اليوم العالمي للسكان: حماية مستقبل المراهقات
أحيا العالم في 11 من الشهر الحالي اليوم العالمي للسكان، ولكن التركيز هذا العام تركز على زواج وحمل المراهقات، حيث إن هذا الموضوع لا علاقة له بالصحة فقط، بل إنه قضية إنمائية لها جذورها، وهي مرتبطة بعوامل عدة من الفقر إلى التعليم إلى المجتمعات.
وبحسب ما جاء في رسالة المدير التنفيذي لصندوق الأمم المتحدة للسكان باباتوندي أوشيتيمن، فإن العالم يضم اليوم حوالي 600 مليون فتاة، يعيش أكثر من 500 مليون منهن في البلدان النامية. وهو يرى أن «هؤلاء الفتيات يشكلن حاضر البشرية ومستقبلها... وبمقدورهن إذا ما توافرت لهنّ المهارات الملائمة والفرص المناسبة، أن يستثمرن في أنفسهن وأسرهن ومجتمعاتهن»، مشيراً إلى أن «الحمل يشكل خطراً على حقوق أعداد كبيرة من المراهقات، وعلى صحتهن وتعليمهن وإمكاناتهن، ويسلبهن المستقبل الأفضل الذي ينتظرهن».
ومن هنا يلفت أوشيتيمن إلى أن «حوالي 16 مليون فتاة، تتراوح أعمارهن بين 15 و19 سنة، تلدنّ كل عام، وتعتبر المضاعفات الناجمة عن الحمل والولادة السبب الرئيسي للوفاة بين الفتيات من هذه الفئة العمرية، خصوصاً في البلدان النامية».
وبالنسبة لأوشيتيمن، فإن «حمل المراهقات ليس مجرد مسألة تتعلق بالصحة، ولكنه يشكل قضية إنمائية. فهو أمر له جذوره العميقة في القضايا المتعلقة بالفقر، ونوع الجنس، وعدم المساواة، والعنف، وزواج الأطفال، والزواج القسري، واختلال توازن القوى بين الفتيات وشركائهن من الذكور، ونقص التعليم، وفشل النظم والمؤسسات الحامية لهذه الحقوق»، ولذلك فإن اليوم العالمي للسكان يركز هذا العام على موضوع حمل المراهقات.
وبالتالي يقع على عاتق الحكومات دور كبير لمواجهة مخاطر حمل المراهقات، ويرى أوشيتيمن أنه «على الحكومات أن تسنّ وأن تنفذ القوانين الوطنية التي من شأنها رفع سن الزواج إلى 18 سنة، كما ينبغي النهوض بالجهود المجتمعية الرامية إلى دعم الفتيات ومنع زواج الأطفال وما يترتب على ذلك من نتائج».
ويشرح أوشيتيمن أنه «لا بد من أن يتاح للمراهقين والشباب التثقيف الجنسي الشامل والملائم من حيث السن من أجل تنمية المعارف والمهارات التي يحتاجون إليها لحماية صحتهم في جميع مراحل حياتهم. بيد أن الأمر لا يقتصر على التثقيف والمعلومات. إذ يجب أيضاً تيسير فرص الحصول على خدمات الصحة الإنجابية الجيدة النوعية بما يمكِّن المراهقين من اتخاذ خيارات مستنيرة ومن العيش في صحة. أما على المستوى المحلي، فينبغي على المجتمعات توفير الهياكل الأساسية اللازمة لتقديم خدمات الرعاية الصحية الإنجابية بصورة ميسورة ومراعية لاحتياجات الشباب».
وعالميا، تقدر نسبة انخفاض وفاة الأمهات عند الولادة بـ33 في المئة منذ العام 1990، وهي نسبة بعيدة جداً عن الهدف الذي تم وضعه في العام 2000، أي انخفاض بنسبة 75 في المئة. وبحسب التقرير الصادر عن المنظمة الأممية، فإن الانخفاض في الدول العربية الأقل تطوراً بلغ 27 في المئة، أي أقل من المعدل العالمي.
وتختلف معدلات وفيات الأمهات عند الولادة بحسب المناطق والموارد. ووفقاً لمنظمة الصحة العالمية، فإن تلك المعدلات انخفضت في المنطقة العربية من 465/100000 إلى 220 في العام 2010، ومن المتوقع أن تصل إلى 209/100000 في العام 2015، مقارنة مع هدف الألفية المحدد بـ116. إلا أنه، بحسب التقرير، لن تحقق المنطقة العربية المعدل المطلوب. صحيح أن دول الخليج حققت أهدافها، إلا أن دول المشرق والمغرب العربي لا تزال تعمل على ذلك. ومن هنا تجدر الإشارة إلى أنه من غير المتوقع أن تنخفض المعدلات في تلك الدول إلى الهدف المطلوب بحلول العام 2015، خصوصاً أن الدول الأقل تطوراً ما زالت بعيدة عن ذلك.
أما معدلات حمل المراهقات في العالم العربي فمرتفعة، وذلك يعود إلى الزواج المبكر، خصوصاً في موريتانيا حيث بلغت النسبة 90 في المئة، من ثم الأراضي الفلسطينية المحتلة، واليمن، والعراق، والصومال، والسودان، ومصر (39 في المئة).
وتبين أن الدول التي تشهد معدلات مرتفعة لوفاة الأمهات عند الولادة، هي الدول التي لا تلجأ فيها الفتيات إلى وسائل منع الحمل، ومن بينها دجيبوتي (17 في المئة)، واليمن (23 في المئة)، والصومال (أقل من واحد في المئة)، والسودان (تسعة في المئة). أما المغرب فقد نجح، وبسبب ارتفاع استخدام وسائل منع الحمل (63 في المئة)، في خفض معدل وفيات الأمهات عند الولادة من 227 من أصل مئة ألف إلى 112 بين العامين 2004 و2010.
وفي المجتمعات العربية، يعتبر الزواج المبكر وسيلة لتأمين مستقبل الفتاة وحمايتها. وقد شهدت بالفعل دول عربية عدة تراجعاً في هذه المسألة، حيث ارتفع معدل عمر الفتيات في الزواج الأول إلى 26 عاماً في دول مثل الجزائر ولبنان وليبيا وتونس وحتى دجيبوتي.
وبحسب التقرير، فلم تسجل في تونس حالات زواج مبكر للفتيات أو الفتيان قبل سن الـ15. أما في المغرب (2011) وسوريا (2009) فإن واحدة من أصل عشر فتيات تتزوج قبل بلوغ الـ15 والـ19 من العمر.
«لكل فتاة شابة، أينما تعيش، وأياً كانت ظروفها الاقتصادية، الحق في بلوغ إمكاناتها الإنسانية. وإذا كان هناك اليوم أعداد غفيرة من الفتيات محرومات من هذا الحق، فإنه بمقدورنا أن نغير هذا الوضع، بل لزام علينا أن نفعل ذلك»، يخلص المدير التنفيذي لصندوق الأمم المتحدة للسكان في رسالته.
المصدر: وكالات
إضافة تعليق جديد