قلق أميركي من تداعيات العقوبات على إيران
أصدرت مجموعة أميركية تدعى "المشروع الإيراني" دراسة خاصة بشأن العقوبات الاقتصادية المفروضة على إيران، قبل بضعة ايام، سلطت الضوء على النواحي "الايجابية والسلبية لاستخدام وسائل القوة لاحباط تطوير البرنامج النووي الايراني،" متوخية الحذر الشديد من تقديم توصيات محددة بهذا الشأن "حفاظا على استقلالية عملها" عن التجاذبات الحزبية والسياسية الاميركية.
وتضم المجموعة قادة عسكريين سابقين وديبلوماسيين خدموا في مستويات متعددة، الى جانب بعض الشخصيات الاكاديمية؛ منها مستشار الامن القومي الاسبق برينت سكوكروفت، الجنرال انتوني زيني، والسفير الاسبق توماس بيكرينغ.
يذكر ان المجموعة أصدرت دراسة سابقة في شهر أيلول/ سبتمبر المنصرم حذرت فيه من "تنامي تفاقم الازمة، حيث يؤدي الفعل ورد الفعل الى تداعيات جدية غير مقصودة تسهم في رفع الكلفة الاجمالية بشكل كبير وربما تقود الى اندلاع حرب اقليمية يشترك فيها كافة الأطراف".
ترجمة: مكتب الميادين في واشنطن.
.
موازنة فوائد وكلفة فرض العقوبات الدولية ضد إيران
"تقدم هذه الورقة تحليلا يستند إلى الحقائق نأمل أن يوفر للأمريكيين فهم كاف لتقييم التوازن بين منافع وتكاليف استخدام العقوبات الدولية ضد إيران ، وحكمة إيجاد الوقت المناسب للتفاوض.
المواطنون الأعزاء ،كمجموعة من المهتمين من المسؤولين السابقين في الحكومة الامريكية ومن المتخصصين في الأمن القومي الأمريكي فإننا ندعم نشر التقرير المرفق، "موازنة فوائد وكلفة العقوبات الدولية ضد إيران،" و نحيي معدي هذه الورقة وهدفهم في المساهمة بتحليل موضوعي وغير حزبي في نقاش سياسة معقدة وهامة.
وفي حين أن بعضنا قد قدم مساهمة في هذا التقرير المفصل والمتوازن فإننا لا نتفق بالضرورة مع كل كلمة وردت فيه.ونضم صوتنا إلى هذه الورقة لإيماننا بأنها ستسهم في إثراء النقاش العام حول التحدي الكبير الذي تواجهه المصالح الأمريكية في العالم كما نؤمن بأنها تتفق مع سياسة الرئيس أوباما الإحتفاظ بالضغط على إيران من خلال العقوبات والإبقاء في ذات الوقت على إحتمالات الوصول إلى حل سياسي مع عدم استبعاد القوة العسكرية كملاذ أخير لمنع إيران من بناء سلاح نووي.الورقة لا تدعو لصالح أو ضد العقوبات كما أنها لا تقدم أية توصيات سياسية، فهي تنشد الموضوعية المبنية على الحقائق كلما أمكن في وصف بعض التأثيرات على المصالح الأمريكية المترتبة عن نظام العقوبات الدولية المفروضة على إيران وهي تقدم بالإضافة إلى ذلك ملاحظات عامة حول تحدي العمل على إنجاح هذه العقوبات، وذلك بالحصول على أكثر مزايا ممكنة من العقوبات المفروضة على إيران وتقليل كل التأثيرات السلبية المحتملة.ونوصي بهذا التقرير للجمهور الأمريكي كأساس لنقاش مفتوح ومستنير حول هذه المسألة ذات الأهمية البالغة للأمن القومي الأمريكي. إبراهام لنكولن قال ذات مرة: "أنا من أشد المؤمنين بالشعب إذا أعطوا الحقيقة فإنه يمكن الإعتماد عليهم في مواجهة أية أزمة وطنية. أعظم شئ هو تقديم الحقائق لهم كاملة."
هذه الورقة تسعى إلى " جلب حقائق" للنقاش على أمل تسهيل حوار مثمر حول العقوبات كجزء من استراتيجية أمريكية متكامة للوصول إلى تسوية عن طريق التفاوض مع إيران حول برنامجها النووي.
الــمقـــــــدمــــــة
فرضت الولايات المتحدة الامريكية والعالم عقوبات دولية على إيران لما يقرب من ثلاثة عقود لإجبارها على تبني سياسات محلية ودولية مختلفة. وتظهر العقوبات المطبقة الآن من قبل الامم المتحدة ومجلس الامن وبعض الدول الأخرى قدرة الولايات المتحدة على العمل بكفاءة مع حلفائها لبناء استراتيجية مشتركة تجاه إيران. وفي جوهره فإن نظام العقوبات يعكس إلتزاماً دوليا بمنع إيران من أن تصبح بلداً مسلحاً نووياً.وينظر صانعو القرار والمشرعون في الولايات المتحدة للعقوبات المفروضة على إيران بطرق مختلفة: كوسيلة لحمل إيران للجلوس على طاولة المفاوضات، كورقة مساومة في التفاوض بشان البرنامج النووي الإيراني، كتكتيك لإبطاء التقدم النووي الإيراني، كتدابير لمكافحة للإرهاب مصممة لإيقاف دعم إيران لمجموعات مثل حزب الله وحماس، كطريقة لإجبار إيران على تغيير سياساتها الداخلية التي تنتهك حقوق مواطنيها، أو حتى (في ذهن البعض) كآداة لإحداث تغيير للنظام في إيران.
ومهما كان الغرض أو الأغراض المرتبطة بمجموعة معينة من العقوبات فإن الفوائد غالباً ما كانت تؤخذ على النحو الوارد حيث يعتبر فرض العقوبات إجمالاً أقوى بديل للعمل العسكري وبالتحديد لأن العقوبات توفر إمكانية تحقيق أهداف مهمة من دون دفع الأثمان البشرية والمادية للنزاع المسلح. تكاليف العقوبات نفسها لا تطرح في النقاشات العامة أو نقاشات صانعي القرار بشكل روتيني.
الغرض من هذه الورقة
مؤلفو وموقعو هذه الورقة هم من كبار الخبراء في مجال الأمن القومي والسياسة الخارجية الأمريكية ممن يؤمنون بأن تقييما حذراً للتكاليف وكذلك الفوائد من العقوبات سيحسن نوعية النقاش حول تلك العقوبات ودورها في سياسة الولايات المتحدة تجاه إيران بشكل عام.إن هذا التقرير ليس وثيقة للدعوة ضد أو مع العقوبات كما أنها لا تقدم أية توصيات سياسية ، مثلها مثل تقريرنا الأخير المعنون "تقييم فوائد وعقوبات العمل العسكري ضد إيران" فإن هذه الورقة متوازنة ومبنية على الحقائق، ولكن وبينما سعت ورقتنا حول العمل العسكري لتقييم الفوائد والتكاليف لعمل لم يتخذ بعد فإن هذه الورقة حول العقوبات تركز على مسار عقوباتٍ تلتزم الولايات المتحدة به فعليا، ونظراً لقيادة الولايات المتحدة للعقوبات الدولية على إيران كإستراتيجية ٍ للضغط عليها فإن هذه الورقة لا تقدم فقط تقديراً للفوائد والتكاليف لنظام العقوبات ولكنها أيضاً تقدم بعض الأفكار التي قد تساعد الولايات المتحدة وحلفاءها للحصول على الإستفادة القصوى من العقوبات على إيران وتقلل من آثارها السلبية المحتملة.
فــهـم مشتـــرك
حرص مؤلفوا هذه الورقة على إيجاد بعض التفاهمات المشتركة كأساس للعمل ضمن منظور مشترك.
• نقر بأن إجراءات إيران – خاصة فيما يتعلق بالبرنامج النووي – تشكل تحديات خطيرة ومعقدة على مصالح وأمن الولايات المتحدة وعلى أمن إسرائيل وربما على الإستقرار في الشرق الأوسط وهذه التحديات جادة وتتطلب استجابة. هذا هو السياق الذي ندرس فيه فوائد و تكاليف العقوبات.
• تركز هذه الورقة على نظام العقوبات ولا تضع في الإعتبار العناصر المكملة للسياسة الأمريكية تجاه إيران مثل التهديد بالعمل العسكري أو السعي للتسوية التفاوضية، وباختيارنا التركيز على عنصر العقوبات في السياسة الأمريكية فإنه لدينا فرص ضائعة لوزن فوائد وتكاليف العقوبات كجزء من استراتيجية أكبر للتعامل مع إيران وفي ورقة لاحقة سيركز "مشروع إيران" على استراتيجية التفاوض لحل التوتر مع إيران.
• في حين أن هناك مجموعة كبيرة من الكتابات حول إيجابيات وسلبيات العقوبات كآداة سياسية فإننا نشير، عرضياً فقط، لذلك النقاش الواسع كما اننا لا نحاول تقييم الدور الذي لعبته العقوبات في الجهود الأمريكية و الدولية الأخيرة للتأثير على دول أخرى غير إيران ، هدفنا هو تقديم حقائق وتحليلات من شأنها إثراء النقاش حول العقوبات ضد إيران وخاصة فيما يتعلق بتحقيق أهدافنا بخصوص برنامج إيران النووي.
• لقد أسسنا تحليلاتنا و أحكامنا على مراجعة دقيقة لأفضل بحث متوفر حول موضوع العقوبات الأمريكية و الدولية التي تقودها الولايات المتحدة ضد إيران ، وحاولنا إرجاع الفضل كاملاً لعمل الآخرين في التعليقات الختامية لهذه الورقة ، وكذلك عندما تقدم أحكامنا المهنية فإنها تكون بالتحديد واضحة على هذا النحو.
• ندرك تحديات تقييم ما الذي يشكل الفائدة و التكلفة للعقوبات ضد إيران فنظام العقوبات الدولية التي تقودها الولايات المتحدة لازال يتطور وآثارها بعيدة المدى ليست واضحة تماماً ومع ذلك فإننا نعتقد أن الرؤى المستمدة من خبرة الثلاثين سنة الماضية من العقوبات ضد إيران يمكن أن تكون بمثابة أساس معقول للتفكير في النتائج المستقبلية.
مقتطفــــات من الــورقـة
لقد تم التعامل مع التقييمات الموضحة أدناه مع مزيد من التفاصيل وكذلك مع إستشهادات كثيرة بالمصادر.
1- تعقيد نظام العقوبات
لقد تطور نظام العقوبات على مدى ما يقرب من ثلاثة عقود ما يعكس مرحلة فريدة في التاريخ المضطرب للعلاقات الامريكية الإيرانية و المخاوف الدولية بشأن إيران ، وقد لا يتذكر العديد من صناع القرار في واشنطن تاريخ العقوبات أو يحيطون بكامل تعقيداتها بشكل موجز وقد حاولنا منذ بداية هذه الورقة و في تمهيد مفصل حول العقوبات ضد إيران - بما في ذلك عقوبات مستقبلية محتملة و أحكام حول رفعها - فصل هذه الطبقات المتعددة من العقوبات لتقديم سياق أكثر وضوحا من أجل وزن فوائدها وتكاليفها.العقوبات على إيران فرضت عن طريق أوامر تنفيذية و تشريعات في الولايات المتحدة ، وقرارات متخذة من مجلس الأمن بالأمم المتحدة إضافة إلى إجراءات متخذة من قبل بعض الحكومات الأجنبية . وتعتمد كل مجموعة مختلفة من العقوبات على معايير مختلفة ومبادئ توجيهية مختلفة ووسائل تطبيق مختلفة وهي تهدف أيضاً إلى تحقيق تشكيلة مختلفة من النتائج بما في ذلك: الوصول إلى اتفاق عن طريق التفاوض على البرنامج النووي الإيراني ، تقييد قدرة إيران على الحصول على المواد اللازمة لهذا البرنامج ، إبطاء تطوير إيران لبرنامجها النووي ، ضمان توقف دعم إيران لحزب الله وحماس ،مطالبة إيران باحترام حقوق مواطنيها ، الحد من قدرتها على التاثير في المنطقة ، و بالنسبة للبعض في واشنطن ، يشمل ذلك أيضاً إحداث تغيير في الحكومة الإيرانية ( تغيير النظام أو تغيير أساسي في سياسة الحكومة الإيرانية و توجهاتها) ،على الرغم من أن هذا الهدف الأخير قد تم التنكر له من قبل الحكومة الامريكية . وتتضمن منظومة العقوبات على إيران أيضاُ خليطاً معقداً من المعايير و الأحكام لرفع أو تخفيف العقوبات الحالية إن كان لذلك ما يبرره من التصرفات الإيرانية.
2. العمل على إنجاح العقوبات
بالتفكير في ثلاثة عقود من تجربة العقوبات ضد إيران وفي طبيعة تلك العقوبات كآداة للسياسة الخارجية نقدم عدة ملاحظات عامة حول كيف يمكن للولايات المتحدة وحلفائها الدوليين الحصول على أفضل المزايا من العقوبات المفروضة على إيران وتقليل الآثار السلبية الممكنة لها حيث تبين كل هذه الملاحظات، بطريقة أو بأخرى، أن فعالية العقوبات المفروضة على إيران ستعتمد ليس فقط على العقوبات بحد ذاتها و لكنها ستعتمد أيضاً على استراتيجية التفاوض المرتبطة معها.
• أهداف العقوبات: من شأن الأهداف المتعددة التي يحتويها نظام العقوبات أن تعقد المجهودات لتحديد ما إذا كانت أو متى تحقق تلك العقوبات اهدافها المرجوة منها حيث يمكن أن يؤدي وجود أطراف مختلفة بأجندات مختلفة إلى تضارب الإدعاءات حول فعالية العقوبات. ونعتقد أن الولايات المتحدة ستكون أكثر قدرة على قياس فعالية العقوبات الاخيرة إذا أمكن فصل الاهداف الأكثر صلة و إلحاحاً اليوم عن الأهداف الأخرى التي تم ربطها بالعقوبات. ولقول ذلك بشكل مختلف فإن العقوبات بمفردها ليست سياسة إذا كان حل القضية النووية هو أهم هدف منها وينبغي تقييم استراتيجية العقوبات واستراتيجية التفاوض المرتبطة بها من حيث فعاليتها أو فعاليتها المحتملة لتحقيق ذلك الهدف.
• فرضيات حول التأثير على قرارات القيادة الإيرانية: تشترك العقوبات المتنوعة المفروضة الآن على إيران في افتراض أساسي حول قدرة العقوبات على إحداث تغييرات في سياسات القيادة الإيرانية عن طريق تصعيد الضغط الإقتصادي على إيران ومؤسساتها و قطاعها الخاص و على الشعب ، ولكن وبينما قد يساعد ألم العقوبات الاخيرة في جلب إيران إلى طاولة المفاوضات فإنه ليس واضحاً ما إذا ستثمر هذه العقوبات لوحدها عن اتفاقات أو تغييرات في السياسة الإيرانية ، أو بدرجة أقل بكثير في القيادة الإيرانية وقد تنتهي الحكومة الإيرانية ، المنكبة على حساباتها الخاصة للتكاليف و الفوائد إلى أن مصالحها ستخدم بشكل أفضل عن طريق الإستمرار - خاصة إذا كان النظام يعتقد بأن العقوبات ستبقى في مكانها مهما فعلت طهران. وإذا أبدت إيران استعداداتها لتعديل برنامجها النووي و للتعاون من أجل التحقق من ذلك فإن المفاوضين الإيرانيين سيتوقعون أن تعرض الولايات المتحدة وحلفاءها في المقابل خطة لتخفيف بعض العقوبات ، أما في ظل غياب استجابة إيجابية ومحددة من الغرب فإن القادة الإيرانيين سيكون لديهم حافز أقل للمضي قدماً في اتجاه المفاوضات. ويواجه الدول التي تفرض العقوبات على إيران السؤال عما إذا كانت زيادة العقوبات أو الاحتفاظ بها إلى أجل غير مسمى سيحقق الاهداف المرجوة أوعما إذا كانت هناك نقطة ما قد تأتي زيادة العقوبات عندها أو التطبيق غير المرن لها بنتائج عكسية وربما تحقق الدول التي تفرض العقوبات على إيران أقصى فائدة منها إذا أدركت أنه عند الوصول إلى القدر الامثل من الضغط يبدأ التحول من إستراتيجية المواجهة البحتة إلى إستراتيجية تجمع بين الضغط مع سلسلة من الإشارات الإيجابية وبالتالي خلق زخم في اتجاه المفاوضات.
• تخفيف أو رفع بعض العقوبات: الخليط المعقد من العمليات و المعايير المطلوبة لرفع العقوبات الحالية يمكن أن يجعل من إيجاد استجابة أمريكية واضحة ومحددة تجاه التغير في السياسة و التصرفات الإيرانية أمراً صعباً، وبينما لدى الرئيس الأمريكي درجة عالية من حرية التصرف لتخفيف العقوبات على أي بلد بما في ذلك إيران فإن حقيقة أن الكثير من العقوبات الامريكية على إيران تم سنها كقوانين تحد من حرية الرئيس في التصرف ، و في بعض الحالات قد يتطلب تخفيف العقوبات تنسيقاً مع دول أخرى و مع مجلس الأمن وكذلك فإن الواقع السياسي و الأهداف المتنوعة لنظام العقوبات الحالي قد تعقد التخفيف التدريجي للعقوبات الإقتصادية على إيران وحتى و إن كانت إيران على استعداد للوصول إلى اتفاق حول الملف النووي فأن الكثير من العقوبات التي فرضت لأسباب أخرى ستبقى في مكانها ، كما يلتزم بعض أعضاء الكونغرس بالإبقاء على العقوبات لأجل غير مسمى كوسيلة ضمن وسائل أخرى للتعجيل في زوال النظام الإيراني. وقد يكون من الصعب على الرئيس الامريكي سياسياً البدء في تخفيف العقوبات على الرغم من أن القيام بذلك قد يكون ضمن سلطته القانونية في بعض الحالات.
إن قراءة متشددة واحدة لنظام العقوبات الحالي تفيد أن إيران بحاجة إلى إعادة توجيه مقنعة لكامل سياستها الخارجية و الكثير من سياساتها الدخلية – و ربما تغيير قيادتها – للوصول إلى رفع كامل للعقوبات الامريكية.وحتى الآن لم تحدد الولايات المتحدة ولا مجلس الأمن المعاييرالتي يجب على إيران الإيفاء بها لتحريك رفع العقوبات أوالعقوبات التي يمكن أن ترفع مقابل الإجراءات التي ستقوم بها، إذ ليست هناك خطة "عمل- مقابل- عمل" تفهما كل الأطراف، وتحليلاتنا تشير إلى أن عملية تفكيك بعض العقوبات ستكون صعبة ، ولكن ليست مستحيلة وبينما لا نقدم أية توصيات في هذه الورقة حول عملية محددة أو سلسلة عمليات لتخفيف العقوبات كاستجابة للتعاون الإيراني ، فإننا نؤكد على قيمة و أهمية ان تكون لدى لولايات المتحدة خطة لمثل هذه الاحتمالية.
3- الفوائد والفوائد المحتملة من العقوبات
قللت الأهداف المستهدفة (أو الذكية) من قدرة إيران على الحصول على المواد التي قد تستخدم في برنامج الأسلحة النووية وكذلك من قدرتها على تحديث قواتها المسلحة كما أرسلت العقوبات الشاملة (أو المعطلة) رسالة واضحة للقيادة الإيرانية حول الثمن الإقتصادي للإستمرار في تجاهل مطالب الولايات المتحدة و مجلس الأمن و آخرين كما عملت على كبح بعض نشاطات إيران وأضرت باقتصادها فضلاً عن زيادة عزلتها عن المجتمع الدولي ، والإختبار الآن هو ما إذا ستعمل العقوبات في نهاية المطاف على تغيير سياسات وسلوك إيران.
من ضمن المنافع والمنافع المحتملة للعقوبات على إيران الآتي:
• أساس من أجل بناء تحالف: أثبتت العقوبات أنها وسيلة تظهر من خلالها الكثير من الدول غرضها الموحد وجدية مخاوفها حول نوايا إيران الذرية ودعمها للفاعلين العنيفين - من غير الدول- مثل حزب الله وحماس دون الحاجة للذهاب إلى الحرب ، كما أن شدة وشمولية نظام العقوبات طمأنت الدول الصديقة في المنطقة أن الولايات المتحدة تتفهم احتياجاتها الأمنية.
• إبطاء التوسع في برنامج إيران النووي: يقول مسؤولون وخبراء في الحكومة الأمريكية إن العقوبات المستهدفة تبطئ من تمدد برنامج إيران النووي بما في ذلك انتاج أجهزة الطرد المركزي ، بل يجادل البعض في أنه لولا العقوبات و الضغوطات الأخرى لكانت إيران قد حصلت بالفعل على الأسلحة النووية ، ونحن نختلف مع هذا الحكم خاصة وأن مسؤولين في الإستخبارات الأمريكية قالوا ، وبقدرعالٍ من الثقة ، إن قرار بناء سلاح نووي لم يتخذ بعد من قبل المرشد الأعلى لإيران ، كما يعتقد أن العقوبات كانت فعالة إلى حد كبير في تخفيض استيراد المواد مزدوجة الغرض التي من شانها أن تمكن إيران من المضي قدما في أي خطة لتطوير الصواريخ أو أية جوانب أخرى من قدرات أسلحتها النووية ، ومع ذلك ووفقاً لتقرير صدر مؤخراً عن الوكالة الدولية للطاقة الذرية فإن قدرة إيران على تخصيب اليورانيوم لاتزال تتوسع كما أن مخزونها من اليورانيوم منخفظ التخصيب (المخصب إلى مستوى 3.5 – 5%) مستمر في النمو وهو ما يثير الشكوك حول ما إذا كان للعقوبات أي أثر فعال على أحد جوانب البرنامج النووي الإيراني وهو تخصيب اليورانيوم – الجانب المركزي في إيجاد سلاح نووي.
• إضعاف الإقتصاد الإيراني: تعمل العقوبات على تقليل إيرادات إيران النفطية و تعيق تجارتها مع الدول المجاورة ويبدو أن الإقتصاد الإيراني قد ضعف بشكل كبير (الفساد و سوء الإدارة هي مشاكل متوطنة أيضاً) كما أن التضخم و البطالة مرتفعان ، إضافة إلى عدم القدرة على شراء أجزاء مهمة تضر ببعض قطاعات الصناعات التحويلية وقد خفظت إيران هذا العام من واردات السلع غير الأساسية. وبينما يبدو أن الإقتصاد الإيراني يعاني اليوم من مشاكل حادة نتوخى بدورنا الحذر فيما يتعلق باستقراء الإتجاهات طويلة المدى لإحصائيات منفصلة إذ من الصعب تقدير مدى تأثير العقوبات عبر الزمن أو قدرة إيران على التكيف مع البيئة الجديدة. وقد دفعت العقوبات أيضاً بكم كبير من التجارة تحت الأرض وإلى السوق السوداء وهو ما يعقد أكثر الجهود لقياس النشاط الإقتصادي داخل إيران وعبر حدودها.
• التوازن العسكري الإقليمي ليس في مصلحة إيران: حظر بيع الأسلحة الثقيلة حد من قدرة إيران على تحديث قواتها المسلحة في وقت يتلقى فيه جيرانها مساعدة الولايات المتحدة في تطوير جيوشهم وبينما تستطيع إيران الآن صناعة المعدات العسكرية الأساسية محلياً فإن العقوبات تمنعها من شراء أو تطوير المعدات العسكرية عالية التقنية ونتصور أنه بالرغم من ذلك وفي حالة وقوع نزاع ما فإن استراتيجيات إيران في الرد ، وحتى تلك الهجومية ، ستعتمد في المقام الاول على الحرب غير المتكافئة بدلاً من القوات التقليدية.
• استغاثة النخبة وعدم الرضى العام عن الظروف الاقتصادية: يشعر كل من النخبة وعموم الجمهور في إيران بتاثيرات التدهور الإقتصادي الناجمة عن نظام العقوبات وقد تعرض الرئيس أحمدي نجاد للنقد داخل دوائر النخبة بسبب سوء إدارته للإقتصاد لكن من الصعب الحكم ما إذا تم تحفيز النقاش حول السياسة الخارجية لإيران بما في ذلك ما إذا كان ينبغي عليها القيام ببعض التنازلات فيما يتعلق ببرنامجها النووي للوصول إلى تخفيف العقوبات . ومن المؤكد فإن التهديد بعقوبات مشددة لم يوقف إيران على ما يبدو من اتخاذ خطوات تقلق المجتمع الدولي (يعتقد أن المرشد الأعلى الذي يتخذ القرارالنهائي حول ما إذا كان على إيران أن تسعى للسلاح النووي يؤمن بأن الموضوع النووي هو عبارة عن مقدمة لتغيير النظام وأن العقوبات ستظل مهما فعلت طهران) و بالرغم من ازدياد عدم الرضى العام عن الظروف الإقتصادية و السياسات الداخلية من الصعب الحكم ما إذا كان عدم الرضى الشعبي سيقود إلى الضغط في اتجاه تغيير السياسة الخارجية أو القيادة الوطنية - أم إلى الخوف العام و السلبية و البقاء في ظل حالة من القمع الشديد.
• العقوبات المعززة قد تؤدي إلى تغيير استراتيجية إيران النووية: مع ازدياد شدة وشمولية العقوبات الدولية رأت الولايات المتحدة بعض المؤشرات على استعداد أكبر من جانب القيادة الإيرانية للتفاوض بجدية ، ومع هذا فإن تقدماً حقيقياً بسيطاً قد تم تحقيقه حتى الآن في اتجاه الوصول إلى اتفاق بخصوص أي من القضايا العالقة ويبدو من المشكوك فيه بالنسبة لنا أن العقوبات المشددة الحالية ستؤثر تأثيراً كبيراً على صناعة القرار لدى القادة الإيرانيين - أكثر مما فعلته العقوبات السابقة –فيما عدا بعض الاستعداد من جانب الدول التي تفرض العقوبات للجمع بين استمرار الضغط والقيام بإشارات وقرارات إيجابية بخصوص المسائل الأهم بالنسبة لإيران.
4- التكاليف والتكاليف المحتملة للعقوبات
كان للقرار بجعل العقوبات الدولية محوراً لاستراتيجيتها تجاه إيران بعض التكاليف الجيوسياسية على الولايات المتحدة ، كما أن بعض التصدعات بدأت تنموا في التحالف ومن المحتمل أن يعطي ذلك إيران بعض المزايا للتخفيف من تأثير العقوبات عليها . وكما أن للعقوبات المصممة لإضعاف إقتصاد إيران والضغط على قيادتها بعض التأثير، لها أيضاً بعض العواقب السلبية غير المرغوب فيها، وبينما يبدو لتشديد العقوبات أثر متواضع على استراتيجية التفاوض النووي الإيراني فإنها أيضاً تخاطر بتقويض بعض الأهداف بعيدة المدى للسياسة الامريكية حيال إيران والسلام و الإستقرار في المنطقة.
من بين التكاليف والتكاليف المحتملة للعقوبات على إيران ما يلي:
• نزاعات مع الحلفاء و دول أخرى: الإختلافات مع روسيا والصين و دول اخرى – بما فيها الهند وتركيا وكوريا الجنوبة – إزدادت مع بدء تطبيق عقوبات أكثر شمولاً للضغط على قادة إيران عن طريق الإضرار بالإقتصاد المدني، كما عقدت التوترات بين الولايات المتحدة وروسيا والصين جهود الولايات المتحدة لتوحيد مجلس الامن لإصدار قرارات دولية بخصوص ليبيا وسوريا.
• الفساد المتزايد و التحكم في الاقتصاد من قبل الفصائل غير الخاضعة للمسائلة: قد يضطر الإيرانيون الذين يعتمدون على وكالات الحكومة التي تعاني من ضائقة مالية في الخدمات العامة والمنافع الإجتماعية إلى اللجوء إلى العائلات ذات النفوذ وللعلاقات بمن هم في مواقع السلطة، الأمر الذي قد يعزز من نفوذ الفصائل المحافظة والقمعية (مثل الحرس الثوري الإيراني) التي تسيطرعلى الموارد المالية حيث حصلت الشركات المسيطر عليها من قبل الحرس الثوري على حصص كبيرة في القطاعات الإقتصادية الأساسية بما في ذلك الإتصالات والبنوك والمواصلات والطاقة – دفعت العقوبات الشركات العالمية لترك بعض المشاريع للشركات المرتبطة بالحرس الثوري الإيراني، وكلما طال أمد العقوبات كلما تحولت المزيد من العمليات الإقتصادية لسيطرة القيادة الإيرانية عبر قنوات السوق السوداء.
• تقوية الأصوات المضادة للإصلاح وإضعاف المجتمع المدني: ربما تعزز العقوبات الدولية الشاملة ضد إيران من القوة السياسية للقادة القمعيين والفصائل المتشددة وذلك بتمكينهم من تصوير العقوبات على أنها عدوان يتم بقيادة الولايات المتحدة أو حتى "حرب اقتصادية" مما يتيح للنظام ممارسة القمع على عناصرالمعارضة أكثر من أي وقت مضى ويمكن المحافظين المتشددين من زيادة تحكمهم في النظام الإيراني بينما تستمر مساحة المعارضة السياسية والمجتمع المدني في التقلص.
• العزلة طويلة الأمد بين الولايات المتحدة وإيران: مع جور العقوبات الشاملة على نوعية الحياة في إيران فإن الولايات المتحدة تخاطر بإعجاب الكثير من المواطنين الإيرانيين بما في ذلك جيل الشباب وقد تقلل الصعوبات الناجمة عن العقوبات من فرص تحسين أو تطبيع العلاقات عبر الزمن بين الولايات المتحدة وإيرانحتى لو تغيرت القيادة الإيرانية.
• إحتمالات متزايدة للصراع: ربما زادت العقوبات الدولية المجتمعة مع التهديدات الإسرائيلية والحشود العسكرية للولايات المتحدة في الخليج من استعداد إيران لرد غير متكافئ ضد مصالح الولايات المتحدة وحلفاءها ، بالإضافة إلى ذلك ووفقاً لوزارة الدفاع الامريكية فقد ردت إيران على تقييد مشترياتها من الأسلحة بتوسيع صناعتها منها عبر تطويرالصواريخ الباليستية وصواريخ كروز وبناء المزيد من القوارب الصغيرة للإستخدام في مياة الخليج وكذلك الحصول على المزيد من السفن و الغواصات ، وقد دفعت العقوبات أيضاً وخاصة الحظر الجزئي المفروض على النفط ، القادة الإيرانيين إلى التهديد بإغلاق مضيق هرمز الإستراتيجي.
• آثارإنسانية محتملة: من شأن قدرة العقوبات على انتاج معاناة إنسانية بغيضة أن تقوض الدعم الدولي لها وأن تسيء لصورة الولايات المتحدة ومصداقيتها عالمياً وأن تسهم في فرض المزيد من العزلة على الشعب الإيراني وقد خفظت العقوبات الشاملة في 2010 من مستوى معيشة ورفاهية الشعب الإيراني ، بما في ذلك قلة توفر الطعام والدواء و متطلبات أساسية اخرى . إن بعض الصعوبات هي نتائج لا يمكن تجنبها للعقوبات التي تضرب عميقاً في الإقتصاد ولفترات طويلة من الزمن ، بالإضافة إلى ذلك وبينما تسمح وزارة المالية الأمريكية بتصدير المواد الإنسانية إلى إيران فإن الشركات الأمريكية ليست دائماً على استعداد لمباشرة عملية الترخيص المطلوب كما أن الشركات و البنوك الأجنبية قد تمتنع عن التعامل مع إيران خوفاً من العقوبات الامريكية وكذلك التقلبات في قيمة العملة الإيرانية.
وعن غير قصد ، فإن المبدأ المقبول على نطاق واسع - القاضي بأن توفر الغذاء و الدواء لاينبغي ان يتأثر- يتعرض لخطر الانتهاك . في الإثناء ومع ازدياد عدد وتعقيدات العقوبات على إيران فإن جماعات الإغاثة الإنسانية تشتكي من أنه أصبح من الصعب على نحو متصاعد على مواطني الولايات المتحدة التبرع لجهود الإغاثة في إيران ( عقب زلزال أغسطس 2012 في شمال إيران على سبيل المثال).
• الآثار الإقتصادية الضارة على الولايات المتحدة وحلفاءها الأوروبيين وعلى المنطقة: تخلق العقوبات الحالية أنماطاً جديدة من التجارة الدولية التي من المحتمل أن تضر بالإقتصاد الأمريكي و الأوروبي و كذلك الإقليمي . إن تأثيرات العقوبات الاكثر تعطيلاً ليست مرئية بعد في البيانات الإقتصادية المتاحة ، ومجموعة من العوامل بما في ذلك عدد من الإعفاءات المتنوعة والتوسع في تجارة السوق السوداء وعدم امتثال بعض الأطراف تجعل من الصعب حساب الآثار الإقتصادية للعقوبات على الولايات المتحدة و دول الإتحاد الأوروبي ودول الشرق الأوسط بشكل دقيق لكن تكلفة فرصة بديلة واحدة وواضحة للعقوبات هي أنها تستبعد الولايات المتحدة و شركات حليفة أخرى من فرص عمل مربحة في إيران وتعد بضائع من الصين و الهند - وهي اثنين من الدول التي سعت لتجنب العقوبات على البنوك الإيرانية عن طريق المقايضة بالنفط - راسخة في السوق الإيرانية وهو ما يؤكد صعوبة إعادة تنظيم أنماط التجارة لتشمل دول الإتحاد الأوروبي (التي كانت إيران سوقاً كبيراً إلى حد ما بالنسبة لها في الماضي) كما أن دول مجلس التعاون الخليجي (التي كانت تتمتع بنشاط تجاري مزدهر مع إيران قبل أن تأخذ العقوبات المشددة مفعولها) تخاف من فقدان الدخل ، وكذلك فإن التمدد السريع لتجارة السوق السوداء غير الرسمية بين إيران وأفغانستان والعراق وباكستان وتركيا يقوم بتشويه و تقويض إقتصادات تلك الدول إضافة إلى المنطقة.• الآثار الضارة على إمدادات الطاقة العالمية واستقرار أسواق الطاقة العالمية: غالباً ما كان يترتب على ارتفاع حدة التوترات بين إيران والمجتمع الدولي في الماضي قفزة في أسعار البترول العالمية وفي حين أن ذلك التقلب قد يكون قل بشكل أو بآخر الآن - نظراً لسوق النفط المرنة نسبياً ولأن الحصة التي تشارك بها إيران في سوق النفط العالمية في تراجع – إلا أن أسعار النفط العالمية ظلت حساسة لمثل هذه التوترات وحتى لو انتهى حصار الإتحاد الأوروبي المفروض على النفط كجزء من اتفاق نووي فإن حقول النفط الإيرانية ستكون قد تدهورت ويكون حضور إيران في اسواق النفط العالمية قد قل - في المدى المتوسط على الأقل - وقد أثرت العقوبات على قدرة إيران على إمداد الأسواق العالمية بالغاز المسال من خلال منعها من استخدام أية امتيازات أو الوصول إلى الخبرات الدولية لتطوير القدرة على تصدير الغاز الطبيعي المسال.
-----------------------------------------
تمت صياغة هذه الورقة من قبل ويليام لوريس مدير مشروع إيران ، إيريس بييري منسق مشروع إيران ، وبريسيلا لويس محررة بمشروع إيران ، منصوحين من قبل كينيث كاتسمان الذي قدم استشارات و رؤى لا تقدر بثمن وقد تلقت الورقة مساهمة مهمة من توماس .ر. بيكرينغ و جيم والش من أم.آي.تي ، وستيفن هينتس من روكفيللر برذرز فند . وقدم كثيرمن الموقعين على الورقة تعليقات ومقترحات قيمة حيث بسببهم أصبحت الورقة أكثر أكتمالاً و توازناً ، كما قدمت مواد إضافية من قبل إيمادي روكسان محرر نسختنا ،وساهم تريش ليدر و فريق التصميم من أون ديزاين أي أن سي ، بقيادة نيستور أوكي بمواهبهم ووقتهم لجعل هذا المنشور ممكنا.
-----------------------------------------
مشروع إيران هو منظمة غير حكومية تسعى لتحسين التواصل الرسمي بين الولايات المتحدة والحكومة الإيرانية ، أسس في 2002 عن طريق جمعية الأمم المتحدة بالولايات المتحدة و روكفيللر برذرز فند ، أصبح مشروع إيران مستقلاً في 2009 . الأعضاء الأساسيين لمشروع إيران لأكثر من عقد كانوا : ستيفن هينز ، ويليام لويرس، ويليام ميللير ، ثوماس بيكيرينغ ، جيم والش و فرانك ويزنر".
.
المصدر:مجموعة "المشروع الإيراني" الأميركية.
إضافة تعليق جديد