نصر الله: الأيدي التي عبثت بالعراق هي نفسها التي تريد العبث بسورية
أكد السيد حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله أن هناك من يريد تدمير سورية لأنه يريد التخلص من الداعم الأساسي للمقاومة في لبنان وفلسطين والثأر من الدولة والشعب والقيادة والجيش الذي ساند المقاومة في لبنان وفلسطين حتى انتصرت وذهب مشروع جورج بوش في إقامة شرق أوسط جديد أدراج الرياح وهؤلاء هم الولايات المتحدة والغرب وإسرائيل وبعض الجهات الإقليمية.
وقال نصر الله في كلمة له اليوم خلال احتفال الوعد الأجمل الذي يقام بمناسبة إنجاز مشروع وعد لإعادة إعمار الضاحية الجنوبية إن ما يجري في سورية ليس مطالبة بإصلاح أو ديمقراطية لأن باب الإصلاحات فتح بكل جدية وقوة وجرت انتخابات رغم الظروف السيئة أمنيا وتحريضيا وإعلاميا ومع ذلك وصلت نسبة المشاركة التي حاول البعض أن يطعن فيها إلى نسبة لا تقل عن تلك في الانتخابات البرلمانية في بعض الدول الأوروبية الهادئة وبعض دول أمريكا اللاتينية وحتى في بعض الدول العربية.
وأضاف نصر الله إن الشعب السوري أمام منهجين منهج جدي في الإصلاح والتغيير ومعالجة الأمور بطريقة سياسية تتاح فيها الفرصة للناس للمشاركة من خلال تعددية حقيقية ومنهج تدميري بعقل ويد تدميرية وجهات حاضرة أن تقدم السلاح والمال والمتفجرات والانتحاريين.
وقال نصر الله إننا نترك الجواب للشعب السوري فإما أن يذهب إلى نموذج الحوار والإصلاح والانتخابات والمشاركة والتعاون وإما أن يذهب إلى النموذج الذي يقدم الآن وقد شهدنا صورا مذهلة له خلال السنوات العجاف في العراق وما زلنا نشهد هذا الأمر هناك في الوقت الذي كان هناك مقاومون شرفاء يقاتلون الاحتلال الأمريكي.
وأشار نصر الله إلى أنه ليس شرطا أن يكون الانتحاريون سوريين بل كما كان في العراق حيث كان بعض العراقيين يؤمنون البنية التحتية للعمليات الانتحارية فيما كان يتم تصدير الانتحاريين من عدد من الدول العربية والإسلامية بل من عدد من الحكومات العربية والإسلامية للتخلص من هؤلاء الذين يشكلون عقدة ما من أجل توظيفهم في هذه المعركة.
وأوضح نصر الله أن مشهد التفجيرات الإرهابية التي حصلت في دمشق أمس يشير إلى أن الأيدي التي عبثت بالعراق وشعبه ومؤسساته ودمرت وقتلت وارتكبت المجازر وفجرت المساجد والكنائس والأسواق ومراكز الدولة والادارات العامة والشوارع دون أي حس إنساني هي نفسها التي تريد الآن تدمير سورية لأن هذه العمليات الانتحارية لا يمكن أن تؤدي إلى الإصلاح والديمقراطية.
وقال نصر الله إن هناك الكثير من المواقع في العالم وحتى المعادية لسورية أجبرت أو اضطرت لإدانة هذه العمليات الإرهابية الانتحارية التي وقعت في دمشق وأدت إلى سقوط عدد كبير من الشهداء والجرحى فيما لا يزال البعض صامتا حتى الآن.
ولفت نصر الله إلى أنه من التفاهة والسخافة ما قالته بعض الفضائيات العربية والشخصيات المعارضة حول اتهام النظام بأنه يقف خلف هذه العمليات وقال.. إن هذا الأمر مضحك لأنهم أنفسهم يقولون يوميا ان النظام أمني ومخابراتي وعسكري فهل يقوم النظام الأمني بإرسال انتحاريين... إذا كان لديه ذلك بالفعل... بسيارات مفخخة لتدمير مراكز المخابرات لديه وبالتالي هذا يعني أن هناك شيئا من المنطق مفقود في طريقة تقديم ما يجري في سورية.
وأكد نصر الله أن اليد التي عمرت لبنان بعد حرب الدمار التي شنها العدو الإسرائيلي عليه موجودة على الزناد لتفرض على هذا العدو معادلة حقيقية.
وقال نصرالله لسنا قادرين على ضرب تل أبيب كمدينة اليوم وإنما قادرون على ضرب أهداف محددة جدا في أي مكان من فلسطين المحتلة.
وأوضح نصر الله أن الزمن الذي نخرج فيه من بيوتنا ولا يخرج الإسرائيليون من بيوتهم التي بنوها على الاغتصاب انتهى والزمن الذي نهجر فيه ولا يهجرون انتهى والزمن الذي تهدم فيه بيوتنا وتبقى بيوتهم قائمة ونخاف فيه ولا يخافون انتهى والزمن الذي سنبقى فيه وهم إلى زوال جاء.
وأكد نصر الله أن المقاومة التي أردوا سحقها ازدادت خلال السنوات الماضية قوة وعدة وعديدا وقدرة على الردع والمواجهة وعلى صنع الانتصار.
وقال نصر الله إن هدف حرب تموز التي فشلت في تحقيق أي من أهدافها كان سحق المقاومة الوطنية في لبنان وليس نزع سلاحها أو إخراجها من جنوب الليطاني أو استعادة الجنديين الأسيرين كما كان هدفها أيضا إخضاع لبنان كجزء من متغيرات كبرى يحضر لها في المنطقة وخاصة في فلسطين وسورية ولاحقا إيران لإقامة شرق أوسط جديد وبالتالي إلحاق لبنان والمنطقة بالكامل بالمشروع الأمريكي الإسرائيلي ومحور الاستسلام العربي.
وتابع نصر الله إن السؤال الأساسي دائما هو لماذا يلجأ العدو الإسرائيلي إلى هذا الحجم من التدمير عندما يواجه حركة مقاومة ولماذا لا يكتفي بالقتال في الميدان واستهداف المواقع والنقاط والأهداف العسكرية بدل أن يوسع عدوانه لتدمير أكبر عدد ممكن من البيوت والمحال التجارية والأسواق والمدارس والبنى التحتية وليس هناك حاجات عسكرية.
وأشار نصر الله إلى أن ما ارتكبه العدو الإسرائيلي الذي قام بالأساس على ماهية إجرامية وإرهابية في حرب تموز جرائم حرب وهو لجأ إلى هذا المستوى من التدمير تنفيذا لنظرية لديه تقول إن البيئة الحاضنة لأي حركة مقاومة سواء في فلسطين أو لبنان أو أي مكان آخر يجب أن تعاني وتتألم وتتحول حياتها إلى جحيم حقيقي وتعيش حياة بائسة وتدفع ثمن خيارها إن كان مقاومة وثمن حمايتها لخيار المقاومة.
وقال نصر الله إن حرب الإعمار والصمود والثبات والبقاء في الأرض كانت في مقابل الحرب التدميرية وهذا ما يعبر عنه مشروع الإعمار الذي قام في كل مناطق لبنان وأحدهم مشروع وعد لإعمار مباني الضاحية الجنوبية ونحن اليوم نحتفل بانتصار الإعمار على التدمير وانتصار إرادة البقاء في الأرض والصمود وإرادة الحياة الكريمة العزيزة على الموت وحياة الذل والهوان.
وأضاف نصر الله كان واضحا في الأيام الأخيرة من حرب تموز أن الحرب تتجه إلى النهاية والعدو الإسرائيلي فشل في تحقيق أي من أهدافه وليس لديه القدرة على الاستمرار والأمور ستنتهي خلال أيام ونحن سنصبح أمام استحقاقات وتحديات جديدة وكبيرة جدا.
وتابع نصر الله في تلك الأيام كنا نفكر جيدا كيف سنحضر لمواجهة تلك الاستحقاقات ومنها الإعلامي والسياسي والمعنوي وكيف سنتعامل مع معركة التساؤلات حول ما حصل وهل هو هزيمة أو انتصار ولكن ما حصل هو فشل للعدو وللذين راهنوا على أننا سنسحق ونقتل ويبنى على أشلائنا وأشلاء الوطنيين في لبنان شرق أوسط جديد.
وأشار نصر الله إلى أن لبنان كان أمام استحقاقات إنسانية وشعبية واجتماعية وحياتية بعد الاستحقاق العسكري والميداني لاستخلاص العبر والدروس والتحضير للأيام القادمة ومن بينها قضايا عدة كعودة المهجرين وفتح الطرق وإزالة الأنقاض والألغام والقنابل العنقودية من المناطق السكنية والطرق التي يستخدمها الناس وإيواء العائدين إلى بيوتهم وترميم البيوت التي لم تهدم كليا وإعمار البيوت المهدمة والبنية التحتية العامة والتعويض عن الأضرار الاقتصادية والآثار النفسية والمعنوية للعدوان على السكان والعائلات.
وقال نصر الله إن التمويل الإيراني أتاح الفرصة لاستمرار العمل بمعزل عن إمكانيات الحكومة اللبنانية وقدراتها المالية وإيران تكفلت بنصف التكلفة لإعادة إعمار المباني في الضاحية الجنوبية.
وأشار نصر الله إلى أن العدو الإسرائيلي شن عشرة آلاف غارة حربية خلال العدوان وخمسة عشر ألفا وخمسمئة طلعة جوية مع قصف صاروخي وثلاثة آلاف غارة مروحية وأطلق 177 ألف قذيفة مدفعية بما يعكس حجم الغضب والحقد الذي يحمله لأن المقاومة هي التي ألحقت أول هزيمة عربية تاريخية حقيقية به عندما فرضت عليه الانسحاب ذليلا وخاسئا ومدحورا من جنوب لبنان بلا قيد ولا شرط في 25 أيار عام2000.
وفي موضوع إعادة إعمار ما دمره الاحتلال الإسرائيلي خلال عدوانه على قطاع غزة دعا الأمين العام لحزب الله الدول العربية والإسلامية وجميع القوى الحية في الأمة إلى مد يد المساعدة لأهل غزة لتمكينهم من إعادة بناء بيوتهم ومساكنهم وتقديم الأموال لهم لأنه لا يجوز أن تمضي كل هذه السنين على العدوان على غزة وما يزال أكثرية سكان البيوت التي دمرت خلاله مهجرين من بيوتهم بلا أفق.
ودعا نصر الله إلى الوقوف إلى جانب الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال الإسرائيلي الذين أعلنوا الإضراب عن الطعام وقفة حقيقية جليلة لأن هؤلاء بحاجة إلى تضامن حقيقي مشيرا إلى أن عدم تحرك جامعة الدول العربية أو منظمة التعاون الإسلامي أو الأمم المتحدة أو مجلس الأمن وغيرها هو أمر محزن جدا.
وشدد نصر الله على أهمية إعادة إعمار مخيم نهر البارد ووضع حد لاستمرار معاناة اللاجئين الفلسطينيين وغيرهم من العائلات اللبنانية التي كانت تسكن في المخيم ومحيطه لأن المماطلة في هذا الموضوع لأسباب مالية أو إجرائية يمكن وضعها في دائرة الشبهة السياسية.
وحذر نصر الله من مشروع تحويل الفلسطينيين في لبنان من لاجئين إلى جالية بما يشكل خطرا على المستوى السياسي والاجتماعي والإنمائي ويعني تقديم خدمة مجانية للعدو الإسرائيلي وإلغاء حق عودة هؤلاء اللاجئين إلى بيوتهم وأملاكهم في فلسطين المحتلة.
وحول الوضع في البحرين أشار نصر الله إلى أن الحراك الشعبي المتواصل هناك سلميا يعبر عن كثير من الصمود والصبر والإيمان والقدرة على التحمل رغم الأذى الذي يلحق به.
وقال نصر الله إن حزب الله يساند موقف المعارضة في البحرين بإصرارها على الحراك السلمي فقط والذي أحرج السلطة الحاكمة والعالم الذين لن يستطيعوا أن يتجاهلوا هذا الحراك الدائم والمستمر وهو لا يدفع باتجاه العنف فيها وما يزعمه البعض في هذا الإطار كذب وتضليل.
ولفت نصر الله إلى أن السلطة في البحرين تعمل على دفع الأمور باتجاه مواجهة مسلحة وتتمنى أن تحصل أعمال عنف من قبل بعض المجموعات الشبابية في المعارضة لتستغل ذلك من أجل الإطاحة بالتظاهر السلمي وضرب قيادا ت المعارضة وتهجيرها أو الزج بها في السجون وتحميلها مسؤولية العنف.
وفي الشأن الداخلي اللبناني دعا نصر الله إلى مزيد من الحوار والنقاش بين مختلف الأطراف حول موضوع قانون الانتخاب وعدم حمل خيار محدد من طرف أو مجموعة لفرضه على الآخرين مؤكدا أهمية إجراء الانتخابات النيابية في موعدها لأنها مصلحة وطنية مع تهيئة المناخات الطبيعية والسليمة لإقامتها.
وقال الأمين العام لحزب الله إن ما أنتجه قانون الانتخاب الحالي هو الخلل في التمثيل الوطني لأن هناك شعورا من شرائح واسعة من الناس أنها غير ممثلة في المجلس النيابي وغير قادرة أساسا على الوصول إلى هذا المجلس.
وأشار نصر الله إلى أن قانون النسبية هو القانون الأفضل للانتخابات لأنه يشعر كل الشرائح اللبنانية بأنها ممثلة تمثيلا حقيقيا في المجلس النيابي كما أن هذا القانون لا يلغي أحدا بل يلغي الأحادية في الطوائف ويتيح الفرصة أمام الثنائية أو الثلاثية في المناطق أو الطوائف.
وقال نصر الله إن حزب الله يؤيد مشروع النسبية وإذا كان لبنان دائرة انتخابية واحدة فهذا أمر ممتاز وإلا النسبية في المحافظات الخمس أو في دوائر واسعة لضمان أفضل تمثيل لأنه عندما يتم وضع نسبة مئوية في الدوائر الصغرى فإن هناك أناسا سيبقون خارج التمثيل.
ودعا نصر الله بعض الجهات السياسية إلى التخلي عن التحريض الطائفي والمذهبي من أجل الذهاب إلى انتخابات نيابية سليمة وهادئة ومن أجل الحفاظ على استقرار وأمن لبنان وخاصة في ظل الظروف التي تشهدها المنطقة مشيرا إلى أن عدم الرد على دعوات التحريض من قبل بعض الأطراف ليس ضعفا بل حرصا على مناخات البلد وعلى عدم أخذه إلى مواجهة داخلية أو إلى مزيد من التشنج الطائفي.
وكالات
إضافة تعليق جديد