جدول أعمال مؤتمر أفغانستان الدولي والسيناريوهات المحتملة
- جدول أعمال مؤتمر أفغانستان الدولي: إلى أين؟
تقول التقارير والمعلومات بأن مؤتمر أفغانستان الدولي الذي بدأت بالأمس فعالياته في العاصمة الأفغانية كابول, قد أثار العديد من التساؤلات المحلية والإقليمية والدولية حول مدى مصداقية النوايا الأمريكية والغربية إزاء مستقبل أفغانستان, وفي هذا الخصوص نشير إلى النقاط الأتية التي انطوت عليها فعاليات المؤتمر:
- عدد المشاركين في المؤتمر: "70" طرفاً دولياً وإقليمياً, جمع بين الدول والعديد من المنظمات الدولية.
- رئاسة المؤتمر: رئاسة المؤتمر كانت بالمشاركة بين الأمم المتحدة وأفغانستان.
- البنود الأساسية: ناقش المؤتمر خطة الحكومة الأفغانية المكونة من ثلاثة مفاصل رئيسية هي: ملف الأمن – ملف الحكم – ملف التنمية الإقتصادية والإجتماعية.
- النتائج الأساسية: أصدر المؤتمر بياناً أكد فيه على العديد من النقاط, والتي كان من أبرزها: التزام المجتمع الدولي بتقديم "13" مليار دولار على مدى السنوات الخمس القادمة من أجل إعمار أفغانستان, على أن يتم تمرير هذا المبلغ بحيث يذهب 50% (أي 7,5 مليار دولار) عبر الحكومة الأفغانية والـ50% الأخرى عبر الأطراف الدولية والإقليمية (أي عبر المتعاقدين الدوليين والإقليميين).. تحديد عام 2014م كموعد تسلم القوات الأفغانية المسؤولية عن الأمن في أفغانستان.. دعم جهود مكافحة الفساد.. دعم جهود تعزيز حقوق المرأة الأفغانية.. دعم جهود التعاون بين دول الجوار الإقليمي الأفغاني.
برغم وضوح هذه البنود و النتائج المعلنة, فقد جاء التشكيك في مدى جدية مصداقية النوايا على لسان الأمريكيين والغربيين أنفسهم, فقد أكدت التقارير بأن كبار المسؤولين الأمريكيين والبريطانيين والدوليين, قد أوضحوا بأن هذا المؤتمر يجب أن لا ينظر إليه على أساس أنه مؤتمر إلزامي, وذلك لأن الأطراف التي دعت إلى عقد هذا المؤتمر (حكومة كرازي الأفغانية – الإدارة الأمريكية – بريطانيا – والأمم المتحدة) إضافة إلى بقية الأطراف المشاركة قد اتفقت جميعها على ضرورة أن لا تترتب على هذا المؤتمر أي بنود إلزامية, وفقط يجب أن يكون هذا المؤتمر مجرد فرصة للتفاهم والحوار وتحديد الخطوط العامة التي يمكن الإستهداء بها.
- الأوضاع الميدانية في المسرح الأفغاني:
تشير المعطيات الجارية إلى تزايد التعقيدات في المسرح الحربي الأفغاني, وتفيد المعلومات لجهة أن المسرح الأفغاني قد أصبح واقفاً تحت منظومة قادمة أفغانية مسلحة تتكون من طرفين هما:
- شبكة حقاني: وتتكون من حركة طالبان, والتي وصل عددها إلى "21" حركة قديمة, إضافة إلى الحركات المسلحة الأخرى المتحالفة معها مثل الحركة الإسلامية الأوزبكستانية التي تعتبر التنظيم الجهادي المسلح الأكثر خطورة في منطقة آسيا الوسطى, إضافة إلى حركة طالبان باكستان وحركة طالبان بنجاب, وحركة طالبان بنغلاديش, وتنظيم القاعدة, وجماعة عسكر طيبة, وعسكر الجبار، وعسكر عمر, وجماعة إنفاذ الشريعة الإسلامية, جماعة سبح الصحابة.. وهلمجرا..
- شبكة حكمتيار: وتتكون من جماعات الحزب الإسلامي, والتي أصبح عددها بين 8 إلى عشرة أحزاب تنتشر في العديد من المناطق الأفغانية.
تشير تحليلات الأوضاع الميدانية إلى أن المسرح الحربي الأفغاني, قد تشرب كثيرا بظاهرة انتشار وتغلغل المليشيات الإسلامية المسلحة, وفي هذا الخصوص نشير إلى الآتي:
- تسيطر شبكة حقاني على مناطق وسط وجنوب وشرق أفغانستان, إضافة إلى بعض المناطق الفرعية الأخرى في الشمال والغرب الأفغاني, وتقدر تقارير المخابرات بأن شبكة حقاني أصبحت تسيطر على حوالى 75% من المسرح الأفغاني.
- تسيطر شبكة حكمتيار على مناطق الشمال والغرب الأفغاني, وذلك ضمن رقعة تشكل حوالي 25% من المسرح الأفغاني..
تتمتع شبكة حقاني بدعم ومساندة السكان الباشتون وبعض القبائل الأفغانية الأخرى الداعمة للباشتون, أما شبكة حكمتيار فتتمتع بدعم ومساندة عدد قليل من فروع قبائل الباشتون, إضافة إلى بعض القبائل الصغيرة الأخرى الموجودة في شمال وغرب أفغانستان, مثل الأوزبك والطاجيك.. هذا, وبرغم محدودية نطاق نفوذ شبكة حكمتيار, فإن خطورتها الحقيقية تكمن في تمركز أنصارها في مناطق العاصمة الأفغانية كابول ومداخل الطرق الرئيسية في الممرات الجبلية المطلة على كابول، وبالتالي, فإن قدرة شبكة حكمتيار على تهديد العاصمة كابول تفوق قدرة حركة طالبان, وقد سعت وكالة المخابرات الأمريكية وحكومة حامد كرازي مراراً وتكراراً إلى إغراء الزعيم غُلب الدين حكمتيار من أجل إما الانضمام إلى حكومة كرازي أو التزام الحياد والسلبية إزاء القتال ضد فصائل شبكة حقاني..
- سيناريوهات المخرج:الخيارات الأمريكية الحائرة إلى أين
أشارت التحليلات إلى العديد من السيناريوهات المحتمل حدوثها في المسرح الأفغاني, وفي هذا الخصوص, يمكن تصنيف السيناريوهات ضمن المسارات الأتية:
- مسار التصعيد: يراهن على ضرورة زيادة القوات وتعبئة الموارد العسكرية والأمنية لجهة القضاء بشكل نهائي على تنظيم القاعدة وحركة طالبان وغيرها من الفصائل المسلحة الأفغانية, بما يتيح بناء دولة ديمقراطية أفغانية على غرار النموذج الليبرالي الغربي.
- مسار التهدئة: يراهن على ضرورة تقليل عدد القوات وتخفيض تعبئة الموارد, بما يتيح التفاوض مع حركة طالبان وحلفاءها, وصولاً إلى اتفاق يتيح ادماجهم ضمن العملية السياسية الأفغانية التي يقودها الرئيس الحالي حامد كرازي.
- مسار الوسطية: يراهن على الحفاظ لأطول ما يمكن على زخم الأوضاع الأفغانية الجارية حالياً, بحيث تستمر من جهة جهود مكافحة تمرد حركة طالبان وحلفاءها, ضمن وتائر منخفضة الشدة تركز على العمليات العسكرية التعرضية, إضافة إلى حرمان حركة طالبان من منابع قدراتها الإقتصادية والبشرية, ومن الجهة الأخرى تركز على جهود إعمار المناطق الأفغانية الهادئة, وعلى وجه الخصوص العاصمة كابول, ومدينة مزار الشريف الشمالية, بما يتيح توفير فرص العمل لملايين الشباب الأفغان, وفي الوقت نفسه يغري السكان المحليين في مناطق سيطرة طالبان, لجهة السعي من أجل التخلص من طالبان والعمل باتجاه الإلتحاق بالعملية السيلسية الأفغانية.
نلاحظ أن هذه المسارات الثلاثة ترتبط بمدى طبيعة العلاقة بين متغير النوايا الأمريكية الحقيقية إزاء أفغانستان.. ومدى قدرة واشنطن على النجاح في حشد وتعبئة الموارد البشرية والمادية, وفي هذا الخصوص نلاحظ أن واشنطن لم تعد قادرة على الاعتماد على الموارد الأمريكية الداخلية لجهة دعم جهود حرب أفغانستان,لذلك ظلت واشنطن تسعى إلى الاستمرار في ابتزاز حلفائها من أجل الحصول على موارد دعم الحرب الأفغانية, وقد عقدت واشنطن حتى الآن المؤتمرات الدولية الأتية بشأن أفغانستان:
- المؤتمر الأول: المؤتمر الدولي حول أفغانستان – ألمانيا – بون 2001م.
- المؤتمر الثاني: المؤتمر الدولي حول أفغانستان – ألمانيا – برلين 2004م.
- المؤتمر الثالث: المؤتمر الدولي حول أفغانستان – بريطانيا – لندن 2006م.
- المؤتمر الرابع: المؤتمر الدولي حول أفغانستان – إيطاليا – روما 2007م.
- المؤتمر الخامس: المؤتمر الدولي حول أفغانستان – فرنسا – باريس 2008م.
- المؤتمر السادس: المؤتمر الدولي حول أفغانستان – روسيا – موسكو 2009م.
المؤتمرالدولي السابع: المؤتمر الدولي حول أفغانستان – هولندا- هاغيو 2009م.
- المؤتمر الدولي الثامن: المؤتمر الدولي حول أفغانستان – بريطانيا - لندن 2010م.
- المؤتمر الدولي التاسع: المؤتمر الدولي حول أفغانستان – كابول 2010م.
برغم انعقاد تسعة مؤتمرات دولية حول أفغانستان, فمن غير المتوقع أن يتم انعقاد أي مؤتمر دولي قادم يتمتع بصيغة إلزامية إزاء ملف أفغانستان, كماهو واضح فإن خيار استمرار الوضع القائم هو السيناريو الأكثر إحتمالاً، مع ملاحظة أن حلفاء أمريكا قد أصبحوا أكثر اهتماماً بضرورة البحث عن مخرج من ورطة المستنقع الأفغاني، حتى لو أدى الأمر إلى ترك واشنطن وحدها في حرب أفغانستان.. وتقول آخر التسريبات بأن لندن سوف تسعى خلال هذه الأيام في محاولة استخدام ورقة حرب أفغانستان من أجل ابتزاز أمريكا. وسيلتقي رئيس الوزراء البريطاني اليوم بالرئيس الأمريكي أوباما, وسوف تتضمن أجندة اللقاء بندين هما:
- مدى قدرة بريطانيا على الاستمرار في حرب أفغانستان.
- التعويضات التي سوف تقدم شركة النفط البريطانية (بريتيش بتروليم) بدفعها لأمريكا عن الخسائر التي حدثت بفعل تسرب النفط في منطقة خليج المكسيك..
إذاً, فكرة الابتزاز البريطاني لأمريكا واضحة, بحيث كلما كان الرئيس الأمريكي كريماً لجهة عدم المطالبة بدفع المبالغ الطائلة.. كلما كان رئيس الوزراء البريطاني غوردن براون لجهة عدم الإلحاح على ضرورة الإسراع بسحب القوات البريطانية من أفغانستان!!
الجمل قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد