التنسيق مع باريس وواشنطن في ملفات الأزمات والقضايا الدولية, وعلى وجه الخصوص تلك المتعلقة بمنطقة الشرق الأوسط, مثل الصراع العربي-الإسرائيلي وحرب العراق إضافة إلى حرب أفغانستان.
• حث الصين على الابتعاد عن روسيا ومنظمة تعاون شنغهاي, والتركيز على التعاون مع باريس وواشنطن في القضايا والترتيبات المتعلقة بملفات آسيا الوسطى.
• حث الصين على ضرورة التعاون مع واشنطن وفرنسا وبقية القوى الدولية والإقليمية من أجل نزع القدرات النووية الكورية الشمالية.
هذا, وبرغم كل ذلك تقول المعلومات, بأن التنسيق الأميركي-الفرنسي إزاء استهداف الصين قد بدأ يأخذ طابعا جديدا, يمكن أن يتطور بشكل أكثر دراماتيكية خلال العام القادم, خاصة وأن الصين أصبحت أكثر اهتماما ببناء الروابط مع الحكومة اليابانية الجديدة, والتي بدأت سعيها الحثيث من أجل الشروع في إنهاء الوجود العسكري الأميركي في جزيرة أوكيتاوا وبقية الجزر اليابانية, إضافة إلى التفاهمات الثنائية الصينية-اليابانية غير المعلنة, والتي تهدف إلى إبعاد اليابان وإخراجها من التورط في مستنقع الحرب الأميركية ضد الإرهاب, وأشارت المعلومات والتقارير إلى أن أهم أولويات جدول أعمال زيارة ساركوزي بكين يتمثل في ملف أزمة البرنامج النووي الإيراني, والذي ينظر إليه الإسرائيليون والأميركيون باعتباره يمثل أحد أهم أعمدة السيناريو الحاكم في إدارة الشرق الأوسط, وبكلمات أخرى فإن المطلوب فرنسيا من الصين, هو نفس الذي سبق وان كان المطلوب أميركيا من بكين خلال زيارة وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون: الوقوف إلى جانب أميركا في ملف أزمة البرنامج النووي الإيراني, إضافة إلى الصمت في مجلس الأمن الدولي إزاء ما تقوم به إسرائيل في منطقة الشرق الأوسط.

الجمل: قسم الدراسات والترجمة