آفاق الصفقة المحتملة بين واشنطن وطهران
الجمل: مخطط "الضربة الاستباقية" الذي كانت تنوي إدارة بوش تنفيذه ضد إيران تم إحباطه بواسطة الضربة الاستباقية التي نفذتها أجهزة المخابرات الأمريكية عن طريق تقرير "التخمين الاستخباري" الخاص بتقديرات المواقف المتعلقة بالقدرات النووية الإيرانية.
وعلى خلفية هبوط احتمالات الخيار العسكري، فقد تزايدت احتمالات الخيار الدبلوماسي الذي يتضمن "الصفقة" المحتملة مع إيران: فماذا تقول التسريبات الواردة حالياً؟
* احتمالات عودة المثلث:
خلال فترة نظام شاه إيران كان يوجد مثلث يضم واشنطن – طهران – تل أبيب، وبرغم قيام الثورة الإسلامية الإيرانية بقيادة الخميني فإن العلاقات السريّة لم تنقطع تماماً بين أطراف هذا المثلث، وعلى سبيل المثال لم تؤثر أزمة الرهائن ولا الموقف الأمريكي والإسرائيلي المتشدد ضد إيران ولا الموقف الإيراني المتشدد ضد أمريكا وإسرائيل من عقد صفقة إيران – كونترا. بكلمات أخرى، فقدت تدفقت الأسلحة وقطع الغيار الأمريكية ووجدت طريقها عبر إسرائيل إلى إيران برغم وقوف أمريكا إلى جانب العراق في الحرب العراقية – الإيرانية.
القنوات السرية الناشطة لإنعاش هذا المثلث، بشكل غير معلن، مازالت موجودة، وفي هذا الخصوص نشر معهد المسعى الأمريكي التابع للوبي الإسرائيلي وجماعة المحافظين الجدد، تعليقاً من إعداد الخبير اليهودي الأمريكي مايكل روبين، وجه فيه انتقاداً شديداً للناشط الإيراني تريتا بارسي الذي يقوم داخل الولايات المتحدة بالترويج لفكرة "النظام الإيراني البراغماتي" الذي سبق أن عرض على واشنطن عام 2003م فكرة تجريد حزب الله من سلاحه!!
* الوجه الآخر لتصريحات الجنرال بتراوس:
أكد الجنرال بتراوس قائد القوات الأمريكية في العراق بأن إيران لم تعد تقدم الدعم العسكري للمليشيات الشيعية العراقية، التأكيد ذاته نشرته صحيفة واشنطن تايمز الداعمة لتوجهات صقور إدارة بوش. كذلك، تحدث العقيد الأمريكي ستيفن بويلان الناطق الرسمي باسم الجنرال بتراوس بكثير من الثناء على الأداء الإيراني الحالي في الساحة العراقية، وحالياً يوجد تفسيران لهذه التصريحات:
• أن إيران قد دخلت في تعاون حقيقي مع واشنطن فيما يتعلق بعدد من الملفات الشرق أوسطية، وذلك بدليل التعاون الإيراني - الأمريكي في ملف العراق وربما في الملف الكردي.
• أن الولايات المتحدة أدركت عدم إمكانية تنفيذ أي عمل عسكري ضد إيران بسبب الخسائر الفادحة التي يمكن أن تترتب عليه، خاصة وأن المعلومات الاستخبارية الأمريكية حول القدرات الإيرانية ما تزال غير مكتملة إضافة إلى تزايد شكوك أجهزة الاستخبارات الأمريكية في مصداقية المعلومات الاستخبارية الإسرائيلية حول إيران.
وإزاء هذين التفسيرين فقد لجأت إدارة بوش إلى المفاضلة بين "الفرصة" و"المخاطرة" على أساسا اعتبارات أن:
• توجد "مخاطرة" كبيرة إذا تم القيام بالعمل العسكري ضد إيران.
• توجد "فرصة" كبيرة للاستفادة من تعاون إيران مع أمريكا في الملف العراقي.
وتشير التكهنات إلى اعتقاد بعض الأطراف في الإدارة الأمريكية باحتمالات أن ينجح الأمريكيون في "توسيع" نطاق هذه "الفرصة" لتشمل منطقة الشرقين الأوسط والأدنى وآسيا الوسطى وشبه القارة الهندية.
* الكونغرس الأمريكي ومنظور تعديل سياسة إيران:
في الفترة التي أعقبت صدور تقرير الاستخبارات الأمريكية الأخير حول إيران برز توجه جديد في أوساط بعض أعضاء الكونغرس الأمريكي ويقوم هذا التوجه على أساس الاعتبارات الآتية:
• الذرائع: لقد لعبت إيران الحالية دوراً هاماً، وإن كان غير مباشر في دعم الإدارة الأمريكية عن طريق:
* بقاء إيران على الحياد في الحربين الأمريكيتين الأولى والثانية ضد العراق.
* دعم الانتفاضة الشيعية في جنوب العراق التي أدت إلى إضعاف النظام العراقي السابق.
وقد كافأت الإدارة الأمريكية إيران بالتجاهل التام لها كقوة إقليمية شرق أوسطية في التحركات الإقليمية والدولية الجارية في المنطقة.
• الخيارات البديلة: وتتمثل الخيارات البديلة المطروحة أمام الإدارة الأمريكية للتعامل مع إيران خلال الفترة القادمة في الآتي:
* الخيار الأول: الحفاظ على الأمر الواقع الجاري حالياً.
* الخيار الثاني: استخدام الجهود غير العسكرية من أجل تغيير النظام الحالي.
* الخيار الثالث: استخدام العمل العسكري المحدود ضد أهداف إيرانية محددة بشرط توافر المبررات والأسانيد ذات المصداقية والتأييد الداخلي والخارجي.
* الخيار الرابع: عقد صفقة مع إيران.
* الخيار الخامس: استخدام التحركات الدبلوماسية الضاغطة لدفع إيران للتخلي عن برنامجها النووي بالكامل.
عموماً، فقد كتب الخبير الأمريكي موريل نيرات فايس باخ تحليلاً حمل عنوان «فلندع الحوار الكبير يبدأ»، ويتعلق موضوعه بالحوار الإيراني – الأمريكي الجاري حالياً بواسطة السفيرين الأمريكي والإيراني في المنطقة الخضراء لبغداد ويشير الكاتب إلى أن هذا الحوار سوف يلعب دوراً كبيراً في احتمالات اتساع النطاق بما يؤدي إلى حوار أمريكي – إيراني استراتيجي حول مستقبل الشرقين الأوسط والأدنى وآسيا الوسطى، ويضيف الكاتب قائلاً بإمكانيات أن يتم ضم كل من تركيا والسعودية إلى هذا الحوار، وفي حالة النجاح فإن الإدارة الأمريكية تكون قد نجحت هذه المرة في بناء إستراتيجية "الثلاث أعمدة" بدلاً عن إستراتيجية "العمودين" السابقة التي كانت تتضمن السعودية وإيران وهو أمر لو تم إنجازه فسوف يحقق نصراً ومكسباً باهراً لسياسات وتوجهات مجلس الأمن القومي الأمريكي.
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد